مقابلات

محسوب: مصر بصدد أوسع تحالف بتاريخها ضد السلطة الفاشية

محسوب قال إن رحيل السلطة الحالية مسألة وقت لو تبنت الجماعة الوطنية مشروعا وطنيا واحدا- أرشيفية
محسوب قال إن رحيل السلطة الحالية مسألة وقت لو تبنت الجماعة الوطنية مشروعا وطنيا واحدا- أرشيفية

جميع مؤسسات الدولة سيكون لها دور في عملية التحول الديمقراطي بما فيها الجيش

رحيل السلطة الحالية سيكون مسألة وقت لو تبنت الجماعة الوطنية مشروعا وطنيا واحدا

نحن أمام كارثة تتضخم كل يوم على جميع المستويات.. والثورة ليست كارثة بل حل

المعارضة قادرة على إدارة الدولة وكل النخب السياسية والفكرية أصبحت الآن في جانبها

أحكام الإعدام بمثابة دعوة للشعب للانتقال من حالة الاحتقان إلى حالة التعبير عن الغضب

الانقلابيون لن يسمحوا بأي قدر من المعارضة أو أي فرصة للتسوية أو أي احتمال لتراجعهم

تأخر الحركة الوطنية عن الرد على الإعدامات سيؤدي لتداعيات خطيرة أقلها خروج القوى السياسية من معادلة التأثير

اعتقال ووضع قيادات من المؤسسة العسكرية رهن الإقامة الجبرية رسالة بأن الجيش ليس هو السلطة

التحول الديمقراطي سيستند إلى عقد اجتماعي جديد وفض كل خلاف بالرجوع للشعب

نحتاج لفترة انتقالية وتعاونا استثنائيا بين السياسيين والتكنوقراط الذين يديرون المؤسسات

الجيش سيكون له دور أساسي في ضمان استعادة الدولة ومؤسساتها لوظائفها الطبيعية

أطالب الحركة الوطنية بالقيام بعملية تقاضي موازية لتكون هناك ملاحقات حقيقية للمجرمين وفضح لجرائمهم

أدعو الأحزاب السياسية لتجميد نشاطها من أجل فضح السلطة "المفضوحة"

العامل الإقليمي والدولي تتراجع أهميته كلما زاد تماسك الحركة الوطنية المصرية

الدولة المصرية قادرة على إحداث نهضة في سنوات قليلة بما تمتلكه من إمكانات كبيرة

دعا وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري الأسبق، محمد محسوب، إلى "تشكيل تحالف شعبي واسع يشمل قوى ثورة يناير، وقوى الإصلاح التي نمت داخل نظام مبارك، والقوى التي اعتقدت أن إسقاط الرئيس محمد مرسي كان يُمكن أن يمثل دعما للمسار الديمقراطي لا انقلابا على مطالب الشعب".

وقال، في الحلقة الثانية والأخيرة من مقابلته الخاصة مع "عربي21": "نحن أمام أوسع تحالف في تاريخ الدولة والجماعة الوطنية المصرية؛ فجميع القوى التقليدية والإصلاحية والثورية، والتي كان يمكن أن تراها متناقضة بالأمس، أصبحت متلاحمة اليوم، وبقي أن تنظم نفسها لتمتلك القدرة على التغيير، والمطلوب هو ترجمة ذلك لعملية اصطفاف وطني واسع على هدف واحد هو إنقاذ مصر".

وأشار إلى أن "جميع مؤسسات الدولة سيكون لها دور في عملية التحول الديمقراطي المأمولة، والتي ستستند إلى عقد اجتماعي جديد يقبل به الجميع، ويضمن فيه أن لا تتعدى مؤسسة على أخرى، وأن لا تتجاوز مؤسسة وظيفتها المنوطة بها، وأن تكون السيادة للشعب، وأن يكون فض كل خلاف بين المؤسسات بالرجوع لصاحب السيادة".

