قضايا وآراء

النتائج المحتملة للضربة الغربية في سوريا على المشهد الإقليمي

مأمون أبو عامر
1300x600
1300x600

جاءت الضربة التي وجهها التحالف الثلاثي الغربي لتضع معالم مرحلة جديدة في المنطقة ومن أجل تحديد معالم هذه المرحلة، لا بد من استعراض الفارق بين حالة التوتر التي سبقت الضربة وما سينتج عنه ما بعد الضربة، فقد كانت التهديدات الأمريكية للنظام في سوريا، وإذا أضيف لها التهديدات الغربية من كل من بريطانيا وفرنسا، بالمشاركة مما أدى إلى الشعور بأن حدثا عسكريا في طريقه للحدوث، وإذا أضيف لهذه التهديدات الغربية التهديدات الإسرائيلية والأمريكية المسبقة للوجود الإيراني في سوريا، لكن التهديدات الروسية والإيرانية وحزب الله قبل الضربة أعطت انطباعا كبيرا باحتمال مواجهة كبيرة على الأراضي السورية. لكن النتيجة التي شاهدها العالم أن الضربة جاءت بخلاف ما كانت تصور، لكن جاءت ضمن توافقات غربية مع روسيا لعدة أساب:


- الضربة لم تطل مركز ثقل النظام من قيادات العسكرية أو ألوية عسكرية.


- المواقع التي ضربها لم تطل حلفاء النظام الذين تدعي أمريكا رفضها لوجودهم .


- الضربة وجهت إلى مواقع تم تفريغها مسبقا بحسب مصادر إخبارية، وما يؤكد ذلك أن أحدا لم يقتل نتيجة هذه الضربات. وهذا ما أكدته وزيرة الدفاع الفرنسية بأن روسيا أخبرت بالضربة، أي إن الضربة كانت بتنسيق مسبق مع روسيا.


- الضربات وجهت إلى مراكز لها علاقة فقط بمراكز بحثية، قد يكون لها دور في إنتاج سلاح كيميائي. وهو يشبه اتفاق الرئيس أوباما مع الروس في عام 2015 .


ولذلك، روسيا لم تتصد للضربات ولم تذهب إلى فكرة ضرب مصادر النيران كما حذرت. ولم تنفذ إيران ولا حزب الله أي من التهديدات التي أطلقت بضرب إسرائيل.


لذلك، فإن النتائج المحتملة للضربة جاءت على النحو التالي:


- هذه الضربات خدمت النظام وعززت النظام بإعطاء النظام الثقة أكبر في نفسه، وأعطت النظام مبررات للقول بأنه يواجه عدوانا ثلاثيا غربيا يشبه العدوان الثلاثي، الذي تعرضت له مصر عام 1956 الذي نجح فيه الرئيس جمال عبد الناصر، في استخدامه لتعزيز مكانته الشعبية في مصر والعالم العربي.


- الضربة أعطت ثقة أكبر لإيران وحزب الله بأن إسرائيل لن تقدم على التعرض للوجود الإيراني في سوريا، وهذا معناه أن إيران لن تحتاج إلى تغيير سياستها في الساحة السورية، وهذا سيعطي ثقة للقيادة الإيرانية بصورة أكبر بالمضي في النهج الذي تدعي إسرائيل بأنها تعمل على مقاومته.


-ضربت فكرة التحالف بين محور الاعتدال العربي مع إسرائيل، فقد أثبتت الضربة أنه لم يعد هناك حاجة لتحالف عربي إسرائيلي لمواجهة إيران على الساحة السورية، وبالتالي فإن مساعي التطبيع العربي مع إسرائيل لا مبرر له، فإذا لم تقدم أمريكا بتحالف مع فرنسا وبريطانيا على ضرب الوجود الإيراني في سوريا، فهل يستطيع تحالف عربي من بعض دول الخليج مع إسرائيلي في مواجهة التهديدات الإيرانية.


- الضربة سيكون لها تداعيات سلبية على تركيا وستكون تركيا أكبر الخاسرين من هذه الضربة، ولا سيما أن النظام سينتقل إلى مرحلة تصفية باقي المعارضة في الجيوب المتبقة في إدلب وحماة وحلب، وهذا سيشجع النظام على الضغط من أجل سحب تركيا لقواتها من المناطق التي تخضع لها بعد عملية درع الفرات وغصن الزيتون، وبالتالي ستوضع العلاقات التركية مع كل من إيران وروسيا على المحك، وهذا سيكون له تداعيات سلبية على قدرات تركيا على التحرك في المنطقة في ظل توتر علاقاتها مع القوى الغربية.


لكن ما يفيد تركيا فقط، هو استمرار حالة التوتر بين روسيا والقوى الغربية، وأن أي تهدئة بين الطرفين سيكون لها تداعيات سلبية أكبر على تركيا، وسيشجع الروس على مزيد من الضغط على تركيا التي أصبحت معزولة عن الغرب.


- الضربة ستعزز ثقة إيران بنفسها وكذلك ما يعرف بمحور المقاومة في المنطقة، وستتعزز الثقة بالقدرة على مواجهة التهديدات الإسرائيلية، بعد ثبت ضعف الموقف الغربي في مواجهة التهديدات الإيرانية.


وخلاصة القول: أن الضربة وجهت ضربة لما يسمى "صفقة القرن"؛ لأن ما بعد الضربة يختلف عن ما قبل الضربة، ومن تغيرات في شعور القوى بثقتها في نفسها وقدرتها على استمرار سياساتها السباقة.

0
التعليقات (0)