سياسة عربية

ما هي فرص نجاح مشاورات "جنيف 3" بين الأطراف اليمنية؟

 هناك تواطؤ إقليمي ودولي في إبقاء الحوثيين كتلة بشرط السيطرة عليها- جيتي
هناك تواطؤ إقليمي ودولي في إبقاء الحوثيين كتلة بشرط السيطرة عليها- جيتي

تسيطر تكهنات واسعة على مشاورات جنيف في نسختها الثالثة الخميس القادم (6 أيلول/ سبتمبر) بين الأطراف اليمنية، وفرص نجاحها.

يأتي ذلك، وسط تساؤلات عدة عن مصير ملفات توصف بأنها "صعبة" ويمكن أن تعيق تقدمها كقضية الأسرى.

وعلى الرغم من أن وزير الخارجية اليمني في الحكومة المعترف بها، أبدى توقعه، إحراز تقدما في ما يتعلق بملف الأسرى والمعتقلين، فإن هناك مخاوف من إعاقة هذا التقدم.


وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث أعلن أمام مجلس الأمن الدولي في آب/ أغسطس الماضي أن الأمم المتحدة سترعى محادثات في جنيف بدءا من 6 أيلول/ سبتمبر للبحث في "إطار عمل لمفاوضات سلام".

تفاؤل ومخاوف

من جهته، قال مصدر في جماعة "أنصار الله" (الحوثي) إن ملف الأسرى والمعتقلين، قد يكون الأكثر نجاحا في المشاورات المرتقبة مع وفد الطرف الآخر.

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، مشترطا عدم كشف هويته، أن هناك اتصالات جرت بين الحوثيين وحكومة هادي، بشأن هذا الملف. مؤكدا أن الأجواء إيجابية ومشجعة نحو إنجاح صفقة تبادل أسرى بين الطرفين.

لكنه، أبدى مخاوفه من أدوار أخرى، قد تفشل أي تقدم في هذا الجانب وتعثره، مشيرا إلى أن هذه المخاوف أبداها الطرف الحكومي.

ومضى قائلا، إن حكومة هادي أبدت تخوفها من عدم تسليم الإمارات وحلفائها من القوات العسكرية التي تشرف عليها، ما لديها من أسرى حوثيين.

ويشارك الطرفان بوفدين قوام كل منهما 12 عضوا، ومن المتوقع أن يرأس وفد الحكومة وزير الخارجية خالد اليماني، فيما سيترأس وفد الحوثيين، محمد عبدالسلام.

فرص النجاح معدومة

من جانبه، أكد نائب رئيس تحرير صحيفة "المصدر" (محلية متوقفة عن الصدور) علي الفقيه، أن جولة المشاورات الجديدة في جنيف، تعقد في ظروف أكثر تعقيداً من ظروف جولات المفاوضات السابقة.

وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن فرصها في النجاح تكاد تكون منعدمة، مستطردا بأنه "بالنظر إلى الدعم الدولي والإقليمي لهذه المشاورات مقارنة مع آخر جولة عقدت في الكويت عام 2016، فإن ذلك يضعف من فرص نجاحها".

وكانت مشاورات الكويت التي تعد الأطول، قد انعقدت على جولتين الأولى بدأت في 21 نيسان/ إبريل وبقيت حتى 30 حزيزان/ يونيو من عام 2016، أما الثانية فقد انطلقت في الـ16 من تموز/ يوليو (بعد إجازة لأسبوعين بمناسبة عيد الفطر) واستمرت حتى 7 آب/ أغسطس من العام ذاته، لكنها وصلت إلى طريق مسدود.

وأضاف أن هناك ركودا في الجانب العسكري، بالإضافة الى تزايد الأوضاع الإنسانية سوءا وتعقيدا ما يجعل كل طرف يستخدم هذا الملف لابتزاز الآخر، والضغط عليه لتقديم المزيد من التنازلات.

ووفقا لتقدير الصحفي اليمني فإن الملف الوحيد الذي يمكن أن تحقق فيه المشاورات نجاحا هو "ملف الأسرى والمختطفين" وذلك يرجع إلى حاجة الحوثيين لمقاتلين جدد، وقد يُقبل بصفقة يتم بموجبها الإفراج عن كل الأسرى والمعتقلين من الجانبين.

لكن ذلك، قد يتحقق، في حال لم يتمسك طرف الشرعية بشرط الإفراج عن كبار الشخصيات من المعتقلين والأسرى عند جماعة الحوثيين. في إشارة إلى سياسيين مثل "محمد قحطان" (قيادي بارز بحزب الإصلاح)، وعسكريين كوزير الدفاع بحكومة الشرعية اللواء محمود الصبيحي، وناصر منصور هادي (شقيق الرئيس اليمني)، والعميد فيصل رجب.

