سياسة عربية

هيئات وشخصيات مغربية تدين الأحكام القاسية على نشطاء الريف

تناسلت البيانات التنديدية لمكونات حزبية في المعارضة والحكومة - أرشيفية
تناسلت البيانات التنديدية لمكونات حزبية في المعارضة والحكومة - أرشيفية

مازالت تداعيات قرار غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء القاضي بالحكم على نشطاء حراك الريف بين سنة وعشرين سنة سجنا نافذا تلقي بظلالها على الشارع المغربي بمختلف أطيافه وانتماءاته السياسية والإيديولوجية.

حيث تناسلت البيانات التنديدية لمكونات حزبية في المعارضة والحكومة، كما تناسلت التصريحات والتدوينات لشخصيات سياسية وحقوقية مغربية، اتفقت جميعها على إدانة الأحكام القاسية في حق نشطاء حراك الريف الذين أخرجتهم مطالب اجتماعية واقتصادية وتنموية في خريف 2016، محذرة من ردة حقوقية تعيد المغرب لسنوات الرصاص.

لا يمكن للحكومة التدخل
قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، إن "الحكومة لا يمكنها التدخل في أحكام القضاء"، موضحا أن "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية".

 

اقرأ أيضا20 سنة سجنا "للزفزافي" وأحكام قاسية بحق معتقلي الريف

وأضاف الخلفي خلال الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي، اليوم الخميس، أن "القضاء هو من له معرفة بحيثيات الملف، وأن الأحكام الصادرة بحق معتقلي الريف ابتدائية ولازالت هناك مرحلة الاستئناف وسلك جميع مراحل التقاضي".

الأحكام لن تسهم في إذكاء جو الانفراج
قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (الأغلبية)، نبيل بنعبد الله، في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك": "كما هو الشأن بالنسبة لأوساط مغربية عديدة، ساءتنا كثيرا الأحكام القضائية القاسية الصادرة في حق نشطاء الريف".

وأضاف: "ومع احترامنا لاستقلالية القضاء، فإننا في حزب التقدم والاشتراكية نعتبر أن هذه الأحكام لن تسهم في إذكاء جو الانفراج الذي نتطلع إلى أن يسود في بلادنا"، معربا عن أمله في "أن يتم إعمال كافة سبل المراجعة القانونية والقضائية الممكنة بالنسبة لهذا الملف بِمَا يمكن من ضخ النفس الديمقراطي اللازم في الحياة السياسية الوطنية".

يجب إذكاء قيم العفو والصفح
الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ورئيس مجلس المستشارين، حكيم بن شماش، وصف في تصريحات صحفية الأحكام الصادرة في حق نشطاء حراك الريف المعتقلين بسجن "عكاشة" بالدارالبيضاء، بـ"القاسية جدا وغير المتماشية مع ما راكمته بلادنا في المجال الحقوقي".

وأشار إلى أن الحكومة تلكأت في معالجة المطالب الاقتصادية والاجتماعية التي وصفها بالمشروعة لسكان الريف الذين خرجوا في احتجاجات منذ خريف 2016، "بالجدية المطلوبة وبروح المسؤولية الوطنية العالية"، مؤكدا أن حزبه "المؤمن بقدرة الذكاء الجماعي الوطني على تغليب صوت الحكمة وإذكاء قيم التجاوز والصفح والعفو، يعكف على دراسة كل الإمكانات المتاحة لطي هذه الصفحة والتفرغ لاستكمال مسيرة بناء وطن يتسع لجميع أبنائه".

العدالة والتنمية: أحكام قاسية وظالمة
اعتبرت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بالحسيمة، في بيان توصلت "عربي21" بنسخة منه، أن الأحكام الصادرة عن نشطاء حراك الريف، أول أمس الثلاثاء، بالدارالبيضاء، هي "أحكام قاسية وظالمة في حق شباب أجمع المنصفون وشهد العالم بشرعية مطالبهم وسلمية احتجاجاتهم".

وأوضح الحزب الذي يقود الحكومة، أن مطالب سكان الريف "هي مطالب اجتماعية واقتصادية وثقافية وحقوقية عادلة ومشروعة، وعلى الدولة أن تتفاعل إيجابا معها"، مشيرة إلى أن مسارات هذا الملف منذ بداياته الأولى، وصولا إلى الأحكام الصادرة يوم الثلاثاء، "عرفت العديد من المنزلقات والخروقات على أكثر من مستوى، وهو ما ساهم ويُساهم في تأجيج الأوضاع أكثر بالمنطقة".

