حول العالم

مبنى تاريخي في كراتشي يرتبط بالماسونية.. كيف؟

المبنى كان بمثابة المقر المحلي لجمعية الماسونية السرية- أرشيفية
المبنى كان بمثابة المقر المحلي لجمعية الماسونية السرية- أرشيفية

تناولت وكالة "الأناضول" التركية قصة مبنى تاريخي في كراتشي الباكستانية، قالت إنه يرتبط بالماسونية العالمية.

 

وتتحدث أوساط باكستانية، خاصة الثقافية منها، عن أن مبنى يعود تاريخه إلى أوائل القرن العشرين في كراتشي، كبرى مدن البلاد وعاصمتها التجارية، كان بمثابة المقر المحلي لجمعية الماسونية السرية.

وتردد هذه الأوساط أن تاريخ تلك الجمعية، برموزها وطقوسها الخاصة، يعود إلى أوائل القرن الثامن عشر.

ويرى البعض أنه كان من أعضائها بعض أهم الرجال في التاريخ، بمن فيهم جورج واشنطن، أول رئيس أمريكي، وبنيامين فرانكلين، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، والروائي الشهير مارك توين، وونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني السابق.

والماسونية يصفها البعض بأنها منظمة عالمية، يتشارك أفرادها عقائد وأفكارا واحدة فيما يخص الأخلاق الميتافيزيقية (علوم ما وراء الطبيعة)، وتفسير الكون والحياة.

وتتصف المنظمة بالسرية والغموض الشديدين، خاصة في شعائرها، ما جعلها محط كثير من الأخبار حول حقيقة أهدافها.

ويحرس شرطيان المدخل الحجري للمبنى الذي يعود إلى العصر الإدواردي (أي عهد الملك البريطاني إدوارد السابع من 1901 إلى 1910)، وتستقر مجموعة من الحمائم المرهقة على أعمدة ذات حواف مربعة.

المبنى الذي يعرف رسميا باسم "لودج هوب"، كان لعدة سنوات بمثابة مركز للأنشطة الأدبية والاجتماعية، حتى فرضت الحكومة سيطرتها عليه؛ للاشتباه في صلاته بالجمعية الماسونية.

وحاليا، يتم استخدام المبنى، الذي تم الإعلان عنه كموقع للتراث الوطني عام 2008، مكتبا لإدارة الحياة البرية في إقليم السند وعاصمته كراتشي.

وتم تحويل غرفة كبيرة متجددة الهواء -كانت بمثابة حانة المبنى- إلى مكتب مساعد مدير الإدارة، كما تم تحويل قاعة الطعام إلى متحف، رغم أنه لا يعرض أي شيء يشهد على ماضي ذلك المبنى التاريخي، فيما تم تحويل مطبخ المبنى إلى مخزن.

والمثير للدهشة أن واجهة المبنى محفوظة بشكل جيد، باستثناء بضعة نوافذ زجاجية محطمة.

كليم لاشاري، وهو عالم آثار بارز ورئيس مجلس إدارة دائرة الآثار التي تتعامل مع الحفاظ على التراث القديم في باكستان قال: "حاولنا ترميم المبنى بعد أن أعلنت الحكومة أنه تراث وطني".

وأضاف للأناضول: "لسوء الحظ، استمرت أعمال الترميم لمدة ثلاث سنوات فقط (من 2008 إلى 2011)، وتوقفت الآن، ما يجعل المبنى مهددا بالخطر".

الأصول التاريخية

 

ومع ذلك، يبدو المؤرخون حذرين بشأن أصل ذلك المبنى التراثي.

"أختر بلوش"، وهو مدون في كراتشي، وكثيرا ما يكتب عن التراث والعمارة، أكّد أن المبنى كان مركزا لأنشطة الماسونية في المدينة، حيث كانت تعقد اجتماعات فيه بانتظام.

وأضاف للأناضول، أن رموز الماسونية محفورة داخل المبنى، مشيرا إلى أنه تم فرض حظر شامل على الماسونيين في باكستان، وسيطرت الحكومة الباكستانية على الموقع عام 1973.

ووفقا لتقرير في صحيفة "دون" اليومية في 19 يوليو/ تموز 1973، تم إغلاق المبنى من قبل حكومة السند، وسط شعور متزايد بين الجمهور بأن جمعية الماسونيين كانت "مؤيدة لليهود ومؤيدة للصهيونية ومناهضة للإسلام" بطبيعتها.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته، قادت مصر وحلفاؤها حربا ضد إسرائيل.

لكن عالم الآثار كليم لاشاري، لفت إلى أن المبنى كان يتردد عليه أشخاص من ديانات أخرى غير اليهودية، ولا يمكن ربطه بديانة واحدة على الإطلاق.

وقال في تصريحات له: "إذا نظرت إلى بعض اللوحات داخل المبنى، فسوف تظهر بعض الأسماء المسلمة أيضا".

عامل من الجيل الثالث

 

من جانبه، أصرّ جيوان سونوريا (77 عاما)، الذي كان عاملا في النشاط الخدمي بالمبنى من الجيل الثالث، على أن الموقع لم يستخدم أبدا في أي نشاط سري، مضيفا أنه تم بناؤه عام 1842.

وتابع في حديثه للأناضول: "أنا أعتني بالمبنى طوال أربعين سنة الماضية، وقبل ذلك، عمل والدي وعمه في هذا العمل لأكثر من 50 عاما، لم أشهد أنا ولا والدي أو عمي أي نشاط سري أو غير عادي هنا".

ويرتدي سونوريا القميص الوردي الباهت والبنطال الأبيض، وهو يقضي معظم النهار جالسا على كرسي خشبي خارج منزله الصغير الواقع بجوار المبنى.

ووفقا لسونوريا، فقد تم استخدام المبنى ناديا اجتماعيا، وتم تسجيل أعضاء بالمئات فيه، معظمهم من الأجانب.

وردا على سؤال حول ما إذا كان لاحظ أي أنشطة دينية في المبنى، قال: "لم ألحظ أي نشاط ديني هنا"، مؤكدا أن "جميع الأعضاء هناك كانوا من الأجانب واليهود".

آخر مَعلَم يهودي

 

لكن بعض اللوحات التي أقيمت في المبنى تشير إلى أن الموقع ربما استخدم مكانا مؤقتا للعبادة، بعد هدم كنيس صغير يقع في منطقة كراتشي الجنوبية أوائل الستينات من القرن الماضي.

 

وهناك لوح حجري تم نصبه على الحائط مكتوب عليه: "لقد أقيمت جميع هذه الألواح بعد هدم المعبد القديم".

وحتى تسعينات القرن العشرين، كان الكنيس يقع على بعد ميل واحد من الموقع التراثي، وأقيم مبنى تجاري بدلا من الكنيس حاليا، حيث إنه في العقود الأربعة الأخيرة تمت السيطرة على العديد من المواقع التاريخية، ثم بيعت إلى عمالقة العقارات في المدن الحضرية الكبرى.

وكانت كراتشي موطنا لأكثر من ألف يهودي حتى الإعلان عن تأسيس باكستان عام 1947، ولكن، هاجر معظمهم إلى إسرائيل ودول أخرى في العقود التالية لذلك التاريخ.

وهناك أيضا مقبرة يهودية قديمة تقع في المنطقة الجنوبية من كراتشي، وتضم حوالي 300 مقبرة يعود تاريخها إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

التعليقات (0)