صحافة إسرائيلية

الكشف عن مفاوضات سرية بين إسرائيل وكوريا الشمالية بالتسعينات

الرئيس الكوري الجنوبي بدأ انفتاحه على العالم مؤخرا- جيتي
الرئيس الكوري الجنوبي بدأ انفتاحه على العالم مؤخرا- جيتي

كشف معهد القدس للشئؤون العامة والدولة معلومات أولية عن مفاوضات إسرائيلية جرت أوائل سنوات التسعينات مع كوريا الشمالية.


ونقل المعهد عن إيتان بن تسور، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، في مقابلة ترجمتها "عربي21"، عن "اتصالات سرية أجراها خلال حقبة اسحق رابين حين كان رئيسا للحكومة وشمعون بيريس وزيرا للخارجية، بين تل أبيب وبيونغيانغ، لكن فرصة تاريخية ضاعت لتحسين علاقاتهما، حين ترأس تلك الدولة كيم سونغ إيل، جد الحاكم الحالي ومؤسس الدكتاتورية الكورية المعاصرة".

 

وأضاف بن تسور "أن هذه المفاوضات كشف عنها جاك ناريه، المستشار السياسي السابق لرابين، في كتابه المعنون "بين رابين وعرفات"، وبدأت حين كان بن تسور رئيسا لطاقم المفاوضات الإسرائيلي أمام الفلسطينيين، عقب انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، وانطلاق المفاوضات في واشنطن في 1992".

 

وأوضح أن "رجال أعمال في نيويورك لديهم شركاء أمريكيون من أصل كوري جنوبي، ويديرون أعمالا تجارية في جناحي كوريا؛ الشمالي والجنوبي، توجهوا إليه حين كان في واشنطن، عقب عودتهم من كوريا الشمالية، ووصفوا الوضع هناك بأنه أسوأ ما يكون، على خلفية السياسة التي يتبعها الدكتاتور كيم إيل سوغ، ووجود مخاوف كبيرة من انهيار الدولة وتفككها".

 

بن تسور يكشف أن "بيريس ورابين وافقا آنذاك على الشروع في مفاوضات سرية مع كوريا الشمالية، في محاولة لتغيير أجندة العالم في هذه الدولة المغلقة، وحين نضجت ظروف زيارة وفد إسرائيلي إلى بيونغيانغ، وصل مع عدد من رجال الأعمال والجيولوجيين إلى كوريا الشمالية، وتم استقبالهم على يد المستوى السياسي الأعلى في الدولة".

 

وأضاف أن "الطلب الأول للمضيفين الكوريين الشماليين من الوفد الإسرائيلي تمثل في توفير صفقات تجارية، وإحضار رجال أعمال للعمل في مجال الاستثمار بمناجم الذهب التي تفجرت في زمن الحرب الكورية، وبالفعل فقد أحضرنا معنا عددا من الجيولوجيين الإسرائيليين لاستمرار المباحثات".

 

وأشار إلى أنه "حين عاد الوفد الإسرائيلي مجددا إلى كوريا الشمالية، شرعنا في مسارين للمفاوضات: الكوريون قدموا بالدرجة الأولى مطالب للخروج من أزمتهم الاقتصادية الخانقة، فيما أوضح لهم الجانب الإسرائيلي أنه يطلب إقامة علاقات متبادلة، وطرحوا عليهم قضايا تقلق تل أبيب خاصة بتوفير الوسائل القتالية المتطورة لبعض دول الشرق الأوسط في حينه، لا سيما الصواريخ والمنظومات التسلحية. ومع مرور الوقت، أدرك الكوريون أن الإسرائيليين لا ينوون التراجع عن مطالبهم هذه، فاستمرت المفاوضات".

 

يواصل بن تسور قائلا إن "المفاوضين الكوريين الشماليين أدركوا أن إسرائيل مصممة على مواقفها ومطالبها، وإن كانوا يريدون إقامة حوار جدي مع تل أبيب فعليهم تهدئة مخاوفها من مصادر القلق التي عبرت عنها، لا سيما صفقات الأسلحة الواصلة لإيران وسوريا بالذات، وقد فهمت كوريا الشمالية أنها مطالبة بتوفير إجابات عن تساؤلات إسرائيل الخاصة بهذه المسائل العاجلة، ووافقت بيونغيانع على رقابة إسرائيلية على موانئها التي تصدر الأسلحة كي يهدئ الإسرائيليون من مخاوفهم".

 

يلفت الدبلوماسي الإسرائيلي إلى نقطة معينة، تمثلت في أن "بعض الأوساط في الولايات المتحدة أبدت عدم رضاها عن خطوات التقارب الإسرائيلي الكوري الشمالي، رغم أن وزارة الخارجية هناك كانت داعمة بقوة لهذه الخطوة، لكن مبرر عدم الرضا الأمريكي جاء خشية أن تكون هذه الخطوات الإسرائيلية المتقاربة مع بيونغيانغ تشجيعا لمواقف الأخيرة، وبعد سنوات توجهت إليه أطراف في الخارجية الأمريكية بطلب تجديد المفاوضات مع كوريا الشمالية، لكن ذلك جاء متأخرا جدا".

 

ويختم حديثه بالقول إن "رابين وبيريس كانا مطلعين على كل تفاصيل هذه المفاوضات، بل كانت هناك إمكانية لزيارة بيريس إلى بيونغيانغ، لكن توقف المفاوضات أوجد حالة من خيبة أمل تاريخية كبيرة، ليس فقط تجاه إسرائيل، ولكن تجاه كل العالم الغربي".

التعليقات (0)