اقتصاد دولي

أوروبا تواجه ترامب بكيان جديد.. هل يتم عزل أمريكا اقتصاديا؟

موغيريني: الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي ستنشئ كياناً قانونياً لتسهيل المعاملات المالية القانونية مع إيران- جيتي
موغيريني: الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي ستنشئ كياناً قانونياً لتسهيل المعاملات المالية القانونية مع إيران- جيتي

أعلنت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني، أنّ الاتحاد الأوروبي سينشئ كياناً قانونياً بهدف مواصلة التجارة مع طهران، ولا سيما شراء النفط الإيراني، وبالتالي الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإٍسلامية.

وقالت موغيريني في ختام اجتماع خصّص للبحث في ملف الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في أيار / مايو الماضي إنّ "الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي ستنشئ كياناً قانونياً لتسهيل المعاملات المالية القانونية مع إيران".

 

التفاف قانوني

 

وقال الخبير الاقتصادي أنور القاسم، في تصريحات لـ"عربي21"، إن هناك اتجاها لإنشاء نظام اقتصادي عالمي مواز للنظام الأمريكي المهيمن تاريخيا.


واعتبر الكيان الأوروبي المزمع إنشاءه، "آلية قانونية هي الأولى من نوعها في أوروبا للخروج من رقة الدولار وسيطرة الاقتصاد الأمريكي، وتفادي العقويات الأمريكية ضدها".


وأضاف: "هذه الخطوة ليست مجرد تحدي أوروبي للهيمنة الأمريكية، بل ستخلق آليات وقنوات جديدة تتماشى مع طبيعة القانون الدولي، للالتفاف على الأنظمة الأمريكية الخاصة بالتجارة ونقل الأموال مثل نظام "سويفت".


وتابع: "هذه الآلية قد تمتد في المستقبل إلى تركيا وروسيا والصين والهند واليابان والبرازل والأرجنتين وكل الدول التي تعاني من العقوبات الأمريكية"، لافتا إلى أن هذه الدول صارت تبحث عن نوع من ضمان التجارة الدولية.


وأوضح القاسم أن القرار الأوروبي هي مجرد بداية، ليست للاستغناء ولكنها لتحقيق نوع من التوازن في التجارة الدولية.


وأشار إلى أن "ترامب فتح حربا تجارية على كل جيرانه دون أن يستثني أحدا حتى كندا حليفة الولايات المتحدة تاريخيا، وكذلك المكسيك واليابان والآن مع الصين، ولم يحترم ترامب تاريخ أوروبا تجاريا وعسكريا وسياسيا واعتبرها مثل الصين، وهو ما دفع الأوروبيون إلى اتخاذ قرارا مباشرا ببدء التخلي عن تلك الهيمنة.

 

العزل الاقتصادي

 

ومن ناحيته، استبعد أستاذ الاقتصاد في جامعة لندن، جلال إسماعيل، أن يكون القرار الأوروبي بداية لتخلي أوروبا عن أمريكا، أو خطوة في عزلها اقتصاديا.

 

وقال إسماعيل في تصريحات لـ "عربي21": "المصالح هي التي تحكم العلاقات بين الدول، والكيان الأوروبي المزمع إنشاءه مجرد كيان لتسهيل المعاملات المالية بين الشركات الأوروبية العاملة في إيران بعيدا عن الحكومات، للتسهيل وليس للخروج من عباءة النظام الأمريكي".

 

وأضاف: "ما يريده ترامب ينفذه، والمصالح الأوروبية في أمريكا ضخمة، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي أن تتخلى عنها من أجل عيون إيران".

ويأتي القرار الأوروبي، في الوقت الذي تخلى فيه بنك ببيفرانس الفرنسي المملوك للدولة عن خططه لتأسيس آلية لمساعدة الشركات الفرنسية في التجارة مع إيران، في مواجهة العقوبات الأمريكية على طهران.

