سياسة عربية

هل نجح السيسي في وأد الأحزاب الإسلامية.. ما البدائل؟

تواجه الحياة الحزبية في مصر انزواء لا سيما في السنوات الأربع الأخيرة- أرشيفية
تواجه الحياة الحزبية في مصر انزواء لا سيما في السنوات الأربع الأخيرة- أرشيفية

بعد توهج سياسي عقب ثورة يناير 2011، بدأت تلاحق عددا من الأحزاب الإسلامية في مصر دعوات قضائية بالحل، فيما انزوى أغلبها عن المشهد السياسي بالتزامن مع اقتراب رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي من توليه ولاية رئاسية ثانية.


ويعزز من أن توشك تلك الأحزاب على الاختفاء، مواجهة ثلاثة أحزاب ذات خلفية إسلامية، وهي "الوسط" و"البناء والتنمية" و"مصر القوية"، قرارات محتملة بحلها أو تجميد نشاطها.


ويعيد هذا الوضع إلى الأذهان حل السلطات، عام 2014، حزبي "الاستقلال" و"الحرية والعدالة" الإسلاميين، والأخير هو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بخلاف خفوت النشاط الحزبي الإسلامي خلال السنوات الأربع الماضية.


ويطرح خبراء سياسيون، ثلاثة مسارات لمستقبل الأحزاب الإسلامية؛ يتمثل الأول في إصرار هذه الأحزاب على العمل السياسي والحزبي، والثاني هو تجميد نشاطها وعدم القدرة على استقطاب أنصار جدد، أما الأخير فهو أن تحل السلطات تلك الأحزاب.

 

اقرأ أيضا: صحيفة ألمانية: "صمت القبور" في مصر قبل الانتخابات الرئاسية

وحذر خبير من أن توجه السلطات المصرية إلى "وأد التجربة الحزبية الإسلامية"، سيخلق "حالة من العنف"، فيما حذر آخر من "عدم توازن بين كتل التيارات السياسية في مصر"، بينما رفض ثالث تحميل السلطات مسؤولية ما اعتبره "فشل" تلك الأحزاب أو اتهام السلطات بالتضييق عليها.


خفوت بعد توهج


عقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك (1981- 2011) توهج 12 حزبًا إسلاميًا بارزًا في المشهد السياسي، وكان القاسم المشترك بينها هو أنها تأسست بعد الثورة.


وتصدر حزبا "الحرية والعدالة" و"النور" (أسسته الدعوة السلفية، كبرى الحركات السلفية بمصر) مقاعد مجلس الشعب (البرلمان)، في أواخر عام 2011، وتم انتخاب محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، صيف 2012، كأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في مصر.


إلا أن مصائر تلك الأحزاب تبدلت حاليًا، فمنها ما قضى نحبه ومنها ما ينتظر، منذ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي، بعد عام واحد في الرئاسة، يوم 3 يوليو/ تموز 2013، حين كان السيسي وزيرًا للدفاع..


فحزب "الحرية والعدالة"، تم حله نهائيًا، في أغسطس/ آب 2014، قبل أن يتعرض حزب "الاستقلال" لقرار مماثل في العام نفسه، ولاحقًا رفضت لجنة شؤون الأحزاب (رسمية) تأسيس حزب "التوحيد العربي" (إسلامي).


وواجهت أحزاب إسلامية أخرى، منها "الوسط" و"الفضيلة" والحزب "الإسلامي" و"الوطن والبناء" و"التنمية والأصالة"، دعوات قضائية طالبت بحلها، بجانب توقيفات أمنية بحق قياداتها وأعضائها.

 

اقرأ أيضا: حزب الوسط المصري يبحث تجميد نشاطه بعد اعتقال أمينه العام


ويواجه حزب "البناء والتنمية"، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، قرارًا قضائيًا محتملاً بحله، في أبريل/ نيسان المقبل.


وعلى غرار نظرائه من الأحزاب الإسلامية واجه حزب "النور"، الذراع السياسية للدعوة السلفية، الداعم للنظام الحالي، دعوات بحله، انتهى أغلبها بالرفض.


وفي وقت لاحق من الشهر الجاري تجتمع لجنة الأحزاب السياسية لمناقشة الوضع القانوني لحزب "مصر القوية"، بعد اعتقال رئيسه عبد المنعم أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص قبله بأيام، بتهم منها "الاتصال بكيانات إرهابية معادية للدولة"، وهو ما ينفيه الاثنان خلال التحقيقات.


انخراط أم وأد؟


مستشهدًا بـ"التضييق" على أحزاب "الوسط" و"مصر القوية" و"البناء والتنمية"، قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد بان، إن "مصر أمام سياق بلا حياة سياسية ولا حزبية في الحاضر والمستقبل".


وأضاف أن النظام المصري "مُصر على تغييب الحياة السياسية بالكامل، وإنهاء فكرة المعارضة، والاعتماد على الموالاة فقط، بخلاف كل ديمقراطيات العالم".


وحول مصير الأحزاب الإسلامية توقع "عدم إفساح النظام مساحة من الحرية لها، فسيعمل، عبر آليات ناعمة أو خشنة، على إنهاء المعارضة، سواء كانت إسلامية أم غير إسلامية".


غير أنه استدرك بالقول إنّ "من انخرط في العمل السياسي من الإسلاميين مُصر على العمل السلمي من خلال النضال الدستوري والقانوني".


ورغم خلافه مع ما أسماه البنية الملتبسة لحزب "البناء والتنمية" بين ممارسة العملين الحزبي والدعوي، شدد "بان" على أن "الحزب يريد أن يبقى في ساحة العمل السياسي عبر نافذة سياسية رغم المحاولات التي تدفعه بعيدًا عن ذلك".


