ملفات وتقارير

تقنين عربات الطعام في مصر.. بكم سيكون طبق الفول؟

بائع متجول: سأزيد سعر الفول أو أقلل الكمية والزبون يتحمل النتيجة- أرشيفية
بائع متجول: سأزيد سعر الفول أو أقلل الكمية والزبون يتحمل النتيجة- أرشيفية

صدمة انتابت الباعة الجائلين بمصر بعد إقرار برلمان ما بعد الانقلاب، الأحد، قانون "عربات الطعام المتنقلة"، الذي يقنن وضع عشرات الآلاف من بائعي الطعام بالشوارع، حيث اعتبره البعض تضييقا من النظام على فئة مطحونة لا تجد من الدولة رعاية صحية ولا اجتماعية، خاصة أن القانون لم يخضعهم لمظلة التأمينات والمعاشات.

ويفرض القانون دفع مبلغ 10 آلاف جنيه لأول مرة للحصول على الترخيص لمدة 3 سنوات، مع دفع 5 آلاف جنيه سنويا عند تجديد الترخيص، إلى جانب رسوم أخرى تحددها الجهات الإدارية، كما يلزم صاحب عربة الطعام تركيب (جي بي إس) لمتابعة العربة من قبل الجهاز الإداري للمدينة أو المحافظة التابع لها.

ولا يحق لمن هم دون سن 18 عاما ترخيص عربة الطعام، كما لا يمنح الترخيص لمن حكم عليه بعقوبة جناية، أو في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ويعاقب القانون بالحبس شهرا وغرامة حدها الأقصى 20 ألف جنيه أو إحداهما، لمن قام بهذا العمل دون ترخيص.

القانون ينطبق على بائعي عربات الفول والطعمية (طعام الفقراء بمصر) والبطاطا والحمص والذرة المشوي والعرقسوس والسميط والحلويات.

وفي المقابل، أقر البرلمان، الاثنين، زيادة رواتب رئيس البرلمان، ورئيس الوزراء ونوابه، والوزراء، ليعادل صافيه الحد الأقصى للأجور، (42 ألف جنيه شهريا، 35 ضعف الحد الأدنى للأجور)، فيما يتقاضى نواب الوزراء ونواب المحافظين مرتبا شهريا يعادل صافيه 90 بالمئة من الحد الأقصى للأجور، مع إعفائهم من الضرائب، ومعاشا شهريا يعادل 80 بالمئة من راتب كل منهم.

صدمة قمورة


"صدمتني.. مش قادرة أتخيل إن ده هيحصل وإن القانون دا هيتم تطبيقه علينا مش فاهمة حاجة هما إزاي كدة"، كانت تلك كلمات البائعة المتجولة "قمورة" 35 عاما، مضيفة "هما ليه الناس إللي فوق مش حاسين بالغلابة إللي زينا".

وقالت بائعة الطعمية لـ"عربي21"، "ليس أمامي إلا تنفيذ أوامر الحكومة، وهنعمل الصح إحنا غلابة ومش قدهم"، موضحة أنها سوف تزيد سعر طبق الفول والطعمية أو تقلل الكميات، "والزبون يتحمل النتيجة"، على حد تعبيرها.

وتساءلت: "هما ليه مش بيفتكرونا إلا لما يحبوا يلموا مننا فلوس، طيب كانوا يأمنوا علينا (الخضوع لمظلة التأمين الاجتماعي) ويدونا معاشات، هو ليه كل الأوضاع الغلط بالبلد بيتحملها الغلابة".

وأكدت أنها تقوم يوميا الساعة الثالثة قبل الفجر لتعد الطعام وتقف وسط الرجال طوال اليوم؛ كي تحصل على المال لتعليم وتزويج بناتها.

"هذا هو الحل!"


وقال سعيد، (40 سنة) بائع فول، أنا من الصعيد وأعمل على عربة فول لجمع المال وإرساله لعائلتي هناك، بينما أنام بحجرة تحت السلم بحي فقير بالقاهرة، مضيفا أنه "إذا أعلنت الحكومة الحرب علينا وعلى أكل العيش فإن الحل أمامي وأمام الباعة السريحة مثلي سهل جدا".

