صحافة دولية

فورين بوليسي: هل ستنسحب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان؟

فورين بوليسي: فشلت أمريكا في محاولة تغيير نهج مجلس حقوق الأمم المتحدة تجاه إسرائيل- جيتي
فورين بوليسي: فشلت أمريكا في محاولة تغيير نهج مجلس حقوق الأمم المتحدة تجاه إسرائيل- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للمراسل الدبلوماسي البارز في الأمم المتحدة كولام لينش، يتساءل فيه عما إذا فشلت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي في تهديداتها لسفراء الدول الأخرى، بتغيير المنظمة الدولية وميثاق مجلس حقوق الإنسان.

ويرى لينش أن الحملة الدبلوماسية التي قامت بها واشنطن فشلت في الواقع، حيث قال الدبلوماسيون الأوروبيون إنهم لن يصوتوا في الجمعية العامة على قرار يجرد مجلس حقوق الإنسان من حقه في التدقيق في تصرفات إسرائيل

ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "التطورات الجديدة تترك هيلي معزولة دبلوماسيا، وهي تحاول إنجاز أولوية أمريكية، وتزيد من إمكانية انسحابها من منظمة دولية أخرى، وتحظى بدعم من حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، فيقول دبلوماسي أوروبي: (يبدو أنهم يتجهون نحو الخروج)". 

ويشير لينش إلى أن الممثلة الأمريكية في الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية كيلي كاري، عقدت في بداية شهر أيار/ مايو اجتماعين في مقر الممثلية الأمريكية في الأمم المتحدة، حضراه ممثلون عن الحكومات الغربية؛ من أجل تقديم تفاصيل عن الخطة الأمريكية، وقدمت لهم نسخة عن مشروع قرار يقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة، يمحو البند الخاص المعروف بأجندة 7، والمتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة. 

ويلفت الكاتب إلى أن المسؤولة الأمريكية قدمت مشروع القرار على أنه جزء من جهود الولايات المتحدة لتسهيل عملية طرد الدول ذات السجل السيئ في حقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه لم يكن هناك من تحمس له من الحاضرين، بل على العكس، فإن المبادرة أدت إلى محاولة من الحكومات الأوروبية وجماعات حقوق الإنسان للوقوف أمام المشروع، الذي يخشون أنه قد يؤدي إلى الإضرار بجهود الوكالة الدولية الحقوقية الرئيسية، وتقويض جهودها في فضح منتهكي حقوق الإنسان في أماكن أخرى.

 

ويفيد لينش بأن الدبلوماسيين الأوروبيين يخشون أن تخسر الولايات المتحدة السيطرة على المفاوضات في الجمعية العامة، حيث يحق لأي دولة إضافة تعديلات قد تفسد المسودة الأمريكية، فدول كالصين وروسيا يمكنها استغلال المفاوضات ومواجهة صلاحيات مفضلة للولايات المتحدة، بما في ذلك مراجعة سنوية لسجل حقوق الإنسان، وإنشاء لجنة تحقيق تقوم بالنظر في وضع حقوق الإنسان في دول مثل سوريا وكوريا الشمالية. 

ويبين الكاتب أن هذا لن يمنع الدول الإسلامية من إضافة تعديلاتها الخاصة على مشروع القرار بحيث يحافظ على وضعية إسرائيل بصفتها دولة وحيدة تعامل بطريقة خاصة، حيث قال الدبلوماسي الأوروبي: "سيكون لدينا مجلس ضعيف دون الولايات المتحدة". 

وينوه لينش إلى أنه تم إنشاء مجلس حقوق الإنسان عام 2006 ليحل محل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي تشوهت مصداقيتها بسبب وجود دول ذات سجلات صارخة في مجال حقوق الإنسان، فيما أقنع سفير الولايات المتحدة في حينه، جون بولتون، الرئيس جورج دبليو بوش بعدم الانضمام للمجلس؛ لأنه لا يلبي التوقعات الأمريكية، وقال بولتون، الذي أصبح مستشارا للأمن القومي في الإدارة الحالية: "نريد فراشة ولا نريد وضع مكياج على يرقان ونسميه نجاحا".

ويستدرك الكاتب بأن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عكس القرار بعد توليه الحكم بأشهر، وناقش أن الولايات المتحدة يمكنها المساعدة، وتقوية المؤسسة، وحماية إسرائيل، من خلال العمل من الداخل، لافتا إلى أن ترامب وهيلي حذرا من أن الولايات المتحدة ستخرج من المجلس إن لم تحصل على التغييرات التي تريدها، خاصة البند المتعلق بإسرائيل. 

 

ويذكر لينش أن المدافعين عن حقوق الإنسان يحذرون من أن الدفع بمواجهة في الجمعية العامة قد يكشف عن الانقسامات العميقة في المواقف العالمية حول أهمية حقوق الإنسان. 

وتورد المجلة نقلا عن رسالة وقعتها 17 منظمة حقوقية دولية، بمن فيها "أمنستي إنترناشونال" والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، قولها: "تعبر منظماتنا عن القلق من أن يؤدي المضي بالمسودة التي توزعها الولايات المتحدة إلى إضعاف وليس تقوية مجلس حقوق الإنسان"، وأضافت الرسالة: "من المحتمل أن يتعرض مشروع القرار لتعديلات عدوانية ومحاولة إضعاف المجلس". 

وينقل الكاتب عن منظمات حقوق الإنسان، قولها إنها تدعم أهداف الولايات المتحدة، بما فيها إزالة البند المتعلق بمعاملة إسرائيل بطريقة خاصة، مستدركا بأن تعريض ميثاق المجلس لمفاوضات جديدة فيه مجازفة ستخرب المشروع بأكمله، ويقولون إن أمريكا سيكون لها نفوذ أكبر للدفاع عن إسرائيل في حال بقيت في المجلس. 

ويفيد لينش بأن نسبة أصوات المجلس ضد إسرائيل بلغت أثناء السنوات الأولى من عمر المجلس، وقبل انضمام الولايات المتحدة، 15%، إلا أن النسبة تراجعت إلى 8%، في الفترة ما بين 2012- 2016، عندما أصبحت الولايات المتحدة عضوا في المجلس. 

وتنقل المجلة عن ممثل "هيومان رايتس ووتش" في الأمم المتحدة لويس شاربنيو، قوله: "بلا شك كان يمكن تقوية مجلس حقوق الإنسان، لكنه تحول إلى منبر ممتاز للفضح والتشهير بالدول التي ارتكبت انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، مثل كوريا الشمالية وسوريا وبورما والتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن"، ويضيف أن عرض ميثاقه على الجمعية العامة قد يفتح باب المتاعب. 

 

ويذكر الكاتب أن حلفاء الولايات المتحدة ينتظرون قرارا من واشنطن بسحب مشروع القرار، أو المضي فيه، بحيث يكشف عن عزلتها، منوها إلى أن هناك من يأمل في إقناع الولايات المتحدة بالبقاء في المجلس.

ويختم لينش مقاله بالإشارة إلى قول دبلوماسي أوروبي ثان: "لا نريد التعامل مع انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان بصفة ذلك أمرا واقعا". 

التعليقات (0)