صحافة دولية

NYT: الروس يعرضون صفقات تجارية على أكبر داعم لبريكسيت

نيويورك تايمز: بينما كان بانكس ينفق ثمانية ملايين جنيه إسترليني للترويج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي- أ ف ب- أرشيفية
نيويورك تايمز: بينما كان بانكس ينفق ثمانية ملايين جنيه إسترليني للترويج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي- أ ف ب- أرشيفية
تناولت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا عن علاقة الروس بالثري البريطاني آرون بانكس، الذي يعدّ من أكبر داعمي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وفيما يلي نص التقرير الذي ترجمته "عربي21":

طالما تفاخر آرون بانكس، الثري البريطاني الذي مول حملة مطالبة بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، بالغداء الذي تناوله مع السفير الروسي ودارت فيه أقداح الخمور بينهما على مدى ما لا يقل عن ست ساعات، وذلك قبل التصويت على قرار الخروج بثمانية شهور. 

بعض الناس أثار فضولهم اقتران السيد بانكس بزوجة روسية المولد، وتساءلوا عن مغزى أن يحتوي رقم سيارتهما الفاخرة على اسم جهاز المخابرات البريطانية MI5، حيث إن الرقم هو X MI5 SPY، ولئن كان السيد بانكس في العادة يضحك ساخرا ممن يتساءل عن ارتباطاته بالكريملين. 

أما الآن، فتشير مجموعة من رسائل الإيميل المسربة التابعة للسيد بانكس إلى أنه وبعض مستشاريه المقربين يرتبطون بعلاقات حميمية بالدبلوماسيين الروس تفوق كل ما كان قد كشف عنه من قبل.

بينما كان السيد بانكس ينفق أكثر من ثمانية ملايين جنيه إسترليني للترويج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي المحصلة التي كان الروس يتطلعون بشغف إليها، كانت اتصالاته بالدبلوماسيين الروس في لندن تفتح الباب له على ما لا يقل عن ثلاث فرص استثمارية من شأنها أن تعود عليه بأرباح جمة في مناجم الذهب والماس المملوكة للروس. 

وبات معلوما الآن أن واحدا من شركاء السيد بانكس وزميله في دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو ما يسمي "بريكسيت"، حصل من الروس على صفقة واحدة على الأقل من هذه الصفقات. 

تثير المعلومات المتوفرة عن هذه المباحثات التجارية، التي لم يكشف النقاب عنها من قبل، تساؤلات حول ما إذا كان الكرملين قد سعى إلى مكافأة شخصيات بارزة في حملة المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبقدر ما تجري في واشنطن التحقيقات على قدم وساق فيما إذا كانت حملة دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية قد تعاونت مع الروس، تنشغل بريطانيا حاليا بالبحث عما إذا كانت روسيا قد حاولت استخدام علاقاتها الحميمية ببعض المواطنين البريطانيين للترويج لبريكسيت.

في واشنطن، تمكن المحققون التابعون للمحقق الخاص روبرت إس مولر الثالث، وكذلك الديمقراطيون من أعضاء لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، من الحصول على تسجيلات لاتصالات السيد بانكس، بما في ذلك ما جري منها بينه وبين الدبلوماسيين الروس حول الصفقات الروسية التجارية. 

كما أبدوا اهتماما خاصا بالعلاقات الوثيقة التي تربط السيد بانكس وغيره من قيادات حملة بريكسيت مع حملة ترامب الرئاسية. 

في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2016، التقى بانكس بالرئيس المنتخب ترامب في برج ترامب. ولدى عودته إلى لندن، تناول السيد بانكس غداء آخر مع السفير الروسي حيث تناقشا حول زيارة ترامب. 

يقول النائب آدم بي شيف، ممثل ولاية كاليفورنيا في مجلس النواب الأمريكي، وعضو لجنة الاستخبارات في المجلس: "مما رأيناه، وجدنا تماثلا غير اعتيادي بين التدخل الروسي في بريكسيت والتدخل الروسي في حملة ترامب."

ويضيف: "يبدو أن الروس كانوا يغرون واحدا من أكبر داعمي بريكسيت بمحفزات مالية وصفقات تجارية ذات علاقة بمناجم الذهب ومناجم الماس."

