مقالات مختارة

روسيا .. والمصالحة الوطنية الفلسطينية!!

هاني حبيب
1300x600
1300x600

تدخل روسيا مجددا على خط المصالحة الوطنية الفلسطينية، بدعوتها فرقاء الانقسام الفلسطيني، حركتا فتح وحماس، وربما فصائل فلسطينية أخرى إلى موسكو مع بداية العام القادم، بعد أن عقدت اجتماعات مهمة مع وزير الخارجية رياض المالكي قبل أيام قليلة، لمناقشة عملية السلام المتعثرة، إضافة إلى الملف الداخلي الفلسطيني فيما يتعلق بإنهاء حالة الانقسام، ونقول إن هذه المحاولة الروسية، تعتبر تدخلا متجددا على هذا الملف، لأن موسكو كانت قد استقبلت قبل حوالي عامين فصائل العمل الوطني الفلسطيني لدراسة هذا الملف، وإمكانية تحقيق اختراق لتجاوز العقبات التي انتصبت أمام الجهود كافة لتحقيق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وعندما استضافت موسكو الفصائل الفلسطينية قبل عامين، كانت تستهدف استثمار توافقات وطنية فلسطينية تمت بالفعل في العاصمة اللبنانية بيروت، على إثر اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني، ما شجع موسكو على الرهان في إمكانية اختراق ما على صعيد المصالحة، وبات معروفا أن التحضيرات للمجلس الوطني لم تتكلل بالنجاح، وكذلك، فشلت موسكو في إزالة العقبات التي كان من شأنها فشل المصالحة.


هذه المرة، إذ تستضيف موسكو الفصائل الفلسطينية حول ملف المصالحة، نعتقد أن هناك فرصة جدية لدور روسي على هذا الملف، بعدما ظهرت روسيا لاعبا أساسيا رئيسيا في المنطقة، ما يمكنها من أن تشكل ضامنا لإنجاح التوصل إلى توافقات تؤدي إلى إنهاء حالة الانقسام، خاصة أن روسيا باتت تحظى بمصداقية كبيرة من خلال تجربتها السياسية والأمنية في المنطقة العربية، من خلال عدم تخليها عن حلفائها والوقوف إلى جانبهم.


إلا أن روسيا وهي تستضيف هذه الفصائل، تدرك تماما مدى قدرتها على فتح ثغزة في هذا الملف الشائك، ولا شك أنها على اطلاع تفصيلي بالجهد المصري المتواصل والحثيث لإحداث اختراق على هذا الملف، دون تحقيق أي تقدم ملموس، رغم ما ينطوي عليه الدور المصري من تأثير مباشر على أطراف الانقسام، كما تدرك موسكو أكثر من غيرها، أن هذا الملف بات عرضة لاختراقات عربية وإقليمية، تحول دون إحداث اختراق حقيقي يزيل أسباب الفشل المتواصل، لكن روسيا، وهي تتطلع إلى دور كبير ومؤثر يسند مكانتها في المنطقة، لا تريد لهذا الملف ألا يكون على جدول أعمالها، وتريد التذكير بأنها قادرة على التأثير على الملفات الصعبة كافة، في هذه المنطقة التي تريد استعادة دورها المؤثر فيها، سواء من خلال الاستعادة المستمرة من قبلها، بالدعوة إلى عقد مؤتمر سلام حول الملف الفلسطيني - الإسرائيلي في العاصمة الروسية، وهو الأمر الذي تم رفضه مرارا من قبل حكومة نتنياهو، أو من خلال استعادة جديدة لجهد جديد في إطار ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية.


ورغم أن إسرائيل قد احتجت لدى موسكو على استقبال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلا أن هذا الاحتجاج من شأنه تقوية الدور الروسي لجهة التذكير بمدى أهميته، خاصة أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد رد على رئيس الوكالة اليهودية إسحق هرتسوغ عندما استقبله في العاصمة الروسية قبل أيام، بأن إسرائيل نفسها تدير مفاوضات مع حركة حماس وتبرم اتفاقيات، وتسمح لقطر بإدخال ملايين الدولارات للحركة.


وإذا أخذنا بالاعتبار طبيعة العلاقات الروسية - الإسرائيلية، على خلفية تداعيات إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية، نتيجة للغارات الإسرائيلية على يد سلاح الجو السوري، وتصويت روسيا في مجلس الأمن ضد المقترح الأمريكي للتنديد بحركة حماس، ورد إسرائيل بتأييد مشروع قرار أمريكي يندد بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم، إذا أخذنا ذلك بالاعتبار، يمكن القول إن الدخول الروسي على ملف المصالحة، إنما يشكل تجسيدا لدور روسي مؤثر في المنطقة، دون تجاهل بطبيعة الحال، المصالح الروسية مع إعادة الدفء إلى العلاقات الوطيدة مع إسرائيل، إلا أن مثل هذه العلاقات تستوجب الإمساك بقوة بالملفات المهمة كافة في المنطقة، سواء فيما يتعلق بالتسوية السياسية، أو باختراق على ملف المصالحة، مع تأكيد عدم قدرة روسيا على تشكيل اختراق مهم على أي منها!!

 

عن صحيفة الأيام الفلسطينية

0
التعليقات (0)