سياسة عربية

هل تتحول السفارات العربية لـ"أفخاخ" صيد للمعارضين؟

لا يملك معارضو الخارج أي حماية حقيقة داخل سفارات بلادهم - جيتي
لا يملك معارضو الخارج أي حماية حقيقة داخل سفارات بلادهم - جيتي

أثارت قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، تساؤلات حول مدى أمان السفارات العربية لمواطنيها المعارضين في الخارج.

وينتاب المعارضين في الخارج القلق والخوف على حياتهم، بعد أنباء مقتل خاشقجي، بعد أن ذهب إليها لينجز معاملة رسمية، خاصة أن كثيرا منهم عانى في الأساس من التعامل السيء في سفارة بلاده.

تجارب ومخاوف

وسرد بعض المعارضين والمقيمين العرب في الخارج قصصا عن معاناتهم في تعامل سفارات بلادهم معهم، فنشر الكاتب والصحفي المصري جمال الجمل منشور على صفحته في فيسبوك، أشار فيه إلى أنه بقي بدون أي أوراق إقامة لعام كامل لرفضه التوجه لسفارة بلاده.

وتابع الجمل في منشوره الحديث: "أنا كمعارض لن أتسول طلبا من سفارة لا تلتزم بالمعايير ولا تقوم بدورها، بل تُعَطِّل تجديد جوازات سفر مواطنيها وأوراقهم بحسب رأي الجهات الأمنية".

وقال الجمل لـ "عربي21": "لن أتعامل مع مؤسسات لا تقوم بواجبها الدستوري وتخضع لإرادة أجهزة الأمن والمخابرات، وإذا كان هنالك ضرورة لا بديل عنها يمكن التعامل بالوكالة عن طريق محامي أو مكتب خدمات".

 

اقرأ أيضا: هل فاقمت قضية خاشقجي تصدعات الأسرة المالكة بالسعودية؟

وأشار الجمل إلى أن المخاوف من مراجعة سفارة بلاده قلت بعد اختفاء خاشقجي لكون افتضاح "الجريمة" سيكون رادعا لـ"المجرمين".

وقال شاب فلسطيني مقيم بإسطنبول لـ"عربي21" إنه علم أنه ممنوع من إنجاز معاملاته في سفارة بلاده في تركيا بعد أن تأخرت معاملاته هناك، مشيرا إلى أن المنع كان من جهاز المخابرات الذي يعمل في الضفة الغربية المحتلة.

ولم يخف الشاب الذي فضل عدم ذكر اسمه تخوفا من الملاحقة الأمنية، أن لديه مخاوف دائمة من مراجعة السفارة.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل، قال إن هذه الجريمة، إن ثبتت، ستشجع آخرين على ارتكابها مجددا إذا ما مرت دون عقاب، وإن هنالك ميلا في المنطقة لاستخدام هذه الوسائل للقتل بدلا من مساعدة المواطنين.


وتابع في حديث لـ "عربي21": "هذه الحادثة هي سابقة سيئة من نوعها وحالة فريدة، وهي في الواقع ستكون علامة من علامات الإجرام بالنسبة لبعض الدول العربية، وسوف تسيء لها جميعا خاصة السعودية، وترك مرتكبيها دون عقاب سيشجع البقية على تكرارها ربما ليس فقط بالسفارات بل أيضا الاغتيال بأشكاله المتعددة".

معاهدة فيينا

وتثير مغادرة القنصل السعودي، محمد العتيبي، الأراضي التركية رغم التقارير الإعلامية التي تقول إنه متورط في اختفاء خاشقجي، التساؤلات حول قوانين معاهدة فيينا وإذا ما كانت فعلا تمنع ملاحقته قانونيا.

يجيب الأشعل بالقول: "القانون الدولي لم يكبل تركيا، وهي لو كانت متأكدة بأن القنصل له علاقة بالجريمة، تُسقط عنه الحصانة لأنه بهذا وقع بالجرم المشهود".

وأضاف: "القواعد الموجودة باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لا زالت سارية، وتركيا لم تستخدم سلطاتها في هذه الاتفاقية ومن المعروف أن السفارات هي مكان للخدمات الدبلوماسية فقط وترتيب العلاقات الودية بين الدول".