وكان البنك قد أكد في وقت سابق هذا العام أنه يعمل على مشروع لتمويل الشركات الفرنسية الراغبة في تصدير سلع إلى إيران رغم العقوبات الأمريكية.

وقال نيكولا دوفورك الرئيس التنفيذي للبنك "جرى تعليقها، الشروط غير مستوفاة، والعقوبات تطول الشركات".

يشار إلى أن بنك ببيفرانس كان يعمل على توفير ضمانات تصدير مقومة باليورو للمشترين الإيرانيين للسلع والخدمات الفرنسية.

ومن خلال هيكلة التمويل عبر أدوات بدون أي ارتباط أمريكي، كان "ببيفرانس" يعتقد أن من الممكن تجنب الوقوع تحت طائلة التشريعات الأمريكية المطبقة خارج حدود الولايات المتحدة.

ورغم أن بعض الدول الأوروبية قالت "إنها تسعى لحماية شركاتها من العقوبات"، أعلنت شركات كبرى مثل شركة النفط توتال وإير فرانس-كيه.إل.إم والخطوط الجوية البريطانية "بريتش إيروايز" أنها ستعلق أنشطتها في إيران.

 

انسحاب "أوتوتك"

وقالت متحدثة باسم "أوتوتك" الفنلندية لتكنولوجيا التعدين "إن الشركة ستنسحب من إيران بسبب العقوبات الأمريكية الجديدة".

وتعمل "أوتوتك" على بناء المصانع وتصنيع المعدات وتقديم الخدمات إلى صناعات المعادن ومعالجة المعادن، ولها تاريخ طويل في إيران، وبقيت في السوق بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على طهران في 2010.

وبدأت أنشطة الشركة في العودة إلى طبيعتها بعد إبرام الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، ما ساعد "أوتوتك" في الحصول على طلبيات من الشركة الوطنية لصناعة النحاس الإيرانية والشركة الإيرانية الدولية للهندسة.

تأتي أحدث العقوبات على إيران بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران.

وأعيد فرض بعض العقوبات على إيران في السادس من آب/ أغسطس الماضي بينما سيبدأ سريان البعض الآخر في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

وقالت المتحدثة إيلا باتيلا: "نمتثل لكل العقوبات القائمة. مشاريعنا في إيران في مراحلها النهائية بالفعل. ونهدف إلى استكمال مشروعاتنا بحلول الرابع من نوفمبر".

ولم تفصح "أوتوتك" عن إجمالي حجم أنشطتها في إيران، لكنها أكدت في أيار/ مايو الماضي أن السوق لا تمثل حصة كبيرة من مبيعاتها العالمية البالغة نحو 1.2 مليار يورو "1.41 مليار دولار".

وتتعلق طلبية الشركة الوطنية لصناعة النحاس الإيرانية بوحدات إنتاج لحمض الكبريتيك لمصاهر النحاس بقيمة نحو 50 مليون يورو. أما طلبية الشركة الإيرانية الدولية للهندسة فتخص تكنولوجيا بقيمة 45 مليون يورو لمصنع حديد.

وقال متحدث باسم شركة إيه.بي فولفو السويدية للشاحنات أمس، "إن الشركة أوقفت تجميع شاحنات في إيران، لأن العقوبات الأمريكية تحول دون حصولها على مستحقاتها".

وأجبرت العقوبات شركات في ألمانيا ودول أوروبية أخرى على إعادة النظر في الاستثمار في إيران.

وقال فريدريك إيفارسون المتحدث باسم فولفو "إن المجموعة ربما لن تتمكن من الحصول على مستحقاتها مقابل أي أجزاء تقوم بشحنها وبالتالي قررت وقف نشاطها في إيران في ضربة أخرى لصناعات السيارات الإيرانية التي تمكنت على عكس قطاعي الطاقة والمصارف من توقيع اتفاقات مع كبرى الشركات الأوروبية".

وأضاف إيفارسون "مع كل هذه العقوبات والإجراءات الأمريكية. لا يعمل النظام المصرفي في إيران. لا نستطيع الحصول على مستحقاتنا".

التعليقات (0)