صحافة دولية

فورين بوليسي: عودة مقاتلي تنظيم الدولة لكن لجانب الشيعة

فورين بوليسي: تقوم قوات الحشد بتجنيد الأعضاء السابقين في تنظيم الدولة في صفوفها- حيتي
فورين بوليسي: تقوم قوات الحشد بتجنيد الأعضاء السابقين في تنظيم الدولة في صفوفها- حيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لكل من الأستاذة الزائرة في جامعة هارفارد فيرا مينوروفا، وزميل معهد الدراسات الإقليمية والدولية التابع للجامعة الأمريكية في العراق محمد حسين، يقولان فيه إن الحرب في العراق تستمر لتجلب معا شركاء غرباء.

 

ويقول الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إن آخر توليفة غريبة هي الأغرب من بينها، خاصة في المناطق القريبة من الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد، حيث تقوم قوات الحشد الشعبي المؤلفة بشكل رئيسي من المليشيات الشيعية، بالتحالف مع مقاتلين سابقين من تنظيم الدولة

 

ويعلق الكاتبان قائلين: "قد تبدو فكرة اجتماع من كانوا أعداء في السابق غريبة، لكن هناك فوائد للطرفين، فتستطيع فصائل الحشد الشعبي توسيع رقعتها للمناطق السنية، ويستطيع المقاتلون السنة من خلال هذا التحالف العودة إلى المجتمع العراقي، ومهما كانت النتيجة النهائية للعراق فلن تكون جيدة".

 

ويشير الكاتبان إلى أن "قوات الحشد الشعبي كانت لاعبا أساسيا في الحرب على تنظيم الدولة، التي بدأت عام 2014، وتألفت بشكل أساسي من مقاتلين شيعة يقاتلون في العادة تحت راية دينية، وأصبح ينظر إلى بعض مقاتلي تلك القوات على أنهم مقاتلون عن إيران بالوكالة، وهذا جعل الأمر أصعب لهم للعمل في المناطق ذات الأكثرية السنية، وجعل شركاء الحكومة العراقية الدوليين، مثل أمريكا، متشككين من ضمهم إلى جهد مكافحة تنظيم الدولة". 

 

وتلفت المجلة إلى أنه "مع ذلك استمرت قوات الحشد، واليوم أصبحت تلك القوات مسؤولة عن أمن بعض البلدات التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة، وتشكل قوة سياسية رئيسية في البلد، وفي آخر انتخابات عامة أجريت في العراق حصل تحالف الفتح، الذي تشكل قوات الحشد جزءا منه، على 48 مقعدا من أصل 329 مقعدا في البرلمان العراقي". 

 

ويقول الكاتبان: "كما يبدو، فإن الحشد الشعبي يسعى لتوسيع نفوذه بشكل أكبر، ولتحقيق ذلك فإنه أجرى تغييرا كبيرا على استراتيجية التجنيد الخاصة به، فبالإضافة إلى الشباب الشيعة تقوم قوات الحشد الشعبي بتجنيد الأعضاء السابقين في تنظيم الدولة في صفوفها".

 

وتذكر المجلة أن عددا من المسؤولين الحكوميين والناشطين أكدوا في مقابلة هذا الشهر هذا التوجه، وشهدوا بأن منظمة بدر، أحد أكبر المليشيات المكونة للحشد الشعبي، التي تعمل في العراق، جندت 30 مقاتلا من هذا الصنف في بلدة جلولاء وحدها، وبالإضافة إلى ذلك، فإن عصائب أهل الحق، إحدى أكثر المليشيات المكونة للحشد الشعبي، قامت بتجنيد 40 مقاتلين سابقين من تنظيم الدولة في المنطقة ذاتها، وهي منطقة مختلف عليها بين الأكراد والحكومة العراقية المركزية. 

 

وينقل الكاتبان عن خليل خداد، وهو مسؤول كردي في البلدة، قوله: "بعد هزيمة تنظيم الدولة في أواخر عام 2014، لم يكن بإمكان أعضاء التنظيم المحليين العودة إلى جلولاء"، فذهبوا إلى مدن أخرى، وانضموا إلى قوات الحشد الشعبي، وعادوا الآن "بزي مختلف".

