ملفات وتقارير

كيف أدى الصراع داخل نداء تونس لإحداث شلل في البلاد؟

مصير رئيس الحكومة ما زال مجهولا- جيتي
مصير رئيس الحكومة ما زال مجهولا- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، سلط من خلاله الضوء على الصراع الذي يشهده حزب نداء تونس بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وبين القيادي في الحزب ونجل الرئيس التونسي، حافظ قائد السبسي. ويبدو أن مصير الشاهد بات على المحك نتيجة هذا الصراع على السلطة.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الصراع بين السبسي الابن والشاهد قد حاد بالمحادثات الوطنية حول اتفاق قرطاج 2 عن مسارها، الذي من المفترض أن يعالج الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. وقد تداعت هذه المحادثات بين النقابات العمالية والأحزاب السياسية؛ بسبب نشوب خلاف حول تنحي الشاهد عن منصبه من عدمه.

وأفاد الموقع بأن تقلد الشاهد للسلطة تزامن مع مرور البلاد في أوقات عصيبة خلال العامين الماضيين، على غرار الاحتجاجات الكبيرة والصراعات السياسية. ولعل أبرز المصاعب التي واجهها الشاهد أتت من داخل حزبه السياسي، نداء تونس. وقد بلغت المعركة المستمرة بين الشاهد والسبسي ذروتها الشهر الماضي، بعد فشل حزبهم في الانتخابات البلدية.  

وأوضح الموقع أنه في ظل تطلع الأطراف المعنية حاليا إلى إعادة إجراء محادثات قرطاج 2، ودعوة نداء تونس إلى تشكيل حكومة جديدة، يبقى مصير الشاهد غير مؤكد. وفي هذا الإطار، أخبر المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي "ميدل إيست آي" أن "هذا النزاع من شأنه أن يلحق الدمار بتونس التي تمر بفترة اجتماعية واقتصادية حرجة، إلى جانب غياب حلول حقيقة للقضايا الأساسية، مثل انخفاض قيمة الدينار وارتفاع نسبة البطالة".

وبين الموقع أن قادة نداء تونس كافحوا، منذ تأسيه سنة 2012، إلى الحفاظ على الانسجام داخل الحزب. وقد جمع هذا الحزب في تشكيلته العجيبة أعضاء من الحزب الحاكم السابق ورجال أعمال ونقابيين ليس لديهم بالضرورة قواسم مشتركة. وقد بدأت التصدعات بين مختلف الأطراف بالظهور في هذا الحزب عقب بلوغه سدة الحكم.

وبين الموقع أن أبرز المظالم التي تضمنها نداء تونس القوة والنفوذ التي استعملها حافظ قائد السبسي، الذي أصبح زعيما للحزب سنة 2014 خلفا لأبيه، للتغول على الحزب. وقد دفعت هذه الوضعية بالعديد من قادة الحزب إلى الاستقالة، على غرار محسن مرزوق.

وأشار الموقع إلى أن موجة التوترات التي اندلعت في أيار/ مايو الماضي، كانت نتيجة إطلاق الشاهد لحملة جادة لمكافحة الفساد، التي استهدفت في اليوم الأول لها شفيق جراية، وهو ممول وناشط رئيسي في الحزب. ومنذ ذلك الحين، طالت هذه الحملة العديد من الشخصيات الرئيسية الأخرى في نداء تونس ومؤيديهم، ما زاد من حدة التوتر بين مناصري الحملة وأولئك الذي يعتقدون أن الشاهد يعمد إلى إلحاق الضرر بالحزب من أجل تلميع صورته.

وأضاف الموقع أن خسارة نداء تونس في الانتخابات البلدية، الشهر الماضي، زادت من إشعال فتيل الخلاف بين الشاهد وحافظ قائد السبسي. وقد دعا الرئيس السبسي، عقب هذه النتائج وفي ظل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة في 2019، إلى استئناف محادثات قرطاج 2 في أواخر أيار/ مايو.

وقال الموقع إن حافظ قائد السبسي أصر أثناء هذه المحادثات، في 22 أيار/ مايو، على إقصاء الشاهد من منصبه، معللا موقفه بفشل الشاهد في التصدي لمشاكل البلاد الاقتصادية. وفي 27 أيار/ مايو، أشار السبسي الابن على موقع فيسبوك إلى ضرورة إجراء تعديل حكومي بسبب الوضعية الاقتصادية الحرجة والاحتجاجات العامة، وفقدان الشعب التونسي الثقة في النخبة السياسية، وخشيته من انهيار الديمقراطية في بلاده.

وأفاد الموقع بأن النائبة عن نداء تونس، وفاء مخلوف، صرحت لإذاعة موزاييك المحلية بأن السبسي الابن أصبح جزءا من المعارضة، وأنه ساهم في فشل الحزب. وفي منشور له على فيسبوك، أشار الرئيس السابق للنداء، الأزهر العكرمي، إلى ضرورة إلقاء القبض على حافظ السبسي لإنقاذ البلاد.

 

من جهته، رد الشاهد من خلال خطاب متلفز اتهم فيه نجل الرئيس بتدمير البلاد والسماح لخلافات الحزب بالتضخم والتسرب إلى مؤسسات الدولة، متعهدا بمواصلته القيام بالإصلاحات الضرورية في البلاد.

وأشار الموقع إلى أن هذه المرة الأولى التي ينتقد فيها الشاهد نجل الرئيس بصفة مباشرة، متهما إياه بإساءة استخدام نفوذ عائلته للسيطرة على مؤسسات الدولة. وعقب هذا الخطاب، علق الصحبي بن فرج، النائب السابق عن النداء في مجلس الشعب على موقع فيسبوك، قائلا إن الشاهد أوضح سبب استقالته هو والعديد من الأعضاء السابقين.

وذكر الموقع أن صابرين القوبنطيني، الناشطة السياسية في نداء تونس، رحبت بخطاب الشاهد، حيث أخبرت إذاعة موزاييك المحلية أن رئيس الحكومة خاطب الشعب بأمانة. ولكن رفض العديد من الأعضاء الآخرين في الحزب التعليق على خطاب الشاهد، مشيرين إلى أن الوضع لا يحتمل المزيد من التوتر.

 

وبيّن محمد جلال غديرة، نائب عن النداء في مجلس الشعب، أن تغيير الشاهد أو إبقاءه يعدّ مسألة برلمانية، ولا تمتلك الأطراف المتفاوضة سلطة اتخاذ القرار في هذا الشأن.

وقال الموقع إن الرئيس السبسي أوقف، في 29 أيار/ مايو، محادثات قرطاج 2، بعد تضارب آراء الأحزاب السياسية المشاركة بشأن مصير الشاهد. وفي حين طالبت العديد من الأطراف -على غرار نداء تونس والاتحاد الوطني للمرأة التونسية- باستبدال الشاهد، ترغب أطراف مقابلة -على غرار حركة النهضة والمبادرة الوطنية الدستورية- في الإبقاء عليه.

وفي الختام، أورد الموقع أن المتحدث باسم نداء تونس رفض الإدلاء بتصريح لموقع "ميدل إيست آي" في هذا الشأن، مفضلا انتظار نتائج اجتماع الحزب. وفي المقابل، صرح النائب عن حركة النهضة، البشير الخليفي، بأن حزبه قد يتراجع عن موقفه المؤيد لبقاء الشاهد. ومن المتوقع أن يستأنف الحزب المحادثات مع نداء تونس، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير مصير الشاهد على الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية. وفي ظل عدم وضوح موعد استئناف محادثات قرطاج 2، لا يزال مصير الشاهد غير محسوم.

التعليقات (0)