 

اقرأ أيضاالأحكام القاسية بحق نشطاء الريف تخرج المغاربة إلى الشارع

وأكدت الكتابة الإقليمية للحزب "أن المقاربة الأخيرة مع حراك الريف والأحكام الصادرة في حق نشطائه، أحيت جراح الماضي، وضربت في العمق كل ما راكمناه على المستوى الحقوقي، بفضل نضالات وتضحيات أبناء الشعب المغربي"، وطالبت بالإفراج الفوري عن محكومي قضية حراك الريف، داعية "الجميع لتغليب منطق التعقل والحكمة في التعامل مع هذا الملف".

المحاكمات سياسية
من جانبها، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، في بيان توصلت "عربي21" بنسخة منه، إن المحاكمات ضد نشطاء "حراك الريف" والحركات الاحتجاجية الاجتماعية "محاكمات سياسية" ومعتقليها "معتقلين سياسيين"، وطالبت الدولة إطلاق سراحهم، وإسقاط التهم والمتابعات في حقهم لـ "تهيئ الأجواء الضرورية للحد من الاحتقان الاجتماعي والسياسي، وفتح حوار جاد ومسؤول مع النشطاء والمحتجين يفضي للاستجابة لمطالبهم المشروعة والعادلة".

كما نددت الجمعية بالأحكام الصادرة عن غرفة الجنايات بالدار البيضاء، في حق نشطاء حراك الريف، والأحكام السابقة الصادرة عن محكمتي الاستئناف والابتدائية بمدينة الحسيمة، ووصف البيان الأحكام بأنها "انتقامية ضد مناضلين سلميين مارسوا حقهم في الاحتجاج السلمي، من أجل مطالب اعترف المسؤولون أنفسهم بعدالتها ومشروعيتها".

وأوضحت الجمعية أن "المحاكمة انعدمت فيها معايير وشروط المحاكمة العادلة"، مبررة قولها بأن "المتابعات والتهم والملفات مفبركة، والاعتقالات تعسفية وسياسية".

ودعت الجمعية "كل الهيئات الديمقراطية ببلادنا الحقوقية والسياسية والنقابية والجمعوية والنسائية والشبابية لتوحيد الجهود والنضال، لفرض إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ببلادنا، واحترام حق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي، وسن سياسات تستجيب للحاجيات الحقيقية للمواطنات والمواطنين، واحترام الدولة لالتزاماتها الدولية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان".

ردة قاسية 
أعربت "المبادرة المدنية من أجل الريف" (غير حكومية)، في بيان اطلعت عليه "عربي21"، عن تخوفها من "ردة قاسية قد تأتي على مكتسبات بلادنا في المجال الحقوقي التي قدمت الأجيال من أجلها الغالي والنفيس"، بعد النطق بالحكم القاسي على نشطاء حراك الريف، أول أمس الثلاثاء بالدارالبيضاء.

وأعلنت المبادرة عن استغرابها لهذه الأحكام داعية إلى "تكثيف العمل من أجل تجاوزها بكل الطرق المشروعة".


وأكدت المبادرة أن "الأحكام القاسية الصادرة في حق عدد من النشطاء تؤشر بوضوح إلى أن الدولة لا تستحضر التحولات النوعية الجارية داخل المجتمع ودلالاتها على المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها".

ودعت المبادرة الدولة إلى "القيام بمبادرة سياسية أساسها ترسيخ المصالحة مع منطقة الريف واستكمال لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، وإعمال لمسلسل الإنصاف والمصالحة وضمان الانتقال الديمقراطي وذلك بتمتيع المعتقلين على خلفية الحركة الاجتماعية السلمية للحسيمة ونواحيها بالإفراج العاجل".

الأحكام انتقامية
من جانبها، وصفت شبيبة حزب التقدم والاشتراكية (الأغلبية)، الأحكام التي أصدرتها غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاسئتناف بالدارالبيضاء في حق المعتقلين على خلفية أحداث الريف بـ"الأحكام الجائرة".
 
