صحافة دولية

واشنطن بوست: بعد المصارعة.. سعوديات على دراجات نارية

السلطات السعودية أوضحت أن النساء سيسمح لهن بقيادة الدراجات النارية والشاحنات والسيارات- واشنطن بوست
السلطات السعودية أوضحت أن النساء سيسمح لهن بقيادة الدراجات النارية والشاحنات والسيارات- واشنطن بوست

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمديرة مكتبها في القدس لوفداي موريس، حول مدرسة تعليم ركوب الدراجات النارية للنساء في العاصمة السعودية الرياض، حيث قابلت هناك حنان عبد الرحمن، البالغة من العمر 31 عاما، وكانت تتدرب على قيادة دراجة نارية من نوع "سوزوكي"، وتصف شعورها بكلمة "حرية". 

 

وتقول الكاتبة إن هذا المشهد غريب في السعودية المحافظة، حيث ستتمكن النساء أخيرا من القيادة بحلول شهر حزيران/ يونيو، وهو ما كن محرومات منه، مشيرة إلى أن السلطات السعودية أوضحت أن النساء سيسمح لهن بقيادة الدراجات النارية والشاحنات والسيارات، بالإضافة إلى أن السلطات أوضحت أن العربات التي ستقودها النساء لن تحمل لوحات تسجيل خاصة.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قرار رفع حظر قيادة السيارات على النساء، الذي أعلن عنه قبل سبعة أشهر، هو واحد من أهم التغييرات التي أدخلها ولي العهد محمد بن سلمان الذي يقوم بعملية تحديث للمملكة، حظيت بكثير من "التطبيل والتزمير".

 

وتورد الصحيفة نقلا عن ناشطات، قولهن إن هذه الخطوة تاريخية، لكنهن يشرن إلى أن السعودية لا تزال من أكثر بلدان العالم تقييدا للنساء، حيث تخضع النساء لنظام وصاية لا يستطعن في ظله الزواج أو السفر دون إذن أولياء أمورهن.

 

وتستدرك موريس بأن قلة المدارس التي تعلم قيادة السيارة، ورسومها العالية، والاتهامات بتهديد السلطات للناشطات اللواتي قمن بحملات للمطالبة بحق قيادة السيارات، خففت من الفرحة الغامرة التي سادت ابتداء.

 

ويلفت التقرير إلى أن كلا من عبد الرحمن ولين تيناوي، البالغة من العمر 19 عاما، وهي أردنية ولدت ونشأت في السعودية، ركزتا على مهمة تعلم قيادة الدراجة، حيث تقول عبدالرحمن، التي تحب المغامرة، إن صديقاتها يعدونها مجنونة، مشيرا إلى أن هذه الساحة تستخدم خلال عطلة نهاية الأسبوع لسباق السيارات وما يتعلق بها من العاب السيارات، ويتحول الميدان في مساء الأربعاء إلى مكان لتعلم قيادة الدراجات النارية.

 

وتذكر الصحيفة أن "المرأتين تقومان بارتداء الملابس الواقية للتدريب في هذا الحيز الخاص، حيث تترك لهما حرية ما يلبسن، لكن لا أحد يعلم ماذا ستكون المتطلبات على الشارع، فالعباءات التي ترتديها النساء السعوديات ليست مناسبة للدراجات، ولذلك يأملن بأن يسمح لهن بارتداء ملابس واقية خاصة بالدراجات بدلا من العباءة".

 

وتقول الكاتبة إن دراجة عبد الرحمن هي دراجة "سوزوكي"، بمحرك سعته 125 سم مكعبا، ودراجة تيناوي من نوع "هوندا" وبمحرك سعته 250 سم مكعبا، وتقومان بالمرور بين الأقماع البرتقالية، وتتعلمان على الالتفاف في نصف دائرة، وتتبعان معلمتهما الأوكرانية، إلينا بوكرييفا (38 عاما)، وهي تقود دراجة من نوع "هارلي".

 

وينوه التقرير إلى أن عبد الرحمن تعلمت قيادة السيارات عندما كان عمرها 14 عاما، التي علمها أبوها بعيدا عن الشوارع العامة؛ آملا في أن تستطيع الحصول على رخصة قيادة يوما ما، وفرح عندما سمع الخبر بأنه سيسمح للنساء بقيادة السيارات، وتقول إنهم احتفلوا بذلك أسبوعا كاملا في بيتهم.

