ملفات وتقارير

ما الذي يعيق تعيين الرئيس اليمني محافظا جديدا لمدينة عدن؟

مسعد: هادي يرغب بتأجيل الموضوع إلى أن تتحسن العلاقة مع أبوظبي- جيتي
مسعد: هادي يرغب بتأجيل الموضوع إلى أن تتحسن العلاقة مع أبوظبي- جيتي

لا يزال منصب حاكم مدينة عدن (جنوبي اليمن)، شاغرا منذ إعلان السياسي ورجل الاقتصاد، عبدالعزيز المفلحي، استقالته من منصبه محافظا لها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وسط تساؤلات عن الأسباب التي تعيق صدور قرار تعيين محافظ جديد لهذه المدينة الاستراتيجية.


ففي وقت يبحث اليمنيون، وأبناء هذه المدينة الاستراتيجية، عن إجابات حقيقية للفراغ الذي تعيشه قيادة السلطة المحلية في العاصمة السياسية المؤقتة للبلاد، وبقائها كل هذه الفترة من دون ملئه.


وتسود عدن تعقيدات عدة، منها ما هو أمني وآخر له علاقة بتدهور الخدمات الأساسية، وسط غياب أي انفراجه تلوح في الأفق، بل يكاد الاحتقان بين الحكومة الشرعية وما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات هو المتحكم بمصيرها.


وتعاقب على قيادة السلطة المحلية بمدينة عدن، منذ استعادتها من قبضة الحوثيين في تموز/ يوليو 2015، أربعة محافظين، هم "نائف البكري"، الذي أقيل على الرغم من الإجماع الذي حظي به بين أبناء المدينة وفصائلها المقاومة، ويشغل حاليا منصب وزير الشباب والرياضة، أما الثاني، فهو اللواء جعفر محمد سعد، الذي اغتيل نهاية العام 2015، ليخلفه في منصبه اللواء عيدروس الزبيدي، لمدة عام تقريبا، قبل أن يذهب المنصب إلى عبدالعزيز المفلحي، في نيسان/ أبريل 2017، وهو شخصية مزجت بين النشاط السياسي والاقتصادي.


ومنذ تعيين المفلحي محافظا لعدن، وحتى إعلان استقالته أواخر العام 2017، ظل متنقلا بين المدنية الساحلية والعاصمة السعودية الرياض، دون أن يتمكن من ممارسة مهامه في مكتبه الخاضع لسيطرة مسلحين انفصاليين تابعين لسلفه السابق، الزبيدي.

 

الأزمة مع أبوظبي

 

وتعليقا على هذا الأمر، قال الصحفي والناشط السياسي، فؤاد مسعد، إن ذلك يجسد حالة الارتباك الذي يسيطر على القرار الحكومي في حسم كثير من القضايا العالقة، ومنها ما يخص هذا المنصب.

 

وتابع حديثه الخاص لـ"عربي21": كما أنه لا يمكن فصل هذا الأمر عن الأداء العام للحكومة الشرعية في ضوء العلاقة المتوترة مع دولة الإمارات، التي استغلت إزاحة الأشخاص الموالين لها، ومنهم محافظ عدن الأسبق، عيدروس الزبيدي في نيسان/ أبريل 2017، ودعمت تشكيل المجلس الانتقالي بقيادة الزبيدي نفسه.

 

ووفقا لمسعد، فإن عدم استقرار العلاقة بين حكومة الرئيس هادي ودولة الإمارات، وبقاء حالة التوتر والاختلال بينهما، لربما أحد الأسباب التي تعيق ملء هذا المنصب، لا سيما بعدما وصلت الأزمة في حالات عدة إلى التصادم كما حدث في كانون الثاني/ يناير مطلع العام الجاري.


وأضاف أن المحافظ المستقيل، عبدالعزيز المفلحي، لا يزال مطروحا؛ كونه لم يستنزف رصيده الشعبي، ذلك أنه قدم نفسه بصورة إيجابية خلال الأسابيع الأولى من توليه المنصب.

 

وأوضح الصحفي مسعد أن ما يمنع الرئيس هادي من تعيين محافظ جديد لمدينة عدن هي "رغبته في تأجيل الموضوع إلى أن تتحسن العلاقة مع أبوظبي، أو أن تهدأ وتيرة التصعيد التي يقودها المجلس الانتقالي بدعم واضح منها".


وبحسب المتحدث ذاته، فإن وجود محافظ في ظل أوضاع مضطربة ربما لن يغير في الواقع شيئا، بل على العكس قد يكون عاملا إضافيا لمزيد من التوتر والاضطراب. 

 

الإمارات لاعب أقوى

 

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، أن مدينة عدن بحاجة إلى محافظ ينتمي إلى نسيجها الاجتماعي وروحها المدنية، وهو توجه جيد، سبق أن أكد عليه الرئيس هادي قبل أشهر خلال لقائه بفعاليات اجتماعية في المدينة.


وقال خلال حديثه لـ"عربي21: "إن هذا الخيار يبدو صعبا في هذا التوقيت، بالنظر إلى السطوة التي تمثلها القوى الآتية من ريف المحافظات الجنوبية في شكل كتائب مسلحة بمسميات عديدة، تعكس خارطة النفوذ الراهنة في محافظة عدن.

 

وأضاف التميمي أن هذه الكتائب صادرت القرار من أبناء عدن، وأطلقت العنان لطموح القادمين من الريف الذين انخرطوا في الحرب المفتوحة بالوكالة التي تخوضها الإمارات والتحالف ( بقيادة السعودية)، دون أفق واضح، وبعيدا عن السلطة الشرعية وأولوياتها.

 

وما يعيق الرئيس هادي عن تنفيذ وعده بتعيين محافظ من أبناء مدينة عدن، وفقا للكاتب التميمي، هو "التهديدات المستمرة الآتية من استمرار التوتر وعدم الاستقرار في العلاقة مع اللاعب الأقوى في الجنوب، وهي الإمارات".

 

ويشير السياسي اليمني إلى الدوافع التي تقف خلف التهديد بالتصعيد في عدن من قبل المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، وذلك "للحيلولة دون صدور قرار رئاسي ينهي الفراغ الحالي في هرم السلطة الشرعية بعدن".

 

وتولى المفلحي منصب محافظ عدن، خلفا للواء عيدروس الزبيدي، الذي أقاله الرئيس اليمني نهاية نيسان/ أبريل الماضي. ورغم الآمال التي عقدت على الرجل، الذي ظهر بشكل لافت عقب قرار تعيينه، إلا أن أجواء من الصراع السياسي المستعر والتراجع الاقتصادي والفوضى الأمنية كانت له بالمرصاد.

 

وكان الرجل أعلن استقالته في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، بسبب ما اعتبرها "حربا ضارية خاضها مع كتائب مدربه تابعة لمعسكر الفساد"، مهاجما في الوقت نفسه رئيس الوزراء، أحمد بن دغر، واتهمه بحراسة الفاسدين.

التعليقات (0)