وقالت الشبيبة، في بيان توصلت "عربي21" بنسخة منه، إن "هذه الأحكام الانتقامية تجسد منطق الحكرة التي تمارسها الدولة على أبناء الشعب المغربي من الفقراء والمحرومين، في رسالة غير مشفرة مفادها أن الكرامة والعدالة الاجتماعية والحق في العيش الكريم لا تناسب مقاسهم ولا هيئتهم ولا طبقتهم، وأن بعض المكتسبات المنتزعة في مجال الحقوق والحريات، هي منة على هذا الشعب، يجب تذكيره بسنوات الرصاص، والزنازين، والخوف، في كل مرة تجاوز فيها الحدود، وحاول الاحتجاج لتحقيق المزيد من المكتسبات".

ودعت الشبيبة "بمراجعة هذه الأحكام وإطلاق سراح المعتقلين وإعادة الاعتبار لهم ولعائلاتهم خدمة لمصلحة الوطن"، مجددة "تضامنها المبدئي واللامشروط مع كافة المعتقلين وعائلاتهم وتطالب بتحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة".

عودة لسنوات الرصاص
بدورها قالت شبيبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (الأغلبية)، في بيان توصلت "عربي21" بنسخة منه، إن الأحكام "القاسية والانتقامية" التي أصدرتها هيئة الحكم المكلفة بالنظر في ملف معتقلي أحداث الحسيمة، "ترجعنا سنوات إلى الخلف، وتذكرنا بسنوات الجمر والرصاص والقمع".

واعتبرت الشبيبة الاتحادية الحكم "سياسيا"، خصوصا وأن الأحكام مبنية على تهم لا أساس لها من الصحة وتهدف بالأساس إلى الانتقام من ساكنة الحسيمة والريف الكبير عموما في محاولة لإعادة سيناريو سنة 1958.

 

اقرأ أيضا: منظمات دولية تندد بالأحكام القاسية ضد نشطاء حراك الريف

وأكدت الشبيبة أنه "لا مصالحة فعلية مكرسة مع الريف، وأن ما يروج هناك مجرد استمرار لقمع واضطهاد ساكنة الريف الرافضة للتهميش والإقصاء والتواقة إلى الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، في الوقت الذي تجد فيه المجرمين الحقيقيين وناهبي المال العام يتمتعون وينعمون بالحرية والحماية للأسف".

وأعربت الشبيبة عن إدانتها الشديدة للأحكام القاسية والانتقامية الصادرة في حق المعتقلين السياسيين على خلفية حراك الريف التي ترجع بنا إلى ممارسات سنوات الجمر والرصاص، داعية إلى إلغاء كل المتابعات والمحاكمات الصورية الصادرة في حق مناضلي الحسيمة.

وطالبت بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين على خلفية حراك الريف بشكل فوري، مقرة بأنه "لا مصالحة حقيقية مع الريف وساكنته دون نهج سياسة تنموية حقيقية"، منبهة إلى "خطورة ما قد تؤول إليه تداعيات هذه الأحكام من تهديد لاستقرار وأمن المملكة وخلق الفتنة بين أبنائها".

تصفية حسابات
العدل والإحسان (أكبر جماعة إسلامية معارضة بالمغرب)، اعتبرت الأحكام الصادرة على نشطاء حراك الريف "توظيفا واضحا للقضاء في تصفية حسابات سياسية فجة مع مواطنين أحرار خرجوا ليعبروا بشكل سلمي وحضاري عن مطالب مشروعة تهم حق أبناء هذا البلد في أن تسخر ثروات وطنهم في العدالة والعيش الكريم".

ودعت الجماعة، في بيان لدائرتها السياسية توصلت "عربي21" بنسخة منه، إلى "إلغاء هذه الأحكام الجائرة كما ندعو كل أحرار البلد إلى رفضها وإلى الوقوف صفا واحدا متراصا في وجه هذا التغول الخطير للسلطة والذي تجاوز كل الحدود بحرصه على قمع كل الأصوات الحرة التي تدافع عن مطالب مشروعة لتبقى لها اليد الطولى تتصرف كما تشاء في ثروات البلد تبذيرا وفسادا وشراء للذمم وإنفاقا سفيها بدون أي محاسبة"، وفق قولها.

