سياسة دولية

كيف يحمي حراكيو الأردن مكتسبات احتجاجاتهم؟

مراقب: لا توجد ضمانات فعلية تحمي مكاسب الإصلاحيين إلا الاستثمار في حالة الوعي المتنامي لدى الشعب- جيتي
مراقب: لا توجد ضمانات فعلية تحمي مكاسب الإصلاحيين إلا الاستثمار في حالة الوعي المتنامي لدى الشعب- جيتي

استجاب حراكيو الأردن لدعوات تحثهم على إنهاء اعتصامهم احتجاجا على مشروع قانون ضريبة الدخل، وقد تعالت تلك الدعوات بعد استجابة رئيس الوزراء المكلف، عمر الرزاز، وتعهده بسحب مشروع القانون، وهو  ما أثلج صدور المحتجين، وملأ نفوسهم ثقة بقدرتهم على انتزاع حقوقهم والتأثير على صانعي القرار في الأردن.


وكان المتظاهرون الأردنيون الذين خرجوا إلى الشوارع في كافة محافظات المملكة، واعتصموا لعدة ليال على الدوائر الرابع، مقر رئاسة الوزراء في العاصمة عمان، قد طالبوا العاهل الأردني بإقالة حكومة هاني الملقي، التي أرهقت كواهلهم برفع أسعار المحروقات والكهرباء، ومئات السلع الأخرى، ورفعت الدعم عن الخبز، وقانون ضريبة  الدخل الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهرها.

 

وبعد أن تحقق للمحتجين الأردنيين ما طالبوا به من إقالة حكومة الملقي، وسحب القانون الذي أشعل شرارة الاحتجاجات، أبدى بعض الحراكيين تخوفاتهم بشأن توفير الضمانات التي تحمي مكتسباتهم، حتى لا يتم الالتفاف عليها واحتواؤها في قادم الأيام.

 

في هذا السياق، دعا الأكاديمي الأردني، أنس عناية، "الإصلاحيين إلى التفكير بطريقة مختلفة، وأن يطرحوا الأسئلة الصحيحة، فليس السؤال برأيه هو ما الذي تحقق من مطالب الإصلاح؟ ولكن: ما هي الضمانات التي تحمي مكاسب الإصلاحيين التي تحققت؟

 

وأضاف عناية عبر صفحته على فيسبوك: "الكل يظن أن الضمانة هي الشارع، وأن الحكومة إذا أخلفت بوعدها فإن الحراك سوف يعود إلى الاحتشاد في الشارع، هذا يشبه ما حصل في مصر، حين قال الناس: "ميدان التحرير مفتوح"، ليختم حديثه بالقول: "هذه ليست ضمانة، والحكومة قادرة على التعامل مع حراك الشارع".  

 

من جهته، رأى الناشط الحراكي، علاء ضامن فروخ، أنه "لا توجد ضمانات فعلية إلا الاستثمار في حالة الوعي المتنامي لدى الشعب، خصوصا الشباب"، متوقعا عودة المظاهرات الشعبية، ومختلف وسائل الاحتجاج السلمي، إذا ما تم التراجع عن المكتسبات، أو العودة إلى نهج الجباية ذاته الذي سلكته الحكومة السابقة.  

 

وقال في حديثه لـ"عربي21": أجد حرصا عند القوى السياسية ومؤسسات الدولة للمحافظة على الصورة الحضارية لـ"هبة رمضان"، من جهة سلمية الاحتجاجات الشعبية، ومن جهة طريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع المتظاهرين بشكل احترافي وحضاري.

 

وتابع: "ومع هذا، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، لكن يظل الرهان على الوعي الشعبي من جانب، وحرص مؤسسات الدولة على عدم الانجرار بالأردن إلى سيناريو لا يتمناه أي أردني غيور من جانب آخر".

