صحافة دولية

وول ستريت: هكذا ربحت قطر حملة للعلاقات ضد دول الحصار

وول ستريت: استهدفت قطر 250 شخصا مؤثرا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- جيتي
وول ستريت: استهدفت قطر 250 شخصا مؤثرا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- جيتي

سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الضوء على حملة العلاقات العامة التي قامت بها قطر في الولايات المتحدة، في سياق مواجهتها للحصار الرباعي المضروب عليها.
 
ويقول التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن قطر استهدفت 250 شخصا مؤثرا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في محاولة منها لمواجهة الحصار الذي فرضته عليها السعودية والإمارات العربية المتحدة، في حزيران/ يونيو العام الماضي.
 
وتقول الصحيفة إن صاحب المطاعم في نيويورك جوي اللحام، المولود في سوريا، لعائلة يهودية كانت تعمل في الجزارة، زار كنيس بارك إيست في منهاتن في نهاية العام الماضي، وبعرض للمحامي آلان ديرشوفيتز، وهو زيارة الدوحة بدعوة خاصة من الأمير.

 

وينقل التقرير عن المحامي، قوله إنه لم يلتق مع اللحام من قبل، وتردد في البداية بقبول الدعوة قبل السفر، ولم يكن المحامي على قائمة من 250 شخصا قام اللحام مع شريكه التجاري نيك موزين بتحديدهم؛ كونهم شخصيات مؤثرة في محيط الرئيس دونالد ترامب.

 

وتشير الصحيفة إلى أن القائمة كانت جزءا من حملة لوبي جديدة تبنتها قطر، بعد أن وقف الرئيس ترامب مع الدول الجارة لها، التي فرضت عليها حصارا، وكانت قطر تريد تصحيح العلاقات مع الولايات المتحدة، كما يقول اللحام، ولو استطاعت كسب المؤثرين حوله فإنه قد يغير موقفه، ونقلت الصحيفة عن اللحام، قوله للقطريين: "نريد بناء حملة.. والدخول في عقله قدر الإمكان".

 

ويجد التقرير أن خطة قطر للتأثير كانت غير تقليدية، للتأثير على رئيس غير تقليدي، وتكشف عن الطريقة التي غير فيها ترامب قواعد اللعبة في صناعة اللوبي، ولأن الرئيس يتجنب عادة الطرق التقليدية في صناعة القرار، ويفضل الاعتماد على الأصدقاء والمقربين منه، فإن جماعات الضغط قضت العام الماضي في تكييف طرق التأثير، وشملت الطرق على إعلانات في أثناء البرامج التلفزيونية المفضلة للرئيس، وعقد صلات مع المقربين الذين يتحدثون معه.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن قطر أنفقت 16.3 مليون دولار العام الماضي على جماعات الضغط، أي بزيادة 4.2 مليون دولار عن العام السابق للحصار، مشيرة إلى أن قطر تعتمد حتى حزيران/ يونيو 2018 على خدمات 23 جماعة لوبي، بزيادة كبيرة عن سبع جماعات ضغط في عام 2016، ودفعت للجماعات المرتبطة بترامب، فيما أدت الأخرى دورا في أروقة الكونغرس ومسؤولي الإدارة البارزين، وبحثت عن المقربين والأصدقاء والمعجبين بالرئيس، وأعدت قائمة من "250 شخصا مؤثرا"، مثل ديرشوفيتز، الذي يعرف بأن الرئيس يستمع إليه بشكل رسمي وغير رسمي، كما يقول اللحام، الذي قام مع موزين بإعداد القائمة، وأرسلا عددا كبيرا منهم إلى الدوحة، وتكفلا بالتكاليف، ودفعا لبعضهم مباشرة، ومن بين هؤلاء حاكم أركنساس السابق مايك هاكبي، والمذيع المحافظ جون باتشيلور، حيث قاما بترتيب لقاءات بين المسؤولين القطريين وبعض المقربين من ترامب، بمن فيهم متعهد البناء وزميل ترامب ستيف ويكوف، الذي ليس له تاريخ في السياسة، ولم يرد ويكوف على الصحيفة للتعليق.

