قضايا وآراء

الحراك الأردني تجنب الغرق بأزمات الإقليم

1300x600
1300x600

تسعى القيادة السياسية في الأردن الى تموضع آمن يجنبها الغرق في الازمات الاقليمية ويمكنها في الوقت ذاته من التعامل مع ازمتها الاقتصادية والدفاع عن مصالحها الاقليمية بمرونه عالية دون الخضوع لشروط سياسية او ضغوط تفقد عمّان مكانتها في الاقليم وتفقدها مرونتها السياسية وتضيق خياراتها الاقتصادية.

 

وفي ضوء هذه الرؤية جاءت زيارة وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن ال ثاني الى عمّان؛ لتؤكد على هذه الحقيقة ؛ اذ لم  يقتصر الحراك الاقليمي الاردني على محور سياسي بعينه او على اقليم دون غيره تاركا الابواب مشرعة لكل القوى والمحاور الاقليمية للتفاعل مع احتياجاته ومصالحة ؛ فهو حراك يعكس مصالح الاردن وتوجهاته السياسية في هذه المرحلة.


حراك عمّان الاقليمي منسجم مع تشخيص العاهل الاردني عبد الله الثاني للازمة قبل اسابيع بالقول: ان الاردن يتعرض لضغوط بسبب مواقفه؛ تصريح طالما تكرر على لسان الملك في اللقاءات العامة خلال الاسابيع السابقة لانفجار الحراك الاحتجاجي في الاردن الذي اطلق بدوره حراكا اقليميا تجاه الاردن من دول الاقليم.

 

الحراك الاقليمي تجاه الاردن انطلق من مكة المكرمة في لقاء ضم الملك عبد الله الثاني والعاهل السعودي سلمان وامير الكويت صباح الاحمد الصباح ونائب رئيس دولة الامارت محمد بن راشد آل مكتوم ؛ و غاب عنه ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد.. يتحول الى حراك بنكهة اردنية خالصة متجنبا العوائق والحواجز النفسية المتولدة عن التحرك الواسع للملك عبد الله الثاني.

 

فغياب ولي عهد ابو ظبي فتح الباب لتكهنات عديدة؛ فالبعض نظر اليه كشخصية اشكالية وجدلية لا في المشرق العربي بل والمغرب؛ والبعض اعتبره احد عناصر التأزيم الاقليمي وربطه آخرون بصفقة القرن والازمة الخليجية واليمنية؛ وبغض النظر عن هذه الاجتهادات والتوجهات الا ان الرسالة كانت ذات طابع سياسي صرف ومحايد.

 

فعمّان كانت معنية باطلاق حراك ديناميكي لا يعرف التوقف وقابل للتوسع؛ فالازمة الاقتصادية عميقة لا تحتمل التأجيل؛ ولا  تعالج من خلال المساعدات الاقتصادية والمنح؛ بل بانفتاح على كافة اسواق الاقليم من العراق الى سوريا وتوسيع مروحة التحالفات السياسية والاقتصادية؛ لتشمل دولة قطر وسلطنة عمان والعراق وتركيا.

 

لم تعد عمّان تملك ترف الانتظار و لا ترغب بتحمل كلف الاصطفافات والمحاور المتشاكسة والصراعات السياسية؛ فالاردن يعاني من جوار ملتهب في فلسطين المحتلة وسوريا والعراق وهو عرضة لضغوط خارجية قوية من حليفته امريكا التي تنقاد لرئيس يميني متهور منحاز في رؤيته للاقليم خصوصا في الملف الفلسطيني لرؤية صهره المتصهين جاريد كوشنر.

 

زيارة وزير الخارجية القطري لعمّان تؤكد نية عمّان انهاء القطيعة مع دولة قطر كما تؤكد على ان مروحة الحركة بالنسبة لعمان واسعة وستمتد نحو سوريا والعراق وتركيا فاتحة الابواب لعلاقات متوازنة في الاقليم ؛ اذ لا زال الاردن معنيا بفتح معبر طربيل مع العراق ونصيب مع سوريا خصوصا مع تواتر الانباء عن اقتراب الوصول لاتفاق وتفاهمات تسمح بفتح المعبر السوري ومراجعة الاتفاق التجاري مع تركيا.


ختاما الحراك الاقليمي الاردني مرن وموضوعي؛ اذ تمكن من خلال قمة مكة ايصال رسائل دقيقة الى كل الاطراف الاقليمية ؛ بانه غير معني بالتصارع الاقليمي او الغرق في الازمات السياسية؛ فعمّان معنية بحل ازمتها المتفاقمة اقتصاديا ومواجهة تحديات الاقليم وعلى راسها صفقة القرن؛ تاخر الاردن في حراكة الاقليمي الا ان حراكة الداخلي الممثل بالاحتجاجات ولد ديناميكية ايجابية اطلقت حراكا اقليميا واسعا ومتوازنا يهدف لخدمة مصالح الدولة واستقرارها داخليا وخارجيا. 

0
التعليقات (0)

خبر عاجل