ملفات وتقارير

أبرز محطات الخلاف بين روسيا والغرب.. آخرها الجاسوس الروسي

كرر بوتين أكثر من مرة أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان كارثة - جيتي
كرر بوتين أكثر من مرة أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان كارثة - جيتي

كانت قضية تسميم الجاسوس الروسي المزدوج الأسبق، سيرغي سكريبال، القشة التي قصمت ظهر البعير، في الخلاف الأزلي بين روسيا والغرب، رغم أنه سبقها حوادث كثيرة لم تلق ردا غربيا وتضامنا في مواجهة موسكو كالذي حصل أخيرا.


وبعد أكثر من 18 عاما في الحكم، أصبح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين رمزا لعودة روسيا بقوة إلى الساحة الدولية مقابل توتر غير مسبوق مع الغربيين.


 وبحصوله على 76,67 بالمئة من الأصوات بعد فرز أكثر من 99 بالمئة من بطاقات التصويت، سيبقى بوتين في الكرملين لولاية رئاسية رابعة أي حتى 2024 السنة التي سيبلغ فيها عامه الثاني والسبعين.


الإعلامي المقيم في روسيا، سلام مسافر، لفت لـ"عربي21" إلى أن العداء الروسي الغربي يعود إلى الحقبة القيصرية، مرورا بالحقبة الشيوعية (الاتحاد السوفيتي) وانتهاء بروسيا الحديثة بقيادة بوتين.


وأشار إلى أن الخلاف مع الغرب موجود في الجينات الروسية المتخوفة من عمليات زعزعة الاستقرار التي يقودها الغرب وتعززها تصريحات غربية أبرزها ما قالته وزير الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت بأن روسيا بلد غني عليه أن يتقاسم موارده مع الآخرين.

 

اقرأ أيضا: هل تتجدد الحرب الباردة بعد تصعيد أمريكا وأوروبا ضد موسكو؟

وأشار مسافر إلى أن الروس يؤمنون بأن الصديق الوحيد لروسيا كما هو في المأثور الشعبي: "ليس لروسيا صديق سوى الأسطول الحربي والجيش".


وساعد في تغذية الخلاف بين الغرب وروسيا بحسب مسافر، تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، الذي وصفه بوتين بأنه كارثة جيوسياسية، والشعور الشعبي الروسي بالخسارة.


وأكد مسافر على أن الشارع الروسي لا يصدق الرواية البريطانية حول تسميم الجاسوس السابق، وأن هناك شبهات تحوم حول الموضوع لكونه جاسوس قديم، ولا يملك أي معلومات، وليست الأجهزة الروسية مهتمة بتصفيته.


وتاليا أبرز المحطات التي غذت الخلاف بين روسيا والغرب:


حرب جورجيا 2008


هاجمت جورجيا في آب/ أغسطس 2008 جمهورية أوسيتيا الجنوبية الانفصالية الموالية للروس، وعليه تدخلت روسيا بشكل سريع وقصفت مدينة غوري الجورجية ومطارا عسكريا في شرق البلاد.


وكررت روسيا قصف غوري، إلى جانب مرفأ بوتي الجورجي في البحر الأسود، ما دفع جورجيا لإعلان "حالة الحرب" وكان بوتين رئيسا للوزراء وقتها.


واستغاثت جورجيا بالغرب بعد الرد الروسي، لتتوالى بعد ذلك الردود الأوروبية والغربية الرافضة لـ"الإمبريالية" الروسية، وتحذيرات أوروبية لروسيا على أن الحرب ستؤثر على العلاقات مع روسيا.


واستمرت موسكو بإرسال التعزيزات العسكرية والسفن الحربية إلى جورجيا التي رضخت أخيرا وسحبت قواتها من أوستيا وطلبت مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية التي اتهمت روسيا بمحاولة إسقاط النظام في جورجيا.


وبعد ذلك أعلنت روسيا إغراق سفينة حربية جورجية كانت تحاول الهجوم على سفن حربية روسية، وتعلن بسط قوات حفظ سلام روسيا في عاصمة جنوب أوسيتيا.