 

وينقل التقرير عن مسؤول الاستراتيجيات السابق في إدارة ترامب، ستيفن بانون، قوله إنه في الوقت الذي أنفق فيه منافسو قطر في الإمارات والسعودية المال على جماعات الضغط، لكنهم "فعلوا ذلك بالطريقة المعروفة، وعلى الأسماء القديمة، إلا أن قطر حاولت عمل شيء مختلف"، ورفضت سفارتا السعودية والإمارات التعليق، ويضيف بانون، الناقد لقطر، أن "الحصول على دعم المؤثرين، القادة اليهود والأشخاص المقربين من الرئيس، يكشف عن درجة عالية من التمرس"، لافتا إلى أن استراتيجية قطر "أمسكت الإماراتيين والسعوديين مثل من يقود سياراته نائما".

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن جاسم آل ثاني، قوله إن الجهود الواسعة كانت ضرورية؛ بسبب "سلاح اللوبي" الكبير الذي استدعاه منافسو قطر، و"دون شك فقد احتجنا وقتا ومصادر لاستبدال أكاذيب دول الحصار بالحقيقة، بما في ذلك دعوة وفود لزيارة قطر، والتحقيق في الحصار"، فيما رفض آل ثاني مناقشة تفاصيل الحملة، لكنه لم يجادل فيما قاله اللحام وموزين.

 

ويكشف التقرير عن أن شركة اللوبي التي يديرها موزين واللحام حصلت على 3 ملايين لقاء الخدمات التي قدماها لقطر، وقالا إن قطر دعت زوارها لنشر ما رأوه من عمل تقوم به، خاصة إعادة بناء غزة، وأضافا أنهما لم يطلبا من الزوار نقل ما رأوه بطريقة معينة، ورفضا مناقشة ما جرى من نقاش بينهما وبين الأشخاص الذين استهدفوهم في الحملة. 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إنه "يبدو أن الحملة أجدت نفعا، حيث استقبل ترامب الشيخ تميم في نيسان/ أبريل، وأكد أن قطر (شريك مهم وصديق من وقت طويل)، كما تم وقف خطة لتصنيف قطر دولة داعمة للإرهاب بسبب علاقاتها مع حركة حماس". 

 

وينقل التقرير عن الباحث في الشرق الأوسط في جامعة رايس كريستيان كوتس أورليتشسن، قوله: "ترى من اللقاء مع الأمير ولغة الجسد أن محاولات الوصول إلى ترامب قد نجحت"، وأضاف أن محاولة قطر الوصول إلى الأشخاص في دائرة الرئيس "كانت تحركا ذكيا أنتج كما يتضج نتائج".

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي غاريت ماركيز، قوله إن تحسن العلاقات مع قطر جاء بسبب "عدد من الاتفاقيات الثنائية الناجحة خلال العام الماضي".

 

وينقل التقرير عن بعض من سافر إلى الدوحة، بمن فيهم ديرشوفيتز، قولهم إنهم تعرضوا للخداع؛ لأنه لم يقل لهم بأنهم جزء من حملة لوبي، لكن اللحام وموزين يؤكدان أنهما لم يضللا أحدا، فقام اللحام بعمله دون تسجيل شركته بصفتها وكيلا أجنبيا في حزيران/ يونيو، ويقول إن السبب في عدم تقديم أوراقه للتسجيل أنه كان يرغب باستخدام الشركة لربط المستثمرين الأمريكيين بالمشاريع القطرية، التي لا تحتاج إلى تسجيل.

 

وتنوه الصحيفة إلى ما أسمته تحدي قطر بالنسبة لترامب، خاصة أن الإمارات والسعودية مؤثرتان لديه أكثر من القطريين، ويزعم بانون أن القطريين لم يكونوا متعاونين في لقاءات تمت في أثناء زيارة الرئيس ترامب للسعودية، وتركزت حول الإرهاب، فيما يرى جاسم آل ثاني من السفارة القطرية في واشنطن أن بلاده شاركت باهتمام. 

