سياسة دولية

شكاوى المصريين من "سبوبة" غرامات نظام السيسي بالمليارات

خبراء: الغرامات والمخالفات تعد الباب الخلفي للحكومة المصرية لفرض إتاوة على المصريين - أرشيفية
خبراء: الغرامات والمخالفات تعد الباب الخلفي للحكومة المصرية لفرض إتاوة على المصريين - أرشيفية

تجني السلطات المصرية عشرات المليارات من الجنيهات سنويا في شكل غرامات ومخالفات وتقديرات جزافية في عشرات القطاعات الحكومية المختلفة، وتحصلها من جيوب المواطنين، ولكن الأزمة تخطت حاجز الغرامات إلى مضاعفة قيمتها أضعافا مضاعفة، واختلاق غرامات جديدة.

وفي الآونة الأخيرة، تكررت شكاوى المواطنين من استغلال الحكومة المصرية لحالة الفساد في مؤسسات الدولة لمضاعفة حجم غرامات المخالفات في شتى المجالات، مثل: المياه والكهرباء والطرق والبناء والأسواق والتصنيع والترخيص والعلاج والسياحة وغيرها.

ويقول خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"عربي21" إن الغرامات والمخالفات تعد الباب الخلفي للحكومة المصرية، لفرض إتاوة على المصريين في دولة تفتقر إلى أدنى معايير العمل المؤسسي، وتوقف الإنتاج وغياب الشفافية بشكل يصعب معه الالتزام بأي لوائح في ظل طبيعة الأوضاع العشوائية للبلاد.

وثارت القضية مؤخرا في البرلمان المصري، حيث اتهم النائب علاء والي، الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بفرض تقديرات جزافية لقيمة فواتير استهلاك المياه، نتيجة الإهمال وعدم الالتزام بالقراءات الدورية المنتظمة لعدادات المياه في مواعيدها.

المدرسة الإدارية "جباية"


أرجع المستشار الاقتصادي، أحمد خزيم، لجوء الحكومة لمضاعفة حجمها وقيمتها إلى طبيعة مدرسة الجباية التي تنتمي لها الحكومة المصرية، قائلا: "طالما أن قواعد الإنتاج متوقفة، تعتمد الدولة في الدرجة الأولى في جلب الموارد عن طريق (الجباية)، فإدارة اقتصاد الدولة يجب أن يكون قريبا من الإنتاج، وإلا فليس أمام المشرع إلا عمليات الجباية".

وأردف في تصريحات لـ"عربي21" أن "الاقتصاد المصري هو اقتصاد ريعي لا يعتمد على الإنتاج، وليس اليوم بل من منذ عقود، وعن قصد وتعمد، ولا تزال تعتمد فقط على تحويلات المصريين بالخارج، وإيرادات قطاع السياحة، وقناة السويس، ولما بدأت تتراجع تلك الموارد، ولم تعد كافية لجأت الدولة إلى الجبابة".

وأوضح "فرفعت الحكومة رسوم الخدمات، القيمة المضافة، وأسعار الفائدة، التي أدت إلى ركود تضخمي ما أفضى إلى تباطؤ عمليات الإنتاج؛ وبالتالي ليس أمام هذا النوع من السياسية الاقتصادية إلا الجباية، وارفع ما شئت من أسعار ورسوم"، محذرا من "سقوط الطبقة الوسطى وأنها لن تؤدي إلى تحسن الموازنة العامة والعائد منها إفقار وتكبيل الطبقة الوسطى".

 

اقرأ أيضا: في عهد السيسي.. اقتصاد مصر بقبضة الجيش (إنفوغرافيك)

وأكد خزيم أن "كل هذه الإجراءات التي تسمى إصلاحا ماليا ونقديا، أثبتت فشلها بعد مرور سنتين من اتفاقية صندوق النقد الدولي بالأرقام؛ بدليل زاد العجز في الموازنة، وزادت نسبة القروض، وارتفعت خدمة الدين إلى 520 مليار جنيه ما يعادل نحو 50 بالمئة من إيرادات الدولة".

غرائب حكومة السيسي


وفند الباحث الاقتصادي، عبدالحافظ الصاوي، سياسة الحكومة المصرية الاقتصادية قائلا: "النظام المالي في مصر تحول بشكل واضح إلى الجباية بشكل كبير جدا من خلال صور مختلفة؛ ومن ضمنها الغرامات والرسوم المفروضة من جهة واحدة".


وانتقد في تصريحات لـ"عربي21": "فرض تلك الغرامات في ظل غياب رقابة حقيقية من المجتمع المدني أو الأهلي، وكذلك غياب دور المحليات التي لم تجر فيها الانتخابات منذ سنوات طويلة، وبالتالي تفتقر لمن يمثل المجتمع أمام السلطات الحكومية ليقرر أن الغرامات مبالغ فيها وتمثل عبئا على المواطنين".