سعيد قال لـ"عربي21"، إن الباشا رئيس الوزراء والباشوات أعضاء مجلس النواب الذين انتخبناهم يتعاملون مع كل الشعب على أن لديه أملاكا وعقارات وأراضي وشركات وشاليهات مثلهم وينسون أننا فقراء قوي كما قال السيسي.

وأكد أن الحل لديه هو الخروج إلى الطريق ليلا ليعمل كقاطع طريق وابن ليل ويسرق السيارات والمارة أو يبيع البانجو والحشيش على نواصي المدارس والأندية طالما أن الأمر زاد عن حده.

يذكر أن قمورة وسعيد رفضا رفضا باتا تسجيل صوتهم أو تصويرهم؛ خوفا من ملاحقتهم أمنيا.

هدف السلطة

وانتقد الناشط العمالي، السيد حماد، إصدار مثل هذا القانون في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها المصريين، مؤكدا أنهم "لا يستطيعون العيش بالرواتب القليلة، ومن المؤكد أنهم سيواجهون بسبب القانون أزمة غلاء لطبق الفول الوجبة الغذائية الكاملة واليومية رخيصة الثمن".

حماد، أضاف لـ"عربي21"، أن "المواطن المطحون بغلاء الأسعار، والمتضرر من رفع الدعم عن جميع السلع، ويعاني من ثبات الرواتب وعدم رفعها بما يوازي سعر الدولار، هو من سيتحمل توابع القانون".

وحول جدوى تلك الإجراءات الجديدة بالحفاظ على صحة المواطنين، أوضح حماد أن "بائع الفول مثلا كان يستخرج شهادة صحية وشهادة مزاولة مهنة بائع متجول ويسدد الرسوم للدولة"، مضيفا أنه "لجأ لهذه المهنة نظرا لعجز الدولة عن توفير وظيفة".

وأكد أن "المواطن المصري أصبح هدفا لهذه السلطة الغاشمة، فأصبح يعاني البطالة والجوع والفقر؛ حتى لا يفكر بالاعتراض على القرارات السياسية ومن يتخذها".

تقنين الاقتصاد غير الرسمي

وعلى الجانب الآخر، يرى الباحث السياسي محمد حامد، أنه "بشكل عام فإن تقنين وضع عربيات الباعة الجائلين أمر جيد ويخدم المجتمع"، مضيفا أنه "مع تقنينها لو حدثت حالات تسمم من عربة مجهولة هي الآن معلومة المصدر، وهناك قانون يراقب ويحاسب".

حامد، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى أن "تلك العربات الجائلة المنتشرة بجميع شوارع مصر هي من الاقتصاد غير الرسمي، ويقوم أصحابها بمخالفات جمة للقانون، ومنها سرقة التيار الكهربي"، مضيفا أنه "عند تقنين أوضاعها تستفيد الدولة من هذا الاقتصاد غير المراقب".

وبسؤاله حول احتمال أن يرفع هذا التقنين أسعار (طعام الفقراء)، توقع أن تشهد الفترة القادمة بشكل عام غلاء بالأسعار، موضحا أنه "مع تقنين كل أمر غير مقنن، خاصة أن الحكومة تبحث عن أي جهة لتحصيل الضرائب لتمويل الموازنة العامة"، مضيفا أن "التقنين يخفف أعباء شرطة البلدية بمطاردة الباعة الجائلين ويساعد بضبط أوضاع الشارع".

 

 

اقرأ أيضا: الموازنة الجديدة لمصر.. أرقام متفائلة وواقع "صادم"

التعليقات (1)
واحد من الناس ... قوانين بالزوفة
الأربعاء، 18-04-2018 09:24 ص
.... لا حل لذلك الا بأن يعترف الجميع بأن ما حدث في 3 يوليو ما هو الا انقلاب على الرئيس الشرعي و على ذلك فكل قوانينه باطلة