وأوضح الأشعل بأنه لو كانت تملك تركيا معلومات دقيقة ومؤكدة بأن القنصلية تم استخدامها لأغراض القتل، لسقطت الحصانة الدبلوماسية على الفور، فالسعودية تملك فقط المبنى بحسب القوانين الدولية وليس الأرض، ولهذا القانون الدولي يعطيها الحصانة، وهي كف يد الدولة المضيفة عن الأنشطة المشروعة للبعثة، أما إذا كانت أنشطتها غير مشروعة تسقط الحصانة".

خيارات المعارضين

يحتاج المعارضون لإتمام معاملات رسمية في سفارات بلادهم كأي مواطن أخر، فما هي خياراتهم القانونية في ظل مخاوفهم استخدام حكوماتهم السفارات لاعتقالهم أو اغتيالهم؟

أجاب الخبير في القانون الدولي والمحلل السياسي إسماعيل خلف الله في حديث لـ "عربي21" على هذا السؤال بالقول: "الحل بسيط وهو قيام المعارض الذي يخشى على حياته بطلب اللجوء السياسي، والأفضل أن يقدمه في بلد غربي أوروبي أو أمريكي، وعندما يتم قبوله كلاجئ تُسلم له وثائق الإقامة ويأخذها من الهيئة الخاصة باللجوء".

وأشار الخبير القانوني إسماعيل خلف الله إلى أن "المنظمات الحقوقية ليست لديها السلطة في فرض مقترحاتها على الحكومات، وإنما هي تستعمل أسلوب الضغط الدولي وتحشيد الرأي العام الدولي، للوقوف مع القضايا الحقوقية والدفاع على الحريات، وذلك من خلال التقارير الحقوقية التي تقوم بها وتقدمها لمجلس حقوق الإنسان بجنيف".

وتابع: "المنظمات الحقوقية تستعمل الضغط الدولي على الحكومات، وليست لها سلطة أكثر من ذلك في نظري، ولكن تبقى التقارير التي تقدمها والوقائع التي ترصدها والحالات التي توثقها، كلها أمور مهمة لإدانة مسؤولي هذه الحكومات أمام القضاء الجنائي الدولي، حتى وإن طالت إجراءاته، حتى لا تكون حالات الإفلات من العقاب".

بدوره قال محمد جميل رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان لـ "عربي21": "نحن كمنظمات للأسف لا نملك السلطة لحماية المعارضين في الخارج، ولا نملك سوى نصح المعارضين بعدم التواصل مع السفارات والممثليات الدبلوماسية حفاظا على سلامتهم".

 

اقرأ أيضا: ما سبب تباين مواقف صحف عمل فيها خاشقجي حيال قضيته؟

وأضاف: "عندما يدخل المعارض إلى السفارة فكأنه مر من معبر حدودي إلى بلده، وبالتالي أصبح خاضعا لسلطان بلده، وفِي هذه الأيام الدول لا تحترم مهمتها الدبلوماسية في الدول المضيفة بل تتعداها إلى أعمال تخريبية وتستخدم الحصانة من أجل ملاحقة المعارضين".

وأوضح بأنه يجب على المعارضين اللجوء للدول التي تحترم حقوق الإنسان، والتي تستطيع تقديم الحماية له، وعادة الدول الأوروبية تمنحهم اللجوء بعد فترة من تقديمهم طلب اللجوء.

يُشار إلى أن هناك تسريبات تقول بأن الصحفي جمال خاشقجي قُتل في قنصلية بلاده، والتي من جهتها ما زالت تنفي مسؤوليته عن اختفائه أو قتله.

التعليقات (1)
مصري
السبت، 20-10-2018 01:19 م
السفارات و القنصليات و مقرات البعثات الدبلوماسية لأي دولة عربية هي في الحقيقة و مع التخفيف أقسام شرطة و مقرات أمن وطني و مخابرات عامة و حربية و إذا أحصيت المسئولين الأمنيين المتواجدين بها لكانوا أكثر من الإداريين و الدبلوماسيين و الوظائف المدنية الأخري ، فهذة المقرات في الحقيقة مجرد سلخانات للمعارضين كل دورها أمني بحت لحساب رأس النظام العميل الذي لايقوم بجرائمه في الداخل أو في الخارج إلا بتشجيع و دعم كامل من الغرب القذر فلولا دعم و تشجيع ترامب و الحكومات الغربية لبن سلمان ما أقدم علي قتل جمال خاشقجي رحمة الله عليه .