واستدرك "محسوب" قائلا: "غير أن وضع مبادئ هذا العقد الاجتماعي الجديد موضع التطبيق سيحتاج فترة انتقالية وتعاونا استثنائيا بين السياسيين والتكنوقراط الذين يديرون المؤسسات، وسيكون للجيش دورا أساسيا في ضمان استعادة الدولة ومؤسساتها لوظائفها الطبيعية، لكن ذلك يحتاج إلى أن تقتنع كل مؤسسة أن التحول الديمقراطي فيها نجاة لمصر، وحماية للمؤسسة، ورخاء للشعب".

وأكد أن أحكام الإعدام التي صدرت مؤخرا في القضية المعروفة إعلاميا بـ"مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية" يجب أن تكون "بداية لعملية اصطفاف حقيقة، وأساسا يُبنى عليه للتمهيد لاستعادة التواصل مع نبض الشارع ولدعوة الشعب للانتقال من حالة الاحتقان إلى حالة التعبير عن الغضب"، منوها إلى أن "تأخر رد الحركة الوطنية على هذا الحكم سيؤدي لتداعيات خطيرة، أقلها خروج الحركة الوطنية من معادلة التأثير وانتهاء دور هذا الجيل".

ووجه رسالة إلى الجيش المصري، قائلا: "باعتباره مؤسسة نظامية مقيدة بآليات التدرج القيادي والضوابط العسكرية، لا يُمكن أن نطالبه بأكثر من أن يقترب من شعبه أكثر، وأن لا يقع فريسة الدعاية المريضة التي تفرق بين الشعب وجيشه، وتجعلنا وكأننا أمام جهتين يمكن أن يتواجها، فقد وضعتنا السلطة جميعا في مركب واحد معرض لأخطار جمة، وعلينا جميعا أن نتعاون لإنقاذه والوصول به لبر الأمان".

 

اقرأ أيضا: محسوب: هذا سبب تفجير الصراع داخل سلطات الانقلاب بمصر

وكشف عن "محاولات من قيادات وضباط كبار بالمؤسسة العسكرية هم اليوم رهن الاعتقال والإقامة الجبرية، إرسال رسالة واضحة بأن الجيش ليس هو السلطة، وأن السلطة منقلبة على الشعب ومنقلبة على الجيش أيضا"، مضيفا: "يوما ما سيلتقي الجميع بميدان الحرية، المدني والجندي والطبيب والمحامي والمهندس والضابط، للاحتفال باستعادة مصر لطريق الحرية واستعادة حقوق الشعب".

وفيما يلي نص الحلقة الثانية من المقابلة:

كيف ترون أحكام الإعدام بقضية فض رابعة؟ وما هي الرسائل المقصود منها؟


رسائل الانقلابيين واضحة من يوم مجزرة الحرس الجمهوري، وهو أنهم لن يسمحوا بأي قدر من المعارضة أو أي فرصة للتسوية أو أي احتمال لتراجعهم عن اختطافهم لمؤسسات الدولة.

مصر تعيش في مجازر متتابعة، سواء تلك التي يجري فيها تصفية مواطنين بالسلاح أو تلك التي يجري تغليف عمليات التصفية بقرارات الاعتقال بلا حدود زمنية ومنع الدواء، وأخيرا تلك التي تصدر بقرار من قاضي باعتبارها أحكاما قضائية وهي ليست إلا إملاءات بالتصفية ككل أوامر التصفية لا تختلف إلا في الشكل، لكن الجوهر واحد، وهو نية القتل لكل معارض حقيقي أو محتمل بغض النظر عن لونه أو انتمائه طالما أنه لا يعلن الولاء لسلطة فاشية.

كيف تنظرون لتداعيات أحكام الإعدام المتوالية؟ وهل المعارضة تنتظر تنفيذها بالفعل كي تتحرك بشكل مختلف؟

هذه الأحكام تختلف عن كل ما سبقها لأنها تنطوي على عملية تزوير في التاريخ وسخرية من الشعب واستخفاف بالحركة الوطنية، وكأنهم يقولون "أعلى ما في خيلكم اركبوه".

