حقوق وحريات

هل بدأ النظام حربا قانونية على كبار المدونين المصريين؟

حمزة اضطر لدفع 20 ألف جنيه ليخرج من السجن- جيتي
حمزة اضطر لدفع 20 ألف جنيه ليخرج من السجن- جيتي

في تنفيذ لقانون "جرائم الإنترنت" الذي أقره النظام العسكري الحاكم في أيار/ مايو 2018، تم تغريم سياسي مصري ومدون شهير مبلغ 20 ألف جنيه؛ لانتقاده النظام عبر "تويتر".

القانون المثير للجدل يتضمن 33 عقوبة، ما بين الحبس بمدد مختلفة تصل للسجن 5 سنوات، والغرامة من 10 آلاف جنيه، وتصل بحالات لعشرة ملايين جنيه، واعتبره معارضون يوفر غطاء قانونيا لتقييد النشر بمواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى إثر بلاغ من المحامي الشهير بالقضايا التي تخدم توجهات النظام سمير صبري، استدعت النيابة العامة، الأربعاء، الاستشاري الهندسي ممدوح حمزة؛ للتحقيق معه حول ما ورد بتغريدات له عبر موقع "تويتر"، عبر فيها عن رأيه بقضايا الوطن، لأكثر من 12 ساعة، لتقرر النيابة إخلاء سبيله بكفالة 20 ألف جنيه.
 
وكتب حمزة عبر "تويتر" الخميس: "الدولة زعلانة من تغريداتي، دفعتني 20 ألف جنيه على العشرين تغريدة، التغريدة بألف جنيه".

 

اقرأ أيضا: تهديد الأمن القومي.. بوابة السيسي لمواجهة الإنترنت

وكان حمزة قد كتب نحو 20 تغريدة يومي الاثنين والثلاثاء، معلقا على حديث رأس النظام عبدالفتاح السيسي بالمؤتمر الأفريقي بشرم الشيخ، قبل أيام، عن عدم استخدامه لدراسات الجدوى بأعمال الدولة، وأنه لو استعملها ما كان أنجز 25 بالمئة مما أنجزه.
 
وبين ما قاله حمزة عبر "تويتر": "اعترف المشير (السيسي) اعتقاده بعدم جدوى دراسات الجدوى، وسبق أن قال يعمل إيه التعليم بوطن ضايع، وقال المصنع يتكلف كثير ويشغل قليل، وقال استثمر بالسكة الحديد أم أضع وديعة بنكية"، مضيفا: "ولذلك نحن فقراء أووي"، واصفا القائمين على النظام بـ"فقراء الفكر".

ولم يكن حمزة أول من تعرض لهذا الموقف، حيث سبقه استدعاء رئيس مركز إعداد القادة سابقا المهندس يحيى حسين عبدالهادي، في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، للتحقيق لمدة 6 ساعات بنيابة مدينة نصر (شرق القاهرة) ببلاغ مقدم من أحد متابعي الصفحة الشخصية بفيسبوك  لعبدالهادي، وهو المحامي أحمد مرزوق، بإهانة رئيس الجمهورية، ونشر أخبار من شأنها تكدير الشأن العام، ليتم إخلاء سبيله بكفالة 10 آلاف جنيه.

وكان السياسي المصري قد كتب على صفحته بـ"فيسبوك"، مقالة بعنوان "هي ثورة وإن أنكرها لص أو رئيس"، ردا على رأي السيسي في ثورة يناير بالندوة الـ29 للقوات المسلحة، وقوله إن "ما حدث في 2011 علاج خاطئ لتشخيص خاطئ".
 
ورد عبدالهادي، قائلا: "كادت كلمات الرئيس عن ثورة يناير تتطابق مع كلمات وزير داخلية مبارك المُدان بالاختلاس، بدا فخامته كأنه يزيح عن صدره مشاعر مكبوتة، اجتهد لإخفائها من قبل، مع أنها لم تكن خافيةً بالمرة"، مضيفا: "تحرر الرجل أخيرا من عباءاتٍ أثقل جسدَه بارتدائها، ولَم يعد يطيقها بعد أن دانت له المقادير (أو هكذا يظن)".