وأشار إلى أن بقية الملفات ستكون محل افتراق بين الجانبين سواء ملف "مدينة الحديدة" (غربا)، أو ملف "توحيد الإيرادات وصرف المرتبات". معللا ذلك بأن الحوثيين لن يقبلوا بتقديم تنازلات في هاتين النقطتين، لأنهم يشعرون بأنهم قادرون على المواجهة في الحديدة ورفع كلفة أي هجوم قد يفكر التحالف بشنه على المدينة الساحلية.

في الوقت نفسه، لن يفرطوا بالإيرادات التي يمولون منها معاركهم، حسبما ذكر المتحدث ذاته.

رواتب الموظفين 

وقال وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني في تصريحات صحفية في وقت سابق من الشهر الجاري، إن "توقعاتنا تقتصر على إمكانية إحراز تقدم في ملف الأسرى والمعتقلين"، وأضاف: "أعتقد أن الفرصة كبيرة الآن لتحقيق نجاح بالإفراج عن الأسرى، والطرف الآخر عنده استعداد".

وأوضح أن وضع ميناء مدينة الحديدة سيكون أحد أبرز الملفات على طاولة البحث، بالإضافة إلى موضوع دفع رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يتهمهم، برفض تسليم العائدات المالية والضريبية التي يجمعونها في هذه المناطق.

وذكر الوزير اليماني أن هذه العائدات "تقدر بنحو خمسة وأربعين مليار ريال (نحو 113 مليون دولار بحسب سعر الصرف الرسمي)، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى لتسلمها ثم إضافة 65 مليار ريال إليها لدفع الرواتب.

ويعد ميناء الحديدة الواقع على البحر الأحمر، الخاضع لسيطرة الحوثيين الشريان الذي تدخل عبره المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجّهة إلى ملايين السكان. لكن الحكومة والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، يتهمان الجماعة باستخدامه ممرا لتهريب الأسلحة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر.

هشاشة الشرعية

وفي شأن متصل، بدى الكاتب والباحث السياسي اليمني، فهد سلطان، متشائما من أي تقدم في هذه المباحثات، وقال إنها "ستلحق بسابقاتها".

وتابع حديثه الخاص لـ"عربي21" قائلا إن الجديد هذه المرة، أن الشرعية تذهب وهي في أسوأ مراحلها من ضعف وهشاشة وتباين واضح مع التحالف، ووضع غير مستقر في المناطق التي تفرض سيطرتها الهش عليها.

وزاد سلطان بالقول: "ربما تكون هذه المرة الأخيرة التي تذهب فيها الشرعية نحو مفاوضات مع الحوثيين، قبل أن يطوى ملفها نهائيا".

وأوضح الباحث اليمني أن المجتمع الدولي لم يعد متحمسا لدعم الشرعية، بقدر ما هي المعاناة والوضع الإنساني اللذان يحرجانه إلى حد ما، فيما تستغل جهات (لم يسمها) ذلك كله للقضاء على السلطات الشرعية وخاصة عبر ما يتعلق بالانهيار المتسارع للعملة اليمنية، على حد قوله.

وسجل الريال انهيارا جديدا أمام سلة العملات الأخرى، وتشير التقديرات إلى أنه فقد أكثر من 8 في المئة من قيمته، بعدما تجاوز سعر الدولار الواحد حاجز الـ600 ريال.

 

تواطؤ إقليمي 

ولفت الكاتب اليمني إلى أن هناك تواطؤا إقليميا ودوليا في إبقاء الحوثيين كتلة بشرط السيطرة عليها وقطع علاقتها بإيران فقط أو التأثير عليها.

وسبق أن عقد الطرفان جولتين من المفاوضات في العاصمة السويسرية؛ الأولى عرفت بـ"جنيف 1" وانعقدت في 16 حزيران/ يونيو من العام 2015 وانتهت في الـ19 من الشهر نفسه. أما "جنيف 2" فقد بدأت في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2015، واستمرت حتى الـ20 من الشهر ذاته.

ومنذ 2014، فإنه يشهد اليمن صراعا بين جماعة الحوثي والقوات الموالية للحكومة، تصاعد مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/ مارس 2015، دعما للحكومة بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها العاصمة صنعاء.

وأوقعت الحرب أكثر من عشرة آلاف قتيل منذ تدخل التحالف، في وقت لم تنجح فيه جولات محادثات سابقة في التوصل إلى أي حل.

التعليقات (0)