صحافة دولية

نيويوركر: هل تعيين مايك بومبيو هو انتصار للصقور؟

نيويوركر: ترامب ووزير خارجيته القادم مايك بومبيو على توافق سياسي- جيتي
نيويوركر: ترامب ووزير خارجيته القادم مايك بومبيو على توافق سياسي- جيتي

نشر موقع "ذي نيويوركر" مقالا للصحافية روبين رايت، تقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته القادم مايك بومبيو على توافق سياسي. 

 

وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الوزير المغادر ريكس تيلرسون، الذي علم عن إقالته من خلال تغريدة لترامب، كان يصطدم كثيرا مع الرئيس، ولم يستمر في منصبه سوى 14 شهرا، مع أن التقارير حول إقالته كانت متداولة على مدى الخمسة أشهر الماضية. 

 

وتنقل رايت عن السفير ريتشارد باوتشر، الدبلوماسي المحترف، الذي عمل متحدثا رسميا لثلاثة وزراء خارجية من كلا الحزبين، قوله: "بومبيو ليس تيلرسون، لكنه قد يصبح كذلك يوما ما إذا بقي الرئيس يناقص على وزير خارجيته".

 

وتجد الكاتبة أنه من الواضح أن هناك تقاربا بين الرئيس وبومبيو، فبعد إقالة تيلرسون بدقائق قام ترامب بمدح بومبيو، قائلا: "أحترم ذكاءه.. وأحترم التجربة التي مررنا بها معا، ولدينا علاقة جيدة، مهما كان السبب.. ومنذ البداية، من اليوم الأول تماشيت بشكل جيد مع مايك بومبيو".  

 

وتلفت رايت إلى أن العلاقة بين الرجلين تطورت خلال الإيجاز الاستخباراتي الذي كان يقدمه بومبيو لترامب، وهو ما وفر له فرصة لرؤية الرئيس أكثر من وزير الخارجية، مشيرة إلى أن بومبيو كان عضوا في الكونغرس عن حزب الشاي ممثلا لكنساس، وهو خريج كلية القانون في جامعة هارفارد، وتواجد في البيت الأبيض لأوقات طويلة، لدرجة أن موظفي الوكالة اشتكوا من قلة رؤيتهم له، مقارنة مع المديرين السابقين. 

 

وتنوه الكاتبة إلى أن بومبيو يلتقى مع ترامب في نظرتهما المتطرفة لدور أمريكا في العالم، لافتة إلى أن بومبيو كان ضابطا في سلاح الفرسان في الفترة ما بين عامي 1986 و1991، وكان يعمل خلال الحرب الباردة في الدوريات التي حرست جدار برلين، وخدم في حرب الخليج عام 1991 لتحرير الكويت من الغزو العراقي. 

 

وتقول رايت: "قال لي باوتشر: (لا أدري إن كان ذلك انتصارا لمتطرفي الصقور، لكنه يعكس عقلية ترامب حول العالم.. إنه يعتمد على الجنرالات.. إنه يبحث عن أشخاص يرون أن كل مشكلة تهديد يجب التعامل معها عسكريا بدلا من أن تكون مشكلة يمكن التعامل معها دبلوماسيا، هناك فشل لدى هذه الإدارة في فهم ماذا يمكن للدبلوماسية أن تفعل للبلد، وللعالم)".

 

وتفيد الكاتبة بأن "بومبيو اتخذ في تصريحاته العلنية مواقف مماثلة للرئيس، وأحيانا كان أكثر تطرفا منه، في القضايا المفصلية: إيران وكوريا الشمالية وروسيا والقدس، وفي كل منها حاول تيلرسون أن يقنع ترامب بعدم اتخاذ قرارات متهورة أو مثيرة للجدل". 

 

وتبين رايت أن الاختلافات حول الاتفاقية النووية مع إيران عام 2015 كانت من أهم خلافات ترامب مع تيلرسون، حيث يقول ترامب عن ذلك: "اختلفنا على الأمور، فعندما تنظر إلى الاتفاق مع إيران أظنه كان سيئا، وأعتقد أنه كان يراه عاديا، كنت أريد أن ألغي الاتفاق أو أفعل شيئا، لكنه كان يرى غير ذلك.. لم نكن نفكر بالأسلوب ذاته في الحقيقة.. ومع مايك بومبيو لدينا الأفكار ذاتها، وأعتقد أن الأمور ستكون جيدة". 

 

وتنوه الكاتبة إلى أن بومبيو عارض عندما كان في الكونغرس الاتفاق النووي مع إيران، وعبر عن استهجانه من عدم فهم الرئيس لخطورة النظام الإيراني على أمريكا، فيما دعا في الذكرى الأولى للاتفاق إلى إنهاء الحكم الثيوقراطي في إيران، وأعرب بعد انتخاب ترامب عن أمله في إلغاء الاتفاق، مشيرة إلى أنه عندما كان رئيسا لوكالة الاستخبارات المركزية فإنه دعا إلى رفع السرية عن المعلومات التي تم العثور عليها في بيت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، التي تظهر اتصالات بين تنظيم القاعدة وإيران، وإلى الآن تقول إدارة ترامب إنه لا رغبة لديها لتغيير النظام في إيران، لكنها تسعى إلى التغيير في تصرفات إيران.

 

وتوضح رايت أن بومبيو كان في موضوع كوريا الشمالية يحتل عناوين الصحف بسبب خطاب ألقاه في منتدى أسبين للأمن، حيث ألمح إلى ضرورة تغيير النظام في كوريا الشمالية، منوهة إلى أنه قال في موضوع روسيا والتدخل في الانتخابات الأمريكية، الذي أكدته عدة وكالات استخباراتية أمريكية، إنه يعتقد أن روسيا تدخلت في الانتخابات، وفي الانتخابات التي سبقتها والتي سبقتها، وأن الروس مارسوا ذلك لفترة طويلة، ولا يعتقد أنهم سيتوقفون عن ذلك.