 

وتفيد المجلة بأنه "بالإضافة إلى الأعضاء السابقين الصغار من التنظيم الذين انضموا إلى الحشد الشعبي، فإنه يبدو أن عددا من قيادات التنظيم السابقين انضموا اليهم أيضا، وبحسب مصادر في  المخابرات الداخلية الكردية (أسايش)، فإن أحد هؤلاء المجندين هو مطشر التركي الذي قاد المعركة ضد البشمركة في جنوب جلولاء في حزيران/ يونيو وآب/ أغسطس من عام 2014، وآخر هو زياد مولان، الذي أقنع كتبية شرطة عراقية بتسليم أسلحتها لتنظيم الدولة عام 2014، بحسب المصادر". 

 

ويقول الكاتبان إن "أعضاء الحشد الشعبي الذين قابلناهم كان لديهم مشاعر مختلفة حول تجنيد مقاتلين سابقين في تنظيم الدولة، وأنكر أحد المسؤولين الذين قابلناهم من عصائب أهل الحق وجود مقاتلين سابقين في تنظيم الدولة معهم، لكنه أقر بأن مجموعته تسعى لتجنيد السنة، وقال الشيخ أبو أحمد، قائد كتيبة في شمال ديالا، إن هذا يعني (تجنيد السنة المحليين الذين ليست لهم علاقات مع تنظيم الدولة.. وعندما بدأنا انضم إلينا أعضاء سابقون في تنظيم الدولة، لكننا قمنا بعدها بفحص خلفياتهم، وقمنا برفض الأشخاص المشتبه بهم كلهم)، وعندما واجهنا مسؤولا عراقيا محليا آخر بأسماء محددة في الحشد الشعبي، وكانت لهم علاقات مع تنظيم الدولة ادعى بأن هناك حاجة للمجندين الجدد للاستمرار في الحرب ضد تمرد تنظيم الدولة، وقال إنه (تبين أن مطشر التركي رجل جيد مباشرة بعد أن غير ولاءه، والآن يقوم بضمان أمن بلدة طاووق ضد متمردي تنظيم الدولة)".

 

ويعلق الكاتبان بالقول: "قد يكون من الغريب أن يرغب المقاتلون السنة في الانضمام إلى القوات الشيعية التي اقتتلوا معها منذ فترة قريبة، لكن هناك أسبابا جيدة لذلك".

 

ويوضح الكاتبان أنه "بالنسبة لبعض المقاتلين السابقين مع تنظيم الدولة فإن المسألة لا تعدو كونها اقتصادية، وهؤلاء مقاتلون لم ينضموا أصلا لتنظيم الدولة بسبب حماسة دينية، لكن لأنهم كانوا بحاجة إلى راتب، وعندما هزم تنظيم الدولة وجدوا أنفسهم دون عمل، وبدأوا في البحث عن عمل آخر، وبالنسبة لأشخاص لا يتقنون سوى القتال، ولكون البطالة بين الشباب تصل إلى 18% في العراق، فإن التسجيل مع قوة أخرى هو الأمر المنطقي".

 

ويقول الكاتبان: "لأن العرق، كغيره من كثير من المجتمعات ما بعد الصراع، ليس لديه سياسة دمج رسمية، فلن يستطيع هؤلاء الرجال الانضمام إلى القوات الأمنية الرسمية، ولذلك فإنهم بدأوا في البحث عن بدائل أقل رسمية، وفي البداية تحول العديد منهم لقوات الحشد القبلي، وهي مجموعة أوجدت بدعم أمريكي لتكون المقابل السني لقوات الحشد الشيعي، التي كانت تدفع 400 دولار، ولم يستطع سوى القليل الانضمام لتلك القوات حتى إن كان لهم علاقات قبلية، ثم بحث أولئك المقاتلون السابقون عن عمل مع قوات الحشد الشيعي، واكتشفوا أنها كانت أكثر استعدادا لتقبلهم في صفوفها".

 

ويشير الكاتبان إلى أنه "بالإضافة إلى الرواتب المضمونة، فإن الانضمام الى الحشد الشعبي ساعد المقاتلين السابقين مع تنظيم الدولة على أن يقوموا بغسل ماضيهم، فعندما هزم التنظيم، وأصبح أعضاؤه مطلوبين صار يصعب على أعضائه المرور عبر الحواجز، التي تملأ البلدات كلها، لكن الأشخاص الذين يحملون هويات عسكرية، مثل هوية قوات الحشد الشعبي، فلا يتم البحث عن أسمائهم في قوائم المشتبه فيهم".

