صحافة دولية

فيسك: خاشقجي الصحفي الوحيد الذي رفض الاستماع لسيده

فيسك: هل دفنوا خاشقجي متجها للقبلة في مكة؟- تويتر
فيسك: هل دفنوا خاشقجي متجها للقبلة في مكة؟- تويتر

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحفي المعروف روبرت فيسك، يعلق فيه على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقي.

 

ويقول فيسك: "عرفت فقط في الأسبوع الماضي ما تعنيه حقيقة جريمة مقتل جمال خاشقجي، وفي سياق الشرق الأوسط عندما اكتشفت من أريد الاتصال به ليشرح لي، ومن أهاتفه لمعرفة ما يجري؟ ولماذا؟ طبعا كان علي أن أهاتف جمال خاشقجي، ولهذا تبدو جريمة قتله مهمة؛ لأنه، كما عرفت، الصحفي العربي الوحيد والمهم الذي لم يعد يستمع لصوت سيده، وكانت هذه بالطبع مشكلته".

 

ويضيف الكاتب: "هذه الجريمة الشنيعة الخطيرة المخيفة القذرة -ولا تقل لي إن رجلا في الستين من عمره مات في عراك بالأيدي مع 15 رجلا ليست جريمة- ولا تظهر فقط حقيقة السعوديين، لكن حقيقتنا نحن أيضا، ولماذا نواصل الوقوع في حب الدول العربية -إسرائيل تفعل هذا أيضا- ثم نعبر عن صدمتنا عندما نكتشف أنهم عنيفون ومتطرفون؟".

 

ويشير فيسك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الجواب على هذا السؤال واضح من تصريحات ترامب الأولية، التي وصفت رواية السعودية بأنها (موثوقة)، مع أنها لم تكن كذلك، لتتحول الجريمة إلى (أسوأ عملية تستر في التاريخ)، فكانت نوعية الجريمة هي التي أزعجته، فلم يكن هؤلاء القتلة أذكياء لتغطية آثار جريمتهم، وقال إنه لن يتخلى عن بيع السلاح إلى السعودية".

 

ويلفت الكاتب إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية وصفت ما حدث لخاشقجي بالقتل لا الجريمة، وهذا واضح في كلام وزير الخارجية عادل الجبير، الذي وصف مقتل الصحافي بالخطأ و"الخطأ الفادح والكبير"، ويسخر من كلمة "خطأ".

 

وينوه فيسك إلى أن السفير السابق في واشنطن الجبير، الذي كان، كما قيل، ضحية لمحاولة قتل في واشنطن، كان يحاضر الإعلام الأمريكي قبل عام وكيفية التزام السعودية في حربها في اليمن في القانون الدولي، لكن "ليس على ما يبدو بالقانون الدبلوماسي الدولي"، قائلا إن الجبير الذي يعرفه جيدا، و"هو متعلم ولغته الإنجليزية طلقة، بدرجة لا خطأ فيها، كان يعني ما يقول بالخطأ، وهو أن جمال خاشقجي كان يجب ألا يقتل، وكان الأولى بجمال ألا يدخل في ذلك العراك، فقد حدث شيء ما خطأ، فربما لم يفهم القتلة المهمة، وكان يجب ألا تنتهي عملية الترحيل القسري بجريمة، وربما خرج نقاش هادئ عن السيطرة ولم يكونوا يعرفون قوتهم، وقبل أن يكتشفوا قوتهم لكمهم جمال بقبضته، واضطروا لارتكاب الخطأ، ولهذا علينا أن ننسى الفرقة المكونة من 15 شخصا، وكذلك شبيه جمال الذي يخرج من القنصلية بلباسه وقميصه ثم يرميها في سلة النفايات، وانس خبير التشريح، والشاحنة السوداء الغامضة، والنفي على مدى أسبوعين، وهذا كله حدث (خطأ)". 

ويقول الكاتب: "علينا ألا نندهش فالخطأ انخفض هذا الأسبوع إلى حادث مؤسف عند وزير الطاقة خالد الفالح، في وصف ما حدث في المؤتمر الاستثماري الدولي في الرياض، الذي قاطعته الشركات الغربية الكبرى، أو خفضت من تمثيلها فيه".

 

ويضيف فيسك: "محمد بن سلمان -هل رأيته كيف كان مبتهجا إلى جانب الملك عبدالله الثاني في المؤتمر؟- هو بريء مثل الثلج، لكن هناك حربه الشريرة في اليمن، واعتقاله رجال الأعمال، وحصاره لقطر، فهل علينا أن نستغرب لو اختلطت الأمور على ابن سلمان، ربما خرجت الأمور عن السيطرة حتى لو قيل لنا إنه لم يكن يعلم عن خروج الأمر عن المخطط أو أن شيئا حدث؟ فلو خرجت الحرب في اليمن عن السيطرة يمكن أن تكون خطأ، لكن ماذا تتوقع عندما ترسل مجموعة من البلطجية إلى اسطنبول على متن طائرة سعودية؟".

