ملفات وتقارير

كارت الفلاح .. حلقة جديدة من التضييق يفرضها السيسي

حادو: الهدف غير المعلن من السلطة هو مزيد من السيطرة على الفلاح، ومعرفة دخله- جيتي
حادو: الهدف غير المعلن من السلطة هو مزيد من السيطرة على الفلاح، ومعرفة دخله- جيتي
شكك فلاحون وخبراء في شؤون الزراعة في حقيقة نوايا الحكومة المصرية من تطبيق منظومة الحيازة الإلكترونية "كارت الفلاح"، الذي أطلقته وزارة الزراعة منتصف عام 2016، بدعوى وصول الدعم لمستحقيه، ووقف التلاعب بالحيازات الزراعية الوهمية.

وفي تصريحات لـ"عربي21"، هاجموا منظومة "كارت الفلاح" التي تعتزم الحكومة تطبيقه منذ أكثر من عام، لكنه تأخر بسبب المعوقات التي تعترض إصداره من ناحية، وعدم جدواه للفلاح من ناحية أخرى، وأكدوا أن الفلاح لا يصله دعم من الحكومة أصلا حتى تقوم بعمل "كارت" له.

في حزيران/ يونيو 2016، وقعت وزارة الزراعة والإنتاج الحربي عقدا لتنفيذ وتشغيل منظومة الحيازة الإلكترونية " كارت الفلاح الذكي"، بقيمة 375.5 مليون جنيه، بما يحقق وصول الدعم لمستحقيه من الفلاحين، وفق بيان وزارة الزراعة.

"كارت بلا دعم"

ووصف أمين سر لجنة الزراعة بالبرلمان المصري، صلاح المنتصر، في تصريحات صحفية سابقة "كارت الفلاح" بأنه "بلا قيمة"، متسائلا: أين دعم الفلاح المصري؟ مشيرا إلى أن الدعم الذي تقدمه الحكومة يكاد لا يذكر أبدا.

ويهدف "كارت الفلاح" إلى تحديد الحيازة الزراعية إلكترونيا، وتحديد المساحات المزروعة لكل محصول، بمنظومة صرف الأسمدة المدعومة في إطار ترشيد الدعم وتوصيله إلى مستحقيه، وضمان سهولة صرف الأسمدة والوقود للميكنة الزراعية، والمساعدة في رسم السياسة الزراعية وتحديد الإنتاج.

وتستعد وزارة الزراعة لتسليم نحو مليونين ونصف المليون كارت ذكي للفلاحين خلال الفترة المقبلة، وسط شكاوى الآلاف في كل مديرية زراعية على مستوى محافظات الجمهورية بعدم تسجيل كثير من المزارعين بمنظومة الكارت، لتصل نسبتهم مثلا في محافظة المنوفية 41%، وفق وكيل وزارة زراعة المحافظة.

"أين الدولة"

وفي هذا الصدد، اشتكى عدد من فلاحي عدة مناطق بمحافظة الجيزة المتاخمة للقاهرة من عدم توافر مياه أصلا للري؛ بسبب انخفاض منسوب المياه، وطالبوا في تصريحات لـ"عربي21" أن توفر الدولة المياه أولا، قبل الشروع في إصدار "كارت الفلاح".

وأوضحوا: "لا نحصل على دعم أصلا، حتى يصدروا لنا كارت لصرف الدعم، الكارت "سبوبة" للحكومة لا يستفيد منه الفلاح البسيط، وما يحدث ظلم للفلاح، هناك آلاف الفلاحين لا يملكون أراضي، ولكن لا عمل لهم إلا الفلاحة، فبعضهم مستأجرون، والبعض الآخر عاملون، وهؤلاء خارج منظومة الدعم".

وأضافوا: "لا نرى الدولة إلا في مثل هذه الأوقات، عند البحث عن فلوس للكارت، أو حصر أعداد الفلاحين والأراضي والبحث عن ممتلكات وأصول الفلاحين"، وأعربوا عن تخوفهم من "تحركات الحكومة التي لا تطمئن أحدا، فالحكومة لا تهتم بأحد حتى تهتم بالفلاحين".

"صفقات مشبوهة"

بدوره، قلل الصحفي المتخصص في الشؤون الزراعية، جلال جادو، من قيمة "كارت الفلاح"، قائلا: "في شبه الدولة كل الأفكار تهدف للدعاية السياسية على حساب الفلاح الغلبان لصالح الجهات التي تتزعم صناعة هذا الكارت وتوزيعه على الفلاحين، والمقصود بها هنا وزارة الإنتاج الحربي التي حصلت على عقد بقيمة 357.5 مليون جنيه لطباعته وتوزيعه".

وفي حديثه لـ"عربي21" فند مزاعم الحكومة بأنها تهدف إلى تحديد المساحات المزروعة لكل محصول، قائلا إن "مصر أصلا لم تعد تطبق الدورة الزراعية منذ تسعينيات القرن الماضي، فما الفائدة من حصر المساحات؟ وأين هي مياه الري؟ وأين هو دعم الفلاح أصلا الذي تزعم الحكومة أنها تستهدف وصوله لمستحقيه؟"، لافتا إلى أن "الفلاح لا يجد الأسمدة إلا في السوق السوداء؛ لأن شركات الأسمدة تفضل التصدير عن توفير حصة الفلاحين، وللعلم هي شركات مملوكة للدولة" .

وفيما يتعلق بشكاوى الكثير من الفلاحين بأنه غير مدون لهم استمارات حيازة زراعية حتى الآن، أكد أن "هذه الشكوى منبعها غياب المعلومات، حتى عن القائمين على الملف الزراعي"، مشيرا إلى "وجود إشكالية حول تعريف الفلاح، فالنظام في حصره لعدد الفلاحين يصر أن الفلاح هو "من يحوز أو يملك هو وأولاده وزوجته ما لا يزيد على عشرة أفدنة ويعمل بالزراعة". وهذا التعريف يخرج الملايين من العاملين بالزراعة من صفة الفلاح، كما يحرمهم من الحيازات الزراعية".

واختتم حديثه بالقول: "لكن يبقى الهدف غير المعلن من السلطة هو مزيد من السيطرة على الفلاح، ومعرفة دخله؛ من أجل التوسع في فرض مزيد من الضرائب عليه، والنظام لم ينتظر وصول الكارت للفلاح حتى يفعل ذلك، بل استبقه بفرض الضرائب العقارية على حظائر الماشية ومزارع الدواجن".
التعليقات (0)