 

ويذكر التقرير أنه بعد يوم من زيارة الرئيس، فإن رجل الأعمال المرتبط بالإمارات إليوت برويدي نظم مؤتمرا ضد قطر والإخوان المسلمين، في منظمة الدفاع عن الديمقراطية، بحسب ما قال مديرها مارك دوبوفيتز، وفي الوقت ذاته تقدم النائب الجمهوري إد رويس بمشروع قرار يصنف قطر داعمة للإرهاب، وفي حزيران/ يونيو بدأت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا على قطر، وقال ترامب في مؤتمر صحفي إن "قطر، لسوء الحظ، ممولة للإرهاب".

 

وتفيد الصحيفة بأن قطر كانت واثقة من علاقاتها مع واشنطن؛ بسبب استقبالها للقوات الأمريكية، لكنها قامت بعد تعليقات ترامب بالاستعانة بخدمات شركة قانونية تابعة لوزير العدل السابق جون أشكروفت، ووقعت معها عقدا بـ 2.5 مليون دولارا لتدقيق جهودها في مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أن قطر استعانت في تموز/ يوليو 2017 بشركة "أفنيو ستراتيجيز"، التي يديرها باري بينت، الذي كان مستشارا لترامب، ووقعت معها عقدا بقيمة 6 ملايين دولار في السنة، وقال بينت إن مهمته الرئيسية كانت تطوير استراتيجية البلد الطويلة الأمد في أمريكا.

 

ويبين التقرير أنه في الوقت ذاته كان اللحام وموزين، اللذان تعارفا من خلال الدوائر اليهودية، يعملان على خطة رد سريع لتقديم القطريين، لافتا إلى أن اللحام (43 عاما) هو صاحب مطاعم كوشير، ولديه شركة لتنظيم حفلات راقية لعيد الفصح. 

 

وبحسب الصحيفة، فإن السيناتور الجمهوري عن تكساس تيد كروز حضر إحدى هذه المناسبات عام 2015، وكان موزين (43 عاما) مديرا لطاقم كروز، وهو طبيب ومحام، وقدم النصح للمرشح الجمهوري للرئاسة كروز حتى قراره الخروج، ثم ساعد ترامب، وقام بترتيب حضور اللحام حفلة تنصيب الرئيس الجديد. 

 

ويشير التقرير إلى أن القطريين وافقوا على القائمة، ووضع اللحام وموزين تركيزهما على ديرشوفيتز، الذي لم يكن نائبا أو مسؤولا، لكنه نال إعجاب ترامب بصفته محاميا وباحثا جيدا. 

 

وتنقل الصحيفة عن ديرشوفيتز، قوله إنه تردد في قبول الزيارة، خاصة أن قطر سمحت للجماعات الإسلامية بالإقامة فيها، لكن اللحام وموزين أكدا له أن قطر جادة في تغيير طرقها، وبعد الزيارة مدح ديرشوفيتز قطر، ووصفها بأنها "إسرائيل الخليج، محاصرة بالأعداء، وعرضة لحصار ومطالب غير واقعية، وتكافح للبقاء"، ورفض المحامي مناقشة المكافأة المالية التي حصل عليها، وقال: "لا أقوم برحلات خارجية طويلة على حسابي"، وعاد إلى قطر في آذار/ مارس لإلقاء محاضرة، وقال إنه زار قطر بصفته أكاديميا، وعندما قيل له إن السبب هو التأثير على ترامب، فإنه أجاب قائلا: "لو كنت أعرف أن الهدف هو التأثير على الرئيس لما ذهبت".

 

ويلفت التقرير إلى أن هاكبي زار قطر في كانون الثاني/ يناير، بعد اتصال موزين مع الحاكم السابق، وهو مؤيد متحمس لإسرائيل، وابنته هي المتحدثة الإعلامية باسم البيت الأبيض، وبعد زيارته كتب تغريدة قال فيها إنه وجد الدوحة "بشكل مدهش جميلة وحديثة ومضيافة"، ودفع له اللحام 50 ألف دولار منحة فخرية للزيارة، وقال اللحام إن هاكبي مستشار تجب مكافأته، فيما لم يرد هاكبي على أسئلة الصحيفة.