 

ويكشف الكاتبان عن أن "هناك فائدة أخرى من هوية قوات الحشد الشعبي يحصل عليها الأعضاء السابقون في تنظيم الدولة، وهي إقناع مجتمعهم بأنهم عندما كانوا مع تنظيم الدولة فإنهم كانوا في الواقع يعملون تحت الغطاء للتجسس على التنظيم، والمدهش أن مثل تلك الحيل ناجحة جدا، وبموجب القانون العراقي فإن هناك حاجة لشاهدين على الأقل ليشهدوا بأن شخصا ما كان عضوا في تنظيم الدولة، ويصبح إيجاد الشهود أصعب إن كان الشخص المعني يمتلك أقل دليل على الإنكار القابل للتصديق".

 

ويقول الكاتبان: "قال لنا أحد الضباط المسؤولين عن تطبيق القانون في الموصل: (لإدانة مثل هذا الشخص نحتاج أولا أن نعتقله.. ثم بعد أن يرى الناس أن انتماءه العسكري ليس شرعيا فقد يشهدون حينها)".

 

ويرى الكاتبان أنه "يبدو أن الحفاظ على النفس هو السبب المعقول لانضمام المقاتلين السنة إلى التنظيمات الشيعية، لكن ليس من الواضح لماذا تقوم قوات الحشد الشعبي، التي اكتسبت احترام المدنيين بقتالها تنظيم الدولة، بتجنيدهم، ولكن هناك عدة أسباب جيدة".

 

ويلفت الكاتبان إلى أن "قوات الحشد الشعبي تريد أن تزيد من شعبيتها السياسية في المناطق ذات الأكثرية السنية، والطريقة لفعل ذلك تأتي عن طريق انضمام أعضاء سنة لصفوفها".

 

ويجد الكاتبان أنه "من الواضح أن القوات لم تضع وقتا في الاستفادة من جنود تنظيم الدولة العاطلين عن العمل لتحقيق ذلك الهدف، وقال شرطي محلي في الموصل: (بعد هزيمة تنظيم الدولة مباشرة في الموصل قمنا باحتجاز العديد من أعضاء التنظيم السابقين، كانت لديهم أوراق رسمية تشير إلى كونهم أعضاء في قوات الحشد الشعبي، وأنهم كانوا في انتظار استصدار هوياتهم الرسمية)".

 

وتبين المجلة أنه "من ناحية أخرى، فإن لدى هؤلاء المقاتلين السابقين خبرات قتالية تحتاجها قوات الحشد الشعبي، كما ستستفيد منهم قوات الحشد في استئصال بقية أعضاء تنظيم الدولة الذين لم ينضموا إليها، وتستطيع قوات الحشد الاعتماد على ولاء محدود من المجندين الجدد؛ لأنه لا مكان آخر يذهبون إليه".

 

ويؤكد الكاتبان أن "هناك فسادا وسوء إدارة، حيث يمكن لمسؤولين في الحشد الشعبي أن يغضوا الطرف إن كان هناك شخص على قوائم المطلوبين بتهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة إن هو قدم الثمن المناسب، وبحسب الناس في الموصل، فإن ثمن الهوية يتراوح ما بين 500 دولار إلى عدة آلاف من الدولارات، وعلاوة على هذا وذاك فإن بعض مكاتب الحشد قد تفتقر لإمكانيات البحث في خلفية المتقدمين للانضمام إليهم".

 

ويعتقد الكاتبان أن "هذا التحالف بين مقاتلي تنظيم الدولة ومجموعات الحشد الشعبي يشكل خطرا أمنيا على العراق، ومع أن ليس المنضمون للحشد جميعهم يشكلون خطرا، بالإضافة إلى أن دمج المقاتلين ممارسة شائعة، إلا أن بغداد تحتاج إلى مراقبة الأعضاء السابقين في تنظيم الدولة".

 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إن "ارتباط قوات الحشد الشعبي بإيران وتمددها في المناطق السنية يشكل مصدر قلق لأمريكا والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى أن الأمر ليس جيدا للمجتمعات السنية، خاصة أن السنة المعتدلين غير ممثلين في هذه المعادلة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

التعليقات (0)