قضايا وآراء

ابن سلمان إذ يغازل إسرائيل!

ماجد أبو دياك
1300x600
1300x600
تمكن الصحفي الأميركي الصهيوني جيفري غولدبرغ، من انتزاع مقابلة مهمة من ولي عهد السعودية محمد بن سلمان لمجلته التي يترأس تحريرها وهي أتلانتك تحدث فيها عن مواضيع عديدة اجتماعية واقتصادية وأمنية، إلا أن أهمها تلك التي تتعلق بالصراع مع إسرائيل والعلاقة معها وموقفه من إيران وحزب الله وحماس.

واستخدم ابن سلمان مصطلح محور الشر ليضع فيه إيران التي يجاهر بعداوتها، وحركة الإخوان المسلمين التي أنشأت المناهج التعليمية في بلاده ولم تناصبه العداء يوما، والجماعات الإرهابية (تنظيم الدولة وداعش).

ويبدو هذا الخطاب بمجمله محاولة لتسويق المواقف السعودية الجديدة والإيحاء بأن هناك حقبة جديدة تعيشها السعودية تتميز بالانفتاح والوسطية وخروجا من قوقعة الوهابية والتطرف وتغييرا مهما في المواقف السياسية الخارجية.

رسالة سلام لإسرائيل

وفيما اعتبر بن سلمان أن إيران لا يمكن التفاهم معها حسب قوله، فقد تحدث عن إسرائيل بلغة التعايش والسلام والعلاقات الطبيعية، مرسيا بذلك نهجا جديدا في التعامل مع قضايا المنطقة في تماه واضح ورسالة للإسرائيليين الذين يرى أنهم المدخل لتوطيد العلاقات مع الولايات المتحدة لكي تعتمد وراثته للعرش.

ومن تصريحاته الملفتة في هذا الإطار قوله إن "هناك الكثير من المصالح الاقتصادية المحتملة التي قد نتشاركها مع إسرائيل، متى كان هناك سلام منصف، فحينها سيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي ودول كمصر والأردن".

وكأن ولي العهد السعودي يردد بذلك موقف نتنياهو مما يسميه السلام الاقتصادي باستثناء أن بن سلمان تحدث عن سلام منصف قبل ذلك دون أن يحدد قواعد لهذا السلام والمتمثلة بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم وتفكيك المستوطنات!

والغريب أن تصريحات بن سلمان لم تتطرق لهذه القضايا! وحينما تطرق للقدس، أشار إلى المسجد الأقصى فقط، متحدثا عن ما أسماه "مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى في القدس وحول حقوق الشعب الفلسطيني. هذا ما لدينا. ليس لدينا أي اعتراض على وجود أي أشخاص آخرين وفق معاهدة سلام منصفة".
جملة التغييرات في المواقف السعودية سيكون لها تأثيراتها العميقة على حساب الدور السعودي في المنطقة، وسيدخلها في تحالفات عربية في مواجهة دول أخرى


وذهب بن سلمان لأبعد من ذلك ليتحدث عن ما أسماه حق للإسرائيليين فيما اغتصبوه من الأرض الفلسطينية وتطبيع العلاقات معهم حينما قال "أعتقد عموماً أن كل شعب، في أي مكان، له الحق في العيش في بلده المسالم. "أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أرضهم الخاصة. لكن يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام عادل ومنصف؛ لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية بين الشعوب".

ويشكل هذا الموقف انعطافة واضحة في التوجهات السياسية تجاه المنطقة، فإيران هي العدو المشترك (كما هي لأميركا وإسرائيل)، والتطبيع مع العدو وإنهاء العداوة معه هي سمة المرحلة القادمة.

الأمن الوطني

وفي تصنيف آخر، في إطار التوجهات الجديدة، تحدث ولي العهد السعودي عن تهديدات للأمن الوطني وضرورة التعامل معها.

وقال بن سلمان بالنص "الخط الثالث هو الأمن القومي. نحن في منطقة لا تحيط بها المكسيك وكندا والمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ. لدينا داعش والقاعدة وحماس وحزب الله والنظام الإيراني ، وحتى القراصنة. لدينا قراصنة يخطفون السفن".

وإذا كان بن سلمان لم يضف شيئا جديدا فيما يتعلق بحزب الله (المصنف كحركة إرهابية في السعودية)، فإن إشارته لحماس كتحد للأمن الوطني تشكل توجها جديدا لم يسبق أن تحدث عنه أرفع مسؤول سعودي غير ما صرح به وزير الخارجية عادل الجبير.

والغريب أن حماس لم تتدخل في الشأن العربي وخصوصا السعودي، فإن ذلك لا يمكن تنزيهه من التجاوب مع مطالب أميركية تريد أن تحاصر الحركة لإنجاح ما يسمى صفقة العصر.

 

الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي باتجاه التطبيع وقبل إنجاز التسوية بعيدة المنال سيوغل السعودية أكثر في دعم صفقة القرن وربما في اتجاه تسويقها رسميا

ولطالما تأبطت السعودية صفقة القرن فقد أصبحت معنية بالتصدي لحماس التي قد تشكل العقبة الكأداء في وجه هذه الصفقة فضلا عن علاقة حماس المتينة مع إيران التي تناصبها السعودية العداء.

العرش مقابل المواقف

وللأسف، قدمت السعودية الكثير على مذبح الوراثة، ويبدو أن دخولها مستنقع العلاقات مع العدو سيجعل خروجها منه مستقبلا صعبا، وهي التي التزمت تاريخيا بدعم القضية الفلسطينية ورفضت الاعتراف بالكيان الصهيوني

إن جملة التغييرات في المواقف السعودية سيكون لها تأثيراتها العميقة على حساب الدور السعودي في المنطقة، وسيدخلها في تحالفات عربية في مواجهة دول أخرى ما سيؤثر على دورها ومكانتها العربية والإسلامية.

إن الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي باتجاه التطبيع وقبل إنجاز التسوية بعيدة المنال سيوغل السعودية أكثر في دعم صفقة القرن وربما في اتجاه تسويقها رسميا واستمرار الضغط على الرسمية الفلسطينية التي لا تزال ترفض تطبيقها باعتبار تجاوزها للقدس واللاجئين والاستيطان والدولة. وسيكون لذلك تأثيرا مهما على مواقف الأطراف الفلسطينية المعارضة والمواقف الشعبية في المنطقة والتي ترفض هذه الصفقة.


لقد ضعف الدور السعودي وانكشفت أدواره السلبية في المنطقة خلال حقبة بن سلمان وبعد الخلاف مع قطر وحصارها، ويتوقع لهذا الدور المزيد من الضعف والتراجع في إطار الانهيارات العربية المستمرة في ظل مرحلة الثورات المضادة.
0
التعليقات (0)