صحافة دولية

نيويورك تايمز: لهذا كانت طريقة مناقشة الإسلام خاطئة بألمانيا

نيويورك تايمز: طريقة مناقشة الإسلام خاطئة في ألمانيا- جيتي
نيويورك تايمز: طريقة مناقشة الإسلام خاطئة في ألمانيا- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحافي الألماني جوخين بيتنر، يقول فيه إنه في يوم من أيام شهر حزيران/ يونيو الماضي، في قرية في شمال ألمانيا، كان يتحدث إلى صديق سوري خارج بقالة، وكان قد اشترى بعض المثلجات، وعرض على صديقه، لكنه قال له إنه صائم، فلا أكل ولا شرب حتى تغيب الشمس.

ويقول بيتنر: "سألت: (لو وجدت لجوءا في دائرة القطب الشمالي بدل ألمانيا.. هل كنت ستجوع نفسك حتى الموت؟)، لم يكن سؤالي نظريا، ففي قريتنا على شاطئ البلطيق لا تغيب الشمس حتى الساعة 11 مساء، فضحك صديقي على السؤال حول القطب الشمالي، حيث لا تغيب الشمس في الصيف، لكنه أصر أن هذا هو الحكم، ويجب اتباعه، وهو ما أمر به الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فقلت له: هل الرسول (صلى الله عليه وسلم) لن يكون راضيا لو صمت حتى وقت الإفطار في دمشق مثلا؟ فضحك ثانية، وقال: لا، لن يكون هذا ما كان سيقوله".

 

ويعلق الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "تركني هذا النقاش بمشاعر مختلطة، شعرت باحترام كبير لصديقي، وللإرادة القوية التي يتمتع بها وفكرة رمضان: تجريب الحرمان لإثارة التعاطف مع الفقراء، لكن ما أدهشني هو رفضه أن يناقش التعاليم الدينية، أو المحاولة على الأقل للتعامل معها بمنطقية، دون التقليل من الهدف الأخلاقي الذي ترمي إليه". 

 

ويشير بيتنر إلى أن "هذا المثال بسيط، لكنه يتعلق بلغز مهم يواجه ألمانيا، فبالنسبة للكثير من الألمان غير المسلمين فإن الأهمية التي يعيرها كثير من المسلمين للقوانين المقدسة تثير سؤالا بخصوص ولاء المهاجرين واللاجئين الذين قدموا إلينا مؤخرا، فهل سيفضلون تقديم الولاء للدولة التي احتضنتهم أم لله؟ وهل القادمون الجدد مقتنعون ببركات مجتمع مفتوح وحر، أم أنهم فقط سعيدون باستغلال ما يوفره لهم من فوائد؟". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "وزير الداخلية الألماني الجديد، هورست سيهوفر، تعامل مؤخرا مع هذا الخوف، عندما قال مطمئنا الناخبين إن (الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا)، وبهذا يعارض سيهوفر، الذي يشغل أيضا منصب رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ما قاله كرستيان وولف في عام 2010، عندما كان رئيسا، وما قالته المستشارة الألمانية بعدها أنجيلا ميركل، وذهب زميل سيهوفر في الحزب أليكساندر دوبريندت إلى أبعد من ذلك، فقال: (الإسلام، بغض النظر عن شكله، فهو لا ينتمي إلى ألمانيا)".

 

ويجد بيتنر أن "إثارتهم هذه تهدف لخلق ردة فعل ضد السذاجة واللامبالاة لأولئك الذين حاولوا أن يجعلوا مساحة للإسلام كجزء من الثقافة الألمانية، وهو الموقف الذي يرى المحافظون أنه ساد الخطاب العام لمدة طويلة".

 

ويقول الكاتب: "فكرة رائعة: مواجهة التبسيط اليساري مع الخشونة اليمينية! فإن كان هناك شيء ليس له مكان وسط شعب مثقف، مثل الشعب الألماني، فهو تخشين حوار يحتاج إلى قمة الدقة".

 

ويؤكد بيتنر أن "الظاهر، طبعا، هو أن هناك توترا بين التقاليد الليبرالية العلمانية للثقافة الألمانية، وتلك الأشكال من الإسلام التي، مثلا، تضع القانون الديني فوق القانون العلماني، لكن هذه أيضا نقطة: فالمسلمون عاشوا هنا بأعداد كبيرة منذ ستينيات القرن الماضي، ويشكل المسلمون، الذين يبلغ عددهم 6 ملايين، حوالي 6% من الشعب الألماني، والمشكلة هي أن الطريقة التي تعاملت فيها ألمانيا معهم هي عبارة عن تاريخ من الأخطاء".


ويفيد الكاتب بأن "الخطأ الأول ارتكبه المحافظون؛ بسبب اعتقادهم بأن (العمال الضيوف)، الذين استقدموا من تركيا في ستينيات القرن الماضي من تركيا لسد ثغرة في سوق العمالة، سوف يعودون إلى بلادهم، والخطأ الثاني ارتكبه اليساريون، بقبول الأجانب جميعهم، بغض النظر عن قيمهم، وبعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر قامت الأطراف كلها تقريبا بارتكاب خطأ ثالث، وهو الفشل في طرح الأسئلة المؤلمة حول كيف تقوم بالتوفيق بين الإسلام وديمقراطية علمانية تعددية". 

