كتاب عربي 21

هل الجغبوب مصرية؟!

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

لم أقصد من طرح موضوع ملكية منطقة "الجغبوب" الواقعة جنوب شرق ليبيا على الحدود المصرية في صيغة سؤال بحثا عن إجابة، فالغرض هو تناول الدافع وراء الحديث عنه مصريا وفي الظرف الصعب الذي تواجهه ليبيا.


ليست هذه المرة الأولى التي يقع فيها الحديث عن ليبيا، ثروات وأراضي، من الجانب المصري الرسمي أو شبه الرسمي والنخبوي، وليست هي المرة الأولى التي أناقش فيها المزاعم المصرية، والموضوع يستحق الاهتمام وعلى أعلى مستوى في رأيي الشخصي.


صدرت أولى التصريحات عن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أشهرا بعد اندلاع الثورتين في مصر وليبيا، متحدثا عن حرمان بلده من ثروات ليبيا لعقود وأنه قد آن الأوان أن تنعم مصر بهذه الثروات.

 

وكان من بين الكلام المثير جدا حديث لمتخصصة جيولوجية مصرية تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية عن دراسة عرضت بعض نتائجها في مؤتمر في القاهرة، حيث تم رصد بحيرة مياه ضخمة تحتها دلتا نفط هائلة من خلال الأقمار الصناعية ورادارات دقيقة.

 

تقع معظم البحيرة والدلتا، حسب الباحثة، في الأراضي الليبية الممتدة من منطقة الجغبوب في كل الاتجاهات، وجزء يسير منها يقع في الأراضي المصرية، والمساحة الإجمالية حسب كلام الباحثة أكبر من ولاية نورث كارولينا، حيث تقيم هي، مرتين.


المثير فعلا أن الباحثة تحدثت صراحة عن ضرورة استغلال البحيرة والدلتا لمجابهة نقص مياه النيل بعد سد النهضة الإثيوبي وتغطية احتياجات البلاد من الطاقة وذكرت عبارة "يحنا يا هما"، في أسلوب بلطجي لا علاقة له بحق الجوار ولا القانون ولا الأخلاق، وقوبل كلامها بالترحيب وكان من بين المصفقين وزراء.


وتحدث آخرون في لقاءات تلفزيونية عن أن الجغبوب مصرية، ولاحظ اقتران المزاعم بالثروة المائية والنفطية الهائلة في المنطقة. ويحتج هؤلاء بأن الجغبوب آلت إلى ليبيا في حقبة الاستعمار حيث تنازل الإنجليز، حكام مصر، عن الجغبوب للإيطالين المستعمرين لليبيا وذلك في عشرينيات القرن الماضي، ولأنه اتفاق مستعمرين فإنه باطل ولا يلغي "مصراوية" الجغبوب.


التاريخ بمفرده لا يقوم حجة لإثبات ملكية الأراضي، فليبيا تاريخيا امتدت إلى مشارف الإسكندرية، فهل يجوز الادعاء بأن الأراضي من امساعد على الحدود الليبية إلى الإسكندرية ليبية؟!


الاستعمار هو الذي رسم حدود مصر كما حدد جغرافية العالم العربي، والتحجج بعبثه وظلمه يفتح الباب للطعن في جغرافية مصر وحدودها مع جيرانها !!

 

لا أستبعد أن يكون لإثارة مسألة الثروات والأراضي الليبية في الوسط المصري النخبوي وشبه الرسمي علاقة بترتيبات متوقعة على المستوى الإقليمي النظام المصري طرف فيها، وأنا هنا أشير إلى ما أطلق عليه صفقة القرن.


فإذا كان المطروح إسرائيليا وأمريكيا تهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء، فلماذا لا يذهب تفكير بعض الساسة المصريين، أقول بعض، إلى اشتراط توسع مصر غربا في مقابل انحسار جغرافيتها شرقا؟


وإذا كان الضغط الإسرائيلي الأمريكي على النظام المصري حقيقي، فلماذا لا يعتقد هؤلاء أن الظرف الصعب الذي تعيشه ليبيا يسمح بإدماجها في الصفقة.


فإذا نجحت أفكار بعض النخبة السياسية والعسكرية المصرية بطريقة أو أخرى فإنها تكون قد استبدلت الغث بالسمين، وأقل ما تحققه أنها تتحصل على شبه وصاية على برقة في حال استمر الوضع السياسي والأمني في البلاد على ما هو عليه أو انحدر إلى مستوى أسوأ.


لا أستبعد أن يكون هذا ما يدور في عقول بعض صناع القرار المصري، وأكرر بعض، أو هو إيحاء خارجي لهم جعلهم يتحمسون له، فكان لا بد من التمهيد له على مستويات عدة منها تعزيز النفوذ المصري في المنطقة وقد وقع، ومنها التهيئة إعلاميا وهو ما تكرر مرات ومرات عبر مسؤولين وخبراء ومثقفين وصحفيين وغيرهم.


وسيكون الاتجاه التصاعدي في تناول هذا الموضوع مؤشرا على صواب ما ذهبنا إليه، ولا أنصح بالانتظار ومن الضروري أن يقع حراك نخبوي شعبوي يرد على ما وقع ويقع من تصريحات مصرية، وبيان أهل الجغبوب نموذج جيد.


أما على المستوى الرسمي، فصحيح أنه لم يصدر عن الحكومة المصرية ما يؤكد تلك المزاعم، ولكن يمكن أن يطالب المجلس الرئاسي توضيحا بالخصوص وأن تلك الادعاءات يمكن أن تتسبب في تأزيم الأوضاع بين الشعبين، بالتالي هناك حاجة ملحة أن يصدر عن السلطات المصرية ما يطمئن الليبيين.

التعليقات (1)
الهمام بوكاط
الثلاثاء، 07-08-2018 03:13 م
هذا كله بسبب امثالك ايه العميل، لقد اسقطتم الدولة بدعاوي معارضتكم للنظام، فلا حفظتم ما كان ولا اقمتم جديد يرجى. لعنة الله عليك ايه الخبيث العميل حتى الثمالة، وتأكد أن لحيتك لن تمنحك وقارا مفقود ولدت عميلا وانت تعيش العمالة وستموت كذلك والدعاء بالرحمة والمغفرة والثواب لأولئك الشهداء الذين وقفوا ضد عدوان الناتو وزبانيته من أمثالك