وأوضحت الجماعة أن "هذه الأحكام تضع الفاعلين السياسيين أمام امتحان عسير ومسؤولية جسيمة خصوصا المنخرطين في العملية السياسية المخزنية الذين حرضوا مباشرة وجهارا على هذا الظلم الفظيع عندما اتهموا المحتجين السلميين بالتهم الباطلة المعلومة بالانفصال وإثارة الفتن . فالمغرب لمن يقرأ عمق الأحداث والتحولات الجارية في مفترق طرق واضح لكل بصير".

وتساءلت: "فهل تأخذ البعض منا العزة بالإثم فيفتح مستقبل البلد على المجهول؟ أم نتصالح مع الذات ونقر الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية للجميع فينجو البلد بجميع أبنائه".

تعميق الجراح
بدورها، قالت الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان إن "المقاربة الأمنية الزجرية المتبوعة بالمحاكمات الماراطونية أمام قضاء يشهد قضاته بعدم استقلاليته، قد تخمد نار الاحتجاج مؤقتا، وقد تخنق أصواتا، وتكمم أفواها، وتجمد أقلاما إلى حين، وقد تفرز نفاقا وانتهازية، لكنها لن تغير موقفا، ولن تصنع رأيا، ولن تبني وطنا. بل في المقابل تعمق الجراح ولا تداويها، وتؤجج الغضب ولا تطفئه".

وسجلت في بيان توصلت "عربي21" بنسخة منه، أن "ورش المصالحة والعدالة الانتقالية وجبر الضرر الجماعي خطوة تاريخية تنتظر استئنافها بنفس جاد. ولعل مناطق الريف من المناطق المعنية بهذا الأمر"، مستدركة: "لكن أحكام اليوم تعود بنا إلى ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

ولفتت الهيئة الحقوقية للجماعة إلى أن الترويج لمقولات الخيانة والانفصال والداعشية والإرهاب ووجود جهات سياسية همها صناعة الاحتجاج وعبارات السب والقذف وغير ذلك مما واكب هذه الأشكال الاحتجاجية الشعبية من ردود أفعال رسمية وغيرها، "أخطاء قاتلة لا ينبغي أن تصدر عن مسؤول.. وإن الاعتقالات والمحاكمات هي إحدى الدوافع الرئيسة وراء نهج الشعب لأسلوب المقاطعة… فإذا كانت الحاجة أم الاختراع في تاريخ البشر لضمان سعادة ورفاهية الإنسان، فلا يليق أن يكون القمع أب الابتكار لوسائل الاحتجاج عندنا"، وفق تعيرها.

 

خيبة أمل

من جانبها، عبرت حركة التوحيد والإصلاح (مقربة من حزب العدالة والتنمية)، عن خيبة أملها من الأحكام التي وصفتها بـ"القاسية والصادمة" على نشطاء حراك الريف.

 

وقال رئيس الحركة، عبد الرحيم شيخي، في تصريح صحفي، إننا "فوجئنا بالأحكام التي صدرت في حق معتقلي الحراك الذي شهدته مدينة الحسيمة وضواحيها".

 

وأضاف: "نعتبرها قاسية وصادمة ومخيبة للأمل الذي عبرنا عنه في نداء "من أجل كرامة المواطن واستقرار الوطن" الذي أصدرته الحركة في 20 من رمضان السنة الماضية ( 15 حزيران/ يونيو 2017)، سواء من حيث المقاربة التي دعونا فيها السلطات المعنية إلى اعتماد معالجة شاملة تنحاز إلى قيم الحوار وتغلب المنطق التنموي وتنتصر للبعد الحقوقي والسياسي، أو من حيث الاستجابة لما نادينا به، إلى جانب العديد من الفاعلين، من دعوة إلى الإفراج عن المعتقلين، استلهاما للمنهجية والمقاربة التي أرستها تجربة الإنصاف والمصالحة وتخفيفا لحالة الاحتقان والتوتر، وتوفيرا لأجواء الثقة التي تعتبر أساسا لأي مبادرة لحل ناجع ودائم". 


وكانت الغرفة الابتدائية بمحكمة الجنايات بالدار البيضاء قد وزعت في وقت متأخر من ليل أمس الثلاثاء، أحكاما بالسجن النافذ بحق معتقلي حراك الريف وصلت إلى 308 سنوات سجنا، كان أقساها، في حق ناصر الزفزافي قائد الحراك (20 سنة)، ونبيل امحجيق (20 سنة)، ووسيم البوستاتي (20 سنة)، وسمير اغيد (20 سنة).

التعليقات (0)