وما أعتقده أنها يجب أن تكون بداية لعملية اصطفاف حقيقة وأساسا يُبنى عليه للتمهيد لاستعادة التواصل مع نبض الشارع ولدعوة الشعب للانتقال من حالة الاحتقان إلى حالة التعبير عن الغضب.

لا يعني ذلك استدعاء مباشرا للتظاهر في الميادين، فالشعب يمتلك وسائل لا حصر لها ليعبر عن رفضه عما يجري، آخرها النزول إلى الشوارع والميادين، لكن الحركة الوطنية الواحدة هي وحدها القادرة على تحريك الشارع واختيار الأدوات المناسبة للوقت وللظروف.

إن كل إجراء قمعي تتخذه السلطة الفاشية هو تمهيد لما هو أشد قمعا سيأتي بعده؛ فضرب أطراف تحالف دعم الشرعية كان توطئة ومقدمة لضرب أطراف جبهة الإنقاذ رغم أن الطرفين كانا على نقيض بشأن الإجراءات التي بدأت منذ حزيران/ يونيو 2013.

وكذلك، فإن مجزرة الحرس الجمهوري كانت تمهيدا لعملية فض اعتصام سلمي يدرك الجميع أن استخدام القوة لفضه سيؤدي لسقوط مئات الضحايا الأبرياء. كما أن عملية اعتقال رموز تحالف دعم الشرعية دون أسباب ودون قيود زمنية وتعديل التشريعات الجنائية والإجرائية لتيسير إبقائهم بالسجون بدون سقف زمني، كان مقدمة لاعتقال كل الحركة الوطنية.

واليوم تأتي هذه الأحكام توطئة لما هو أخطر منها. نعم يوجد ما هو أشد خطرا من تلك الأحكام؛ فعملية شل حركة المجتمع وتقييد الحريات وقتل الأفق السياسي يمهد لعملية مقدماتها واضحة وهي الاتجار بالوطن كله، وتدوير كل ما تبقى منه في سوق لا يشبع، ويُباع فيه كل شيء.

كانت الحركة الوطنية موحدة في مواجهة عمليات الفساد التي خالطت ما سُمي بتوسيع قاعدة الملكية في القطاع العام والتي انتهت بعمليات خصخصة مهينة وفاسدة للأصول الاقتصادية للدولة.

بينما المقدمات التي شاهدناها خلال الأربع سنوات العجاف الماضية كان بيعا للأصول الاستراتيجية للدولة، كمضيق تيران والمساحات المهمة في المنطقة الاقتصادية وحقوق الاستثمار والسيطرة على إقليم قناة السويس.

لكن كل ذلك سيتضاءل بجانب ما يتم التحضير له، وهو وضع مصر بكل مؤسساتها ومكانتها وأصولها ومصادر قواها الخشنة والناعمة على أرفف مزاد عالمي تباع فيه قطعة قطعة.

فالسلطة التي تقتل شعبها بلا رحمة، تُحضر لمنح الامتيازات والحقوق طويلة الأجل على كافة مصادر الثروة في مصر مادية ومعنوية، وهو ما سيحول مصر إلى حالة دول نراها على الخريطة لكن لا يشعر العالم بأن لها قيمة.

وبالتالي فإن تأخر الحركة الوطنية عن الرد على هذا الحكم، وعدم وضعه في سياقه الحقيقي باعتباره عملا قمعيا ضد الشعب بأكمله، ومحاولة لسحق كل ما تبقى من روح مقاومة لدى الحركة الوطنية، سيؤدي لتداعيات خطيرة، أقلها خروج الحركة الوطنية من معادلة التأثير وانتهاء دور هذا الجيل، وبقاؤه في دائرة التلاسن الدائر بين الإسلامي والليبرالي واليساري.

