حقوق وحريات

رمضان السوريين بالأردن.. نقص المساعدات يفاقم المعاناة

رغم تباين مستوى عيشهم من رمضان لآخر، إلا أن لاجئين سوريين يجمعون على أن رمضان هذا العام هو "الأسوأ"- جيتي
رغم تباين مستوى عيشهم من رمضان لآخر، إلا أن لاجئين سوريين يجمعون على أن رمضان هذا العام هو "الأسوأ"- جيتي

نقص المؤن وضنك العيش، جعلا رمضان اللاجئين السوريين في الأردن يحلّ هذا العام رتيبا حزينا خاليا من الحماسة المألوفة في هذا الشهر الفضيل.

فهنا، وفي مملكة تشهد بدورها ظروفا اقتصادية صعبة، يختنق اللاجئون السوريون تحت ضغط الحاجة والفاقة، حيث باتت المساعدات شحيحة؛ وفرص العمل نادرة، لتكتمل بذلك ملامح محنة تستمر منذ فترة.

معاناة متفاقمة بلغت ذروتها في رمضان هذا العام، لتكشف عن حالات يندى لها الجبين، أضحت عاجزة حتى عن توفير طعام إفطارها، لتتصل أيام صيامها بلياليها، في انتظار شعاع أمل قد لا يأتي أبدا، وفق شهادات عدد منهم للأناضول.

نقص المساعدات 

رغم تباين مستوى عيشهم من رمضان لآخر، إلا أن لاجئين سوريين يجمعون على أن رمضان هذا العام هو "الأسوأ" على الإطلاق، منذ وصولهم إلى الأردن فارين من أتون حرب لم تضع أوزارها حتى الساعة.

استقبلتهم المملكة بكل حب، وانتشروا في مختلف أرجائها، غير أن الأوضاع الاقتصادية المحلية كان من البديهي أن تلقي بظلالها على قيمة المساعدات المقدمة، أو على فرص حصولهم على عمل يؤمنون به قوت أسرهم.

توليفة قاتمة من العوامل أفرزت وضعا خانقا برزت ملامحه الأليمة في شهر رمضان، حين وجد هؤلاء اللاجئون أنفسهم غارقين في فاقة يعجزون عن كسرها بأي شكل من الأشكال.

عدد من هؤلاء اللاجئين التقتهم الأناضول في محافظتي "إربد" (شمالا) والمفرق (شمال شرق)، لتتقاطع شهاداتهم بين الألم الناضح من كلماتهم جراء واقعهم الصعب، وبين حنين لرمضان ما قبل الحرب ببلادهم.

أحمد سلامة (42 عاما)؛ اعتبر أن المساعدات المقدّمة للاجئين السوريين بالأردن، "شحيحة"، مشيرا أن "النقص في هذا المستوى طال أمده، ما أثّر على الأسر والعائلات الفقيرة، خصوصا الأرامل وزوجات الشهداء وأبناء المعتقلين". 


ولفت أحمد إلى أنّ "مفوضية شؤون اللاجئين قطعت مساعدات مالية كانت مخصصة لبعض الأسر، مرجعة ذلك إلى قلة الدعم الذي يتلقونه". 

 

أما محمد خير الأحمد (35 عاما)، فقال إن "جميع السوريين يشتاقون لأيام مضت، فقد كان لرمضان في السابق طقوس خاصة، وكانت أزكى الأكلات وأشهاها حاضرة على موائدنا".


ومستدركا بأسى: "لكن اليوم، ولّى كل ذلك، وباتت حياتنا مقتصرة على بضع أكلات، ومع ذلك نشكر الله، وندعو أن تنتهي الحرب لنعود إلى منازلنا". 


ورغم ضنك العيش الذي يواجهه، إلا أن الشاب خالد الحريري (23 عاما) رأى أن وضعه "أفضل" من غيره.


وقال: "أنا أعمل على الأقل، وأستطيع تأمين بعض الاحتياجات الأساسية لي ولزوجتي وطفلي محمد، لكن هذا لا يعني أنني مرتاح، ولكن أمر أهون من أمر". 