وفي وقت مبكر من هذا الشهر، مثل السيد بانكس أمام لجنة برلمانية للشهادة جزئيا للإجابة على أسئلة حول علاقاته الروسية، وأقر بأنه عقد ثلاثة اجتماعات – كان اثنان منها على غداء والآخر على كوب من الشاي، بحسب ما عبر عنه في مقابلات لاحقة– وذلك مع السفير الروسي أليكسندر في فاكوفينكو، سوى الغداء الخمري الشهير الذي ورد ذكره آنفا. 

كما أقر بصحة التقارير التي تحدثت عن أن السفير دعاه للاستثمار في تعزيز ستة من مناجم الذهب الروسية، وهو العرض الذي قال إنه رفضه في نهاية المطاف. 

إلا أن السيد بانكس لم يذكر في شهادته شيئا عن فرصتين أخريين كان يمكن أن تعودا عليه بأرباح جمة وردت تفاصيلهما في سجلات المراسلات الإلكترونية الخاصة به. 

أما إحداهما فكانت تتعلق بشركة ألروزا، شركة التنجيم عن الماس التي تملكها الدولة في روسيا، بينما كانت الأخرى تتعلق برجل أعمال روسي – ورد وصفه في رسالة إيميل موجهة إلى السيد بانكس بأنه "أوليغاركي صغير" – وبمنجم للذهب في كوناكري، بدولة غينيا. 

وفي مقابلة أجريت معه يوم الجمعة، أقر السيد بانكس بأن تلك الصفقات التجارية الأخرى كانت قد اقترحت عليه، إلا أنه قال بأنه لم يمض قدما في إبرام أي منها. ونفى نفيا قاطعا أن يكون قد بدر منه ما يسيء، مشيرا إلى أن معارضته للاتحاد الأوروبي سبقت بزمن طويل لقاءه مع السفير الروسي. 

وقال إن أي محدثات تجارية تمخضت عنها هذه اللقاءات لم تكن ذات بال لأنه لم يبرم مع الروس أي صفقات، ولذا، وبعد أن تعرضت رسائله الإلكترونية للسرقة، لا يوجد ما يدينه على الإطلاق. 

إلا أن داميان كولنز، رئيس اللجنة البرلمانية التي تحقق في احتمال أن يكون الروس قد لجأوا إلى التضليل للتأثير على التصويت على قرار بريكسيت، قال إنه رأي سجلا للرسائل التي تتحدث عن استثمارات محتملة في المناجم الروسية، وأثار تساؤلات حول النوايا الروسية تجاه السيد بانكس. 

وقال السيد كولنز في مقابلة أجريت معه: "السؤال المطروح هو: لماذا يقدم الروس مثل هذه الخدمة لبانكس؟" وأضاف: "الذي يبدو في الظاهر هو أن روسيا قررت بأنه شخص يرغبون في التعامل معه ويريدون له أن يثري وأن ينجح – ومجاراة لهم في ذلك سعى السيد بانكس إلى إخفاء المدى الذي ذهبت إليه اتصالاته مع الروس."

أصبح السيد بانك ثريا لأول مرة – رغم أنه غير حاصل على أي مؤهل جامعي – عندما بدأ في إنشاء شركات تأمين تخصصت في بيع بوليصات التأمين لسائقي الدراجات النارية والشاحنات الصغيرة. وهو الآن يملك شبكة معقدة من مشاريع التأمين والتمويل بالإضافة إلى بعض مناجم الماس في جنوب أفريقيا، حيث كان والده من قبل يدير مزارع لإنتاج قصب السكر. 

نال الشهرة لأول مرة في بريطانيا من خلال دوره في الحملة المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ونشر مذكرة للحملة بعنوان "فتية بريكسيت الأوغاد". 

سربت بعض رسائله الإلكترونية للوهلة الأولى إلى الصحافة البريطانية مطلع هذا الشهر. إلا أن مجمل رسائله، التي وصفها لصحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع عدد من الناس الذين قرأوها، تكشف عن معلومات جديدة حول تعاملات السيد بانكس التجارية الموسعة مع الروس. 

في مقابلة الجمعة اعترف السيد بانك أخيرا بلقاء رابع جمعه بالسفير الروسي، رغم أنه أصر على أن تصريحه أمام اللجنة البرلمانية حول الغداءين وكوب الشاي كان "دقيقا نسبيا". 