أزمة أوكرانيا 2014


بدأت الأزمة الأوكرانية بعد رفض الرئيس الأوكراني السابق، فيكتور يانوكوفيتش، المقرب من روسيا، اتفاقية تؤمن مزيدا من التقارب مع أوروبا على حساب العلاقة مع روسيا.


وأدت معارضة يانوكوفيتش إلى ثورة عليه أفضت إلى عزله وتغيير القيادة السياسية للبلاد بما لا يعجب الروس، ما أثار نزاعا مسلحا بين مؤيدي الرئيس السابق، وأنصار القيادة الجديدة، واتهامات دولية لروسيا بدعم الانفصاليين الأوكرانيين الذين أعلنوا جمهوريتي دونيتسك و ولوغانسك جنوبي شرق البلاد الناطق بالروسية.


وأسقط النزاع أكثر من 10 آلاف قتيل، بين الموالين لروسيا والقوات الحكومية الأوكرانية، وتنفي روسيا التهمة بدعمهم.


مؤخرا اتهمت روسيا السلطات الأوكرانية بالاستعداد لـ"حرب جديدة" بعد التصويت في أوكرانيا على قانون يصف النزاع المسلح المستمر في شرق البلاد منذ أربعة أعوام بأنه "احتلال روسي موقت".


والقانون الذي وافق عليه الخميس 280 نائبا أوكرانيا يندد بـ"العدوان الروسي المسلح" ويصف "جمهوريتي" دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد في شرق البلاد بانهما "أراض محتلة في شكل موقت".


وينص القانون أيضا على أن يتولى الجيش قيادة العمليات في منطقة النزاع بعدما كانت حتى الآن في عهدة قوات الأمن.


ضم القرم 2014


بعد تصاعد الأزمة في أوكرانيا، عقدت سلطات جمهورية القرم، ذاتية الحكم، استفتاء للانتقال من أوكرانيا إلى روسيا الاتحادية، الأمر الذي رفضه تتار القرم والحكومة الأوكرانية، وعليه وافق بوتين على ضم جمهورية القرم للاتحاد الروسي، الأمر الذي أثار غضب الغرب.


وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرض عقوبات على روسيا بعد ضم القرم، وعلق قادة مجموعة السبع مشاركتهم في قيمة الثماني التي كانت مقررة في سوتشي الروسية.


كما رفضت فرنسا القرار الروسي بقبول ضم القرم ودعت لرد أوروبي قوي، فيما علقت بريطانيا وقتها التعاون العسكري مع موسكو، ولم تعترف المفوضية الأوروبية بقرار الضم.


التدخل في سوريا 2015


في النزاع في سوريا، أصبحت روسيا طرفا أساسيا منذ تدخلها في أيلول/سبتمبر 2015 في هذا البلد، ما سمح لقوات الرئيس بشار الأسد بتحقيق انتصارات، مثيرا غضب الغربيين الذين تخطتهم الأحداث إلى حد ما.


ونجحت موسكو بتقديمها دعما عسكريا للرئيس السوري بشار الأسد، في التحكم باللعبة في سوريا.


وتمكن الرئيس الروسي من خلال تدخله ميدانيا في سوريا من ضمان استعادة بلاده مكانة بارزة على الساحة الدولية وبات يطرح نفسه كحكم لا يمكن الالتفاف عليه في هذا الملف، مثيرا استياء الغرب.


واستخدمت روسيا حق النقض 11 مرة في مجلس الأمن لوقف مشاريع قرارات منذ بدء حركة الاحتجاج في سوريا في نيسان/أبريل 2011، وذلك بهدف حماية نظام الرئيس بشار الأسد.


وحذر ماتيو بوليغ من مركز "تشاتام هاوس" البريطاني للأبحاث بأنه "لن يكون هناك حل سياسي بدون روسيا. إنها اللاعب الدبلوماسي غير الإقليمي الوحيد القادرة على التباحث مع الجميع".


التدخل في الانتخابات الأمريكية 2016


اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية موسكو بالتدخل في الانتخابات الأمريكية الرئاسية 2016 لصالح دونالد ترامب ضد منافسته هيلاري كلينتون.


وأعلن البيت الأبيض عن عقوبات ضد شخصيات روسية متهمة بمحاولة التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، والضلوع في هجمات معلوماتية أخرى.