هناك من يدعو لمقاطعة جلسات القضاء التي يراها البعض مسيسة.. فما الفائدة من الاعتراف بهذه الأحكام وحضور جلساتها؟

لا يمكن أن يضع أي شخص نفسه مكان المحكوم عليهم في تلك القضايا، فهم ضحايا مباشرون لها، ويقدرون بأنفسهم ما يجب فعله. وكل ما يملكه أي شخص آخر هو تقديم النصيحة إن طُلبت.

ورأيي أن من حق كل محكوم عليه أن يستمر في عملية التقاضي مهما اعتقد أنها بلا فائدة، وأن العدالة غائبة، وأن من بيده القرار هو رأس السلطة القمعية وليس القاضي الذي يتصدر الجلسة وينطق بما يُملى عليه.

أما الحركة الوطنية، فهي مدعوة الآن للقيام بعملية تقاضي موازية، بوضع ملف المجازر منذ 25 يناير 2011 حتى اليوم بيد لجنة وطنية تمثل الذراع القانوني للحركة الوطنية لتقدر ما يجب أن يُتخذ من إجراءات على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي. فالأمر لن ينتهي بحكم قاض مقيد اليدين ويتلو بلسان غيره حكما مكتوبا بيد غيره.

ورغم الجهود الحزبية والفردية التي تمت في هذا المجال – وجميعها مشكورة – فإن عملا وطنيا مُعبرا عن حركة وطنية واحدة هو ما سيثمر ملاحقات حقيقية للمجرمين وفضحا لجرائمهم.

دعوت سابقا الأحزاب السياسية في مصر إلى إعلان تجميد نشاطها السياسي لحين عودة الحياة السياسية.. ألا تعتبر هذه الدعوة في ظل الأجواء الراهنة مستحقة وواجبة كنوع من الضغط على النظام؟

رأيي أن الأحزاب السياسية في مصر جرى مصادرتها، وأن ما بقي هو مجرد مقارات قائمة جرى تفريغها من دورها ووظيفتها الوطنية.

وبالتالي فإن الإعلان المتزامن من كافة الأحزاب التي تنتمي لثورة يناير وتؤمن بمطالب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، عن تجميد نشاطها سيفضح السلطة، هي بالفعل مفضوحة، لكنها تحاول أن تُداري عوراتها بورقة توت يجب حرمانها منها.

هل ينبغي  للمؤسسة العسكرية أن تساهم مع القوى السياسية في الانتقال الآمن للسلطة أو الإشراف على عملية انتقال ديمقراطي؟

المؤسسة العسكرية دورها وفقا للدستور هو حماية البلاد والدفاع عنها والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، أما توريطها في العمل الاقتصادي وفي الممارسات السياسية فهو جريمة لا تُغتفر.

ولم ينجح أي مجتمع في الخروج من الكوارث التي صنعتها الانقلابات إلا بعودة الجيوش إلا وظيفتها الأساسية والدستورية.

وما مدى قدرة الدولة المصرية ومؤسساتها على إصلاح فساد نظام السيسي؟

الدولة المصرية فتية، وتمتلك خصائص تجعلها تستعيد حيويتها وقواها في فترة وجيزة إذا توافرت لها الظروف الموائمة؛ فمصر التي كانت تحت الاحتلال الفرنسي حتى 1801 جلست على مائدة المفاوضات مع تحالف دولي بزعامة فرنسا وانجلترا وروسيا في سنة 1838. وبعد ثورة 1919 ودستور 1923، أصبح اقتصادها من أفضل اقتصاديات العالم في 1930.

وكذلك خرجت من الحرب العالمية الثانية، رغم الابتزاز الذي مارسه الاحتلال البريطاني، من بين أفضل الاقتصاديات. كما أن نكسة 1967، جرى التغلب عليها خلال ست سنوات، ولولا الأداء السياسي المتواضع، لتحول الانكسار إلى انطلاقة جديدة للدولة المصرية.

