قضايا وآراء

الانقلاب الذي لا يترنح!

ممدوح المنير
1300x600
1300x600
طلب مني صديق عزيز ألا أنشر الأوضاع المحبطة عن مصر؛ لأن الناس تبحث عن الأمل وليس الصورة القاتمة التي تكون في بعض مقالاتي. قلت له: بكل تأكيد الناس تحتاج إلى الأمل، لكن ليس الأمل الكاذب، ليس السراب الذي يستيقظون على حقيقته دون استعداد أو نظر.

أذكر أنه قبل الانقلاب بأسبوع طلب مني قيادي في حزب سياسي شهير ورقة تقدير موقف عن الأزمة وتصاعدها، فقلت له نحن أمام انقلاب عسكري دموي في الطريق أسوأ من أيام عبد الناصر، وطلبت منه إمّا قفزة كبيرة إلى الأمام أو قفزة كبيرة إلى الخلف بخطوات محددة. فكان الرد أن ورقة تقدير الموقف تشاؤمية، وأن موضوع تظاهرات 30 حزيران/ يونيو لن تكون سوى ضغط على الرئيس وينصرف المتظاهرون إلى منازلهم بعد ذلك.

بعد بيان الجيش الأول قلت له: هذا تأكيد لكلامي، فقال لي نصا: نحن نرى جوانب إيجابية في البيان، وكفاك تشاؤما!! طبعا أنتم تعرفون أين هو الآن.

ليلة فض الاعتصام دخلت الميدان الثانية عشر صباحا، ولاحظت حركة غير عادية في الميدان، فتوجهت إلى أحد القيادات الميدانية وسألته: هل من جديد؟ فقال: نتوقع أن يكون الفض اليوم.. قلت له: وماذا ستفعلون؟ قال سنزيد الحراسة على البوابات، بحيث تكون نصف قوة الاعتصام في الحراسة والنصف الآخر سينام لأن هناك تظاهرات في الصباح أمام الوزارات.

فقلت له مندهشا: أنت متأكد من كلامك؟ فقال: نعم... فقلت له: إذا كانت هناك نية حقيقية للفض، فالخيمة التي نحن فيها لن يكون لها أثر بعد ساعات من الآن.. فابتسم ابتسامة الحكيم العالم ببواطن الأمور، وربت على كتفي وقال: لا تقلق، سينصرفون كما جاؤوا.

فانفعلت وقلت له: الجيش لن يعود منهزما؛ لأن هذه بالنسبة له معركة حربية وهزيمته فيها يعني سقوط الانقلاب وانكسار هيبته. لا بد من رد فعل مختلف تماما.. واقترحت عليه عدة استراتيجيات. فقال لي: لا تقلق، سوف نتصدى له، وعندما يرون صمودنا سيتراجعون. فقلت له: ألم تفهموا بعد رسالة المنصة والحرس الجمهوري؟؟!! فسكت.. فقلت له سأحمل حقيبتي هذه وأضعها في المركز الإعلامي؛ لأن فيها أوراقا هامة، وهذا المكان لن يكون موجودا خلال ساعات. فقال لي: المهم أن لا تسبب اضطرابا وقلق للناس؛ حتى يناموا جيدا!!!

تخدير الناس بالأماني الكاذبة قد يمنحهم شعورا مؤقتا بالراحة، لكن ستكون صدمتهم قاسية مريرة، وسيلعنون وقتها كل من ضحك عليهم وخدعهم وأعطاهم أحلاما كاذبة.

لقد ضاعت الأندلس ومضت قرون على ضياعها، وكذلك دول إسلامية كثيرة محيت من الوجود، وأصبحت دول لا تمت للإسلام بصلة، وكان فيها، وقت ضياعها وزوالها، أناس صالحون يعتقدون أن الفرج قريب، وأن النصر على الأبواب، وأنها قد تمحص الحق والباطل، وكانوا يرون بشارات في المنام بقرب النصر، لكن استقر الباطل وأصبحت له دولة مستمرة لقرون عديدة.

الأمل الوحيد (بعد الله) الذي يمكن أن أتحدث عنه هو بالعمل واستفراغ الجهد والأسباب.. وأما الغفلة والدروشة والتواكل، فلن تكون سوى سبب لاستقرار الانقلاب.

