قضايا وآراء

‎تركيا... هل تخضع للتبعية أم لديها استراتيجية مستقبلية؟

محمد أردوغان
1300x600
1300x600
‎إن الاتفاقيات التي تحصل بين الدول أو تلك التي تحصل داخلها بين الأحزاب السياسية والتحالفات؛ ليست هدفا في حد ذاته، وإنما هي الوسيلة لتحقيق الهدف...

‎ولنفهم هذا بشكل أدق، سنلقي الضوء على أشياء بسيطة نعيشها في حياتنا اليومية:

‎الطالب الذي يقضي سنوات في الجامعة، تجده متحمسا لإنشاء عمله الخاص به.. ولكن بعد تخرجه لا تتاح له فرصة القيام بذلك... ‎إما لضعفه اقتصاديا، أو قلة الخبرات، أو لعدم توافر البيئة الكافية والمناسبة لبناء عمله الخاص به... ‎عندها يختار العمل منصاعاً لقوانين صاحب العمل كي يصل إلى المال الكافي، والتجربة، والخبرات، وتحقيق البيئة الكافية والمناسبة... بمعنى أنه اضطر إلى التقيد بشروط وقوانين العمل، بل حتى إلى الانصياع التام والكامل لأوامر صاحب العمل، ليس لشيء، وإنما ليطور نفسه ويكتسب خبرة يرافقها تحصيل مادي، لكي يصل إلى هدفه، ألا وهو الاستقلال وانشاء عمله الخاص...

‎ورغم السنوات الطوال التي يقضيها بين تحمل الأوامر وتطبيقها والاستجابة لمطالب أمريه... ‎إلا أنه لا يستطيع ترك العمل أو حتى تغييره أحياناً، فذلك يعني أنه تراجع عن تحقيق هدفه... ‎وعند الوصول إلى المستوى المادي، والتجربة، والخبرات، والبيئة الكافية التي تتيح له إنشاء عمله الخاص به، يتحول بعدها من عامل بسيط يطبق الأوامر إلى صاحب عمل يعطي الأوامر والنواهي...

‎هذا المثال ينطبق تماماً على سياسة الدول... ‎فبعضها يستجيب لأوامر الدول العظمى من أجل تحقيق أهدافه، ويتماشى في تطبيق الأوامر حتى الوصول إلى درجة الذوبان في النهاية...

‎هذه المرحلة تفقد معها هذه الدول مبادئها وأخلاقها التي كانت تمدح نفسها وتفتخر بها في سبيل إرضاء الدول العظمى... ‎وتتحول مقولة ديكارت: "أنا أفكر إذن أنا موجود"، إلى مقولة: "أنا في تبعية إذن أنا موجود".

‎وبعضها الآخر ‎يظهر تأييده للدول العظمى من أجل المضي قدماً في سبيل تحقيق أهدافه، لا الذوبان فيها، وذلك للنجاح في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في المجالات الصناعية والتكنولوجية والصحية والبنى التحتية... ‎مما يعني العمل للوصول إلى الاستقلال التام.

‎السوال يطرح نفسه...

‎كيف سنعلم بأن هذه الدولة ستبقى خادمة للإمبريالية أو العكس؟

‎الجواب: "نقارن تاريخها وبأفعالها الحالية".

‎فلنقارن تركيا التي يدعون بأنها "عميلة الصهاينة" تركيا الآن وبفضل الله تعالى :

1- الناتج القومي لتركيا المسلمة عام 2013 حوالي تريليون ومئة مليار دولار، وهو يساوي مجموع الناتج المحلي لأقوى ثلاث دول اقتصادياً في الشرق الأوسط (إيران، السعودية، الإمارات، فضلاً عن الأردن وسوريا ولبنان).

2- قفزت تركيا قفزة مذهلة من المركز الاقتصادي 111 إلى 16، بمعدل عشر درجات سنويا... ما يعني دخولها إلى نادي مجموعة العشرين الأقوياء والكبار (G-20) في العالم..!

3- إنشاء أكبر مطار في أوروبا ليستقبل في اليوم الواحد 1260 طائرة، فضلا عن مطار صبيحة الذي يستقبل 630 طائرة، وأصبح هذا المشروع كابوسا للغرب.

4- تركيا صنعت وللمرة الأولى في عهدها الجديد أول دبابة مصفحة، وأول ناقلة جوية، وأول طائرة بدون طيار، وبدأت تصدر طائراتها، وأول قمر صناعي عسكري حديث متعدد المهام، لتنهي بذلك حقبة التوسل والتذلل كي تشتري الطائرات من إسرائيل وغيرها من الدول الإمبريالية... ومن بعدها يأتون لينشروا صور لجنود إسرائيليين وهم يلبسون الزي الصهيوني وخلفهم العلم التركي...

نعم لقد كنا نتوسل لهم لكي نشتري الطائرات بدون طيار، وفي عام 2016 اشترينا أربع طائرات وأتوا لتركيا ليدربوا الكادر، وبعد فترة تعطلت الطائرات وأصبحنا نتوسل أيضا لكي يتم تصليحها، ولم يصلحوها...

بينما الآن أخذنا التجربة من إسرائيل ونحن ننتج طائراتنا ولله الحمد...

هل تعرفون متى نكون عملاء؟ عندما نشتري الأسلحة من الصهاينة ولنا القدرة أن نصنعها.. في ذلك الوقت لكم كل الحق....!

5- تركيا تعمل جاهدة لتفرغ 300 ألف عالم للبحث العلمي للوصول إلى عام 2023...

6- تركيا تسدد عجز الميزانية البالغ 47 مليار، وكانت آخر دفعة للديون التركية 300 مليون دولار، تم تسديدها في حزيران/ يونيو 2013 للبنك الدولي السيئ السمعة، بل ووصلت قوتها ونهضتها الاقتصادية بأن أقرضته خمسة مليارات.

7- تبنّت تركيا عملية تدوير القمامة لاستخراج الطاقة وتوليد الكهرباء، ليستفيد منها ثلث سكان تركيا، لتصل الكهرباء إلى 98 في المئة من منازل الأتراك في المدن والأرياف...

8- تركيا كرّست حرية ارتداء الحجاب في الجامعات والدوائر الحكومية ودار القضاء، واتجهت إلى ما لا يريده الغرب والصهاينة، ‎ألا وهو عودة طابعها الإسلامي...

‎هذه بعض التغيرات التي أنجزتها وحققتها تركيا للتخلص من القيود التي فرضها الصهاينة والمتصهينيين على تركيا.

‎وأترك لكم تقييم الدول التي تنتقد تركيا بأنها عميلة للصهاينة، دون أن يشاهدوا انعكاس صورتهم في المرآة...

‎أعيد وأكرر.. ‎لا توجد أي دولة في العالم مستقلة 100 في المئة حتى أمريكا بحد ذاتها... ‎لأن الذي يسيطر على العالم من الناحية الاقتصادية والعسكرية ليست الدول، وإنما العائلات (الأفراد) التي تُدير الدول، ولكن توجد دول تتجه للاستقلال بإذن الله...

‎وفي النهاية، على الدولة أن تتمتع بالسيادة لتستطيع أن تواجه الأفراد داخليا والدول الأخرى خارجيا.

#تركيا_تتغير
#تركيا_تنهض
#تركيا_ليست_تركيا_القبل
التعليقات (1)
مازنكوسا
الجمعة، 25-05-2018 10:33 م
مقال رائع ويشرح الواقع