قضايا وآراء

نتنياهو وابن سلمان

عبد الناصر عيسى
1300x600
1300x600

بين رئيس وزراء دولة الاحتلال الاستيطاني و المهود الأول للقدس بنيامين نتنياهو و ابن سلمان ولي العهد السعودي علاقة متميزة لم يسبق لها مثيل، طالما افتخر بها (بيبي) بين أصدقائه من اليمين القومي في إسرائيل، و استخدمها لإغاظة خصومه السياسيين بسقوط نظريتهم الرئيسية بأن العلاقات مع السعودية و العالم العربي تمر عبر إيجاد حل ما للقضية الفلسطينية، إلى أن جاءت (فاضحة) اغتيال جمال خاشقجي لتضع العالم بأسره بما فيه إسرائيل على المحك، فهل سيبذل نتنياهو كل ما بوسعه لإنقاذ حليفه الاستراتيجي الأول في المنطقة، أم سيحاول (رفعا للعتب) ثم سيسعفه (بركلة الرحمة) التي تقضي على آخر رمق في عرشه تركته مفاعيل جريمة اغتيال خاشقجي . 


لقد استخدمت إسرائيل الرسمية سياسة الصمت أمام هول الموقف الذي يتعرض له ابن سلمان المتهم الأول في عملية اغتيال الصحفي المظلوم جمال خاشقجي، إلى أن كشفت صحيفة واشنطن بوست قبل يومين نبأ طلب تقدم به نتنياهو للرئيس ترامب بضرورة الحفاظ على ابن سلمان كحليف استراتيجي مؤتمن في المنطقة، في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها السياسة الأمريكية الإسرائيلية من قوى التحرر و الديمقراطية في العالم العربي، ثم جاء تالياً تصريح نتنياهو و الذي يحمل في طياته ما يحمل من ( دهاء و مكر ) نتنياهو المعروف: فعلى العالم أن يوازن بين استقرار السعودية و هول فظاعة جريمة الاغتيال في سفارة السعودية في إسطنبول .


سيحاول نتنياهو بلا شك مساعدة صديقه ابن سلمان و لكن بمدى معين، و أعتقد أن هذا المدى قد انتهى أو أوشك على ذلك، و ذلك في ظل التداعيات المتلاحقة لقضية خاشقجي و التي كان آخرها و ليس تمامها إشارة الرئيس أردوغان الخفية لابن سلمان في واشنطن بوست كمتهم في القضية، فإسرائيل أبعد ما تكون عن كونها جمعية خيرية أو حليفا يتصف بالوفاء، و سيبذل الغالي و النفيس من أجل أصدقائه، هي أرادت ابن سلمان عندما كان قويا فتيا يسحق كل من يعترض سبيل تأسيس عرشه أو تقديم سياساته المتهورة و الخطيرة، وفي اللحظة التي تشعر فيها (وأظنها قد شعرت) أنه ذاهب لا محالة تخلت عنه و تبرأت منه تحت شعار استقرار السعودية و عقاب المجرم .


لا يختلف اثنان و لا ينتطح كبشان (كما يقال) في العالم العربي على مبدأ استقرار السعودية و عقاب المجرم، و لكن ألا يبدو وبعد كل تطورات جريمة اغتيال خاشقجي أن استقرار السعودية أصبح بحاجة ماسة الى استبدال من نقل المملكة من فشل إلى فشل و من مغامرة إلى أخرى بدءا من الأزمة الكريهة مع قطر ثم الحرب على اليمن ثم قضية الحريري و غيرها و ما خفي قد يكون أعظم، و عليه فقد يجتمع العالم بأسره بما فيه أصدقاء و أعداء القضايا العربية و الإنسانية في مشهد نادر على ضرورة استبدال ابن سلمان . 


من المرجح أن يبذل بنيامين نتنياهو كل جهد يستطيع و على رأس ذلك علاقته الحميمة مع الرئيس ترامب من أجل إيجاد بديل سعودي لابن سلمان يحافظ على تحالفاته الأخيرة و سياسته تجاه قضايا التحرر و الديمقراطية، فإن لم يجد فبديل آخر لا يعادي إسرائيل، و لأن إسرائيل ليست على كل شيء قديرة، و لأنه ما زال في العالم بما فيه العرب و المسلمون خير كثير فلعلها تكون البشرى في خيبة إسرائيل المحتلة قد حملها استشهاد جمال خاشقجي، بأن يتم تكليف الأصلح لقضايا العرب و المسلمين و على رأسها قضية الديمقراطية و قضية القدس و فلسطين .

0
التعليقات (0)