البديل الخطر


جراء ما أشار إليه بـ"وأد التجربة السياسية والحزبية الإسلامية" حذر "بان" من أنه "حين تُغلق مسارات العمل السلمي تُفتح مسارات العنف".


فيما قال عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي)، إن "الأحزاب الإسلامية في مصر ضعيفة، والنظام سعى إلى إضعافها، رغم كونها تيارا وفكرا متواجدا في الشارع ذا ثقل".

 

اقرأ أيضا: أحكام إعدام بالجملة.. ماذا يريد السيسي من الإخوان؟

وبينما اتفق ربيع مع طرح "بان" بشأن إضعاف التجربة الإسلامية والحزبية عامة، أضاف ربيع أن "وأد التجربة وحل الأحزاب الإسلامية يؤدي إلى وأد الحياة السياسية عامة"، مستبعدا اللجوء إلى العنف.


وداعيًا النظام الحاكم إلى فتح المجال العام أمام التيارات السياسية بمختلف توجهاتها، قال ربيع: "نحتاج إلى إنعاش التيارات الثلاثة (اليسارية والإسلامية والليبرالية)".


ودعا الخبير المصري النظام إلى "البعد دائمًا عن مسار حل الأحزاب أو الإطاحة بتيار بعينه، وترك الحكم والتقييم للشارع أو القضاء لو كان هناك داعٍ يدعو إلى حلها".


وشدد ربيع على أن "المكون الإسلامي هو مكون أساسي في فكر وأيدولوجية الشعب المصري، إن لم يكن أكبر من المكونين الليبرالي واليساري".


وحذر من أن تجريف كل ما هو إسلامي في الحياة السياسية والعامة في مصر "سيكون له آثار سلبية، حيث سيدفع إلى حالة عدم توازن بين التيارات المختلفة".


وشدد على أن النظام "يتوسع في خلق أعداء له، بعد حملته ضد جماعة الإخوان المسلمين، وليس من داع لتوسيع دائرة الخصوم".


مظلومية وضعف انتشار


في المقابل، رفض طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حديث الأحزاب الإسلامية عن مضايقات أمنية تتعرض لها.


وحول مستقبل تلك الأحزاب توقع فهمي، أن تستمر الأحزاب الإسلامية في نشاطها دون تجميد، معتبرًا أن ذلك "مجرد تهديدات".


واعتبر فهمي أن الأحزاب الإسلامية في مصر تقوم على "فكرة المظلومية"، باتهام الأمن بملاحقتها، و"هو أمر غير صحيح"، وفق قوله.


ومضى قائلا إن "الأحزاب الإسلامية لم تمارس أي نشاط حزبي خلال السنوات الماضية، ولم تسع إلى المنافسة البرلمانية، ولم يحدث أي حراك سياسي حتى بداخلها، بدليل أن المواطن لم يشعر طوال الفترة الماضية بإجراء انتخابات داخلية بها".

 

اقرأ أيضا: صحيفة "فيلت" : كيف بدد السيسي أحلام شباب الثورة؟

وتابع: "لم يشعر المواطن بأداء الأحزاب عامة، والإسلامية منها على وجه الخصوص، وهي ضعيفة بشكل عام، بدليل أنها لم تقدم مرشحًا قويًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، حتى أداء حزب النور داخل مجلس النواب (البرلمان) ليس جيدا".


وتبدو نتيجة انتخابات الرئاسة، في مارس/ آذار المقبل، محسومة لصالح فوز السيسي بفترة رئاسية ثانية من أربع سنوات، في مواجهة منافس وحيد، هو رئيس حزب "الغد" (ليبرالي)، موسى مصطفى موسى، الذي أعلن قبل أيام من ترشحه دعمه للسيسي، ما دفع البعض إلى اعتباره "مرشحا غير جدي".


واستبعد الأكاديمي المصري توجه أنصار وأعضاء الأحزاب الإسلامية، حال تم تجميد نشاطها السياسي، إلى تبني العنف، مضيفا أنه "لم يطلب أحد شطبها، بل هي موجودة ولها مقراتها الرسمية".


وتواجه الحياة الحزبية في مصر انزواء، لا سيما في السنوات الأربع الأخيرة، حيث تتهم أحزاب ليبرالية وإسلامية معارضة النظام الحالي بتضييق المجال العام، بينما تقول السلطات عادة إنها تتيح كل الفرص والحقوق للجميع، وفق ما ينظمه القانون.

التعليقات (1)
مصري جدا
الثلاثاء، 27-02-2018 01:46 م
اخطر تداعيات حظر الاحزاب والكيانات الاسلامية ،، اولها ،،، اقصاء ملايين الشباب من ممارسة الحق القانوتي والدستوري ،،، ثانيها ،،، حرمان مصر الدولة من جهد وطاقة ملايين الشباب من ابنائها ،،،، ثالثها ،،،، اللجوء للعمل السري بديلا للعمل العلني وخطورة ما يترتب على ذلك من افكار وممارسات ،،، رابعها ،،، زيادة الشقاق المجتمعي وعودة الصراع الفكري بدلا من القبول والاستيعاب المتبادل ،،،، خامسها ،،، استنزاف مقدرات ومؤسسات الدولة في الاشتباك تارة والصدام تارة مع هذه الكيانات السرية ،،،، ولا بديل عن هذه الاحزاب والجمعيات والكيانات وعلى التيار الاسلامي الاستمرار في النضال السياسي السلمي والقانوني حتى ينتزع حقوقه الدستوريه على مستوى الافكار والممارسات