 

وردا على سؤال حول ما يقال عن أن النظام الأردني استثمر الحراك الشعبي الداخلي لإرسال رسائل سياسية إلى جهات خارجية؟ اعتبر فروخ أن "كلا من الشعب والنظام خرج مستفيدا بشكل أو بآخر من الحراك، وهو أمر لا بأس به"، على حد قوله.

 

ووفقا للناشط السياسي والحراكي الأردني بشار الرواشدة، فإن "الحراكيين في دواخل أنفسهم يعلمون يقينا أن النظام ينحني للعاصفة مؤقتا فقط، كما فعلها أكثر من مرة من قبل، مثل هبة نيسان المجيدة، وفي بداية الربيع العربي".

 

وأوضح الرواشدة لـ"عربي21" أن "الحراكيين في هذه اللحظة يستجيبون لنداء عامة الناس في الشارع، والذين يناصروننا في الخروج معنا، وكذلك فئة الحراكيين الجدد، والذين يطالبون منا بإعطاء فرصة للرئيس الجديد، وقد قلنا لهم إننا معكم، ولكن تفحصوا مجريات الأحداث ولنا بعدها حديث، ونقولها لكم من الآن النظام يخادع، ولا يملك إرادة ونية حقيقية للإصلاح الجذري".

 

وأضاف: "ولو كانت نيته الإصلاح الحقيقي لكانت البداية من الديوان نفسه"، مؤكدا أن "الإصلاح يحتاج إلى منظومة تشريعية تمنح الحكومة ولاية عامة، وهذا لم ولن يحصل"، متوقعا "عودة الشارع إلى الاحتجاجات، وأنها ليست بعيدة، وستكون أقوى بكثير من السابق".

 

بدوره، رأى أمين عام المنتدى العالمي للوسطية، مروان الفاعوري، أن "إعطاء الحراكيين فرصة لحكومة عمر الرزاز يشير بوضوح إلى وعي هذا الحراك، وأن الحراكيين لا يريدون الوصول إلى نهايات مفتوحة وحادة".

 

وتابع: "لكن هذه الفرصة في تقديري محدودة، وليست مفتوحة، وهي فرصة تمنح للرجل الذي يحظى باحترام كل من تعامل معه، والذي يعدّ ملفه نظيفا وخاليا من أي بقعة سوداء فيما يتعلق بالفساد".

 

وإجابة عن سؤال "عربي21": كيف يمكن للحراك المحافظة على مكتسباته؟ قال الفاعوري: "بإمكان هذا الحراك الشعبي المحافظة على وهجه وتأثيره إذا نجح في تطوير إطار وطني منظم، بهيكلية محددة، وشكل جهازا رقابيا يضم في عضويته شخصيات وطنية محترمة، يتعامل مع الحكومة والأجهزة الرسمية بمسؤولية عالية، ويقدم مطالب الشارع ويدافع عنها، ويضع خارطة طريق للخروج بالوطن من أزماته السياسية والاقتصادية".

 

وأضاف: "كما إنه يستطيع أن يقوي موقف الملك بخصوص التحديات الخارجية التي يتعرض لها الأردن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقدس، ومحاولة جر الأردن إلى مواقف سياسية يمكن أن تشكل تنازلات تاريخية لا يقبل بها الهاشميون بحكم تاريخهم، ولا يقبل بها الأردنيون في انتقاص سيادتهم على وطنهم وأرضهم".

 

وأنهى الفاعوري حديثه بالتأكيد على أن "هذا الحراك الشعبي بحجمه الكبير كان مفاجئا ومذهلا لمطبخ صنع القرار في الأردن، مع أن الدولة حاولت إظهاره بصورة إيجابية، وأنه يمثل ظاهرة حضارية، وحاولت استثماره خارجيا، ما كان له أثره على مبادرة السعودية والكويت والإمارات لتقديم الدعم للأردن، حتى لا يضطر إلى البحث عن بدائل وخيارات أخرى، وفي الوقت نفسه خوفا من امتداد هذا الحراك إلى الدول المجاورة، بما يشكله من تهديد كبير لأمنها الوطني".

التعليقات (0)