سياسة دولية

"ذي اتلانتيك": مرشح ترامب للخارجية شخصية معادية للمسلمين

بومبيو
بومبيو

قالت مجلة "ذي اتلانتيك" الأمريكية، إن المرشح الجديد، لمنصب وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو، له تاريخ حافل بالمواقف والتصريحات المعادية للمسلمين.


وأوضحت المجلة في مقال للكاتب بيتر بينارت أن بومبيو، لم يكتف بمواقفه ضد المسلمين، بل جمع حوله العديد من الشخصيات المعروفة بعدائها للمنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة.

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

بيتر بينارت

ذي أتلانتيك

15 مارس / آذار 2018

عليك بالتجربة البسيطة التالية. خذ تصريحات مايك بومبيو حول المسلمين وتحالفاته مع المتعصبين المعادين للمسلمين، وتخيل أنه صرح بنفس العبارات حول اليهود وأقام علاقات وثيقة مشابهة مع المعادين للسامية، ثم تصور رد الفعل فيما لو وقع ترشيحه لمنصب وزير الخارجية.

إذا بدا هذا القياس مستبعداً فما ذلك إلا لأن التعصب المعادي للمسلمين بات في عهد الرئيس ترامب شائعاً جداً لدرجة أن الكثيرين منا يجدون صعوبة في التعرف عليه واعتباره تعصباً.

يوجد لدى بومبيو سجل حافل من التصريح بعبارات مضللة، وبشكل خطير جداً، حول المسلمين. ففي عام 2013، استغل تفجير ماراثون بوسطن للإيحاء بأن كثيراً من الزعماء المسلمين والمنظمات الإسلامية في أمريكا يبطنون التأييد للعنف الذي يمارس ضد بلدهم. وادعى من منصة مجلس النواب إن "صمت المنظمات المدافعة عن المسلمين وكثير من المساجد – والتي تحصل على تمويل جيد – في مواجهة التطرف يصم الآذان، ويلقي بظلال من الشك على الالتزام بالسلام بين معتنقي العقيدة الإسلامية." وادعى بومبيو "إن هذا الصمت من شأنه أن يحول هؤلاء الزعماء الإسلاميين في مختلف أرجاء أمريكا إلى شركاء في هذه الأعمال الإرهابية." والحقيقة هي أن الكثير من المنظمات الإسلامية الكبيرة سارعت وخلال ساعات من الهجوم إلى إصدار بيانات نددت به بشدة.

كما اقترح بومبيو أن المسلمين في مختلف أنحاء البلاد يشكلون جزءاً من المخطط السري للإخوان المسلمين، وقال في برنامج إذاعي في عام 2015 بمنطق يحاكي إلى حد بعيد نظريات المؤامرة المعادية للسامية: "هناك منظمات وشبكات داخل الولايات المتحدة ترتبط بالإسلام الراديكالي بشكل عميق وأساسي. وهؤلاء لا يتواجدون فقط في أماكن مثل ليبيا وسوريا والعراق وإنما أيضاً في أماكن مثل كولدواتر وكانساس وفي البلدات الصغيرة في كافة أرجاء أمريكا." كما تبنى بومبيو داخل الكونغرس تشريعاً لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. وإذا ما أصبح ذلك قانوناً فإنه سيستخدم للزعم بأن أبرز المنظمات الإسلامية في أمريكا تساند الإرهاب ولذلك يتوجب إغلاقها.

ثمة تحالف وثيق بين بومبيو وأبرز الشخصيات المعادية للمسلمين في أمريكا مثل فرانك غافني وبريجيت غابرييل. ولقد شارك بومبيو في برنامج غافني الإذاعي على الأقل أربعة وعشرين مرة ما بين عام 2013 وعام 2016. وفي عام 2015 شارك في قمة قهر الجهاد التي نظمها مركز السياسات الأمنية الذي يديره غافني. وفي الأعوام 2014، 2015 و2016 تكلم بومبيو في المؤتمر السنوي لمنظمة آكت فور أميركا (إعمل من أجل أمريكا) التي تديرها غابرييل، وفي السنة الأخيرة فازت المنظمة بجائزة النسر للأمن القومي. وحينما عين بومبيو مديراً لوكالة المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) قالت عنه غابرييل "هذا هو حليفنا الصامد".

هذان الحليفان، غافني وغابرييل، يشكلان بالنسبة للمسلمين الأمريكيين ما يمثله دافيد ديوك ولويس فاراخان بالنسبة لليهود الأمريكيين. يعتقد ديوك أن اليهود الأمريكيين – على الأقل أولئك الذين يدعمون إسرائيل – ليسوا موالين للولايات المتحدة. وكان قد أعلن في عام 2016: "أنا ضد اليهود أو أي شخص آخر ممن يقدمون مصالح بعض الأماكن الأخرى، أو مصالح بلد آخر، على مصالح بلدنا نحن." أما فاراخان فيعتقد بوجود مؤامرة يهودية للسيطرة على حكومة الولايات المتحدة، وكان في الشهر الماضي قد أكد على أن "اليهود سيطروا على تلك الدوائر الحكومية، فإذا أردت شيئاً في هذا العالم ستجد أن اليهودي هو من يقف بالباب."