إن لله سننا في النصر والهزيمة؛ لا تحابي أحدا كائنا من كان. على المنتسبين للجماعات والأحزاب والحركات في مصر أن يضغطوا على مسؤوليهم، ويعرفوا منهم أين الحل وأين الطريق. فإمّا أن يرحلوا ويفسحوا المجال لغيرهم، أو يتحملوا نتائج صمتهم عليهم أمام الله وأمام الأجيال القادمة.
التعليقات (2)
المصري الأصيل
الجمعة، 23-03-2018 05:22 م
الأوضاع التي نعيشها الآن أوضاع إستثنائية بإمتياز ، والتعامل المجدي معها يحتاج إلى وضع إستثنائي يمكن المراهنة عليه ، ولكن لايوجد مسار واضح الآن يمكننا التركيز عليه ، والحقيقة الصادمة تكشف بكل وضوح عن عدم وجود ثغرات واضحة يمكن المراهنة عليها للنفاذ من خلالها إلى قلب المشهد للتأثير فيه من أجل إعادة تركيب الصورة وضبط الإطار. المشهد المرئي بكل تعقيداته وتجلياته الدامية لايسمح لأحد بأن يتنفس بشكل طبيعي يعطي فرصة لإلتقاط الأنفاس . فالضغط الرأسي والأفقي من قبل الذي يهندسون و يديرون المشهد يشكل الصورة المرئية الوحيدة والفعل الثابت على الأرض . وعلى كل الذين يقفون في مربع الممانعة أن يحاولوا التفكير خارج الصندوق للبحث عن الحلول الممكنة التي يمكن المراهنة عليها . غياب اليقين والإصابة بالإرتباك والحيرة هو الموقف الرسمي الغالب الذي يطفو على السطح في هذه المرحلة العصيبة ، وهذا الوضع يدفع بالجماعة الوطنية نحوالميل لليأس وإنتظار ما لايتحقق بنفسه ، هذا ما يمكن أن يصل إليه كل من يتأمل ويدقق في المشهد سواء من قريب أو من بعيد على الأقل حتى الآن ، هنا لابد من محاولات للقيام بكل ماهو متاح وممكن من قبل تكتل القوى الوطنية من الذين يقفون في الصف الأول( ممانعة ) من أجل الخروج من المأزق والإبتعاد عن مربع الإحتباس الجبري التي يدفع نحو الجنوح إلى مفارقة الواقع والإندفاع نحو مسارات ملتبسة بالوهم والخيال من أجل المحافظة على الشعوربالتواجد في الميدان دون الإلتفات للنتائج . لايغيب عن أحد الآن أن القانون الأمضى والأكثر تأثيرا و فاعلية في الواقع والذي يشكل المظلة الأكثرقتامة وبؤسا هو قانون الصراع الدموي من جانب واحد ، وهذا الجانب يعمل على تثبيت أوضاع نهائية في الواقع تقول للناس قفوا عند هذا الحد . و للأسف لايوجد في مواجهة هذا العائق القاتل شيء يمكن التعويل عليه . الأوضاع قد تغري بالإندفاع بسبب الضغوط الهائلة التي تتعرض القوى الشعبية ، ولكن المواقف التي تعتمد على الفورة العاطفية والرغبة المحمومة خارج حسابات الممكن والممتنع سوف يؤثرعلى الرصيد الإستراتيجي لقوى الممانعة ، ذلك الرصيد الذي يمكن أن يشكل المخزون الذي يمكن اللجؤ إليه في ظرف أفضل ، من هنا يلزم الحذر . كيف يفكر رموز وقادة العمل الإسلامي ؟ ولماذا يؤدي إجتهاداتهم وآراءهم وإختياراتهم إلى نتائج كثيرا ما تكون عكسية. الذي يتأمل في بعض مواقفهم يصدم بهذا المستوى من التفكير الذي يقفزعلى الكثيرمن حقائق و تعقيدات الواقع ويميل إلى إتخاذ مواقف بالإستناد على حسن الظن والرؤى المغرقة في الذاتية والسذاجة الفكرية والإعتبارات العاطفية والأماني البعيدة عن معطيات الواقع . الملاحظ أن القوى الإسلامية بشكل عام لاتهتم كثيرا بإعتبارات موازين القوى بينها وبين الخصم الذي تواجهه ، ولذلك لا تنظر في الإحتمالات والمآلات والنتائج ، ومن هنا نجد أنها تندفع للدخول في معارك خاسرة نتائجها معلومة . أحاول أن أصل لتفسير لهذه الظاهرة ولكني لا أجد. هل من نصوص دينية لدينا تأمر وتوجه وتدفع للدخول في معارك إحتمالات النصر فيها متدنية للغاية ؟ لا أعلم .
مصري جدا
الأربعاء، 21-03-2018 11:22 م
بقايا الجماعات والاحزاب والتحالفات الاسلامية والمدنية لن تتغير ولن تتطور هكذا ولدت وهكذا ستبقى حتى الممات وان كانت الان في مراحل الاحتضار والانفاس الاخيرة ،،، ليس المقصود بالممات هو الفناء او الزوال المطلق فقد يبقى الكيان او بقاياه لكنه هاشا ضعيفا غير مؤثر ولا مجدد ولا ولود ،،، التيار اليساري المصري نموذجا ،،، قد تلحق به تيارات وجماعات اخرى لانها طبيعة الاشياء ،، لا يوجد كيان خالد لكن الخالد هو دعوة الاسلام وليس كيانات اسلامية تتبنى الدعوة ،، انها دورة حياة الكائنات الحية والكيانات الحية ايضا تنتهي دورتها وصلاحيتها حين تصاب بالجمود والتكلس ،،،وعلى اصحاب الافكار والرؤى في هذه الكيانات الا يضيعوا ما تبقى من اعمارهم في نضال غير مآمون النتائج نضال داخل الكيان اشبه بالجري في المحل كما يقول الرياضيون ،، جهد ووقت ومال لكن لا خطوة الى الامام ،،، الوضع مآزوم تماما والمخرج شبه معدوم ،، منصات القيادات في الحركة الاسلامية والمدنية لن تترك المكان ولا الفرصة للقادمين من الوراء خاصة اصحاب الفكر المتجدد المتطور ،، هذه المنصات لها رديف او وريث قد يكون اصغر سنا لكنه يعيش بنفس الفكر ونمط الادارة والثقافة التي اوردتنا المهالك ،،، فماذا نحن فاعلون ،،، هل نحن بحاجة لكيان جديد على غرار تجربة اوردوغان واربكان في تركيا ،،، لا ادري ،،، هل نحن بحاجة لاعادة النظر في كل شئ بداية من الاهداف العليا والطموحة الى اصغر الوسائل والاجراءات ،،، هل نحن بحاجة لترك الفضاء السياسي كاملا بدعوى اننا في مرحلة ما قبل السياسة ،، مرحلة الدعوة والتعليم والتكوين والتربية والاجتماع ،،، حقا اننا في ازمة ،، ومن يدعي منفردا ان لديه الحل فهو واهم او يعيش في الوهم وسيكرر نفس دورات الخياة التي تولد ميتة ،،،،

خبر عاجل