مقالات مختارة

هل تضغط نتائج الانتخابات النصفية على سياسة ترامب؟

ثريا شاهين
1300x600
1300x600

إنها مرحلة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأمريكية، والإدارة والحزبان الجمهوري والديمقراطي منشغلون بهذه الانتخابات. والانشغال بها يُضاف إلى مرحلة التخبّط داخل مراكز القرار في واشنطن؛ نظرا لعدم استكمال التعيينات الإدارية منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، وهي لم تحصل لمرة واحدة، بل مرات عدة. ومن خلال ذلك، أكثر من مسؤول تعاقب على تسلّم ملفات لا يلبث أن يتركها فجأة ليتابعها غيره. كل ذلك مع مزاجية الرئيس ترامب، ليجعل الإدارة الأمريكية غير واضحة الاستراتيجية على المستوى الخارجي، لا سيما في ملفات الشرق الأوسط الساخنة، وفقا لمصادر ديبلوماسية بارزة.

هناك اهتمام الآن بما سيحصل في إدلب، الإدارة الأمريكية تحذّر من استعمال الكيماوي، وأنها ستقوم بضربة للنظام في حال استُخدِم. وليس واضحا، ما إذا ستكون الضربة قوية أم لا. روسيا تقول إن الإدارة الأمريكية تتحدث عن الضربة إذا استخدم الكيماوي، لأنها ستتذرع به لتوجيه ضربة. في كل الأحوال، الجميع بانتظار الاتفاق الروسي - التركي حول إدلب ومفاعيله.

أما بالنسبة إلى وقف تمويل الولايات المتحدة لـ «الأونروا»، وهو قرار اتخذ في وقت ضائع على مستوى انتظار التسويات الكبرى في المنطقة، تفيد هذه المصادر الواسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية - الأمريكية، بأن واشنطن لن تتراجع عن قرارها بالنسبة لعدم تمويل الوكالة، وأنها تقوم بعروض حول تمويل جانبية للاجئين الفلسطينيين وليس من خلال «الأونروا»، وأن القرار الأمريكي ليس موجها ضد الفلسطينيين في حد ذاتهم، إنما موجّه ضد الأمم المتحدة ككل. ومن ثم، واشنطن خفضت دعم الأمم المتحدة في كل وكالاتها ومنظماتها. لا بل إن هذه الإدارة لديها تذمر من فاعلية الأمم المتحدة. وهي تعمل للتغيير في أدائها، لا سيما وأنها تعتبر نفسها الممول الأكبر للأمم المتحدة، وهي تريد أن تكون هناك فاعلية في استعمال التمويل، ولا تستطيع أن تكمل على هذا المنوال.

وبينما قال مسؤول لبناني للإدارة، إنها تعمل ذلك لإلغاء المكتسبات الفلسطينية وحق العودة ومساعدة اللاجئين في حياتهم، بحسب المصادر، تقول الإدارة، بأن على دول أخرى التمويل، ولا تريد واشنطن أن تكون الممول الأكبر، ولا أن يكون الاعتماد عليها.

وتفيد المصادر، أيضا، أن هناك استبعادا لأن يكون هناك تحضير لانقلاب في البيت الأبيض من خلال نتائج أداء ترامب. الآن الجميع ينتظر ما ستؤول إليه الانتخابات النصفية للكونغرس في 6 تشرين الثاني المقبل. والتوقعات تشير إلى أن ترامب، أو حزبه، سيخسر الأكثرية في مجلس النواب، في حين أنه سيحتفظ بالأكثرية في مجلس الشيوخ. إلا أن ترامب وحزبه يعتمدان على المفاجآت، ويقول مناصروهما، إنه قبل الانتخابات الرئاسية كان هناك تشاؤم، وبعد الانتخابات حصلت المفاجأة بفوز ترامب.

إنما إذا تحققت التوقعات، فإن خسارة مجلس النواب، تعني شل أداء حكم ترامب، لأن الحزب الجمهوري يشكّل الآن أكثرية في مجلسي النواب والشيوخ. وإذا كان مجلس النواب ضده، يستطيع الأخير عرقلة مشاريعه، ولا يمكنه تمرير ما يريد، الأمر الذي يشل العهد. مع الإشارة إلى أن هناك أمورا لا تحتاج إلى قوانين ويمكن تمريرها. لكن خسارته مجلس النواب تؤثر على تفرد الرئيس بقراره. وفي كل الأحوال، فإن الأمور المتعلقة بدعم إسرائيل وأمنها لن تتأثر، لأن هناك دعما لا متناهيا لها من الحزبين.

وإذا حصلت هذه الخسارة، تتوقع المصادر ألا يسمح الديمقراطيون للرئيس بالاستمرار في سياسة غض النظر عن أداء روسيا في المنطقة. لأن الديمقراطيين يعتبرون أن التدخل الروسي هو الذي إدى إلى خسارتهم الرئاسية الأمريكية. ويتوقع حصول ضغط على الرئيس للتشدد حيال روسيا ولزيادة العقوبات عليها.

والديمقراطيون يعتبرون أن ترامب ما كان يجب أن يلغي الاتفاق النووي مع إيران. وإذا خسر مجلس النواب سيتأثر أي قرار حول ذلك.

وتشير المصادر، إلى أن ما تم بحثه في القمة الأمريكية - الروسية في تموز الماضي، لا يعني أنه سيطبق. ومن المستبعد أن يسمح الديمقراطيون للرئيس أن يطبقه، لا سيما أنه ليس هناك داخل أدائه من توافق حول نقاط البحث ونتائجه. وكذلك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لا توافق حول ذلك، لذا ليس هناك من أهمية ستعطى لمفاعيل القمة.

يضاف هذا المناخ إلى حال التخبط الذي تعيشه الإدارة أساسا، ويشعر الديبلوماسيون الأجانب في واشنطن أنهم غير قادرين على بناء علاقة أو ملف، لانه بسبب التغييرات في المسؤولين داخل وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، تبدأ الأمور من الصفر ولا تنتهي، وليس من جدية، إضافة إلى تغيير رأي الرئيس بسرعة وفي قضايا حساسة. ومن بين هؤلاء الموظفين من لا يُقال من مركزه مثل غيره، بل هم يستاؤون ويتركون عملهم من جراء التخبط والفوضى.

 

عن صحيفة المستقبل اللبنانية

0
التعليقات (0)