لا أقبل الترويج بأن الدولة المصرية بعد ذهاب الانقلاب تحتاج عشرات السنين لتقف على قدميها، فما تمتلكه من إمكانات كبيرة – أولها العنصر البشري – قادر على إحداث نهضة في سنوات قليلة. 

الدبلوماسي والروائي المصري عز الدين شكري فشير قال إن العسكريين سيتخلون عن الحكم في مصر وفي ذات الوقت أقر بأنه من المستحيل على المعارضة حكم مصر.. فمن سيقود البلاد في مرحلة ما بعد السيسي برأيك؟

طالعت وجهة نظر المفكر الكبير، وأؤيده في الجزء الأول منه؛ فالسلطة القائمة تنزلق سريعا إلى حالة إفلاس على كل المستويات. وفي تجارب سابقة أدى الفشل المتتابع للحكم العسكري إلى تخلي الجيوش عن دعم السلطات الدكتاتورية، وهو ما جعلها أمام خيارين: إما مواجهة غضب شعبي لن يحميها منه أي دعم مؤسسي، أو التخلي عن السلطة. وفي كثير من الحالات كان التخلي عن السلطة هو الخيار المفضل مقابل ضمانات بخروج آمن. والحالة المصرية قريبة الشبه من تلك النماذج.

غير أني أؤمن بأن المعارضة قادرة على إدارة الدولة المصرية. فكل النخبة السياسية والفكرية الآن أصبحت في جانب المعارضة، وهي تزخر بقدرات هائلة، أقلها هو أفضل 100 مرة من أفضل رجالات عصر مبارك. وأقارن بعصر مبارك، لأن السلطة الحالية ليس بها من يمكن أن يصلح لأي مقارنة.

إما إذا كان المقصود أن حالة الانقسام ربما تكون العائق أمام قدرة الجماعة الوطنية على الحكم، فأنا أوافقه، وبالتالي فإن كسر حالة الانقسام واستعادة بناء الصف الوطني هو الطريق الأمثل لحماية وإدارة الدولة بعد رحيل السلطة الحالية.

هناك من يرى أن الأوضاع في مصر حاليا لا تحتمل اندلاع ثورة جديدة أو حدوث تغيرات دراماتيكية ثورية في المشهد .. هل تتفق مع ذلك؟

فقدت مصر مئات من أبنائها لفتح مسار الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية، ثم فقدت آلافا من أبنائها عندما سعى الانقلاب لاستعادة الدكتاتورية. فما أضر بالأوضاع في مصر هو إصرار الفاسدين على البقاء في المشهد والتمسك بالسلطة لاستمرار تجريف خيرات البلاد.

أما الحديث عن أن ثورة يناير أضرت بالأوضاع الاقتصادية، فهو كذب محض.

فتراجع الاحتياطي النقدي خلال سنة ونصف من حكم المجلس العسكري جاء نتيجة عملية نهب مدبر للاحتياطي ولخزائن البنك المركزي، ولم يأت من عملية إنفاق حقيقي على احتياجات الشعب.

ما لا يقل عن 22 مليار دولار اختفت، وقيل إنها أُنفقت في شراء الطاقة، وهو أمر تكذبه الحسابات المدققة.

وعلى عكس ما يُروج، فقد زادت تحولات المصرين بالخارج لما يقترب من الضعف، كما تجاوزت إيرادات السياحة السنوات السابقة على الثورة واقتربت من حدود مداخيل عام 2008 الذي يعتبره البعض أفضل أداء للسياحة.

الثورات هي عملية إصلاح، تكلفتها أقل من تكلفة استمرار الدكتاتورية. كما إنها تفتح الباب للازدهار الاقتصادي ولبناء الريادة التي تستحقها مصر.