 

ويشير الكاتب إلى أن "الشجب من القادة الغربيين لمقتل خاشقجي مثير للاشمئزاز، مع أنهم منزعجون منذ عامين من حرب اليمن، ويبحثون لها عن مبررات، ويبيعون السلاح للسعودية، ويتجنبون تحمل المسؤولية، ومن الواضح أنهم اهتموا بمقتل جمال خاشقجي أكثر من قلقهم على مقتل 5 آلاف مدني في اليمن، ما هي قيمة طفل قتل أو قصف على حفل زفاف مقارنة مع جريمة خاشقجي؟ أعتقد أننا نجد دائما أعذارا للقتلى في اليمن (ضرر جانبي)، و(دورع إنسانية)، و(تحقيق كامل) وغير ذلك، لكن مقتل جمال كان واضحا، وكانت جريمة مليئة بالأكاذيب". 

ويعلق فيسك قائلا: "كنا نأمل ألا يقطع جسد جمال، وأن الجبير لم يكن يعلم، وفي أي خزانة وضعت جثته، خاصة تلك التي فتحها القنصل السعودي الذي لا يعرف -لأنه عاد آمنا إلى الرياض فلن نعرف إن كان ابن سلمان لا يعرف.. ثم نأمل أن يكون تم لفه بالكفن، ودفنه بكرامة والصلاة عليه والدعاء، ووجه نحو مكة التي يحميها الملك سلمان". 

 

ويقول الكاتب إن "هذه الجريمة ستؤثر على تركيا والسعودية ومصر وسوريا وإسرائيل، التي كانت تنظر بمحبة إلى محمد بن سلمان وبالطبع لترامب، لكن كيف تحول (الرجال الأخيار) إلى (أشرار)؟وكيف أصبح هؤلاء الناس الطيبون والمعتدلون الضامنون للاستقرار في المنطقة لأناس يثيرون الخوف؟ وأتحدث هنا عن المستبدين والديكتاتوريين والملوك والأمراء والطغاة الذين يتودد لهم الغرب ويركع".

 

ويفيد فيسك بأن "الغرب يحب المعتدلين محققي الاستقرار، مثل الرئيس المشير السيسي، لكن من يتذكر طالب جامعة كامبريدج جوليو ريجيني، الذي عذب بالسكاكين وقتل قبل عامين ورميت جثته على قارعة الطريق، ويشك الإيطاليون في الأمن المصري وبأنه يقف وراء القتل، وعادت العلاقات بين روما والقاهرة، ولم يهتم الإيطاليون بما بين 40 ألف إلى 50 ألف معتقل في السجون المصرية، وظهرت علامات الطعن على جثة ريجيني، ومن المثير هنا كيف يفضل القتلة العرب السكين". 

 

ويقول الكاتب إن "الغرب أحب معمر القذافي عندما أطاح بالملك إدريس ليكرهه عندما دعم الجيش الإيرلندي الحر، ليعود ويحبه من جديد عندما تخلى عن سلاحه النووي، ويقبله توني بلير ويسلمه المعارضين الليبيين ليقوم بتعذيبهم، ودعونا لا ننسى صدام حسين، الذي قاتل إيران، وتناسى الغرب استخدامه للسلاح الكيماوي إلا عندما اجتاح الكويت، وتمت الإطاحة به وأعدم، ثم هناك بشار الأسد، الذي استقبل في الأليزيه وباكنغهام بالاس، وقتل والده حافظ 20 ألف شخص في حماة، وهو مسؤول عن مقتل نصف مليون سوري منذ عام 2011". 

 

ويعدد فيسك ما تقوم به السعودية من إعدامات، مثل إعدام جماعي في بداية عهد الملك سلمان، وفضيحة صفقات السلاح مثل اليمامة.

 

ويقول الكاتب إن "جمال خاشقجي كان يعرف عن السلطة والخطر، فقبل ربع قرن جاء إلى فندقي في الخرطوم، وقادني بسيارته إلى الصحراء السودانية للقاء أسامة بن لادن الذي التقاه خلال الحرب الأفغانية السوفييتية، قال لي وهو يسرع في صحراء الأهرامات القديمة إنه (لم يقابل صحافيا غربيا من قبل.. سيكون هذا مثيرا)، وكان يخوض في علم التحليل النفسي وكيف سيرد ابن لادن على كافر؟، وكان ينادي ابن لادن بـ(الشيخ أسامة)، وقد قابلت خاشقجي أول مرة عام 1990، وآخر مرة تحدثت إليه من بيروت إلى واشنطن قبل عدة أشهر".

 

ويختم فيسك مقاله بالقول: "حتى عندما كان مستشارا للعائلة المالكة ومحررا وصحافيا في السعودية فإنه تحدث عن (حقائق الحياة) التي كان يصفها، وكان يتحدث بشكل خاص فإنه كان يرفض الشائعات عن الثورة داخل القصر المملكة كلها، لكنه كان يتحدث عن المصالح الذاتية وفساد القوى الغربية التي تدعم الأنظمة العربية، ثم تدمرها عندما تخرج عن الطاعة، وكيف أن الرأي العام العربي ليس حرا، وربما كان يريد أن يحكيه لي قبل أن يحصل (الخطأ) في اسطنبول، لكن الرجال الميتين لا يتحدثون، وربما فرح السعوديون بهذا الأمر".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

التعليقات (0)