قضايا وآراء

حرق النجاح

هشام عبد الحميد
1300x600
1300x600
نتكلم كثيرا عن التقدم والحريّة والعدل، ولكن تظل هذه القيم مُغيَّبة في واقعنا العملي؛ فنحن نمارس في كل دقيقة وفي كل لحظة كل ما يتنافى مع ما نحكي عنه ونتشدق به. نحن نتكلم عن قيمة العدل، ونحن أظلم الناس للآخرين، سواء كان ذلك الظلم ماديا أم معنويا.

نحن نتكلم عن الحرية، ونمارس قهرا منظما وممنهجا ضد الآخرين، سواء كان في مجال الدراسة أو العمل وفي كل مناحي الحياة.. ونهاجم كل من يخالفنا بالرأي.

نحن نتكلم عن ضرورة التقدم، ونمارس كل ما يؤدي للتجهيل ونحتفل به. في هذا الصدد، تحضرني الأمثلة التي لا تُعد ولا تُحصى، لعل أسطعها لمآسي حرق النجاح في بلادنا هي قصة فاروق الباز؛ الذي أدت عبقريته لتبوئه منصبا رفيعا في وكالة ناسا بأمريكا، كعالم له أبحاث متميزة، وعندما رجع لمصر ليخدم بلده؛ عينته إدارة القوة العاملة في جامعة القاهرة موظفا في حديقة الحيوان.

وأحمد زويل، العالم المصري الذي نال جائزة نوبل الأرفع على مستوى العالم، كان مجرد معيد في جامعة القاهرة. لنتصور وضعه لو لم يتمرد ويذهب لأمريكا، حيث يستطيع أصحاب المواهب، بالجهد والدأب، أن يجدوا الدرب سالكا أمامهم إلى الفرص التي تساعدهم على التفوق والإبداع.

نحن لا نحب النجاح ولا الناجحين، ونحاول بكل ما أوتينا من قوة وعبقرية الشر أن يفشل الناجح.

نحن نحب الفشل ونستسيغه، ونبرره بشماعة المؤامرات و... و...

نحن نقول ما لا نفعل، ونفعل ما لا نقول.

كل ما نطمح به لمجتمعنا هو أن يتحول لحفنة من الفشلة والخاملين الجاهلين.

أرجوكم دعونا نحتفل ونحتفي بقيم الحق والخير والجمال؛ كقيم غالية ومؤثرة ودافعة للتقدم.

أرجوكم كفى.. حرقا للنجاح..
التعليقات (0)