 

وتفيد الصحيفة بأنه بالنسبة للنساء اللواتي نشطن في المطالبة بهذا الحق، فإن الاحتفالات لم تدم طويلا، بل يقلن إنهن منعن حتى من التعليق بشكل إيجابي على هذا التحرك، حيث أن آخر ما تريده السلطات أن يستنتج الناس هو أن النشاط للمطالبة بحق ما قد يؤدي إلى تغيير.

 

وتنقل موريس عن المتخصصة في تاريخ النساء الأستاذة هتون الفاسي، التي نشطت للحصول على حق النساء في القيادة، قولها إن احتفالها برفع الحظر لم يدم طويلا، "فبعد ذلك الحدث السعيد بساعات وصلتني مكالمة تطلب مني ألا أعطي أي مقابلات أو أكتب أي شيء على مواقع التواصل الاجتماعي"، وأضافت أن نساء أخريات وصلتهن مكالمات مشابهة ممن قلن إنهم مسؤولون أمنيون.

 

ويشير التقرير إلى أن الطريق لوصول النساء السعوديات إلى هذا الحق كان طويلا، فحتى تسعينيات القرن الماضي لم تكن قيادة المرأة للسيارة ممنوعة قانونيا، لكن كان هناك قانون غير مكتوب يمنع ذلك، فخرجت 47 امرأة يقدن السيارات في الرياض؛ احتجاجا على ذلك، فتم اعتقالهن جميعا، ثم تم تسليمهن لأولياء أمورهن خلال 24 ساعة.

 

وتبين الصحيفة أنه خلال الربيع العربي عام 2011، عندما كانت المنطقة تمر في مخاض الربيع العربي، كانت حملة المطالبة بحق النساء بقيادة السيارات تمر في أوجها، حيث قامت النساء بنشر الصور والفيديوهات التي تظهرهن يقدن السيارات، لافتة إلى أن تلك الجهود عادت مرة أخرى عام 2014 والسنة التي تليها، عندما تم احتجاز لجين الحثلول لأكثر من شهرين، بعد محاولتها قيادة السيارة إلى السعودية قادمة من الإمارات، كما تم اعتقالها العام الماضي مرة أخرى. 

 

وتلفت الكاتبة إلى أن ولي العهد كشف قبل عامين عن خطته "رؤية السعودية 2030"، وهي خطة تسعى لتنويع الاقتصاد السعودي، الذي يعتمد حاليا على النفط ولتحديث البلد، ووعد الأمير محمد بأن يقضي على التطرف الديني، الذي ازدهر في البلد منذ أواخر السبعينيات، مشيرة إلى أنه تم تطبيق بعض التغييرات، فسحبت الحكومة سلطة الاعتقال من الشرطة الدينية، المكلفة بنشر الفضيلة، والقضاء على الرذيلة، من خلال الدوريات في المناطق العامة.

 

وتقول موريس إنه "في أحد مقاهي الرياض، يجلس النساء والرجال غير منفصلين، والموسيقى تعزف، وهو مشهد لم يكن يمكن التفكير فيه قبل عدة سنوات، وهذا الشهر تفتح أول سينما خلال 30 عاما، وهي أيضا فيها اختلاط، كما تم تسهيل بعض متطلبات ولي الأمر بالنسبة للنساء للحصول على بعض الخدمات الحكومية، أو الحصول على وظيفة، أو إنشاء تجارة، لكن عمليا لا تزال النساء تحتاج إلى إذن ولي الأمر".

 

ويفيد التقرير بأنه لطالما قالت القيادة السعودية إنها غير قادرة على القيام بإصلاحات بسبب تأثير رجال الدين المحافظين، منوها إلى أن رجال الدين، الذين كانوا يقولون بأن قيادة النساء للسيارات قد تقودهن إلى الوقوع في المعاصي، أو حتى تؤثر على خصوبتهن، سكتوا، وتم منع أحد رجال الدين من الخطابة، بعد أن قال إنه يجب عدم السماح للنساء بقيادة السيارات؛ لأنهن بنصف عقل وربع عقل بعد التسوق.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، الذي يمثل وجه الإسلام "المعتدل"، كما يراه الأمير محمد بن سلمان، قوله: "أساسا لم تكن هناك شجاعة ولا تصميم على مواجهة (التطرف).. أصوات المقاومة هزمت".