وحذر من "أزمة مضاعفة أسعار الغرامات بالتوازي مع فرض قائمة جديدة من زيادة الأسعار في تموز/يوليو المقبل ستجعل الناس في حيرة من أمرهم لتدبير المتطلبات الأساسية للحياة"، لافتا إلى أنه "من غرائب نظام السيسي أنه في ظل الوقت الذي يفرض فيه ضرائب وغرامات ورسوما بشكل متزايد، تزداد فيه المديونية العامة وليس العكس".


وأشار الصاوي إلى أن "المجتمع أصبح بين المطرقة والسندان بتحمل الديون وأعباءها من جهة، والضرائب والرسوم والغرامات من جانب آخر؛ ما يدلل على فشل نظام السيسي المالي والاقتصادي في معالجة العجز المالي للحكومة المتفاقم".

فساد الكبار


وقال المحلل الاقتصادي، محمد السيد، لـ"عربي21" إنه "على مدار خمس سنوات مضت تُمارس حكومات الانقلاب المتعاقبة اُسلوب النهب المنظم، فالفساد المتفشي في قطاعات الدولة كافة، الذي كشف عنه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بلغ 600 مليار جنيه، ولم يقم النظام بمحاسبة الفسدة على نهب المال العام، فلجأت إلى تنمية موارد الدولة من جيوب المواطنين، وساعدها في ذلك مجلس النواب بسن قوانين جائرة".

وضرب بذلك مثلا قانون المرور، قائلا: "على سبيل المثال فغرامات قانون المرور لا تتناسب مع دخل المواطن أو مع طبيعة المخالفة، وتمثل عبئا يضاف إلى الأعباء التي يعانيها، في الخدمات كافة؛ من صحة وتعليم ومواصلات، وبعد رفع سعر الكهرباء والمياه والوقود عجز عدد كبير من المواطنين عن سداد الفواتير، ورغم ذلك طبق النظام غرامة على من يتأخرون  في السداد".

وانتقد إطلاق السيسي العنان للأجهزة المحلية لتطبيق عقوبات جائرة بحق المواطنين دون سند من القانون، واعتبر ذلك "ظلما فادحا، فماذا يعني أن يدفع المواطن غرامة قدرها 10 آلاف جنبة إذا قام بغسيل سيارته؟ وماذا عن تفريط النظام في حق مصر من مياه النيل بسبب سد النهضة؟".

وأضاف السيد أن "المواطن المنهك من ارتفاع الأسعار في السلع والخدمات كافة، لم يعد يتحمل المزيد من الضغوط، فبعد أيّام سيقوم النظام برفع أسعار الطاقة والكهرباء بزيادة تتراوح بين 30-40 % تنفيذا لمطالب صندوق النقد، وهذه تعد كارثة جديدة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات الأخرى كافة".

2
التعليقات (2)
مصري
السبت، 02-06-2018 03:42 م
العسكر الأوباش عملاء الموساد يقومون بأكبرحملة إزالات للمباني دون مراعاة للبعد الإنساني و إهدار للموارد الإقتصادية المحدودة للمواطنين .
رائد خير
السبت، 02-06-2018 02:21 م
ماذا يعني أن تكون دولة ما فاشلة ؟ مواصفات الدولة الفاشلة كثيرة و من أبرزها أن "يوسَد الأمر لغير أهله" أي أن تعطى المناصب المهمة لمن لا يستحقها أو لمن لا يستطيع القيام بأعبائها . البلدان العربية غير منتجة بمجملها و هذا عن قصد و سابق إصرار مما يسمى النظام الدولي ، و لذلك فالمطلوب من العرب أن يكونوا أبطال استيراد و استهلاك. هذا النمط المفروض علينا استعمارياً يجب التمرد عليه بطرق إبداعية سلمية خالية من العنف ، أما الاستسلام له فمؤداه المزيد من المشقة و المعاناة و نكد العيش. في سبيل مسك الدفاتر و ترتيب الحسابات ، تقوم الدولة الفاشلة بتفريغ جيوب المواطنين عن طريق رفع الضرائب و الرسوم و الغرامات أو المخالفات و من البؤس صدور قوانين بذلك ثم يقال للناس أن هذه من توصيات صندوق النقد الدولي و حتى هذا القول اعتراف صريح بوقوع بلادنا تحت هيمنة الاستعمار الأمريكي الذي يرتعب منه حكامنا و أغلب سياسيينا و صحفيينا و مثقفينا مع أن هذا الاستعمار نمر من ورق لو دققت النظر فيه و تعمقت في دراسته. في إحدى بلدان العرب ، كان مدير الشرطة يطلب ممن تحته أن يوعزوا لشرطة السير بعد اليوم 20 من الشهر الميلادي بأن يقوموا بجمع رواتبهم عن طريق مخالفة السائقين "هكذا بوقاحة" مما كان يعني ما نسميه في بلاد الشام "التبلَي أو الاستلباس" أي ظلم المواطنين من دون وجه حق أو مبرر. لكن الله غالب و الظلم لا يمكن أن يدوم و لم نرى ظالماً نال الخلود في هذه الدنيا.