وتخيل انعكاس بقاء هذه السلطة أربع سنوات أخرى على المواطن الفقير أو المتوسط، بل وعلى رجال الأعمال، وعلى الزراعة مع تراجع موارد المياه وعلى السياحة مع استمرار الترويج للحرب المزعومة ضد الإرهاب والإساءة لسمعة مصر على كافة المستويات، وعلى مكانتها الإقليمية التي تتآكل يوما بعد يوم، وعلى مستوى أداء الجيش الذي تراجع بشكل ملفت.

نحن أمام كارثة تتضخم كل يوم على جميع المستويات، تجعل من الثورة حلا للخروج منها وليس كارثة.

ماذا إذا سقطت سلطة الانقلاب اليوم.. هل المعارضة مؤهلة لقيادة البلاد بما يحول دون وقوع اضطرابات واسعة؟

إن تعبير المعارضة قاصر، فالقوى الرافضة للسلطة الحالية تشمل رافضيها من أول يوم، ومن كانوا معها سابقا، بل ومن ارتفعت على أكتفاهم.

بل يُمكننا أن نتحدث عن تحالف شعبي واسع يشمل قوى ثورة يناير وقوى الإصلاح التي نمت في داخل نظام مبارك والقوى التي اعتقدت أن إسقاط الرئيس مرسي كان يُمكن أن يمثل دعما للمسار الديمقراطي لا انقلابا على مطالب الشعب.

نحن أمام أوسع تحالف في تاريخ الدولة والجماعة الوطنية المصرية؛ فجميع القوى التقليدية والإصلاحية والثورية، والتي كان يمكن أن تراها متناقضة بالأمس، أصبحت متلاحمة اليوم ولو على المستوى المشاعري حتى الآن.

المطلوب هو ترجمة ذلك لعملية اصطفاف وطني واسع على هدف واحد هو إنقاذ مصر.

كما أن الحديث عن مصر وكأنها صحراء سياسية خالية من المؤسسات ومن التيارات الفكرية الأصيلة ومن الاتجاهات السياسية المؤثرة هو تبسيط مخل، فذهاب أي سلطة خصوصا تلك الفاسدة والفاشية، لا يؤدي إلا إلى تحسين الأوضاع وفتح الطريق لمعالجة الكوارث التي انزلقت البلاد إليها.

كذلك، فإن مصر بلد مؤسسات منذ مائتي سنة، وربما يجري تغييب المؤسسات أو استغلالها من السلطة، لكن ذلك لا يعني أنها اختفت أو جرى محوها، فبمجرد رحيل السلطة بكل مساوئها فإن المؤسسات ستسترد عافيتها وستعاود للقيام بوظائفها التي نشأت لأجلها.

مصر الآن لا تُدار بل تُستنزف، ولا يوجد بها نظام يمكن تقييمه على مؤشر الأنظمة السياسية للدول، بل حفنة من قطاع الطرق ينهبون كل ما يقع تحت أيديهم وما يعتقدون أنه يُدر عليهم أموالا.

الخير كل الخير في ذهاب هذه السلطة، وكل ما يأتي بعدها باختيار الشعب سيكون خيرا للشعب، حتى لو كان الأداء السياسي لمن يختاره الشعب قاصرا فإنه أفضل آلاف المرات من أداء من يختطف الدولة ويقمع الشعب.

وللوصول إلى الأفضل يجب أن يكون لدى الشعوب الفرصة لتختار وتُجرب وتُغير، وهو ما يؤدي إلى بناء نظام لا يوالي إلا الشعب، ولا يعمل إلا لمصلحته، ولا يستمد شرعية إلا منه.


ولو أدرنا أبصارنا من حولنا لاكتشفنا أن النظم الديمقراطية بغض النظر عن الأشخاص داخلها خير من النظم الدكتاتورية أيا كان من يجلس على قمتها، وبالتالي فنحن لا نبحث عن أشخاص يحكمون مصر – رغم أنها تزخر بالقادرين وبالموهبين – وإنما نبحث عن بناء منظومة ديمقراطية تضمن سلام وأمان ورخاء مصر بغض النظر عن أشخاص من سيصلون للسلطة باختيار الشعب.

