سياسة دولية

هل يشكل بومبيو تهديدا للتفاهمات مع أنقرة بشأن منبج؟

عناصر من القوات الخاصة بعد دخولها اليوم مركز عفرين- جيتي
عناصر من القوات الخاصة بعد دخولها اليوم مركز عفرين- جيتي

أثار اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، "سي آي إيه" مايك بومبيو وزيرا للخارجية، خلفا لريكس تليرسون تساؤلات بشأن تأثير هذا التغيير، على العلاقات مع تركيا، خاصة في ملف التفاهمات المتعلقة بمنبج وشرق الفرات.

وقبيل إقالة تيلرسون جرت تفاهمات بين أنقرة وواشنطن، بشأن خروج المليشيات الكردية المسلحة، من منبج، ووجود سيطرة مشتركة بين الجانبين التركي والأمريكي، على المنطقة لضمان تأمين المحيط الحدودي، الذي تعتبره تركيا مسألة أمن قومي، ولا تسمح بوجود مليشيات، تصنفها إرهابية بالقرب منها.

وتفاوتت آراء المحللين بين من يعتقد أن قدوم بومبيو، بخلفياته الحادة والمعادية للإسلام والمسلمين، والمتبنية لكافة آراء ترامب تجاه المنطقة، سيؤثر على التفاهمات وبين من يرى أن تركيا ماضية في خطتها لتأمين محيطها الحدودي، من جهة سوريا لضمان إبعاد أي تنظيمات "إرهابية".

أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس الدكتور رامي الخليفة العلي، قال إن العملية العسكرية التي تكللت اليوم بالسيطرة على عفرين هي الشغل الشاغل لتركيا، اليوم والتي تعتبرها خطوة هامة لحماية الأمن القومي.

 

خلفيات بومبيو

وأوضح العلي لـ"عربي21" أن شمال سوريا ينقسم إلى 3 أقسام، وهي مناطق عفرين ومنبج وامتداد شرق الفرات، وعلى الرغم من وجود غطاء سياسي، كان متضمنا لتصريحات دولية معارضة لعملية عفرين، إلا أن التحرك باتجاه منبج ربما يواجه بموقف دولي، أكثر اتساعا من ناحية معارضته.

ولفت إلى أن الأتراك والأمريكان، تفاهموا بشأن منبج، لكن بالعودة إلى تصريحات الوزير الجديد، ومواقفه السابقة تجاه المنطقة والمسلمين، عموما ربما نتوقع تراجعا أكبر في العلاقات المتوترة، بين الجانبين ويبقى ملفا منبج وشرق الفرات على المحك لمعرفة التوجهات الجديدة.

وأشار العلي إلى أن إدارة ترامب برمتها مختلفة عن كافة الإدارات الأمريكية، وهناك تغييرات كثيرة حصلت على مدى العام الماضي، سواء في الخارجية والدفاع والبنتاغون والبيت الأبيض، والرئيس يتخذ قرارات كثيرة بشكل منفرد، لكن على صعيد الملف السوري، أنيط الأمر برمته بالجهات العسكرية، التي أشرفت على بناء قاعدتين في الرميلان والتنف.

واستبعد الخبير السياسي، أن يحدث تدخل كبير في الملف السوري، بعيدا عن الجهات المناط بها تحريكه لأن هناك حسابات ومصالح دقيقة للغاية وحساسة، تتعلق به، ولا يسمح باتخاذ قرارات متهورة فيها.

ورأى أن الخطوة المقبلة تجاه منبج، ربما تكون أكثر صعوبة، من عملية عفرين لكن في المقابل، هناك إصرار تركي على المضي، مع تشديد المسؤولين الأتراك، أن هذه مسألة حياة أو موت.

ولفت إلى أن تركيا لن تتحرك إلى منبج، إلا بعد الحصول على الحد الأدنى من التفاهمات مع الولايات المتحدة، بشأن العملية العسكرية، هناك لتجنب أي احتكاك أو صدام عسكري، مثلما حصل مع القوات الروسية، التي حاولت اجتياز نهر الفرات في دير الزور، وتم قصفها وإيقاع خسائر بشرية كبيرة في صفوفها.

 

سياسة ثابتة

بدوره استبعد استاذ العلاقات الدولية في جامعة الشرق الأوسط التركية، الدكتور حسين باغجي أن يؤثر تغيير وزير الخارجية الأمريكي على السياسة الخارجية تجاه تركيا لكن ربما يتجه لاتخاذ موقف أكثر صرامة.

وقال باغجي لوسائل إعلام تركية إن التناقضات الرئيسية، بين البلدين حول السياسة الإقليمية، ستستمر كما هي مشيرا إلى الدعم المستمر الذي تقدمه الولايات المتحدة، لميليشيات وحدات حماية الشعب الكردي.

وشدد على أن حماية المليشيات الكردية، سيبقى أولوية أمريكية، في المستقبل المنظور، لكن تعيين بومبيو منفصل تماما عن المشهد الجاري حاليا بشأن العمليات في عفرين، والوضع المقبل في منبج وغيرها.

من جانبه قال الكاتب التركي إسماعيل ياشا، إن قضية منبج مسألة "حياة أو موت" بالنسبة لتركيا، وعلى الرغم من تغيير وزير الخارجية الأمريكي إلا أن الحكومة التركية، لن تتراجع عن إبعاد أي "جماعات إرهابية" عن حدودها.

 

حياة أو موت

وقال ياشا لـ"عربي21": بعد تغيير تيلرسون يبقى التزام الولايات المتحدة بالتفاهمات مع تركيا أمرا خاصا بها، سيتم مراقبته خلال الأيام المقبلة، وبعد بدء عمل الوزير الجديد بومبيو، لكن في المقابل أنقرة أوضحت موقفها بشأن منبج وإخراج تلك الجماعات منها، رغم معارضة الكثير من الجهات.

وأضاف: "أحد الوزراء الأتراك قال قبل مدة وجيزة إذا كان حل المسألة في منبج، عبر المحادثات مع أمريكا فنحن مستعدون، وإلا فنحن مضطرون لتحريرها، مثلما فعلنا بعفرين" وفق قوله.

وشدد على أن "نجاح الجيش التركي بالسيطرة على عفرين بهذا التوقيت والسرعة، ربما يعيد الحسابات الأمريكية، بشأن تلك الجماعات التي استثمرت بها وسلحتها، بكميات هائلة من الأسلحة ثم تبين أنها نمر من ورق، وهربت مع أول مواجهة".

ولفت ياشا إلى أن هذا الانسحاب ربما يعيد الحسابات، خاصة مع التغييرات الجديدة في الخارجية الأمريكية بشأن الوضع المقبل في منبج وشرق الفرات، مع الإصرار التركي، على السيطرة على المنطقة "لحفظ الأمن القومي التركي".

التعليقات (0)