كتاب عربي 21

4 تعديلات جمركية مصرية في ثلاث سنوات ونصف

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
أصدرت السلطات المصرية قرارا جمهوريا بالتعريفة الجمركية المنسقة قبل أيام، تضمن 5791 بندا جمركيا، قالت وزارة المالية أنه لم يحدث تعديل سوى في نسبة 23 في المئة من تلك البنود، أي حوالي 1332 بندا غالبيتها بالسلع الاستهلاكية.

وهكذا تكون تلك التعديلات الجمركية هى الأكبر عددا، بالمقارنة لزيادة الجمارك على 364 سلعة في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وزيادة الجمارك لنحو 500 سلعة في كانون الثاني/ يناير 2016، وتعديلات جمركية أخرى في شباط/ فبراير 2015.

ولجأت السلطات المصرية لزيادة الجمارك لتقلل من قيمة الواردات السلعية لتخفف الضغط على الطلب على الدولار، ضمن حزمة من الإجراءات المصرفية والتجارية والجمركية التي استهدفت تقليل الواردات بشكل معلن من قبل المسؤولين، وعلى رأسهم محافظ البنك المركزى.

ولكن أرقام قيمة الواردات السلعية خلال عام 2017 اتجهت للزيادة بالمقارنة للعام السابق، واستمرت تلك الزيادة حتى آذار/ مارس من العام الحالي، وهي آخر بيانات معلنة من قبل البنك المركزي، وربما جاء الارتفاع بسبب الزيادة التي لحقت بسعر الصرف للدولار أمام الجنيه المصري، حيث لا تعلن بيانات بيانات كلا من البنك المركزى وجهاز الإحصاء الرسمي بيانات كمية السلع المستوردة، حتى يمكن مقارنتها ومعرفة التغير الحقيقي بكمية الواردات.

وتذكر الحكومة عادة مع رفعها لنسبة الجمارك على السلع أنها تهدف إلى تشجيع الصناعة الوطنية، من خلال قيامها بإنتاج المثيل للسلع المستوردة والإستفادة من فاروق السعر مع المستورد لترويج منتجاتها، لكن واقع السوق المحلي يشير إلى ارتفاع أسعار السلع المنتجة محليا عقب رفع الجمارك على السلع المستوردة، ويبرر المنتجون ذلك بزيادة تكلفة إستيراد المكونات المستودرة التي تدخل في إنتاج السلع المحلية وزيادة أسعار الطاقة.

تضرر متعدد العوامل للمستهلك

وهو ما يعني، من ناحية أخرى، أن دعاوى استفادة الصادرات المصرية من رفع الجمارك على السلع المستوردة، يصبح محل شك نتيجة زيادة تكلفة السلع المنتجة محليا بسبب ما فيها من مكونات مستوردة، مما يقلل تنافسيتها مع منتجات الدول الأخرى، خاصة وأنها محملة بأعباء أخرى، مثل سعر الفائدة المرتفع وتكلفة الفساد لإنجاز المعاملات مع الجهات الرسمية.

وزير المالية أيضا تهمه زيادة إيرادات الجمارك كي تسهم في سد العجز الكبير في الموازنة، حيث حققت الجمارك إيرادات بلغت 34 مليار جنيه في العام المالي 16/2017، ثم زادت إلى 38 مليار جنيه بالعام المالي الأخير، وتستهدف الوزارة تحقيق 45 مليار جنيه من حصيلة الجمارك خلال العام المالي الحالي 2018/2019.

وهكذا تحقق زيادة الجمارك أهداف السعي لتقليل الواردات وتشجيع الصناعة المحلية وزيادة إيرادات الموازنة العامة للدولة، لكن المتضرر الأكبر منها هو المستهلك، خاصة وأن أثر زيادة نسبة الجمارك لا يأتي منفردا، بحيث يستطيع المستهلك تحمله، ولكنه يجيء وسط عدد من الإجراءات التي زادت الأعباء عليه.

فالسوق المصرية تعتمد على الاستيراد بشكل رئيسي، سواء لتغطية الاحتياجات الغذائية كالقمح والذرة، ومؤخرا الأرز وزيوت الطعام، إلى جانب الوقود والمواد الخام والسلع الوسيطة والاستثمارية. وهكذا نجد أن أي سلعة مستوردة قد زادت تكلفتها على المستهلك بأكثر من شكل، حيث زادت تكلفتها مع ارتفاع سعر صرف الدولار من حوالي تسعة جنيهات إلى ما يقرب من 18 جنيها، ثم من خلال زيادة تكلفة الدولار الجمركي الذي تتم المحاسبة الجمركية على أساسه من تسعة جنيهات إلى 16 جنيها.

نصوص مكررة لقرار مرسي

ومع زيادة أسعار الوقود أكثر من مرة فقد زادت تكلفة نقل تلك السلع المستوردة من الموانئ إلى مخازن المستوردين ثم إلى تجار الجملة والتجزئة، ومع زيادة أسعار الكهرباء ومياه الشرب والغاز الطبيعى فقد قام تجار التجزئة بتحميل تلك الأعباء على السلع التي يبيعونها، ثم تأتي زيادة نسبة الجمارك على السلعة المستوردة كتكلفة إضافية أخرى.

وعندما تصل نسبة الجمارك على الملابس المستعملة 35 في المئة بالتعديلات الأخيرة، فإن هذا لا يتسق مع احتياجات الشرائح الفقيرة التي تجد فيها الملاذ، مع بلوغ الجمارك على الأقلام الرصاص التي تحتاجها مصر 50 في المئة، كذلك بلوغ الجمارك على الملابس الجاهزة 40 في المئة، والأحذية 60 في المئة، والصابون 60 في المئة، والسلع المعمرة 60 في المئة، والفواكه 60 في المئة.

وكلها سلع استهلاكية، فإن لذلك أثره السلبي على المواطنين البسطاء في ضوء ترك السوق للمنتج المحلي دون منافسة، وهو ما ظهر خلال الشهور الأخيرة بارتفاع أسعار الفاكهة لأرقام غير مسبوقة، مما دفع البعض لمقاطعتها.

والغريب في القرار الجمهوري الأخير الخاص بالتعريفة الجمركية والمكون من عشر مواد؛ أنه منقول حرفيا من القرارا الجمهورى للرئيس محمد مرسي الخاص بالتعريفة الجمركية الصادر في آذار/ مارس 2013، فيما عدا تعديل بجزء من المادة الخامسة يخص نسبة الخفض الجمركي على السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي، والتي كانت نسبتها 25 في المئة وأصبحت مؤخرا 35 في المئة.

وهو ما ينم عن إعلام إقتصادى غير متابع أو يؤثر السلامة، حينما نسب كل التعديلات المذكورة بتلك المواد للجنرال، رغم ورودها كلها حرفيا منذ آذار/ مارس 2013، حتى النص على إنشاء مجلس أعلى للتعريفة الجمركية برئاسة وزير المالية في المادة السابعة من القرار الجديد؛ منقول حرفيا من قرار مرسي، وهو ما يشير إلى عدم تنفيذه خلال السنوات الماضية.

وبالطبع، زادت نسب الجمارك في كثير من السلع مؤخرا عما كانت عليه في قرار التعريفة في آذار/ مارس 2013، حيث كانت التعريفة على الجوافة والمانجو 20 في المئة فأصبحت حاليا 45 في المئة، وكانت على البرتقال واليوسفي 30 في المئة فأصبحت 60 في المئة، وعلى الخوخ والبرقوق 10 في المئة فأصبحت 60 في المئة.
التعليقات (0)