وما هي طبيعة دور المؤسسات في عملية التحول الديمقراطي المأمول من وجهة نظرك؟

كافة المؤسسات سيكون لها دورها في عملية التحول الديمقراطي، بما فيها الجيش؛ فقد وضعتنا السلطة جميعا في مركب واحد معرض لأخطار جمة، وعلينا جميعا أن نتعاون لإنقاذه والوصول به لبر الأمان.

بالطبع سيستند التحول الديمقراطي إلى عقد اجتماعي جديد يقبل به الجميع ويضمن فيه أن لا تتعدى مؤسسة على أخرى، وأن لا تتجاوز مؤسسة وظيفتها المنوطة بها، وأن تكون السيادة للشعب، وأن يكون فض كل خلاف بين المؤسسات بالرجوع لصاحب السيادة.

غير أن وضع مبادئ هذا العقد موضع التطبيق سيحتاج فترة انتقالية وتعاونا استثنائيا بين السياسيين والتكنوقراط الذين يديرون المؤسسات، وسيكون للجيش – باعتباره المؤسسة الأكثر تماسكا – دور أساسي في ضمان استعادة الدولة ومؤسساتها لوظائفها الطبيعية.

لكن ذلك يحتاج إلى أن تقتنع كل مؤسسة أن التحول الديمقراطي فيها نجاة لمصر، وحماية للمؤسسة، ورخاء للشعب.

وبالتالي فعلينا مجابهة ما تروج له السلطة الفاسدة من أن الجيش عندما ينخرط في الحياة الاقتصادية يضمن ميزات أفضل، بل على العكس فهذا الانخراط سيؤدي لتدمير مقدرات البلاد، وهو ما سينعكس على الجميع. ولو استمر الوضع فسنصل لوضع ستكون كل الميزات المالية أو الأدبية بلا قيمة، فستنهار القوة الشرائية للنقود، وستتعطل آليات الاقتصاد، وستتحول مصر – ونحن قريبون من ذلك - إلى سوق للسمسرة، يمتلك فيه الأغنياء المليارات لكنهم لا يجدون ما يتسوقونه، وهو ما يدفع – وهو ما نشاهده – إلى هجرة رؤوس الأموال وتعطل المصانع ووقف الإنتاج.

يجب أن يُدرك الجميع أن الاقتصاد للمتخصصين في القطاع العام والخاص، وأن الجيش للدفاع، وإلا فإن الجميع سيتضورون جوعا في لحظة ستختلط فيها الأوراق، وسيهرب وقتها الفاسدون وسنقع جميعا ضحايا الكارثة.

نحن في معركة وعي، نحتاج فيها لهزيمة أفكار الانقلابيين وادعاءاتهم ورشاويهم، حتى يُدرك من لا يُدرك بعد، أن الدولة الصحيحة هي التي تسمح للجميع بالعيش في سلام ورخاء، وأن الدولة الصدئة هي التي تختلط فيها الوظائف والأدوار يعاني فيها الجميع.

هل تتوقعون أي تغييرات في المشهد خلال فترة السيسي الثانية؟

ما آمل فيه وأتوقعه هو أن تصل الجماعة الوطنية المصرية إلى تبني مشروع وطني واحد، تحدد حركتها على أساس منه، وتستعيد القدرة على مخاطبة الشعب بصوت واحد. وقتها رحيل السلطة الحالية سيكون مسألة وقت.

العاملان الإقليمي والدولي هل يمكن تجاهلهما في معادلة التغيير بمصر؟

لا يمكن إهمال العامل الإقليمي والدولي؛ فالانقلاب في مصر جاء بدعم إقليمي وغطاء دولي.

