صحافة إسرائيلية

حرب غزة في ذكراها الرابعة

يعمل المقاومون على خطط من مدرسة رجال حروب العصابات- عربي21
يعمل المقاومون على خطط من مدرسة رجال حروب العصابات- عربي21

بعد مرور أربعة أعوام على حرب غزة 2014، التي سماها الإسرائيليون "الجرف الصامد"، وأطلقت عليها المقاومة "العصف المأكول"، ورسخت في أذهان الفلسطينيين باسم "حرب الـ50 يوماً"، تخرج التقييمات الإسرائيلية تباعاً للتحذير من أن قوى المقاومة عموماً، وحماس خصوصاً، في قطاع غزة، لم تتراجع عن تفكيرها بعد الحرب بإقامة جيش شبه نظامي، مما سيجعل الكيان الإسرائيلي، في غضون سنوات قليلة عرضة لمخاطر وتهديدات لم تشهدها من قبل.

حروب العصابات


وورد على ألسنة عدد من قادة الجيش والمخابرات الإسرائيليين أن نتائج حرب غزة، دفعت حماس للعمل على بناء خطط تنفيذية، وإذا ما استمر هذا الوضع، فينبغي التفكير كيف ستظهر المنطقة بعد فترة وجيزة، فنشطاء الحركة يقيمون أنفاقاً، ويبنون تحصينات.

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يطلق تهديدات جديدة ضد حماس ويحرض من باريس

ويعمل المقاومون على خطط من مدرسة رجال حروب العصابات، والبنية التحتية لتربة غزة تسمح لهم بالقنص، واستمرار النار، وزرع عبوات وغيرها، وبعد فترة زمنية قصيرة سيكون التهديد كبيراً أكثر مما هو عليه اليوم، إذ أن حماس تستغل زمن التهدئة لتعاظم قوتها، وغدا لديها هواء للتنفس، وتتعاظم حالياً.


ولذلك جاءت التقديرات الإسرائيلية لتبعات حرب غزة، رغم النشوة التي أصيبوا فيها بزعم تدميرهم لقدرات المقاومة، بأنه بعد حقبة من الزمن سنتصدى لقدرات عسكرية لم نشهدها من قبل في قطاع غزة، لاسيّما الصواريخ المضادة للدبابات، بعد أن اجتاز رجال حماس تدريبات وتأهيلات في طيف واسع من المجالات؛ كالقنص، والتفجير، ومضادات الدبابات، والتحصين، والاستحكامات، ونشوء منظومة قتالية حقيقية، وتبلور مفهوم شامل مع قدرات شبه عسكرية لم نعرفها من قبل.


وهكذا فإن ملخصات التقارير التي أصدرتها الأجهزة الأمنية حول تعاظم بنية المقاومة في غزة، فور أن هدأت المعارك، تقترب من وصفها بالتهديد الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي، بغضّ النظر عن دقة هذا الوصف أو تضخيمه، حيث ينجم عن نشرها تعاظم النقد داخل الحكومة على ما وصف بـ"سياسة التجلد" في ضوء تنامي قوة حماس العسكرية، فالحركة على سبيل المثال، تمتلك شبكة اتصال مستقلة، ومعسكرات تدريب ومدربين خبراء، وتتباهى بأن "جيشها" يُبنى بناءً على المعايير المتعارف عليها دولياً.

 

اقرأ أيضا: محللون إسرائيليون: هذه هي خيارات إسرائيل تجاه حماس بغزة

وبعد سنوات على انتهاء حرب غزة، أدركت حماس أنه لابد من التحول لـ"جيش" ناجع بكل ما تعنيه الكلمة، وقادتها يريدون رؤية الذراع العسكري كجيش فلسطيني منظم أكثر، يضمّ تحت لوائه نشطاء فصائل المقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام.


