اقتصاد دولي

دير شبيغل: هل تدق طبول الحرب التجارية عن قريب؟

يحاول الاتحاد الأوروبي تجنب حرب تجارية مع الولايات المتحدة- أ ف ب
يحاول الاتحاد الأوروبي تجنب حرب تجارية مع الولايات المتحدة- أ ف ب

نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن الرسوم الجمركية العقابية التي ستفرضها الولايات المتحدة بداية من يوم الجمعة، على واردات الألمنيوم والحديد الصلب؛ وهو ما يهدد باندلاع حرب تجارية خطيرة. وفي هذا الوقت، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تجنب هذا السيناريو، من خلال استراتيجية ردعية تنطوي بدورها على مخاطر كبيرة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الوزير الألماني للشؤون الأوروبية، مايكل روث، حاول الحفاظ على قدر من التفاؤل أثناء اجتماعه مع نظرائه في بروكسل يوم الثلاثاء. في الآن ذاته، أقر الوزير المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، بكل صراحة، بأن "الوضع يبدو بعيدا عن التوصل إلى حل".

وأكدت الصحيفة أنه في حال عدم وجود معجزة قبل يوم الجمعة القادم، فسترفع الولايات المتحدة الأمريكية من قيمة الرسوم الجمركية، بنسبة 25 بالمئة للحديد الصلب، و10 بالمئة لواردات الألمنيوم.

 

في المقابل، كانت ردة فعل الاتحاد الأوروبي قوية، حيث لوح بفرض رسوما عقابية على الواردات القادمة من الولايات المتحدة؛ مثل زبدة الفول السوداني، وعصير البرتقال، وشراب الويسكي، ودراجات هارلي دافيدسون.

وأوضحت الصحيفة أن خبراء التجارة في الاتحاد الأوروبي بدأوا العمل على هذا الملف قبل سنة، بالتزامن مع بداية ظهور التهديدات الأمريكية، وذلك تحسبا لأي إجراءات أحادية الجانب من قبل واشنطن. وقد أكدت اللجنة الأوروبية للتجارة أنها بصد مراقبة تدفق البضائع بين الجانبين، ومستعدة لاتخاذ إجراءات عقابية في أي وقت. وذكّرت بامتلاكها عدة خيارات رمزية واقتصادية، في مجالات حساسة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.

وبينت الصحيفة أن هذه الاستراتيجية الأوروبية تنطوي على مخاطر جمة؛ لأن هذه التهديدات الموجهة لترامب تهدف، في الحقيقة، إلى استثناء دول الاتحاد من الرسوم الجمركية الجديدة. 

 

في هذا الصدد، أوردت فيرا جوروفا، رئيسة مفوضية العدالة في الاتحاد الأوروبي، التي شاركت في وضع لائحة العقوبات التي تم إعدادها، أن "الاتحاد الأوروبي يقوم بهذه الإجراءات؛ حتى لا تسجل زيادة أي رسوم جمركية، سواء من الجانب الأوروبي أو من الجانب الأمريكي". 

وحذرت الصحيفة من التهديدات الأوروبية بفرض إجراءات عقابية، التي يمكن أن تزيد من تفاقم الأزمة، وتدفع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى مزيد التصعيد؛ نظرا لأنه غالبا ما يرد على الهجمات بهجمات أقوى منها. وقد بدأت فعلا مؤشرات هذا السيناريو الخطير، وبمجرد نشر الاتحاد الأوروبي قائمة العقوبات، هدد ترامب بفرض رسوم جديدة على سيارات بي أم دبليو ومرسيديس.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي يقوم حاليا بتحركات مكثفة؛ لتجنب حرب تجارية مع الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، التقت فيرا جوروفا، يوم الثلاثاء، بوزير التجارة الأمريكي، ويلبور روس، ووزير العدل، جيف سيشنز، في واشنطن.

وأضافت الصحيفة أن رئيسة مفوضية التجارة الأوروبية، سيسيليا مالستروم، التقت أيضا بالوزير ويلبور روس. وفي يوم الاثنين، كان وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، المنتمي لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، تحدث مع ويلبور روس. كما يعتزم ألتماير، يوم الثلاثاء المقبل، لقاء ممثل الغرفة التجارية الأمريكية، روبرت لارت زاير.

ونقلت الصحيفة عن بيتر ألتماير، تأكيده بعد لقاءه ويلبر روس، أن هنالك فرصة لتجنب سيناريو الحرب التجارية، وإلغاء فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات من الاتحاد الأوروبي. وأكد ألتماير أنه أصبح الآن أكثر تفاؤلا من ذي قبل، حول إمكانية تجنب تصعيد الأمور، لأن الطرفين دخلا في حوار، بدأ بشكل جيد.

وأوردت الصحيفة أن كلام ألتماير هو من قبيل التصريحات الدبلوماسية؛ لأن الواقع لا يبشر بالخير فيما يتعلق ببداية الحوار بين الجانبين. وفي الحقيقة، بررت الحكومة الأمريكية الرسوم المفروضة على واردات الألمنيوم والحديد الصلب، بأنها خطوة تهدف إلى حماية الأمن القومي. في المقابل، عبرت فيرا جيروفا عن عدم تفهمها لهذه الخطوة، متسائلة حول "العلاقة بين هذه المسألة التجارية والجوانب الأمنية".

وأضافت الصحيفة أن الموقف الفرنسي كان مماثلا، حيث علق وزير المالية الفرنسي، برونو لومار، على هذا الجانب، على هامش قمة وزراء مالية دول العشرين، في مدينة بوينس آيرس. وفي هذه الفرصة، حذر المسؤول من فرض الولايات المتحدة هذه الرسوم الجمركية الجديدة وغير المنطقية على حلفائها، ووجه حديثه بشكل خاص لنظيره الأمريكي، ستيفن منوشين.

في وقت لاحق، قدمت واشنطن للاتحاد الأوروبي شروطا لاستثنائه من هذه الإجراءات التجارية الحمائية الجديدة، من بينها تعهد الاتحاد بتجميد صادراته من الحديد الصلب إلى الأراضي الأمريكية، عند مستويات سنة 2017 ذاتها.

وذكرت الصحيفة أن من الأسباب الأخرى لقلق بروكسل، هو تأكيدات ترامب المتكررة بأن الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما عالية على الواردات الأمريكية، بينما يتمتع هو بحرية التصدير نحوها. وفي المعدل، يفرض الاتحاد معدل ثلاثة بالمئة من الضرائب على السلع الأمريكية، فيما يفرض الجانب الأمريكي 2.4 بالمئة فقط.

وختاما، أكدت الصحيفة أنه على الرغم من هذا التباين الكبير في المواقف، فإن الأوروبيين يرون أن التوصل لاتفاق ليس بالأمر المستحيل. وأكد وزير المالية الفرنسي، لومار، لنظيره الأمريكي، ستيف منوشين، أن "الأوروبيين ينتظرون إعفاء كاملا من هذه الإجراءات الحمائية الجديدة، وهو أمر صعب، لكنه ليس مستحيلا".

التعليقات (0)