وقال ترامب إن "روسيا بدأت حملتها المعادية للولايات المتحدة في 2014 أي قبل وقت طويل من إعلاني أنني سأترشح للانتخابات"، مشيرا إلى تفاصيل في الاتهام تؤكد براءته.


وتتضمن لائحة الاتهام الأولى التي يصدرها المحقق مولر تفاصيل عن "عملية مذهلة بدأت عام 2014 في محاولة لإحداث انقسام اجتماعي في الولايات المتحدة والتأثير في السياسة الأمريكية، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية عام 2016".


وحملت الخزانة الأمريكية الاستخبارات العسكرية الروسية “المسؤولية المباشرة” عن الهجوم السيبراني بفيروس “NotPetya” الذي استهدف العديد من الشركات الأوروبية في يونيو عام 2017.


في المقابل، ترفض موسكو كافة الاتهامات الموجهة إليها بشأن التدخل في انتخابات الولايات المتحدة، وأكدت أكثر من مرة أن ذلك ليس من مصلحتها، وأن الاتهامات الأمريكية لا أساس لها، حيث لم يقدم الجانب الأمريكي أي أدلة على التدخل الروسي المزعوم.


التسلح من جديد 2018


كشف بوتين في شباط/ فبراير الماضي أسلحة روسية جديدة، واستعرض مواصفاتها ما بين "غير محدودة المدى" و"تفوق سرعة الصوت" و"على الليزر"، مخاوف من سباق تسلح جديد مع واشنطن. 


وتشمل الأسلحة الجديدة التي عرضها بوتين مستعينا بصور افتراضية وبدوي انفجارات، صاروخ كروز "غير محدود المدى" يعمل على الدفع النووي ويسلك خطا لا يمكن التكهن به.


كما عرض صاروخا بالستيا عابرا للقارات يدعى "سارمات" زنته 200 طن ويمكن تجهيزه برؤوس نووية، سيحل محل المخزون الروسي الحالي من الصواريخ.


وبين التجهيزات الأخرى التي عرضت آلية تتحرك تحت الماء أسرع من غواصة، ونوعا صواريخ "تفوق سرعة الصوت" وسلاح ليزر غامض المواصفات.


دعا بوتين في خطابه الغرب إلى "الإنصات" للقوة العسكرية التي استعادتها روسيا، مؤكدا في الوقت نفسه أنه "لا يهدد أحدا".


وأشار بوتين في كلمته إلى الإهانة التي تلقتها روسيا في السنوات التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، حين "لم يكن أحد ينصت" لموسكو.


قدم بوتين الجهود الروسية لتطوير أسلحة جديدة على أنه "رد" على الأنشطة العسكرية الأميركية في العالم وعند حدود بلاده، ولا سيما مع نشر واشنطن منظومة دفاعية مضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية وكوريا الجنوبية.


زاد خطاب بوتين من تدهور العلاقات الروسية الأميركية التي تعاني بالأساس من تبعات الخلافات المتواصلة حول أوكرانيا وسوريا وقضية التدخل الروسي في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.


وردت واشنطن باتهام موسكو بارتكاب "انتهاك مباشر" للمعاهدات الدولية التي وقعتها روسيا.


محاولة اغتيال جاسوس سابق 2018


اتهمت بريطانيا روسيا بالوقوف وراء محاولة اغتيال الجاسوس المزدوج السابق، سيرغي سكريبال، بالغاز السام على الأراضي البريطانية، الأمر الذي نفته موسكو لكن الأمر لم يلبث يتفاعل حتى أصبح أزمة دولية.


وأعلن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أن تسميم الجاسوس الروسي السابق في بريطانيا جزء من استراتيجية لتنفيذ عمليات ثم نفي المسؤولية عنها، بهدف إثارة انقسام في الغرب.


وقررت 23 دولة من بينها 16 عضو في الاتحاد الأوروبي طرد 116 دبلوماسيا روسيا على الأقل في إطار الرد على تسميم سكريبال في بريطانيا في الرابع من آذار/مارس والذي تتهم لندن موسكو بالوقوف ورائه.


وفي موقف ملفت أصدرت واشنطن قرارا بطرد 60 دبلوماسيا روسيا اعتبرتهم "عملاء استخبارات" وإغلاق القنصلية الروسية في سياتل على الساحل الغربي.

التعليقات (0)