يعتقد غافني وغابرييل بشيء مشابه حول المسلمين الأمريكيين، إذ يعتقدان بأن كثيراً من المسلمين الأمريكيين (وليس جميعهم – في محاولة للتأكيد على وجود استثناءات تماماً مثل ما قول ديوك "هناك الكثير من اليهود العظماء) غير أوفياء. لماذا؟ ليس لأنهم يوالون بلداً أجنبياً وإنما لأنهم يوالون الإسلام ذاته، والذي يدعي غافني وغابرييل أنه لا يجيز الولاء لأي حكومة غير مسلمة. (جدير بالتذكير أنه في مراحل مبكرة من التاريخ الأمريكي كان المتعصبون المعادون للكاثوليك يزعمون بشكل مشابه أن ولاء الكاثوليك للبابا يتقدم على ولائهم للدستور.)

وكانت غابرييل قد أعلنت في عام 2007 أن "المسلم الذي يمارس شعائر دينه ويعتقد أن القرآن هو كلام الله ويلتزم بالإسلام ويتردد على المسجد ويصلي كل جمعة، ويصلي خمس مرات في اليوم – هذا المسلم الممارس لشعائره، الذي يؤمن بالتعاليم الواردة في القرآن، لا يمكن أن يكون مواطناً مخلصاً للولايات المتحدة الأمريكية." وبعد أن لوح خضر خان بنسخة من الدستور أثناء مؤتمر الحزب الديمقراطي في عام 2016، أصرت غابرييل على أنه يكذب، وقالت: "إن التلويح بالدستور نوع من التمويه حينما يكون من تعاليم دين المرء أن الدستور، وكذلك أي قانون يضعه البشر، ينبغي أن يُزال وأن يحل محله القرآن."

لا يعتبر غافني وغابرييل عدم وفاء المسلمين مشكلة نظرية خاملة. بل مثلهما في ذلك مثل فاراخان وديوك في اعتقادهما أن كثيراً من اليهود الأمريكيين إنما هم جزء من مؤامرة قيد التنفيذ هدفها تقويض الولايات المتحدة، يعتقد غافني وغابرييل نفس الشيء بحق المسلمين، ويعتقدان أن جماعة الإخوان المسلمين تقف في القلب من هذه المؤامرة، لأنها بزعمهم تسيطر على معظم المنظمات الإسلامية الأمريكية وعلى المساجد داخل الولايات المتحدة، وتسعى لاستبدال الدستور الأمريكي بالشريعة الإسلامية. ولدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر في عام 1928 بهدف نشر الإسلام حول العالم وإعادة تشكيل الخلافة الإسلامية، إلا أن ما يعنيه ذلك يتباين من فرع إلى آخر من الفروع التي تنتسب بشكل أو بآخر إلى الإخوان المسلمين في مختلف الأقطار.

في عام 2010، أصدر مركز السياسات الأمنية التابع لغافني تقريراً زعم فيه أن "كل منظمة إسلامية كبرى تقريباً في الولايات المتحدة تخضع في واقع الأمر لسيطرة الإخوان المسلمين أو لسيطرة منظمة مشتقة من الجماعة. وبالتالي فإن معظم المجموعات المسلمة الأمريكية أياً كان مستوى شهرتها في أمريكا، فهي في واقع الأمر معادية للولايات المتحدة ولدستورها." وزعم التقرير أن "جماعة الإخوان المسلمين نجحت في اختراق أنظمتنا التعليمية والقانونية والسياسية، إضافة إلى المستويات العليا من الحكومة والمخابرات والإعلام والجيش الأمريكي، بحيث شلت تقريباً قدرتنا على التخطيط أو الرد الفعال." بمعني آخر، يتحكم المسلمون سراً بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية.

يروج غافني لنظرية مفادها أن زعماء المسلمين في أمريكا يخوضون حرباً سرية مع الولايات المتحدة، ويستخدم نظريته تلك حينما يتنقل في أرجاء البلاد للتأكيد على حق المجتمعات المحلية في حظر إنشاء المساجد (وهو الأمر الذي فعلته أعداد متزايدة من هذه المجتمعات خلال السنوات الأخيرة). وفي هذا السياق كان التقرير الصادر عن مركز السياسات الأمنية في عام 2015 قد أعلن أن "ما يزيد عن ثمانين بالمائة من المساجد في الولايات المتحدة ثبت أنها تلتزم بالشريعة وتروج للجهاد. ولذلك فهي حاضنات للتخريب، في أحسن الأحوال، وللعنف في أسوأ الأحوال، ويتوجب بناء على ذلك التعامل معها على هذا الأساس." ولذلك، حينما زعم بومبيو أن زعماء المسلمين الأمريكيين يمكن أن يكونوا متواطئين في الأعمال الإرهابية، كان يساعد غافني في مشروعه الذي يستهدف حرمان المسلمين الأمريكيين من التمتع بالحقوق التي يمنحهم إياها التعديل الأول للدستور.

عندما سئل غافني هذا الأسبوع عن ترقية بومبيو إلى منصب وزير الخارجية، أجاب قائلاً: "أنا من أشد المعجبين بمايك بومبيو. وأعتقد أنه اختيار رائع." تصوروا لو أن دافيد ديوك قال ذلك عن مرشح لمنصب وزير الخارجية كان قد منح جائزة من قبل منظمة معادية للسامية لها تاريخ معروف في الطعن باليهود وتشويه سمعتهم. هل كان مجلس الشيوخ سيوافق على مثل هذا المرشح؟ بالطبع لا. إذن كيف يمكن له أن يقوم، عن وعي وإدراك، بإقرار ترشيح مايك بومبيو؟.

التعليقات (0)