كتاب عربي 21

هل من مستقبل للتفاهم بين الأديان والثقافات؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
" تدعيم أسس التفاهم بين أهل الأديان والثقافات في العالم العربي".. كان عنوان المؤتمر الإقليمي الذي عقد الأسبوع الماضي في بيروت، بدعوة من منتدى التنمية والثقافة والحوار، وبالشراكة مع جمعية الأمل العراقية ومنظمة دانميشين الدانماركية، وبدعم من الاتحاد الأوروبي. وشاركت في هذا المؤتمر وفود وشخصيات لبنانية وعراقية وأردنية وسودانية وسورية ومصرية وسعودية.

ويأتي انعقاد هذا المؤتمر كتتويج لجهود مستمرة يقوم بها منتدى التنمية والثقافة والحوار، والذي يشرف عليه القس الدكتور رياض جرجور، للقيام بسلسلة مبادرات عملية في عدد من الدول العربية؛ لمواجهة التطرف والعنف وتدعيم الحوار والسلام ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر.

بعد جلسة الافتتاح التي ألقيت فيها كلمات لشخصيات رسمية ودينية؛ ركزت على أهمية الحوار وقيام الدولة من أجل مواجهة التطرف، تضمن برنامج المؤتمر عدة جلسات حول مستقبل العلاقة بين الأديان والثقافات. في الجلسة الأولى تحدث القاضي الشيخ عباس الحلبي حول التحديات التي تواجه العيش المشترك والسلم الأهلي. وقد قدّم لها وأدارها الشيخ سامي أبي المنى. والجلسة الثانية خصصت للحديث عن دور المرأة في مواجهة التحديات وبناء السلم الأهلي، وتحدثت فيها رئيسة منظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان، وقدمت لها السيدة ميراي الحاموش. والجلسة الثالثة ترأسها الأستاذ علي الأحمد، وخُصصت للحديث عن الحالة الدينية في العالم العربي، وتحدث فيها الأستاذ جعفر الشايب والسيد زيد بحر العلوم والدكتور أنطوان مسرة، واختتم اليوم الأول بعرض بعض الشهادات والخبرات محلية حول العيش المشترك من لبنان ومصر والأردن وسوريا والعراق.

وفي اليوم الثاني، خصصت الجلسة الأولى للحديث عن التنوع الديني ومخاطر التطرف العنيف، وترأسها المطران بطرس مراياتي، وتحدثت فيها السيدة ميس كريدي والدكتور عامر الحافي والدكتور وجيه قانصو. وأما الجلسة الثانية، فترأسها القس الدكتور عيسى دياب، وقدّم فيها الأستاذ محمد السماك قراءة نقدية قاسية لتجربة الحوار الإسلامي - المسيحي وتحديات العيش المشترك، ومن ثم قدمت مجموعات العمل التي شكلت نتائج أعمالها حول كيفية تعزيز أسس التفاهم بين الأديان والثقافات. كما أقيمت جلسة برئاسة القس الدكتور رياض جرجور لتقييم عمل المؤتمر والخطوات المطلوبة لتطوير هذا المشروع. وكانت الجلسة الختامية للسفير السوداني السابق في الأردن الدكتور صادق الفقية، بعنوان "ما العمل من أجل حوار عملي وفعلي في عالم مضطرب".

وقد تميزت أعمال المؤتمر بالمقاربات الجريئة التي قدمت من قبل المشاركين من شخصيات رسمية أو باحثين أو مشاركين لأزمة العيش المشترك وانتشار التطرف والعنف، وكان هناك اتفاق بين معظم المتحدثين على أن غياب الدولة والقانون وانتشار الجهل والفقر وسوء فهم الدين هي من الأسباب الجوهرية وراء انتشار العنف والتطرف، وأن هناك حاجة ماسة اليوم في كل الدول العربية لإقامة عقد اجتماعي جديد من أجل بناء دولة المواطنة والمساواة، وتأمين الحريات الأساسية للمواطنين.

ومن الملاحظات المهمة في هذا المؤتمر الإقليمي، مشاركة هيئات وشخصيات فاعلة من المجتمعات المحلية في عدد من الدول العربية، وتقديم هذه الشخصيات تجاربها العملية وشهادات واقعية عن المعاناة التي تواجهها في دولها، وكيفية العمل لتعزيز التواصل والحوار بين أهل الأديان والثقافات.

وفي خلاصة أعمال هذا المؤتمر، والذي سيتابع جهوده طيلة السنوات المقبلة، يمكن الاستنتاج أن: ما عاناه العالم العربي والإسلامي طيلة السنوات الأخيرة من انتشار التطرف والعنف لا تزال آثاره جاثمة على كل مجتمعات المنطقة، وأن التخلص من تنظيم داعش وأمثاله من خلال الحروب الأمنية والعسكرية لا ينهي الأزمات القائمة في هذه المجتمعات؛ التي تعاني من تشوهات فكرية وإنسانية واجتماعية. وكل ذلك يتطلب خطة متكاملة من كل الهيئات والمؤسسات الدينية والرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، وإن كان الطريق الأقصر لمواجهة كل هذه التحديات هو: قيام الدولة العادلة، دولة المؤسسات والمواطنة والقانون، واحترام الحريات، والتنمية الشاملة، وتجديد الفكر الديني من أجل فهم جديد للدين والعالم، فهل هناك من يتصدى لهذه المهمات الكبيرة في عالم اليوم؟
التعليقات (1)
مُواكب
الأربعاء، 27-06-2018 10:06 م
سُؤال عُنوان المقال في شقِّه: هل من مستقبل للتفاهم الثقافي؟ يُمكن القول أن الثقافات في عصر الأرض "ضيعة كونية" تتكامل ولا تتحارب. والشق الآخر من السؤال: هل من مستقبل للتفاهم بين الأديان؟ فبعد سُقوط مليون ضحية من المسلمين السنة الأبرياء وتشريد الملايين من البشر ومآسي أُخرى لا تُحصى وقعت على أيدي أبناء الدين الشيعي، والذين لم يتوانوا حتى عن الانضواء والقتال تحت رايات الصليب الروسي البوتيني لِإبادة أهل السنة، بعد كل هذا يظن الكاتب أنَّه من الممكن التفاهم بين خامنئي ايران ونصر الشيطان من جهة، كزعماء الدين الشيعي، وبين دين الشفافية، الإسلام الحنيف. لا بُد أنَّ كاتِب المقال ما يزال يعتقد أن الأرض سطحٌ ممتد بلا حدود.