وباستعدادات حماس التي تزايدت بعد الحرب بصورة لا تخطئها العين، يمكن رؤية بوادر الجيش القادم، فهي تعزز معسكرات تدريب في كل مدينة بالقطاع، مساحة بعضها 20 دونماً، والنشطاء الجدد – كما المخضرمون- المنضمون لكتائب القسام، يتوجهون عدة أيام لمعسكرات التدريب العملي على عمليات إطلاق النار، والقذائف الصاروخية، وإعداد العبوات الناسفة؛ حيث تستمر فترة تدريب "المبتدئين" شهراً، وفترة المتقدم 3 أشهر، والمدرِّبون نشطاء كبار في التنظيم، مروا بدورات عسكرية في الخارج.


وتيرة التسلح


بعد مرور هذه السنوات الأربع على حرب غزة، يتزايد القلق في الجيش الإسرائيلي من حجم مخزون التسلح المتراكم في القطاع، وصواريخ قادرة على وصول العمق الإسرائيلي حتى شماله، وفي حوزتها قذائف مضادة للطائرات تضرب المروحيات القتالية، وهذه المعطيات الجديدة عن وتيرة تسلح حماس، تشكل أداة تقدير مركزية للجيش بالنسبة لقوة الفلسطينيين. 


وبات واضحاً أن نهاية حرب غزة، أفسحت المجال أمام حماس لتركيز جهودها على ثلاث مستويات: 
أ‌. النار الصاروخية.
ب‌. تدريبات العمليات البحرية.
ت‌. الأنفاق التي توفر الوسائل القتالية.


ولذلك سيبقى قطاع غزة بؤرة عسكرية تحت سيطرة المقاومة، يوجد لها جيش مدرب، مبني كمنظومة عسكرية بكل جوانبها، ولديها سياسة مقاومة واضحة، بل واستمرار العمليات الفدائية ضدّ الجيش الإسرائيلي في مسارات تعتبرها شرعية، كإطلاق قاذفات الهاون نحو البلدات المحاذية، وإطلاق النار المحدود، وتعمل انطلاقاً من الرغبة لخلق ميزان ردع حيال الجيش، ولهذا فهي تعنى ببناء القوة، وتحسين التكتيك وتأهيل مقاتليها، وبالتالي قفزت قدراتها العسكرية في تقدمها أكثر من جيل.

 

اقرأ أيضا: تقديرات إسرائيلية: المواجهة الأشد ألما مع غزة مسألة وقت

في نفس الوقت، لم ينفك قادة الدولة الإسرائيلية، من ساسة وعسكر، عن التهديد الوعيد للمقاومة في غزة بعد نهاية الحرب، بأن إطلاق القذائف من أراضي غزة سيؤدي لردّ فعل عسكري واسع، لكن التقدير العسكري يشير أن القتال ضدّ هجمات القسام سيستمر لفترة طويلة. 


رغم أن الشعور الذي راود الإسرائيليين بمختلف مواقعهم السياسية والعسكرية والمدنية، قال بما لا يدع مجالاً للشك إن العدو الذي هَزَمَ الدولة كلها، هو حماس، المنظمة المسلحة الضعيفة من ناحية عسكرية مقارنة مع الجيش الإسرائيلي، ونجحت رغم ذلك بتحقيق ردع متبادل تجاه الجيش الأول في المنطقة.


وهذا يعني أن النتيجة النهائية هي المقررة، وليس التفسيرات، النتيجة المباشرة لحرب غزة الأخيرة أنه يوجد ردع متبادل بين "إسرائيل" وحماس، الأولى علقت في تعادل عسكري مع الثانية، وهذا فشل ذريع في الوعي الوطني، يُعدّ في نظر كثير من الإسرائيليين أخطر من الهزيمة المعلنة، ورفع الراية البيضاء.


النتيجة النهائية لحرب غزة بعد أربع سنوات على اندلاعها أكدت للإسرائيليين أنهم يسيرون من فشل إلى فشل، فضيحة تتبعها فضيحة، فالرجال يتثاقلون في الذهاب للخدمة العسكرية، والجنود يبكون على القبور، وفي الجهة الفلسطينية المقابلة ترى رغبة شديدة في الانتقام ومعنويات عالية، وما عليك إلا أن تقارن الجنازات حتى تفهم لمن توجد همة عالية أكثر ومعنويات أعلى، الإسرائيليون ينوحون، والفلسطينيون يطلبون الانتقام.

التعليقات (0)