كتاب عربي 21

رسائل مؤتمر حزب العدالة والتنمية

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600

شهد حزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه عام 2002؛ عمليات تجديد عديدة أسهمت في حفظ شعبيته من التآكل، رغم توليه الحكم لحوالي 16 سنة. وتولى رئاسته خلال هذه الفترة ثلاثة زعماء، هم: رجب طيب أردوغان، وأحمد داود أوغلو، وبن علي يلدريم، ولكنه لم يشهد في أي من مؤتمراته منافسة على كرسي الرئاسة.

الحزب الحاكم في تركيا أعاد الأحد، في مؤتمره الاعتيادي السادس، انتخاب رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان رئيسا للحزب، كما تم فيه تغيير عدد كبير من مسؤولي الحزب وإجراء تعديلات واسعة في لجانه وهيئاته، استكمالا لعملية التجديد التي انطلقت بعد عودة أردوغان إلى رئاسة الحزب في أيار/ مايو 2017.

 

هذا التغيير الذي تم بهدوء، كان ضروريا قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في نهاية آذار/ مارس القادم؛ لأن نسبة الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في 24 حزيران/ يونيو الماضي تراجعت


هذا التغيير الذي تم بهدوء، كان ضروريا قبل الانتخابات المحلية التي ستجرى في نهاية آذار/ مارس القادم؛ لأن نسبة الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في 24 حزيران/ يونيو الماضي تراجعت إلى 42.56 في المئة، بعد أن كانت حوالي 49.50 في المئة في الانتخابات التي قبلها، وكان من الضروري أن يدفع أحد فاتورة هذا التراجع. وفي هذا الإطار، تم تعيين على إحسان ياووز في منصب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، المسؤول عن شؤون الانتخابات، بدلا من أحمد سورغون، وتعيين أركان كاندمير ليتولى منصب نائب رئيس الحزب المسؤول عن الفروع، بدلا من مصطفى آتاش، كما تمت تعيينات أخرى في مناصب قيادية مختلفة. وبلغت نسبة التغيير في اللجنة المركزية لاتخاذ القرار واللجنة التنفيذية المركزية حوالي 60 في المئة.

الانتخابات المحلية المقبلة تشكل تحديا كبيرا لحزب العدالة والتنمية، ومن الضروري أن يوقف الاستنزاف، ليحول دون تراجع شعبيته أكثر من ذلك. ومن المتوقع أن يكون الاختبار الحقيقي له في المدن الكبرى، مثل إسطنبول والعاصمة أنقرة، في ظل الحديث عن عدم ترشيح عدد كبير من رؤساء البلديات الحاليين في 31 مارس / آذار القادم وتبديلهم بوجوه جديدة. وهذه المهمة الصعبة سيقوم بها الفريق الجديد الذي تم تعيين أعضائه في المؤتمر الأخير، ولا خيار أمام هذا الفريق غير النجاح. وبالتالي، فإن الرسالة الأولى موجهة إلى كوادر الحزب، ومفادها أن النجاح وحده هو الضمان للبقاء في المنصب، كما أكد أردوغان نفسه في أحد تصريحاته.

 

الانتخابات المحلية المقبلة تشكل تحديا كبيرا لحزب العدالة والتنمية، ومن الضروري أن يوقف الاستنزاف، ليحول دون تراجع شعبيته أكثر من ذلك


أردوغان كان المرشح الوحيد لرئاسة حزب العدالة والتنمية في المؤتمر، وحصل على كافة الأصوات الصحيحة. وتبعث هذه الصورة رسالة إلى الرأي العام، تعكس وحدة الصفوف، والالتفاف حول رئيس الحزب، في الوقت الذي تعاني فيه الأحزاب المعارضة من انقسامات داخلية وصراعات على كرسي الرئاسة.

ومما لا شك فيه أن التفاف حزب العدالة والتنمية حول رئيسه من أهم نقاط القوة للحزب أمام منافسيه، ولكنه في ذات الوقت قد يتحول إلى نقطة ضعفه في المستقبل، لعدم وجود بديل بحجم أردوغان يمكن أن يسد الفراغ الذي سيخلفه غيابه.

 

حزب العدالة والتنمية تمكن من الحفاظ على شعبيته منذ تأسيسه بفضل نجاحه في جس نبض الشارع، وقراءة نتائج الانتخابات بشكل صحيح، وتلقي الدروس والعبر منها، وتحقيق التغيير المطلوب

مؤتمر حزب العدالة والتنمية تزامن عقده مع الهجمة الشرسة التي تستهدف اقتصاد تركيا وعملتها الوطنية، ولذلك كانت هناك رسالة موجهة إلى القوى التي تقف وراء تلك الهجمة، جاءت على لسان أردوغان الذي لفت في كلمته أمام المؤتمر إلى أن "القوى المعادية لبلاده حاولت القيام بانقلاب اقتصادي بواسطة استخدام أسعار الصرف والعملات الأجنبية والفائدة، بعد فشل المكائد ووسائل الانقلاب الأخرى". وقال لتلك القوى: "كشفنا مؤامراتكم ونتحداكم"، مضيفا أن تركيا "لم ولن ترضخ لأولئك الذين يتظاهرون بأنهم شركاء استراتيجيون لها، وهم يحاولون جعلها هدفا استراتيجيا".

حزب العدالة والتنمية تمكن من الحفاظ على شعبيته منذ تأسيسه بفضل نجاحه في جس نبض الشارع، وقراءة نتائج الانتخابات بشكل صحيح، وتلقي الدروس والعبر منها، وتحقيق التغيير المطلوب بشكل سريع وهادئ دون حدوث انشقاقات، ولم ينحرف عن ذات النهج في مؤتمره الاعتيادي السادس.

كان أردوغان قد صرح، بعد أن تراجعت نسبة الأصوات التي حصل عليها حزبه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بأنهم تلقوا رسالة الناخبين. وجاءت التعديلات التي جرت في المؤتمر كمحاولة لاستجابة لتلك الرسالة. ومن المتوقع أن تكشف الانتخابات المحلية مدى نجاح حزب العدالة والتنمية في هذه المحاولة.
التعليقات (1)
اينشتاين
الخميس، 23-08-2018 12:46 ص
ألم يكن مفيدا ترك رئاسة الحزب لشخص آخر كالسيد داود أوغلو ، مثل ذلك كان سيربك القوى المعادية ويزيد من شعبية الحزب ويبعث أكثر على الارتياح ، رؤية الحزب من خارج قواعده ذات أهمية ، المستقبل القريب سيكشف عن ذلك ، إذ يمكن عقد مؤتمر استثنائي لذات الغرض .