كتاب عربي 21

مأزق وزارة الكهرباء المصرية

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
رغم أن إنتاج الكهرباء بمصر قد تخطى رقم الحمل الأقصى للاستهلاك منذ حزيران/ يونيو 2015 وحتى الآن؛ نتيجة الطاقات التي تم إضافتها الخطة العاجلة بإقامة سبع محطات توليد و20 وحدة توليد متنقلة، واستكمال سبع محطات توليد سبق العمل بها قبل حزيران/ يونيو 2014، إلا أن الوزارة اندفعت في إضافة قدرات توليد أخرى أبرزها محطات شركة سيمينز الثلاث، حتى أصبح الفائض في الإنتاج يزيد عن الحمل الأقصى الصيفي بحوالي 18 ألف ميجاوات، وهو ما يزيد كثيرا عن توفير احتياطى مناسب لمواجهة أعمال الصيانة المبرمجة، والخروج الاضطراري لأي من وحدات التوليد للكهرباء، ومشاكل الوحدات المنتجة نتيجة تقادمها أو لسوء مواصفات الوقود.

ومن الطبيعي أن يمتص نمو الاستهلاك جزءا من هذا الفائض، إلا أن ما حدث أن الزيادات المتتالية بسعر الكهرباء أدت لانخفاض الكميات المباعة منها بنسبة 3 في المئة بالعام المالي 2016/2017.

وتشير تصريحات مسؤولي الوزارة إلى أنه ستتم الاستفادة من هذا الفائض بتصديره للسعودية والسودان والأردن وقبرص واليونان، إلا أن السعودية لديها فائض في الإنتاج عن الاستهلاك، وكان هدف مشروع الربط الكهربائي معها هو تبادل الكهرباء في وقت الذورة للاستهلاك، والذي يكون مساء في مصر وبعد الظهيرة في السعودية.

والمشروع الذي تعثر منذ سنوات يحتاج لتكلفة على الجانب المصري كانت 626 مليون دولار، وستزيد مع التأجيل، وتشغيله الجزئي متوقع في أيلول/ سبتمبر 2021 وكاملا في أيلول/ سبتمبر 2022.

والتصدير للسودان يتم التصريح به منذ سنوات ويحتاج لمليار جنيه تكلفة على الجانب المصري، والتصريح بإنهائه نهاية العام الحالي غير واقعي، وحتى إذا انتهى في هذا الموعد فطاقته 300 ميجاوات، أي جزء صغير من الفائض، وهو نفس الأمر بالنسبة للأردن الذي يتم تصدير الكهرباء إليه منذ عام 1998، بقدرة 450 ميجاوات فقط، إضافة إلى ليبيا التي يتم التصدير لها منذ 1998 بقدرة 220 ميجاوات.

أما التصدير لقبرص واليونان فما زال في إطار المباحثات، وحتى مع تنفيذ الوعود بأن المشروع سيبدأ تنفيذه في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، فهو يحتاج ثلاث سنوات بعدها لاكتماله.

الإنتاج يفوق الاستهلاك عربيا

وكل هذا مع الأخذ في الاعتبار أن طاقة الكهرباء المولدة تزيد عن الطاقة المستهلكة بكل الدول العربية عام 2016، عدا الجزائر وفلسطين، حسب بيانات أوابك، كما تزيد القدرة المركبة لتوليد الكهرباء عن الحمل الأقصى للاستهلاك في كل الدول العربية في العام ذاته، عدا لبنان وفلسطين.

وتردد حديث عن إنشاء محطات لتحلية المياه باستخدام هذا الفائض من الكهرباء، وهو أمر يرتبط باقتصادات مشروعات التحلية ومن سيقوم بها وتمويلها، مع الأخذ بالاعتبار الزيادات المتتالية لسعر الكهرباء والتي ستستمر حتى 2021.

إضافات جديدة رغم الفائض

الأخطر من ذلك أن هناك أربعة مجالات لإضافة حوالي 33 ألف ميجاوات كهرباء في السنوات القليلة القادمة، مما يزيد من صعوبة مشكلة فائض الكهرباء وهي:

أولا: ثلاثة مشروعات تم العمل بها قبل عام 2014 وجار استكمالها، في جنوب حلوان (حراري) وأسيوط (حراري) وغرب القاهرة (حراري)، وهي تضيف معا 3250 ميجاوات.

ثانيا: مشروعات الخطة الخمسية (2022/2027) والتي تضم خمسة مشروعات، هي الضعبة (نووي)، والحمراوين (فحم)، وعتاقة في السويس (ضخ وتخزين)، وعيون موسى (فحم)، والأقصر، وهي دورة مركبة بإجمالي 18 ألف ميجاوت، يضاف لها مشروعان في شمال الأقصر وأرمنت، وطاقتهما 4000 ميجاوات.

ثالثا: مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة من الشمس والرياح حتى عام 2022. فبالنسبة لمشروعات الطاقة الشمسية هناك أربعة نظم، هي نظام المزايدات العلنية، ونظام المناقصات التنافسية لإضافة 3500 ميجاوات، ونظام تعريفة التغذية لإضافة 1465 ميجاوات، ونظام مشروعات هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة.

أما مشروعات مزارع الرياح، فيتوقع أن تضيف 120 ميجاوات بنهاية العام الحالي، و250 ميجاوات من خلال تحالف ياباني فرنسي مصري، مع السير في إجراءات للتعاقد على 1800 ميجاوات أخرى من الرياح.

رابعا: إقامة محطات كهرومائية صغيرة لإضافة من 150 إلى 200 ميجاوات، ومقترح لها مناطق الرياح التوفيقي والرياح المنوفي وقناطر دمياط.

الاستثمارات مستمرة رغم الفائض

وهكذا تصل قدرات المجالات الأربعة لحوالي 33 ألف ميجاوت، بدون احتساب ما سيضيفه نظام المزايدات العلنية للطاقة الشمسية ومشروعات هيئة الطاقة الجديدة للطاقة الشمسية، ومشروعات توليد الكهرباء من المخلفات، ومن أسطح المنازل وأسطح الجهات الحكومية، ومحطة ديروط المركبة والمؤجلة منذ سنوات بطاقة 2250 ميجاوات.

ويظل السؤال: من أين سيتم تدبير التمويل لكل تلك المشروعات، خاصة مع كبر حجم ديون القابضة لكهرباء مصر، حتى أصبحت نسبة حقوق الملكية للقروض في حزيران/ يونيو من العام الماضي واحد إلى 17 ضعف حقوق الملكية، مع تحقيق الشركة خسائر للعام الثاني.

ورغم ذلك، أعلنت وزارة التخطيط ضمن خطة العام المالي الحالي 2018/2019، عن استهداف تحقيق استثمارات بقطاع الكهرباء بقيمة 133 مليار جنيه، منها 58 مليار جنيه للشركة القابضة للكهرباء و19 مليار جنيه في ثلاث هيئات اقتصادية حكومية، وثلاثة مليارات في الجهاز الحكومي، و53 مليار جنيه في القطاع الخاص. ولهذا، جرى حديث داخل الوزارة عن الاتجاه لتأجيل مشروعات الخطة الخمسية (2022/2027)، كما سبق تأجيل مشروعات خطة (2017/2022)، لكن تأجيل المفاعلات النووية الداخلة ضمن خطة 2022/2027 أمر مستبعد، لآثاره السياسية على العلاقات مع روسيا، خاصة بعد توقيع العقد.
التعليقات (0)