سياسة عربية

ما سر استقالة رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تونس؟

المنصري هو ثاني رئيس يقدم استقالته من منصب رئاسة هيئة الانتخابات التي تشكلت بعد الثورة في 2011- جيتي
المنصري هو ثاني رئيس يقدم استقالته من منصب رئاسة هيئة الانتخابات التي تشكلت بعد الثورة في 2011- جيتي

أثارت الاستقالة المفاجئة لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، محمد التليلي المنصري ، تساؤلات الأوساط السياسية ومنظمات مراقبة الانتخابات حول دوافع القرار، سيما أنها جاءت غداة لقائه رئيس الجمهورية، ما زاد الشكوك حول تعرضه لضغوطات دفعته للاستقالة.


والمنصري هو ثاني رئيس يقدم استقالته من منصب رئاسة هيئة الانتخابات، التي تشكلت بعد الثورة في 2011، وبعد سابقه شفيق صرصار الذي استقال في شهر أيار/ مايو 2017، بسبب تصاعد الخلافات الداخلية بين أعضاء مجلس الهيئة.


وأكد المنصري في ورقة الاستقالة التي وجهها للبرلمان التونسي، وحصلت "عربي 21 "على نسخة منها، "صعوبة العمل صلب مجلس الهيئة؛ بسبب تعطل انعقاد جلساته"، وبسبب تصاعد الخلاف مع باقي أعضائها، ما يهدد بتعطيل عملها.


وكان قد التقى رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، في 4 يوليو/ تموز، ليعلن من الغد قرار استقالته، ونشرت رئاسة الجمهورية عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك فحوى اللقاء الذي جمع بين السبسي والمنصري، لكنها لم تشر قط إلى قرار الاستقالة.

 

اقرأ أيضا: "صراع نفوذ" بهيئة انتخابات تونس ورئيسها يتوعد بكشف المستور



وأعرب المنصري، في تصريح لـ"عربي 21"، عن أسفه للقرار الذي اتخذه "مرغما ومراعاة لمصلحة البلاد وللمسار الديمقراطي، الذي بات مهددا بسبب تأخير النظر في عدة مسائل تخص الهيئة، على غرار إعداد الميزانية القادمة لانتخابات 2019".


وأضاف:" بما أن المشكل بين أعضاء الهيئة يتعلق بتنازع الصلاحيات، ومن سيكون رئيسا جديدا للهيئة، فقد قررت أن أترك المكان لهم، وأتنازل عن المنصب".


المنصري نفى تعرضه لضغوطات من رئاسة الجمهورية لدفعه نحو الاستقالة، وشدد على أن اللقاء الذي جمعه بالرئيس كان لإبلاغه بالقرار في إطار احترام مؤسسة الدولة. 


وكان الخلاف بين رئيس الهيئة وأعضائها تصاعد بعد الانتخابات البلدية، حين أحال ثمانية منهم في أيار/ مايو 2018 طلب إعفائه على البرلمان، بتهم تتعلق بإخلالات إدارية ومالية كان قد نفاها، وهدد بدوره بكشف ملفات فساد خطيرة ضد أعضاء الهيئة في رسالة قدمها للبرلمان. 


وكان من المفترض أن ينظر البرلمان في طلب الإعفاء الذي تقدم به أعضاء الهيئة ضد رئيسها، الثلاثاء الماضي، غير أن مكتب المجلس غيّر موعد الجلسة لتاريخ لاحق دون شرح الأسباب.

 

اقرأ أيضا: "النهضة" تتصدر انتخابات تونس وتهزم "النداء" واليسار (شاهد)


وكشف النائب المستقل في البرلمان ياسين العياري لـ"عربي 21"، عن معلومات مؤكدة تحصل عليها تفيد بتعرض رئيس هيئة الانتخابات لضغوطات شديدة وتهديدات مورست عليه من رئاسة الجمهورية دفعته لتقديم استقالته قبل أيام من سماع أقواله في صلب البرلمان.


وأضاف: "استقالة المنصري قبل جلسته في البرلمان رفعت الحرج عن أعضاء الهيئة وأطراف أخرى متورطة في ملفات فساد في هيئة الانتخابات، والهدف هو التغطية على تجاوزات خطيرة قد تعصف بأعضاء الهيئة".


العياري عبر عن خشيته من وجود حديث في كواليس البرلمان عن رغبة في تعطيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة من بعض الأطراف السياسية، والتمديد في فترة رئاسة السبسي لعامين آخرين، الذي يبيحه الدستور التونسي في حالة وجود "خطر داهم".
 
وكان مرصد "شاهد" لمراقبة الانتخابات حذر، في بيان تلقت "عربي 21" نسخة منه، من ضرب مصداقية هيئة الانتخابات والمسار الانتخابي برمته بسبب تأجيل البرلمان المفاجئ لجلسة كانت مخصصة للنظر في طلب مجلس الهيئة إعفاء رئيسها الثلاثاء الماضي. 


وأكد المرصد على أن عدم نشر البرلمان لطلب الإعفاء الذي تقدم به مجلس الهيئة والرد الذي تقدم به الرئيس ضد أعضائها "يساهم في تفاقم الصراعات داخل مجلس الهيئة وخارجه، ويزيد في حجم الشبهات التي تحوم حول أعضائه". 


ودعا المرصد أعضاء الهيئة إلى "تحمل مسؤولياتهم التاريخية في إنجاح مسار المحطات الانتخابية القادمة، وإلى تغليب المصالح الوطنية، والابتعاد على المراكنات والحسابات الضيقة، وإلى الاستقالة".

 

التعليقات (0)