وقال إن رسائله الإلكترونية ربما خلقت انطباعا بوجود علاقات أوسع وأكثف وذلك بسبب الكثير من الرسائل التي تبادلها مستشاره الإعلامي أندرو ويغمور مع الدبلوماسيين الروس في معرض الترتيب للقاءات أو فيما يتعلق بحضور بعض المناسبات التي نظمتها السفارة. 

وقال السيد بانكس: "لم أنف أننا كنا على علاقة ودية مع السفير." وأضاف: "من الطبيعي جدا أن يقوم دبلوماسي ما بتعريفك على رجال أعمال آخرين. هكذا تسير أمور التجارة على كل حال."

حصل الاتصال الأول بين السيد بانكس والسفارة الروسية في أيلول/ سبتمبر من عام 2015 وذلك خلال مؤتمر لتأييد حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي نظمها الحزب البريطاني المستقل "يوكيب". 

حينها، اجتمع هو والسيد ويغمور مع دبلوماسي روسي اسمه أليكسندر أودود، والذي ورد اسمه فيما بعد ضمن قائمة من ثلاثة وعشرين شخصا طردوا من بريطانيا للشك بممارستهم للتجسس، وذلك بعد عملية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرجي في سكريبال على التراب البريطاني. 

في نفس المقابلة، قال السيد بانكس إنه والسيد ويغمور سألا السيد أودود ما إذا كان بإمكانهما مقابلة السفير "لأننا اعتبرنا أن مثل ذلك اللقاء سيكون مفيدا ومهما". 

دون السيد بانكس في يومياته أنه في اللقاء الأول مع السفير، والذي كان اجتماعا على الغداء، ضيفه السفير قارورة خاصة من الفودكا زعم أنها أنتجت خصيصا لستالين. 

وقال السيد بانكس في المقابلة إنه قال أثناء الاجتماع مع السفير إنه يملك مناجم للماس في جنوب أفريقيا، فما كان من السفير إلا أن دعاه إلى لقاء آخر في وقت لاحق من الشهر وذلك لتعريفه على رجل أعمال روسي يعرض فرصة للاستثمار في مشروع مقترح لتعزيز وتدعيم ستة مناجم ذهب روسية. 

بعد ذلك، وجه السيد بانكس رسالة إلكترونية إلى رجل الأعمال الروسي سيمان بوفارنكن يقول له فيها "أنا مولع جدا بالذهب وحريص على إلقاء نظرة."

كان السيد بانكس مهتما جدا بالأمر لدرجة أنه سعى للحصول على نصيحة نيك فان دير برول، وهو مصرفي متخصص في الاستثمار ولديه اطلاع على أوضاع مناجم الذهب والماس الروسية. وفي كانون الثاني/ يناير من عام 2016، كتب السيد بانكس رسالة إلكترونية وجهها إلى السيد فان دير برول حول ما قال إنه "لعبة الذهب". 

كتب السيد بانكس يقول: "أنوي أن أمر لرؤية السفير أيضا." وأرسل نسخة من الإيميل إلى السيد أودود، الدبلوماسي الذي طرد فيما بعد لاتهامه بالتجسس. 

قال السيد بانكس إنه لم يشارك أبدا في صفقة الذهب تلك. 

ولكن يبدو أن السيد بوفارينكن عرض عليه فرصة روسية مختلفة – مع شركة الماس ألروزا. 

كانت الحكومة الروسية حينها، وهي صاحبة أكبر حصة من الأسهم في الشركة، تنوي بيع عشرة بالمائة من حصتها. وفي السادس عشر من يناير من عام 2016، كتب مستشار استثمارات يعمل لصالح السيد بانكس رسالة إلى السيد بوفارينكن يخبره فيها أن فريق السيد بانكس "لم ينس مشروعك الخاص بشركة ألروزا." وذلك بحسب ما أدلى به أشخاص اطلعوا على سجلات رسائل الإيميل المذكورة. 

وبعد أيام قليلة قام السيد فان دير برول، وهو نفسه مصرفي الاستثمارات الذي اتصل معه السيد بانكس ليستشيره في شأن صفقة الذهب، بتوجيه رسالة إيميل منفصلة حول فرص الاستثمار في الماس. 

وكان السيد بانكس قد قال بداية في مقابلات أجريت معه في وقت مبكر من هذا الأسبوع إنه لم يكن يعلم شيئا عن مشروع ألروزا. ثم فيما بعد قال إنه تذكر أنه سمع عنه من المصرفي المختص بشؤون الاستثمار ولكنه لم يتابع الأمر من بعد. 