الحمل "أثقل" و2018 "الأصعب"

شهادات لاقت تأييدا من قبل الناشط الإغاثي الأردني حامد السلمان، الذي أكّد للأناضول أن "المساعدات للسوريين قليلة جدا ولا تذكر، كما أنها باتت موسمية".

وتابع: "في مرحلة معينة، وتحديدا في البداية، كنا نعتقد أن عددا قليلا فقط من الأسر السورية بحاجة إلى المساعدة، ولكن للأسف، يزداد العدد يوما بعد يوم، خاصة في شهر رمضان..".

وأضاف أن "الكثير من المواقف التي نتعرض لها تقشعر لها الأبدان ويندى لها الجبين، خاصة حين تقابل أشخاصا لا يمتلكون حتى قطعة خبز لسد رمقهم وتناولها عند الإفطار". 


بدوره، قال محمد الحواري، المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأردن، في تصريح، إن "نقص التمويل للاستجابة لأزمة اللجوء في السنوات الماضية جعل من الحمل أثقل، وهذا العام 2018 هو الأصعب مقارنة بسابقيه". 

 

واستدرك الحواري أن "العام بلغ نصفه تقريبا، فيما لم نحصل حتى الآن على ربع الاحتياجات اللازمة، أي ما قيمته 274 مليون دولار".

وحذّر من أن ذلك "يشكل خطرا على قطع المساعدات النقدية التي تعد شريان الحياة لعشرات الآلاف من الأسر اللاجئة هنا في الأردن".

وختم: "الأزمة تدخل عامها الثامن، ونسبة الفقر تزداد بين اللاجئين". 


لجوء وحنين ومحنة

 

نقص المساعدات حوّل آلاف السوريين ممن يعيشون على أرض الأردن إلى رواة للقصص والذكريات التي كانوا يعيشونها خلال شهر رمضان قبل حرب بلادهم، والتي ظلت عالقة بالأذهان.

ثماني سنوات مرّت على بدء الأزمة السورية، وما زال الغموض يكتنف مستقبلها، إلا أن اللاجئين في الأردن وغيرها من البلدان، التي فروا إليها من لهيب الحرب المستعرة، يسعون للانخراط والتعايش في تلك المجتمعات؛ سعيا لكسر نظرات العطف والشفقة التي تحاصرهم.

فصفة "لاجئ" التي يحملونها، سواء في الأردن أو في غيره من البلدان التي استقبلتهم، تستبطن الكثير من الألم والمعاناة التي يتابعها العالم عبر شاشات التلفزيون، واختبروا هم مرارتها بشكل فعلي.

ذاكرة جماعية مثقلة بالآلام، هاربة من ذكريات الحرب، مع حنين جارف لما قبلها، نافرة لنظرات الشفقة من هنا وهناك.. فسيفساء متشابكة من الحيثيات والأحاسيس لم تمنحهم سوى خيار الصمود من أجل البقاء.

لكن قسوة العيش وشح المساعدات وحصرها على المقيمين في المخيمات (نسبتهم لا تزيد على 20% من عددهم الإجمالي)، زج بهم في تلك المنطقة الرمادية الفاصلة بين حدود الأشياء، حتى باتوا يشعرون اليوم أنهم على هامش الحياة.

ويعدّ الأردن، الذي يزيد طول حدوده مع سوريا عن 375 كم، من أكثر الدول استقبالا للاجئين السوريين، حيث يضم نحو مليون و390 ألف سوري، قرابة نصفهم مسجلون بصفة "لاجئ" في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن 750 ألفا منهم دخلوا قبل الأزمة، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية. 


ومنذ منتصف آذار/ مارس 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عاما من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة.

غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ودفع سوريا إلى دوامة من العنف، جسّدتها معارك دموية بين القوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم، وسقط خلالها آلاف القتلى، بحسب إحصائيات أممية. 

التعليقات (0)

خبر عاجل