 

وتذكر الصحيفة أن اللحام اتصل بالمذيع باتشيلور؛ لأن الرئيس يستمع إلى برنامجه، الذي يستضيف مسؤولي الإدارة، وزار المذيع قطر في كانون الثاني/ يناير، وقال بعد زيارته: "ما شاهدته هو مدينة تريد صناعة المال والشفافية وعلاقة قوية مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.. يعتقدون أننا حلفاؤهم إن أردناهم"، ولم يرد المذيع على أسئلة الصحيفة.

 

ويفيد التقرير بأن اللحام وموزين حددا كريس رودي، وهو عضو في دائرة منتجع ترامب مار-إي- لاغو، والمدير التنفيذي لشركة "نيوماكس ميديا إنك"، التي تدير قناة تلفزيونية محافظة، وقال اللحام إنه قدم القطريين إلى رودي، وبدؤوا مفاوضات لشراء حصة كبيرة في "نيوماكس"، وتوقفت المفاوضات بعد كشف مجلة "بوليتكو" عنها، وقال رودي: "لا نناقش المستثمرين معنا أو من يريدون الاستثمار".

 

وتنوه الصحيفة إلى أن اللحام التقى مع بانون، الذي تلقى 100 ألف دولار في الخريف الماضي لإلقاء كلمة في مؤتمر آخر نظمه برويدي حول ما يزعم عن علاقة البلد بالإرهاب، وقال اللحام إنه أرسل رسالة إلى بانون، مفادها بأن قطر مستعدة لدعم مشروعه، ويقول بانون إنه رفض العرض، وحاول إقناع اللحام ألا يعمل مع القطريين، وهو ما لم ينكره اللحام.

 

ويلفت التقرير إلى أن حملة قطر أدت إلى دعوى قضائية من برويدي، الذي اتهم موزين والقطريين بسرقة رسائل إلكترونية، كشفت عن عمله مع الإماراتيين ولتشويهه، ورفض قاض فيدرالي الدعوى، واعتبار موزين وقطر متهمين، وينفي كلاهما أي علاقة بتسريبات برويدي. 

 

وتقول الصحيفة إن برويدي قدم في آذار/ مارس دعوى لمحكمة منطقة لوس أنجلوس، كشف فيها عن عمل اللحام للقطريين، فيما كشفت ملفات وزارة العدل اللاحقة أن اللحام استخدم جزءا من الأموال القطرية وتبرع بـ100 ألف إلى منظمة صهيونية مؤيدة لإسرائيل، غير مقتنعة بجهود قطر لمحاربة الإرهاب. 

 

ويفيد التقرير بأن مورتون كلاين، المقرب من مستشاري ترامب في شؤون إسرائيل، زار الدوحة، وأعاد كلاين التبرع بعدما علم أنه جاء من قطر، بحسب ما أكده اللحام، وقال: "شعرت بالصدمة والأذى والخيبة.. لم أقم باللوبي لصالح إسرائيل".

 

وتورد الصحيفة نقلا عن موزين واللحام، قولهما إنهما توقفا عن العمل لصالح قطر، لكن شركتهما لا تزال مسجلة بصفتها عميلا لها، وفي تموز/ يوليو شكلا شركة لوبي "ستونينغتون غلوبال"، لكن الشركة تعرضت لجدل بعدما أعلنت عن شراكة مدير الأمن القومي السابق مايكل فلين فيها، الذي ينتظر المحاكمة بسبب الاتصالات مع روسيا، وقال محاميه إنه لم يكن يعرف أن الشركة ستبدأ قريبا، ولن ينضم إليها بعد هذا كله. 

 

وتختم "وول ستريت جورنال" بالإشارة إلى أن اللحام وموزين لم يقولا إن كان لديهما عملاء، لكنهما يريدان البناء على النجاح الذي حققاه بصفتهما ممثلين لدولة قطر، حيث خرجت في ثمانية أشهر من العزلة والحصار والنقد الرئاسي لتقوية العلاقات الأمنية والاقتصادية.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
التعليقات (0)