مقالات مختارة

سباق محموم بين أعراب التطبيع!

حسين لقرع
1300x600
1300x600

لم يبالغ رئيسُ وزراء العدوّ الصهيوني بنيامين نتنياهو حينما قال متبجّحا إن علاقات كيانه بعدد من الدول العربية  "آخذة في التنامي"؛ فهاهو يدخل سلطنة عُمان بدعوة من سلطانها ويُستقبَل استقبال الأبطال، وهاهي قطر التي أوهمت العرب بدعم غزة بالمال وشاحنات الوقود تستقبل وفدا رياضيا صهيونيا للمشاركة في بطولة العالم للجمباز بالدوحة، فـ"تنافسها" الإمارات العربية المتحدة باستقبال 11 لاعب جيدو صهيونيا للمشاركة في بطولة  "غراند سلام" بالعاصمة أبو ظبي، قبل أن تلحق بهم وزيرة الرياضة ميري ريغيف المشهورة بتطرّفها وعنصريتها تجاه الفلسطينيين، وكأنَّ الأمر يتعلق بإجراء سباق محموم بين أعراب التطبيع عنوانه العريض: من هو أكثرُهم هرولة نحو الاحتلال وانبطاحا له؟! ومن يستطيع إرضاء نتنياهو وترامب أكثر من غيره؟!

المفارقة أن وتيرة الهرولة العربية بدأت تتصاعد برغم رفض الاحتلال القاطع لـ"مبادرة السلام العربية" التي طرحوها في قمة 2002؛ واكتفائِه بعرض الحكم الذاتي على الفلسطينيين في إطار  "صفقة القرن" الرامية إلى تصفية قضيَّتهم، واستمرارِ الاحتلال بارتكاب جرائمه بحقهم في غزة والضفة وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المسالمين على الشريط الحدودي وقتل العديد منهم وجرح المئات كل أسبوع.. ومع ذلك كله يُستقبَل نتنياهو مجرمُ الحرب وقاتلُ أطفال غزة في مسقط، والرياضيون الصهاينة ووزيرتُهم المتطرِّفة في أبو ظبي والدوحة ويحظون بحماية أمنية استثنائية ويوعَدون برفع علم  "بلادهم" وعزفِ نشيدها الوطني إذا صعد بعضُهم على منصّة التتويج. أيّ عار أكبر من هذا؟! هل أصبح الأعرابُ مازوشيين يستعذِبون الذلّ ويستمرئون الهوان؟!

نتفهَّم أن توقف الأنظمة العربية حروبَها على الاحتلال منذ 45 سنة كاملة وتنكفئ على نفسها متذرّعة باختلال ميزان القوى العسكري بين الطرفين، ونتفهَّم أيضا إحجامَها عن دعم المقاومة الفلسطينية بالمال والسِّلاح خوفا من إثارة غضب أمريكا، ولكن ما الذي يُجبر بعضها على الانتقال من النقيض إلى النقيض وبيع فلسطين والأقصى بثمن بخس والهرولة إلى العدو بهذه الطريقة الذليلة؟ أليست هذه خيانة جديدة لفلسطين وطعنة نجلاء في ظهور الشُّرفاء الفلسطينيين وتنكُّرا لدماء شهدائهم وتضحياتهم اليومية؟

أليس من المخزي أن يتجرّد الأعرابُ من أيّ ذرة خجل أو حياء ويجنِّدون أبواقَهم الإعلامية الذليلة وذبابَهم الإلكتروني العفن ليشنّ حملات حاقدة ومركّزة لتزييف الوعي العربي والترويج للتطبيع مع العدوّ بحجة أنه لم يعُد عدوا، بل أضحى  "صديقا" و"حليفا جديدا"، حتى وإن واصل قتل الفلسطينيين بلا هوادة؟!

الآن فقط يمكن أن نقول إن الاحتلال قد حقق نصرا سياسيا كبيرا بعد أن وجد بين ظهرانينا من يقبل احتلاله أراضينا وتدنيسَه مقدّساتنا، ويطبّع معه ويتخذه  "صديقا" يلقي إليه بالمودّة ويبيّض وجهَه الإجرامي البشع ويبرّر مذابحه واضطهاده اليومي للفلسطينيين ويستقبل سفّاحيه على أراضيه.. إنها ردّة خليجية خطيرة تجاوزت كل التوقّعات؛ حتى القادة الصهاينة أنفسهم ستذهلهم بلا ريب هذه التطوراتُ  "التاريخية" وغير المسبوقة منذ 70 سنة، ولكن لا أبا بكر لهذه الردة المهينة للأسف؛ فالشعوب تغطّ في نوم عميق واستسلمت بدورها للأمر الواقع ولم يعُد التطبيعُ الذليل مع العدوّ أو رفعُ علمه في أيِّ عاصمة من عواصمها يعني لها شيئا!

عن صحيفة الشروق الجزائرية

1
التعليقات (1)
ادم
الأحد، 28-10-2018 06:10 م
العربى يستمرئ الذل والهوان بطبعه، إن هو نحى دين الله جانبا عاد لأصله. كالوعاء الصدأ إن ذهب عنه طلاءه عاد لصدأه. إنزع الاسلام عن أمة تعود سيرتها الأولى. لقد قالها الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه: كنا أذلة فأعزنا الله بالاسلام. فلما العجب يا سيدى، لك تحياتى و احترامى.