وفي سؤال حول إمكانية اعتبار تلك الإجراءات هي بداية لحرب قانونية على كبار المغردين والمدونين المصريين في إطار قانون "جرائم الإنترنت"، يرى الكاتب الصحفي حسن حسين أن "النظام بدأ حربا مفتوحة ضد الشعب المصري من اللحظة التي تحالف فيها مع جماعة الإخوان؛ بهدف استخدمها جسرا لإسقاط ثورة يناير".

 

اقرأ أيضا: ماذا وراء اعتقال مرزوق ومعارضين مصريين آخرين.. وتوقيته؟

حسين، أوضح بحديثه لـ"عربي21"، أن النظام "لم يتخلف يوما واحدا في إذكاء نار تلك الحرب التي يستخدم فيها آلته القمعية، منذ انتهاكه لفتيات الثورة بـ(كشوف العذرية)، ومعارك (محمد محمود) و(مجلس الوزراء) و(ماسبيرو)".

وأضاف أنه "استكمل تلك الحرب بإلقاء القبض على آلاف من معارضيه من مختلف القوى السياسية، والذي حدث مع الدكتور ممدوح حمزة وغيره إحدى حلقات التضييق على رموز الحركة الوطنية المصرية".

وتابع قائلا: "أما عما يسمى قانون (جرائم الإنترنت)، فإن النظام يضرب بعرض الحائط الدستور والقانون، وبالتالي هو لا يحتاج قانونا لينتهك الحريات العامة، وبالنهاية يعلمنا التاريخ أنه كلما تضاعف القمع اقترب فجر الحرية".

وأكد أنه وقبل إقرار القانون كانت "أحد أسباب القبض علي وسجني في آذار/ مارس الماضي هو كتاباتي بـ(فيسبوك) حول القضايا الوطنية والقومية"، وهو ما حدث أيضا للنشطاء جمال عبدالفتاح، وأحمد جمال مناع، ومحمد إبراهيم.

ويعتقد الكاتب الصحفي عامر شماخ أن "النظام بدأ الحرب مبكرا منذ أكثر من عام وقبل صدور القانون؛ بتكييف قضية لعدد كبير من المواقع، ولليوم ما زالت مفتوحة يضمون إليها كل ناشط يجدونه خطرا على النظام".

شماخ أوضح لـ"عربي21"، أن "هذا القانون لم يقدموا على سنّه إلا بعدما عجزت أجهزتهم التقليدية عن ملاحقة المعارضين"، موضحا أنه "انتهى بذلك عصر القوانين التي تولد ميتة، فنعم سيطبق هذا القانون، وسيطبق بغباء، وسيكون الصحفيون ضمن ضحاياه".


وحول احتمالات نجاح النظام بالقضاء على ثورة الإنترنت بعدما قضى على ثورة الشارع، قال المحلل السياسي: "ثورة الاتصالات هي من ستقضي على فكرة الاستبداد للأبد، وبمراجعة حادثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي نعلم أن السيطرة على هذا الفضاء العالمي بات مستحيلا، ولو نجح آل سعود بمنع فضحهم رغم ملياراتهم لنجح العسكر، وهم المفلسون".

وأضاف: "لا أستطيع التنبؤ بما يمكن أن يفعله المدونون للتحايل على القانون؛ لأنه مجال يصعب ترويضه، وسهل اختراقه، وكل دقيقة يشهد جديدا. لكن المؤكد أنه مهد الثورات ومنشؤها، والثورات لا وقت لها، وبكثير من الأحيان لا قيادة لها، وهو ما ينطبق على الفضاء الإلكتروني".

وقال الناشط السياسي محمد نبيل: "أي تهمة توجه للنشطاء والمدونين بها نشر الشائعات وإثارة البلبلة بمواقع التواصل نتيجة لقانون جرائم الإنترنت"، مضيفا لـ"عربي21": "النظام فصًل قوانين مطاطية تسمح باعتقال النشطاء بداية من كتابة الدستور".

0
التعليقات (0)

خبر عاجل