سياسة عربية

لماذا وافق السيسي على تعديل قانون الجمعيات الأهلية؟

السيسي وافق على مقترح إحدى الفتيات بمؤتمر الشباب على تعديل قانون الجمعيات الأهلية- حسابه بتويتر
السيسي وافق على مقترح إحدى الفتيات بمؤتمر الشباب على تعديل قانون الجمعيات الأهلية- حسابه بتويتر

أبدى سياسيون وحقوقيون شكوكهم بشأن جدوى موافقة رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، على مقترح بتعديل قانون الجمعيات الأهلية، المثير للجدل، والذي صادق عليه قبل نحو عام ونصف.


وخلال مشاركته بإحدى جلسات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، مساء الأحد، وافق السيسي على مقترح إحدى الفتيات المشاركات بإعادة النظر في القانون، وتشكيل لجنة وإجراء حوار مجتمعي بشأنه، وأن تعيد الجهات المعنية في الدولة تقديم القانون مرة أخرى إلى مجلس النواب.


ووصف حقوقيون في حديثهم لـ"عربي21" موافقة السيسي بعديمة الجدوى؛ لأنها تأتي بالتزامن مع اعتقال قوات الأمن 17 حقوقيا بينهم 9 سيدات إحداهن في الستين من عمرها، قبل أيام فقط، مؤكدين أنها تتناقض مع حملات القمع التي تتعرض لها المنظمات وأعضائها.


ودللوا على حديثهم بأن القانون رفضه قطاع واسع من جميع المنظمات والحقوقيين ورغم ذلك أغلقت السلطة الباب أمام جميع محاولات تعديله، أو إعادة طرحه للحوار، فلماذا يفتح الباب مجددا أمام تعديله بطلب مقتضب من إحدى المشاركات.


وطالبت سبع منظمات حقوقية بسرعة الإفراج الفوري عن جميع النشطاء الحقوقيين المصريين الذين تم إلقاء القبض عليهم، مطلع الشهر الجاري، وضرورة احترام الدستور والقانون والعهود والمواثيق الدولية.


فيما أعلنت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، الخميس، تعليق عملها الحقوقي بمصر لحين إشعار آخر، احتجاجا على ما وصفته بالإجراءات القمعية الأخيرة ضد العاملين بحقوق الإنسان.


ولم يسلم القانون من اعتراض المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) الذي انتقد القانون وأكد عضوه صلاح سلام، في تصريحات صحفية، أنه أدى إلى انسحاب عدد كبير من المؤسسات الأهلية من مصر وتحويل التمويلات الخارجية المخصصة إلى دول أخرى.


ويشترط القانون الحالي موافقة تسعة وزراء، والجهات الأمنية من أجل الحصول الترخيص، إضافة إلى وجود عقوبة الحبس حال تغيير المقر، إضافة إلى تحفظ المجلس على 23 مادة، فضلا عن رفضه من قبل 80 بالمائة من الجمعيات الأهلية والمنظمات المدنية.


تناقضات السيسي


وقلل مدير مركز إنسانية العالمي في إسطنبول، أشرف عبد الغفار، من أثر تلك الخطوة، قائلا: "الأمر ببساطة لا يعدو أن يكون محاولة لتبييض الوجه، واستكمال (ديكور) الدولة، كما يفعل في كل شيء، فلابد أن تكون هناك مؤسسات وجمعيات، ولكن تحت سيطرته التامة".


وأضاف لـ"عربي21": "كما لابد أن يكون هناك مؤتمرات للشباب، والحديث عن الحرية، دون أي محصلة حقيقية، ولابد من أن يظهر للعالم أنه (السيسي) لا يمنع شيء ولكنه يصوبه، أما تصويبه فهو أن يكون في قبضته".


وفيما يتعلق موافقة السيسي على تعديل قانون الجمعيات بالتزامن مع بحملة الاعتقالات الأخيرة بحق بعض الحقوقيات والحقوقيين، أكد أن "إغلاق الجمعيات وحبس الأعضاء لا بأس به، إذا كانت التهمة جاهزة، وهي أنهم إخوان، ولا مانع من إغلاق منظماتهم الحقوقية واعتقال أعضائها".


ولفت إلى أن "ابن سلمان برر لواشنطن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي؛ لأنه إخوان ليرضي العالم بتلك الحجة، ردت الإدارة الأمريكية أنه ثبت أنه ليس إخوان، ما يعني انتفاء حجة القتل المبرر، فهؤلاء يريدون نزع صفة الإنسانية عن الإخوان".


مناورة السيسي


بدوره؛ قال رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، لـ"عربي21": "لابد من النظر إلى تطور محاولات النظام القائم في مصر لسحق أي قوى مجتمعية تقلل من رغبته في السيطرة الكاملة على كل شيء".


وأردف: "فهو يريد نقل نموذج الإدارة العسكرية بالوحدات المقاتلة في فترات الحرب إلى الشارع، وتتلخص في الصوت الواحد، والقرار الحاسم، وسحق أي اعتراض أو حتى تفكير، وهذا النمط من التفكير ربما يصلح في وقت المعارك الحربية مع بعض التحفظات، أما في العمل العام فهو كارثة مدمرة".


واعتبر أن "الجمعيات الأهلية هي إحدى أدوات المجتمع المدني لحفظ توازن القوة، أو على الأقل منازعة النظام في بعض القضايا، وحماية المجتمع في بعض الملفات من السلطة المستبدة، وهذا غير مسموح به في مصر؛ ولذلك قامت سلطة العسكر بالقضاء على كل القوى المجتمعية بالتتابع وكل ماتقوم به هو جزء من ذلك المسار".


وتوقع عادل ألا تفضي التعديلات عن قانون مرض، قائلا: "بصرف النظر عن مواد القانون المراد تعديلها فهي في النهاية واحدة من أدوات المناورة لتحقيق هدفه النهائي بالسيطرة المطلقة حتى وإن بدت غير ذلك، فمصر دولة لا تحترم القانون إلا إذا كانت نصوصه معلقة على فوهات البنادق".


تكريس الحكم


واستبعد الباحث القانوني، حسين صالح، أن يقصد السيسي تعديل القانون لصالح المجتمع المدني، قائلا:"كل اهتمامات السيسي ومساعيه لا تنصب إلا لتوفير الحماية له، ولكل من يعتمد عليهم في ممارسة الجرائم والبطش بصاحب أي رأي في مصر".


مضيفا لـ"عربي21" أن هناك "عشرات القوانين الغير دستورية التي أقرها السيسي وبرلمانه، فلا أعتقد أن مسألة إعادة النظر في قانون الجمعيات الأهلية سينتج عنه أثر إيجابي، ذلك القانون سيّء السمعة الذي أقره هو بنفسه بموجبه تم البطش بكل منظمات المجتمع المدني في مصر، وإغلاق المنظمات الحقوقية والقبض على النشطاء".

التعليقات (1)
مصري جدا
الثلاثاء، 06-11-2018 07:52 م
لعدة اعتبارات شكلية لا مضمون لها ،،،اولها ،،، رسالة إلى العالم أنه جدير بمنصب رئاسة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ،،،ثانيها ،،، هروب من ضغوط المنظمات الحقوقية العالمية ،، ثالثها ،،،تغطية على كم الانتهاكات الحقوقية اليومية في مصر ،،،رابعها ،، ايهام الخارج ،، لأن الداخل لا يعنيه ،، انه يستجيب لآراء وحوار الشباب ،،، وأخيرا ،،، لا قيمة لأي تعديل فهناك آلاف القوانين الجيدة لكنها مجمدة في ثلاجة بطاطس جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة