صحافة دولية

أتلنتيكو: هل تخفي التحركات في العراق "ربيعا عربيا جديدا"؟

لامبردي قال إن العراق يحتل المرتبة الـ12 من بين الدول الأكثر فسادا- جيتي
لامبردي قال إن العراق يحتل المرتبة الـ12 من بين الدول الأكثر فسادا- جيتي

نشر موقع "أتلنتيكو" الفرنسي حوارا مع الباحث والدكتور في التاريخ رولون لامبردي، تحدث فيه عن المستجدات على الصعيد الاجتماعي والسياسي في العراق، وأسباب ونتائج هذه التحركات، ومدى احتمال تحولها إلى ربيع عربي جديد.

وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن منطقة جنوب العراق قد شهدت في تموز/ يوليو الماضي موجة غضب اجتماعي عارم اجتاحت البلاد عامة والبصرة خاصة، وذلك تنديدا بانتشار الفساد وتدهور البنية التحتية. وقد ازدادت الأوضاع سوءا منذ منتصف شهر آب/ أغسطس الماضي بسبب تلوث المياه، الأمر الذي تسبب في دخول أكثر من 30 ألف شخص للمستشفى جراء التسمم، وأدت ممارسة السلطات القمعية إلى مقتل ستة محتجين يوم الثلاثاء 4 أيلول/ سبتمبر في البصرة.

ورأى الباحث والمؤرخ الفرنسي رولون لامبردي، ضرورة العودة إلى الأسباب العميقة لهذه الانتفاضة الاجتماعية لفهم حجم الخطر الحقيقي الذي تمثله، وقال إن العراق بلد ممزق منذ ما يزيد على 30 سنة، في الحقيقة، منذ غزو صدام حسين للكويت في آب/ أغسطس 1990، الذي أسفر عن أول تدخل أمريكي، وبات العراق يعيش في حصار حاد تواصل حتى سنة 2003.

وذكر المؤرخ، التدخل الأمريكي الثاني الذي كان له تداعيات كارثية يعلمها القاصي والداني، ليس على العراق فقط، ولكن على المنطقة بأسرها، في مواجهة حرب أهلية ظلت مستعرة لأكثر من عقد من الزمان، وعلى الرغم من الانتصار على تنظيم الدولة، فلا يزال بلد النهرين يقف على حافة الفوضى.

 

اقرأ أيضا: "الحشد" يهدد بالتصدي لمحتجين بالبصرة واعتبارهم كـ"الدواعش"

ونقل الموقع عن الباحث الفرنسي أن من الأسباب الرئيسية لتدهور البنية التحتية في البلاد، الفساد الهائل المستشري في الطبقة السياسية العراقية، وعدم قدرة الدولة الاتحادية وسلطات المحافظات، على توفير الخدمات الأساسية في هذه المنطقة، وفي جميع أنحاء البلاد أيضا، وأشار إلى ذلك مثيرو الشغب في البصرة من خلال هتافاتهم.

وقال لامبردي، إن العراق يحتل المرتبة الـ12 من بين الدول الأكثر فساداً على هذا الكوكب، وهكذا، ولسنوات عديدة، ظلت المظاهرات، التي غالباً ما تتحول إلى أعمال شغب، ضد الفساد والنقص في الخدمات العامة، تؤثر على البلد بأكمله.

وذكر الباحث أنه على الرغم مما تحتويه البصرة من ثروات إلا أنه إثر انتفاضة سكانها في أوائل تموز/ يوليو الماضي، فقد باتت المدينة مركز الاحتجاجات في العراق، ومصدر المزيد من التحركات في الجنوب وباقي البلاد. وفي مواجهة هذا الغضب، ردت السلطات باستخدام القوة كما كان متوقعا منها، وتسبب ذلك في سقوط أكثر من عشرين قتيلا في المظاهرات، وفق ما صرحت به الجهات الرسمية.

وأفاد الموقع على لسان لامبردي، بأن الحكومة سارعت بتقديم جملة من الوعود هذا الصيف، تحيل إلى إنجاز مجموعة من الاستثمارات وتقديم مليارات الدولارات لإرضاء المحتجين، وقد خصصت منها 3 مليارات للبصرة وحدها. بالإضافة إلى ذلك، فإنه ارتفع حجم عائدات النفط بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة حتى بلغ الضعف تقريباً خلال سنة واحدة.

 

اقرأ أيضا: كتل برلمانية في العراق تدعو للإطاحة بحكومة العبادي

وأورد لامبردي أن السلطات، ومن وجهة نظر أهالي البصرة، لا ترقى إلى المستوى المطلوب. نتيجة لذلك، وحتى الآن، لا يزال الغضب مستعرا دون هوادة. ومن أجل استعادة البنية التحتية، خاصة في ما يتعلق بنقل الماء والكهرباء، فإن من الضروري أولاً إجراء إصلاح شامل لحوكمة البلاد، وإن كان هذا لا يزال حلما بعيد المنال.

وفي إجابة عن سؤال الموقع حول كيفية فهم هذه الانتفاضة بغض النظر عن حقيقة أن الانتخابات العراقية لهذه السنة قد أدت إلى الانتصار المفاجئ لقائمة مقتدى الصدر، خاصة في علاقتها بموضوع مكافحة الفساد، قال لامبردي إن هذه الأزمة تبرز بشكل دراماتيكي الشعور بالهجران والسخط بين السكان.

وأضاف لامبردي أنه في شهر أيار/ مايو الماضي، تجلى بوضوح الامتناع الانتخابي في البصرة وكل المنطقة خلال الانتخابات التشريعية، وفي ظل عدم الكفاءة وانتشار الفساد الذي يعصف بالبلاد، لم تعد السلطة المركزية تسيطر على الشارع لأنه فقد ثقته بها، بل إن الوجهاء المحليين حتى وزعماء القبائل الكبرى يجدون صعوبة في كسب المناصرين.

وأوضح لامبردي، أن مقتدى الصدر ربما كان أبرز المستفيدين من هذه الانتفاضة الشعبية، حيث صنعت منه ملكا، ومن المثير للدهشة أنه في أعقاب الانتخابات التشريعية في الربيع الماضي تمكنت قائمة هذا القومي الشيعي من تصدر المرتبة الأولى بنحو 1.3 مليون صوت، على الرغم من نسبة الامتناع الانتخابي الكبيرة.

 

اقرأ أيضا: 27 قتيلا منذ بدء الاحتجاجات بالعراق.. تعرف على القصة الكاملة

وفي إجابة الباحث الفرنسي عن سؤال الموقع حول المخاطر التي تتعرض لها المنطقة في حال الانزلاق نحو فوضى حقيقية، أكد لامبردي أن لا أحد يرغب في تدهور الوضع على المستوى المحلي أو الإقليمي. ومرة أخرى، يأمل الجميع أن يساعد هذا اليأس والغضب القادة العراقيين، وأن يساعد بعض الحكام الحاليين والجدد في أن يدركوا أن الفساد هو أحد أكبر الشرور في العالم العربي والإسلامي.

التعليقات (0)