 

وتقول الكاتبة: "كان واضحا أن بومبيو يريد هذا المنصب، فوجوده في وكالة الاستخبارات المركزية لا يسمح له بتقديم توصيات سياسية، مع أنه اقترب من ذلك مرارا في العلن، كما أن ترامب استشاره سرا".

 

وتضيف رايت أن "أسلوب بومبيو شبيه بأسلوب ترامب، حيث يقوم على المواجهة أكثر منه على الحوار، وفي الكونغرس كان حزبيا شرسا، ولم ينظر إليه على أنه شخص يمكنه تجاوز الخط الذي يفصل بين الحزبين ليتعاون مع أعضاء الكونغرس من الحزب الآخر، وفي حادثة مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين في ليبيا، فإنه حمّل وزيرة الخارجية في وقتها، هيلاري كلينتون، المسؤولية، وصرح بذلك رغم أن عائلة ستيفنز أعلنت أنها لا تلوم كلينتون".

 

وتستدرك الكاتبة بأن "بومبيو يأتي إلى هذا المنصب ولديه تجربة أكبر من تيلرسون، الذي كان مديرا تنفيذيا في قطاع النفط، وكان يعمل في معظم حياته العملية في مجالات لها علاقة بالأمن القومي، كما أن من إيجابياته أنه كان يسمع رأي المحترفين في الوكالة، وهو ما لم يفعله تيلرسون في وزارة الخارجية".

 

وتقول رايت: "قال لي المحلل والمؤلف والعضو السابق في لجنة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية روبرت كاغان: (لا يمكن أن يكون هذا إلا تحسينا على الوضع الحالي في وزارة الخارجية.. فتيلرسون كان كارثة كبيرة بسبب الطريقة التي تعامل به هو ومن معه مع الخدمات الخارجية والوزارة بشكل عام، بومبيو سيعمل بشكل أفضل مع الوزارة بدلا من أن يحاول تدميرها)، وأضاف كاغان بأن المشكلة تتعلق أقل بالشخصيات وأكثر في غياب سياسة محددة (فليست هناك سياسة، بل مجرد ردود فعل متهورة)".

 

وتجد الكاتبة أن تعيين بومبيو يواجه انتقادا، حيث يظهر أن ترامب يزيد من قبضة الصقور على البيت الأبيض، فيقول رئيس مؤسسة "بلاوشيرز فند"، وهي منظمة غير حكومية تعمل على الحد من انتشار الأسلحة النووية، جوزيف سرنسياني: "يقوم ترامب بالتدمير الممنهج لمعسكر المعتدلين في إدارته، ويتحرك بثبات باتجاه اليمين المتطرف بجنون.. فإقالة اليوم والطريقة المهينة التي فعلها بها تضعف معسكر المحافظين التقليديين ووزارة الخارجية ومصداقية أمريكا، إنها تبدو تقريبا وكأن أحدا يدفع لترامب ليفعل ذلك". 

 

وتورد رايت نقلا عن ثوماس كنتريمان، وهو دبلوماسي كبير استقال العام الماضي، قوله: "كان تيلرسون مدافعا سيئا عن وزارة الخارجية، لكنه كان على مستوى الحكومة حاجزا أمام أسوأ تهورات الرئيس ترامب"، وأضاف كنتريمان، الذي عمل وزير خارجية مساعدا للحد من انتشار الأسلحة النووية: "وإن كان وزير الخارجية الجديد ينظر بالازدراء ذاته الذي ينظر فيه ترامب للدبلوماسية، فإن هذا سيكون سيئا للوزارة وللبلد".

 

وينقل الموقع عن دبلوماسي غربي، قوله إن الإقالة والتعيين الدرامي الذي تم يوم الثلاثاء يعكسان "فشلا كاملا" في الإدارة -كما يراه العالم الخارجي- وعبر عن اعتقاده بأن الأمور لن تتحسن في المستقبل، وشبّه حاشية ترامب ببلاط ملكي في القرن السابع عشر، أو مملكة في الشرق الأوسط اليوم، وأشار إلى أن جاريد كوشنر قال في حديث خاص قبل أربعة أشهر إنه يريد التخلص من تيلرسون، وهذا في رأي الدبلوماسي يعكس "الأجواء الغريبة لديوان ملكي.. نصف كوميديا ونصف تراجيديا".

 

وتقول الكاتبة: "أما عن المدة التي قد يستمرها بومبيو فهي موضوع تخمين في واشنطن، حيث (سينتهي الأمر بأن يقيل ترامب هؤلاء الناس كلهم)، بحسب كاغان، كما يتوقع أن يقوم ترامب باستبدال مستشار الأمن القومي ماكماستر بجون بولتون، الذي يعد أيضا من متطرفي الصقور". 

 

وتضيف رايت: "قال لي أحد كبار المسؤولين في إدارة بوش إن كلا من تيلرسون وماتيس نصحا ترامب بعدم الاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، لكن (الرئيس تبع مشاعره.. ولم يعقب ذلك شغب من الدار البيضاء إلى بغداد، ولذلك قد يكون الرئيس قرر أنه كان محقا، وأنه لم يحصل على مشورة جيدة)".

 

وتختم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى قول المسؤول البارز إن الرئيس قد يكون قرر بأنه جيد في اتخاذ القرارات، وهو ما يشير إلى احتمال ظهور المزيد من السياسات المتطرفة في المستقبل.

التعليقات (0)