صحافة دولية

هكذا أجبر خط الغاز الإسرائيلي الأردنيين على بيع أراضيهم

محمد القرعان، الذي اضطر للتخلي عن جزء من أرضه لصالح المشروع، قال إن اسرائيل سرقت أرض العرب وتسرقها مجددا اليوم- أ ف ب
محمد القرعان، الذي اضطر للتخلي عن جزء من أرضه لصالح المشروع، قال إن اسرائيل سرقت أرض العرب وتسرقها مجددا اليوم- أ ف ب

نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تعمق الخلافات بين الطبقة السياسية وعامة الشعب الأردني على خلفية مشروع الغاز والعلاقات مع إسرائيل، ما تسبب في اندلاع حركات احتجاجية تصدت لها الدولة.  

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدولة الهاشمية تُخطط لبناء خط أنابيب غاز لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل وتغطية 40 بالمائة من احتياجاتها من الطاقة، مع العلم أن الأردنيين معادون للدولة اليهودية، ويعارضون هذا المشروع الجديد.

ونقلت الصحيفة عن محمد سليم القرعان، صاحب أرض في قرية ابسر أبو علي وهي قرية تقع شمال الأردن وتضم حوالي 500 ساكن، قوله إن "هذه المنطقة تتميز بخصوبة أراضيها، إذ توجد فيها زراعات عديدة على غرار البصل والبامية والقمح والزيتون وأشجار التين". لكن قبل أربعة أشهر، تمت مصادرة 20 بالمائة من أراضي عائلته.

وفي حديثه عن سبب مصادرة أراضيهم، أوضح القرعان بأن "خط الأنابيب سيمر من أرضنا ولا يمكننا رفض هذا المشروع أو منعه. أنا أشعر حقا بالحزن".

 

وعلى خلفية ذلك، وكل محمد سليم القرعان، البالغ من العمر67 سنة، رفقة جيرانه محاميا للتفاوض على تعويض مالي في المحكمة، "لكن لن يُمكننا المحامي من استرداد أرضنا، ذلك أن الدولة لديها كل حقوق الملكية كاملة"، حسب ما أفاد به المعني بالأمر.


وأضافت الصحيفة أنه في سبتمبر/ أيلول سنة 2016، وقعت شركة الكهرباء العامة الأردنية عقدًا مع شركة "نوبل إنرجي" الأمريكية، لتُسلمها 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الذي يتم استغلاله على امتداد السواحل الإسرائيلية، على مدار 15 سنة. ومستقبلا، سيربط خط أنابيب الغاز بين البلدين عابرا ريف شمال الأردن. وإلى حدود اليوم، لم تنطلق أشغال هذا المشروع.  

خلال سنة 1994، وقعت الحكومة الأردنية معاهدة سلام مع إسرائيل. ومنذ ذلك التاريخ، ربطت علاقات وثيقة بين حكومات البلدين، تخللتها فترات توتر أحيانا. ومن ناحيتهم، يكن السكان الأردنيون مشاعر عدائية للدولة اليهودية والولايات المتحدة.


اقرأ أيضا :  إسرائيل تبدأ إنشاء خط الغاز وحكومة الأردن تستملك الأراضي


وأشارت الصحيفة إلى أن مشروع خط الأنابيب، الذي تقوده إسرائيل بالشراكة مع شركة أمريكية، قد أثار تحفظات كثيرة في الأردن.

 

وفي السياق ذاته، قال محمد سليم القرعان، الذي اضطر للتخلي عن جزء من أرضه لصالح هذا المشروع، إن "إسرائيل سرقت أرض العرب. وها نحن الآن نشهد استعمارا جديدا".  

وأوردت الصحيفة أن المنظمات المهنية، على غرار النقابات الهندسية والطبية التي يمتلك أعضاؤها قطع أراض على طريق خط الأنابيب، تقود حركة معارضة لمشروع الغاز الجديد.

 

وقد حاول هؤلاء تنظيم احتجاجات لكنهم لم يتمكنوا من حشد المواطنين. وفي نهاية شهر نيسان/ أبريل، لم تجمع نقابة المهندسين سوى 30 مناضلا فقط، بالقرب من تلة معزولة، حيث سيتم بناء خط الأنابيب.

كما لم يتمكن أفراد المجموعة الاحتجاجية من الوصول إلى إربد، المدينة الكبرى المجاورة لهم، للاحتجاج هناك. ويأسف هشام البستاني، أحد منسقي هذه الحملة على ذلك، حيث قال: "لقد تم فرض رقابة علينا. وقد اتصلت أجهزة الاستخبارات بأصحاب الحافلات التي قمنا بكرائها لتهديدهم".

وذكرت الصحيفة أن البرلمان الأردني قمع هذه الحركة الاحتجاجية. وحيال هذا الشأن، أكد هشام بستاني أن "هذا البرلمان كارثي. لقد طالبنا بمقابلة أعضاء لجنتي الطاقة والمالية، لكننا لم نتلق أي إجابة". ويعتقد بستاني أن التمثيل الشعبي يمتثل لأوامر السلطة التنفيذية.


ولا يُنكر موسى هنطش النائب المعارض الذي مرَر عريضة في البرلمان مطالبا فيها بفتح باب النقاش في هذا الموضوع، ذلك فقد صرَح بأن "رئيس البرلمان قدَم أعذارا واهية لتأجيل المناقشة. فهو يعلم أنه لا يستطيع القيام بأي أمر يتعارض مع قرار الحكومة".

وأوضحت الصحيفة أنه نظرا لأن المعارضة لا تحظى بأي نفوذ داخل مؤسسات الدولة، يشعر المواطنون الأردنيون بالإهمال. وفي هذا الإطار، بيَن محمد كوفي، عضو في نقابة الأطباء، أن "هناك فجوة عميقة بين السكان والحكومة، ولم تنفك عن الاتساع".

 

ففي شهر نيسان/ أبريل، كشفت دراسة أجراها مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن 68 بالمائة من المواطنين المستطلعة آراؤهم قالوا إن البلد يسير في الاتجاه الخاطئ. وقبل خمسة أشهر، كانت هذه النسبة أقل بنحو 10 بالمائة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الفجوة المتزايدة بين المواطنين والنخب لا تشكل أي خطر على استقرار البلاد. وعلَق محمد كوفي على ذلك قائلا: "في الحقيقة، يكمن سبب عدم استعداد الأردنيين للاحتجاج على نطاق واسع في خوفهم مما يحدث في سوريا والعراق".

 

اقرا أيضا : اتفاقية الغاز مع إسرائيل.. 8 أشهر للترجمة في "النواب الأردني"

 

ففي سنة 1994، وقع رئيس الوزراء الأردني عبد السلام المجالي، ونظيره الإسرائيلي إسحاق رابين، معاهدة سلام تحت رعاية الولايات المتحدة تطبيعا للعلاقات بين البلدين. ولكن لا يحظى هذا التقارب بإجماع سكان الأردن، علما وأن 70 بالمائة منهم فلسطينيون.

وفي الختام، أوردت الصحيفة أن العلاقات الاقتصادية التي تربط بين إسرائيل والأردن، تأخذ شكل "مناطق صناعية مؤهلة" تقع في الأردن، يُمكن تصدير إنتاجها دون رسوم إلى الولايات المتحدة.
 

التعليقات (0)