لكن صديقه وشريكه في التجارة ورفيقه في دعم حملة بريكسيت للخروج من الاتحاد الأوروبي، واسمه جيمس ميلون، شارك في المشروع. 

من الجدير بالذكر أن السيد ميلون، وهو مستثمر بارز يقيم في جزيرة "آيل أوف مان"، شريك للسيد بانكس في مؤسسة استثمارية توجد على أرض الجزيرة. جنى السيد ميلون مئات الملايين من الدولارات من الاستثمار في روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وفي كثير من الأحيان بالتنسيق والتعاون مع رجال أعمال مقربين من الرئيس فلاديمير بوتين. 

والسيد ميلون هو الذي عرف السيد بانكس على نايجل فراج، رافع لواء مناهضة الاتحاد الأوروبي في بريطانيا والذي أصبح المستفيد الرئيسي من تبرعات ومساهمات السيد بانكس أثناء حملة بريكسيت المطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي. 

وبعد ثلاثة أسابيع من التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، باعت الحكومة الروسية حصتها في شركة ألروزا في عرض خاص لمجموعة محصورة من المستثمرين. تم بيع الأسهم بسعر مخفض مقارنة بسعر السوق في ذلك الوقت الذي كانت قيمة الأسهم والماس فيه آخذة بالارتفاع. 

يملك السيد ميلون شركة متخصصة في إدارة الاستثمار اسمها تشارليمان كابيتال، وكانت هذه الشركة واحدة من عدد محدود من المستثمرين سمح لهم بالمشاركة. 

يقول دينهام إيك، الذي يمثل السيد ميلون، إن السيد ميلون نأى بنفسه عن الإدارة اليومية لشؤون شركة تشارليمان كابيتال، وأن أي قرارات بالاستثمار تكون في العادة صادرة عن لجنة رسمية. 

وأضاف إن استثمارات السيد ميلون التجارية في روسيا لا علاقة لها بمعارضته للاتحاد الأوروبي ولا علاقة لها بالسيد بانكس. 

برزت فرصة الاستثمار الروسية الثالثة في شهر نيسان/ إبريل من عام 2016، في أوج حملة بريكسيت المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. 

وهناك مصرفي مستثمر آخر لديه ارتباطات بروسيا كان قد كتب إلى السيد بانكس حول إمكانية بيع منجم للذهب في كوناكري في غينيا. ورد في الرسالة وصف لمالك المنجم على أنه روسي "أولغاركي صغير" وهو "يشترك معك في حبك للمعدن الأصفر"، طبقا لما كتبه المصرفي، وذلك بشهادة أشخاص أتيحت لهم الفرصة للاطلاع على رسائل الإيميل. 

في مقابلة الجمعة المشار إليها آنفا، قال السيد بانكس في البداية إنه لم يتذكر حدوث مثل هذا النقاش، ولكنه عاد واتصل فيما بعد ليقر بأن اللقاء حصل فعلا في العاشر من أيار/ مايو من عام 2016، وأن الاجتماع فيما يبدو اشتمل على نقاش للمنجم الغيني. 

إلا أن السيد بانكس قال إنه لم يستثمر في ذلك المنجم بتاتا. 

بعد ذلك بشهر تقريبا حصل التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي في الثالث والعشرين من حزيران/ يونيو 2016. 

وفي شهر آب/ أغسطس تناول السيد بانكس الغداء مع السفير الروسي للنقاش حول حملة ترامب. وفي لقاء على الغداء جمعهما بعد فوز ترامب في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ناقش الرجلان الدور الذي يمكن للسناتور جيف سيشنز القيام به في حكومة ترامب، وذلك بحسب ما شهد به أشخاص اطلعوا على رسائل الإيميل المسربة. 

ورغم ذلك، قال السيد بانكس إنه يشك في أن الروس اهتموا به لأسباب تتجاوز الأعمال التجارية المعتادة. 

وقال: "لا صحة بتاتا للزعم بأنني كنت أتعرض للإغراء والاستدراج بهدف التورط مع الروس. وأتساءل إزاء ذلك، ما الذي كان الروس يريدونه مني؟"
0
التعليقات (0)

خبر عاجل