ومصر دولة كبيرة، يخشى البعض أن تحولها لدولة ديمقراطية سيضمن لها الترقي لتصبح قوة إقليمية اقتصادية وعسكرية تسمح لها بأن تتحول من الدور الخدمي المفروض عليها في النظام الدولي إلى شريك في صياغة الوضع الإقليمي بل والدولي.

سيعلم كل من دعم هذا الانقلاب، بأنه أخطأ، ليس فقط في حق مصر، بل في حق المنطقة العربية وكل الدول المستضعفة في العالم. لأن الانقلاب أخرج مصر تماما من معادلة التأثير، وفتح الباب واسعا لكل الطامحين والطامعين في التدخل بالمنطقة.

ومع ذلك، فإن التغيير في مصر منوط أساسا بالجماعة الوطنية ووحدتها وتوافقها. فلو كانت موحدة لحظة الانقلاب ما نجح، ولو توحدت اليوم لسقط؛ فالعامل الإقليمي والدولي تتراجع أهميته كلما زاد تماسك الحركة الوطنية المصرية.

أخيرا، ما هي رسالتكم إلى الجيش المصري في ظل ما تشهده البلاد من أحداث وتطورات؟

سيبقى جيش مصر ممثلا حقيقيا لشعبنا، فتشكيله من الضباط وضباط الصف والجنود يُعبر عن كامل الجغرافيا المصرية. فلا توجد قرية ولا نجع أو مدينة أو حي لا يمثله بعض من ابنائه في الجيش المصري.

ولذلك أنا أؤمن بأنه مؤسسة وطنية يشعر أبناؤها بكل ما يشعر به الشعب من معاناة، ولديه من الاحتقان والغضب مثل ما لدى إخوانه من المدنيين في كافة ربوع البلاد.

لكنه باعتباره مؤسسة نظامية مقيدة بآليات التدرج القيادي والضوابط العسكرية، لا يُمكن أن نطالبه بأكثر من أن يقترب من شعبه أكثر وأن لا يقع فريسة الدعاية المريضة التي تفرق بين الشعب وجيشه، وتجعلنا وكأننا أمام جهتين يمكن أن يتواجها.

يجب أن يعلم أبناؤنا وإخواننا من أبناء الجيش أنهم يعملون لدى هذا الشعب وفي خدمته وينعمون بخيره، ولا يمثلون كيانا منفصلا عنه ولا يجب أن يتعالون عليه.

ويجب أن يعلم الجميع أن الشعب هو المالك والسيد، وأن كل مؤسسة إنما نشأت لخدمته ولتكون سببا في حمايته وتحقيق أمنه ورفاهيته لا سببا في تعاسته ومعاناته.

نُدرك أن السلطة الفاشية تُريد أن تجعل الجيش في مواجهة الشعب، وأنها تحاول أن تنسب كل جرائمها لجيشنا. لكنا في نفس الوقت شاهدنا محاولات من ضباط كبار هم اليوم رهن الاعتقال والإقامة الجبرية، يحاولون إرسال رسالة واضحة بأن الجيش ليس هو السلطة، وأن السلطة هي منقلبة على الشعب ومنقلبة على الجيش أيضا.

وندعو أبناء شعبنا للتمييز بين المؤسسات التي هي ملك الشعب، والسلطة التي جاءت بانقلاب لتُسقط خيار الشعب وتُنهي ثورته وتسخر من مطالبه.

يوما سيلتقي الجميع بميدان الحرية، المدني والجندي والطبيب والمحامي والمهندس والضابط.. سيلتقي الجميع للاحتفال باستعادة مصر لطريق الحرية واستعادة الشعب لحقه في الاختيار والمراقبة والمحاسبة.

التعليقات (1)
مالك علي
الإثنين، 10-09-2018 09:09 م
هذا المأفون لا علاقة له بالواقع اطلاقاً. أزعم أنكم لن تُنصَروا و الايام بيننا