 

وتستدرك الكاتبة بأن الناشطين يشكون في أن حملة الإصلاحات الأميرية جاءت في الوقت ذاته الذي تم فيه التضييق على المفكرين والناشطين، حيث تقول الزميلة في جامعة هارفارد هالة الدوسري: "إنهم يعاقبون أولئك الذين دعوا لهذه (الإصلاحات)؛ لئلا يكون لديك مجتمع مزدهر يضغط لأجل التغيير"، وتتساءل قائلة: "كيف يمكن تفسير أن يبقى أولئك الناشطون الذين تلتقي أهدافهم مع أهداف قيادة البلد في السجون؟"، وترى أن السعودية مهتمة فقط بالإصلاح "من أعلى إلى أسفل".

وتقول الدوسري إن هناك حاجة للمساواة بين النساء في المدن ومن الطبقات الثرية مع نساء المناطق النائية والأقل حظا من التعليم والمادة.

 

وتذكر الصحيفة أنه ينبغي على النساء اللواتي لا يحملن رخصا أجنبية أن يقمن بالتسجيل في جامعة الأميرة نورة في الرياض، حيث فيها واحدة من خمس مدارس تقدم 20 ساعة عملية تكلفتها 700 دولار، أما النساء اللواتي يستطعن القيادة وليست لديهن رخصة، فيطلب منهن حضور 6 ساعات عملية، بحسب ما قالته وزارة الداخلية، التي أشارت إلى أن القانون ذاته يسري على الرجال.

 

وتنوه موريس إلى أن العديد من النساء أطلقن حملة على الإنترنت؛ للشكوى من التكاليف العالية للدروس، ودعين إلى القيادة في حزيران/ يونيو عندما يرفع الحضر دون رخص، وإن كانت في ذلك مخاطرة بدفع غرامة قيمتها 40 دولارا.

 

وينقل التقرير عن عبدالله الدوسري، قوله عن قيادة النساء للسيارات: "إنه أمر جديد تماما، ولذلك لم يتقبله الناس بعد"، وأضاف الشاب البالغ من العمر 21 عاما، بينما كان يحتسي القهوة في مقهى في جنوب الرياض مع أبناء عمه، أن لديه تحفظات على قيادة أخواته للسيارات، مشيرا إلى أن أباه لن يسمح بذلك.

 

وبحسب الصحيفة، فإن صفية أمين (40 عاما) لديها مشكلة مع اختلاط الرجال بالنساء في دور السينما مثلا، لكن ليست لديها مشكلة مع قيادة النساء للسيارات.

 

وتورد الكاتبة أن 70 امرأة سجلن للتدرب في مدرسة الدراجات النارية، مستدركة بأنه لم تحضر إلى الآن سوى ثلاث نساء، وبعض النساء دفعن الرسوم البالغة حوالي 400 دولار لكن لم يحضرن، حيث تقول المدربة وزوجة صاحب المدرسة بوكارييفا: "قد تكون عائلاتهن ضد الفكرة".

 

وينقل التقرير عن عبد الرحمن، قولها إن عائلتها دعمتها، لكنها لا تناقش قيادة السيارة، ناهيك عن ركوب الدراجات النارية، مع زميلاتها في العمل، وتضيف: "تشعر بأن لدى بعض الناس فكرة سلبية، لكن نحاول عدم الحديث عن ذلك"، مشيرة إلى أنها قلقة بشأن ردود الفعل في الشارع في حزيران/ يونيو، لكنها لا تفكر كثيرا في فكرة أن ما تقوم به سيدخل التاريخ.

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول عبد الرحمن: "إن الموضوع يتعلق بتحدي نفسي.. إن الأمر يتعلق بالخروج من حيز الراحة بالنسبة لي".

التعليقات (1)
محمد
الجمعة، 18-05-2018 09:49 م
لايك