 

وينوه بيتنر إلى أن "اللامبالاة والأوهام والتسامج الكاذب أدت إلى ترك مسائل مهمة دون علاج لمدة نصف قرن، وتحول هذا الآن إلى معاداة: فالكثير من الألمان لا يعتقدون أن الإسلام يتماشى مع القيم الغربية".

 

ويستدرك الكاتب بأن "حقيقة أن هناك العديد من المسلمين الليبراليين المتدينين يعيشون في ألمانيا تشير إلى عكس ذلك، فهؤلاء أناس يتحدثون ضد العقائد الكاذبة وضد التفسير الحرفي للقرآن وضد التعاليم المعادية للغرب، لكن المشكلة هي أن عددهم قليل، والعداوة التي يلاقونها من غيرهم من المسلمين في ألمانيا".

 

ويذكر بيتنر أنه في استطلاع لعينة تمثيلية قامت بها جامعة مونستر عام 2016، قال 47% من المهاجرين الأتراك والمتحدرين منهم بأن الأهم لهم أن "يلتزموا بالتعاليم الدينية أكثر من قوانين البلد التي يعيشون فيها"، فيما قال حوالي 32% بأنه يجب على المسلمين محاولة إعادة إقامة النظام الاجتماعي الذي ساد في حياة الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم"، وقال 50% إن هناك "دينا واحدا صحيحا".  

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "هذه أرقام مقلقة، مع أن تقديم القوانين الإلهية على القوانين الدنيوية لا يعني بالضرورة رفض الديمقراطية (فالعديد من المسيحيين واليهود قد يتبنون هذا التعبير ذاته)، ويصدم المرء هذا الحنين الظاهر لعدد كبير من المسلمين لنظام استبدادي، بدلا من مجتمع مفتوح". 

 

ويذهب بيتنر إلى أن "عدم التسامح مع أولئك الذين لا يشاركونهم المعتقدات يتناسب مع الموقف السياسي الذي فاجأ ألمانيا قبل عام، فمن حوالي 700 ألف مسلم تركي في ألمانيا، الذين شاركوا في الاستفتاء الدستوري في تركيا، في نيسان/ أبريل الماضي، هناك 63% صوتوا مع منح الرئيس رجب طيب أردوغان سلطات خاصة به".

 

ويرى الكاتب أن "هذا الازدراء لليبرالية هو المشكلة الحقيقية، لكن تصريحات سيهوفر ستزيد الأمور سوءا فقط، فهي ستضاعف من المشاعر الموجودة والمنتشرة على نطاق واسع بين المسلمين، بأنهم لا ينتمون لألمانيا على أي حال، فتصريح (الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا)، هدية للمتطرفين الذين يحملون آراء تستحوذ على عقولهم تقوم على ثنائية بسيطة هي أن الإسلام ضد الغرب". 

 

ويتساءل بيتنر: "إذا ما هو الطريق إلى الأمام؟ بدلا من جعل أخطاء الماضي تطول يجب على الغالبية العلمانية في ألمانيا أن توضح أمرين لمواطنيهم المسلمين؛ نعم المسلمون ينتمون إلى هذا البلد، لكن الانتماء يجلب معه توقعات، فكونكم مواطنين يعني، في المقام الأول وقبل كل شيء، هو التمسك بالقيم والقوانين التي تجعل هذا البلد جاذبا، وعلى الأكثرية العلمانية أن تتعلم كيف توصل هذا التوقع بطريقة واضحة ومتحضرة".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "هذا الموضوع يشغل الألمان؛ لأنهم غير مرتاحين، لأسباب تاريخية، تتعلق بتقديم مطالب من أقليات دينية، فالمشكلة لا تتعلق فقط بسياسيين يلوحون بشعارات غبية، إنها تتعلق أيضا بالغالبية الألمانية غير الشعبوية، الذين يخجلون من التعبير عن شروط المشاركة في المجتمع التعددي".

التعليقات (2)
أصحاب اللحم المستنبت
الجمعة، 30-03-2018 07:30 ص
تقرير التايمز على لسان كاتبها غير مفهوم وواضح وهروب وتبلي،الملحدين بألمانيا والذين يمسكون مفاصل حساسة بألمانيا ضد أي تعاليم الله سواء مسلم أو من ينطق بالله من المسيحيين واليهود،وتمسك المسلمين بدينهم يثير مخاوف الملاحدة من الألمان من عامة الألمان التفكير والتدبر والعقل في مناحي حياتهم،ومن خوف الملاحدة طريقة كتابة التايمز الذي هو ضد المسيحيين واليهود قبل المسلمين،والمسلمين هم شماعة للتغطية على كثرة أولاد الحرام والضياع واللحم المستنبت وكثرة الأمراض الناتجة عن قلة الدين في علاقات الأسرة والمدرسة والحي والطعام والسكن،والملاحدة لا يجدون حلا سوى الهجوم على تعاليم الله.
السوري
الخميس، 29-03-2018 09:34 م
والله يا عّم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الدين ما تركته حتى يظهره الله او اهلك دونه. حديث شريف فعن اي ولاء لدولة كافرة ألمانية وغيرها يتحدث هؤلاء!!! الناس طلبت لجوء لكي تحتمي من الاسلحة الكيميائية والنابالم والصواريخ ولم تآتي لتغير دينها وتتبع دين الإلحاد الغربي الذي ليس له علاقة بالدِّين النصراني