قضايا وآراء

التقليد الماسخ

هشام عبد الحميد
1300x600
1300x600
لطيف أن نسير على خطى الآخرين، لكن الألطف أن نعرف إلى أين نسير؟ فلا شك في أن هناك دوافع جمعية إنسانية تدفع البشر لتقليد بعضهم البعض.

وليست الموضة إلا مثالا على انسياق الناس تحت تأثير التقليد. ولكن من الشاذ والمنفر أن ينساق الناس بشكل أعمى يُفصح عن مسخهم، وخاصة إن كانوا يُصنفون ويقّدمون أنفسهم على أنهم من خانة المبدعين أو الفنانين أو الكتاب، عندها يظهرون وكأنهم يلبسون ألبسة لا تتناسب لا مع مقاسهم ولا مع طبيعة جسدهم أو لون بشرتهم.

هذا النوع من التقليد الأعمى يُحول الجميل لقبيح، ويحول المُقلد لكائن غريب خال من بهجة الذوق الرفيع، وخاصة إن كان الذي يُقّلده يتمتع بنوع من الصفات الجمالية العالية والدقيقة في الاختيار، ويكون لديه عادة الجرأة على المبادرة والابتكار المُلفت. وغالبا ما يكون لديه خبرة وحدة بدرجة عالية من الدراية والدقة، ونادرا ما يفتقد للحس السليم والذوق الرفيع.

لذلك، على المُقّلد، حتى لو كان فنانا أن ينتبه لنوع سرقة فكرة الذي يُقلده. إن النسخ طبق الأصل أو ما يشبه النسخ قد تُفقد المُقّلد صلاحيته؛ كون ما أخذه قد لا يتناسب معه، ويُصبح ما أخذه عن الآخر أشبه بالمهزلة كونه لم يُفكر بهل ينطبق عليه أم لا؟

على المُقّلد الانتباه حتى لا يقع في فخ المهزلة وسخف ما فعله بنفسه. طبعا، أنا لا أريد هنا تسمية الأسماء بمسمياتها. فهي مسألة عامة وشائعة، متكررة وكثيرة جدا. ولكن أحببت أن أوضح أن الفرق كبير بين الاقتباس المبدع والتقليد الماسخ، الذي يرتد على صاحبه بنوع من الأذية.

هذه الأذية نفسها ترفع من شأن الذي يحاول تقليده بلا دراية وذوق في الاختيار.
0
التعليقات (0)