اقتصاد عربي

في حصاد 2018.. اقتصاد لبنان "أسير" لتشكيل حكومة جديدة

تكاد فترة تشكيل الحكومات في لبنان تتجاوز كل الأرقام القياسية في بلدان العالم- جيتي
تكاد فترة تشكيل الحكومات في لبنان تتجاوز كل الأرقام القياسية في بلدان العالم- جيتي

يودع الاقتصاد اللبناني 2018، محملا بأعباء متعددة القطاعات، وسط مطالبات بسرعة تشكيل الحكومة، لإنقاذ البلاد من براثن الركود التضخمي، وإفساح المجال أمام استعادة الثقة للمناخ الاقتصادي.

 

وتكاد فترة تشكيل الحكومات في لبنان تتجاوز كل الأرقام القياسية في بلدان العالم، حيث يمتد مشوار التأليف زمنيا ويتجاوز أحيانا عتبة السنة بأشهر مما يطرح التساؤلات عن مدى فعالية النظام السياسي على وقع الصراع على الحصص والمكتسبات.

وبلغ عمر تأليف الحكومة المرتقبة قرابة سبعة أشهر انتزعت من عام 2018 وارتهن خلالها اللبنانيون بآمالهم وملفاتهم الحياتية انتظارا للدخان الأبيض الذي لم يتصاعد بعد بفعل ما يتعارف على تسميته الساسة اللبنانيون بالعقد الطائفية والحزبية، وأيضا الإيحاءات الخارجية التي تهبط على أصحاب القرار في لبنان لتغيّر المسارات وتعيد خلط الأوراق من جديد.

ومنذ عدة شهور، تفشل المؤسسة السياسية في لبنان، من تشكيل حكومة، دفع إلى تذبذب مؤشرات الاقتصاد المحلي، وضعف ثقة المستثمرين به.

 

اقرا أيضا : الحكومة وتحديات صعبة تواجه لبنان في عام 2019


وتوقّع النائب والوزير السابق الدكتور غازي يوسف أنّ "يأتي العام الجديد صعبا بالنسبة للبنان وسط التحديات القائمة"، موضحا في تصريحات لـ"عربي21" بأنّ "الحكومة الجديدة مطالبة بتحقيق إنجازات على المستويات كافة، وضرورة الالتزام بإجراء إصلاحات ضرورية لإنقاذ لبنان قبل الوصول إلى الانهيار الاقتصادي الذي يتم التداول بخصوصه".

لكنّ يوسف أعرب عن أمله في أنّ يتم "تمويل المشاريع الإنشائية ودفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام في المرحلة المقبلة من خلال برنامج الحكومة للعام الجديد".

 

وفيما يخص نظرته إلى الملف الأمني، قال: "البيان الوزاري واضح لجهة نأي لبنان بالنفس عن الصراعات الدائرة في محيطه"، مشددا على ضرورة أن يطبق "المبدأ الحكومي بالفعل وليس قولا فقط، وهذا ما يتطلب تطبيقا دقيقا من قبل المسؤولين الرسميين، وما تعبر عنه مؤسسات الدولة كافة".

ويعيش اقتصاد لبنان حالة تشبه الركود التضخمي، الناتج عن الأوضاع السياسية التي تضرب ثقة المستثمرين والمستهلكين، "لكن الاقتصاد يسجل معدل نمو واحد بالمئة"، بحسب الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة.

واستبعد "عجاقة" حدوث انهيار في الاقتصاد اللبناني، في ضوء أن القطاع المصرفي يحوي 234 مليار دولار، كفيلة بتمويل احتياجات البلاد المالية والنقدية.

واعتبر أن الترويج بقرب حدوث الانهيار أو الإفلاس، يأتي "من منطلق عدم المعرفة أو من منطلق الحملات التضليلية التي تخدم أهدافا سياسية، في ظل الصعوبات التي تواجه تشكيل الحكومة".

ويرى أن تشكيل الحكومة، هو أمر أكثر من ضروري لتنفيذ الإصلاحات التي يتطلبها مؤتمر (سيدر 1) كشرط لإقراض الدوّلة اللبنانية".


اقرأ أيضا :  بري: بعض الأحزاب في لبنان لا تريد تشكيل الحكومة


واستضافت العاصمة الفرنسية في نيسان / أبريل 2018، مؤتمر "سيدر 1"، حصلت بيروت بموجبه على تعهدات بقروض 10.2 مليار دولار، وهبات بقيمة 860 مليونا.

وشارك في المؤتمر 50 دولة ومؤسسة مالية عالمية، أكدت في مؤتمر ختامي مشترك دعم اقتصاد لبنان واستقراره السياسي.

عجاقة، اعتبر أن بلاده بحاجة اليوم إلى إعادة بنيته التحتية، وخلق فرص عمل وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية في المالية العامة.

وعن رؤيته للوضع الاقتصادي خلال 2019 وامكانية ايجاد حلول مستقبلية، يقول: من الأكيد وفي ظل استمرار تعثّر تشكيل الحكومة، فلا توجد أية حلول في الآفق.

ولم يتمكن لبنان من تشكيل الحكومة، بعد أكثر من 7 أشهر من الخلافات السياسية بشأن حقائب وزارية.

ومنتصف تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، اتّهم رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، "حزب الله"، بـ"تعطيل" تشكيل الحكومة الجديدة، مشددا على رفضه خرق اتفاق الطائف.

ومؤخرا، عدلت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، نظرتها المستقبلية للبنان إلى سلبية من مستقرة، وأبقت على التصنيف الائتماني عند (B-)، وتعني درجة مخاطرة.

وقالت "فيتش" في بيان، إن تعديل النظرة المستقبلية، يعكس مزيدا من التدهور في عجز الموازنة الحكومية وديناميكيات الدين، وانخفاض نمو الودائع، وزيادة الاعتماد على التدابير غير التقليدية من البنك المركزي.

وتوقعت فيتش ارتفاع عجز الموازنة اللبنانية إلى 10.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018، مقابل 8.2 بالمئة بين أعوام 2012 – 2017.

وترى الخبيرة الاقتصادية فيوليت البلعة، أن اقتصاد بلادها "لم يكن على قدر الآمال التي كانت تترقب انتعاشا ولو خجولا" خلال 2018.

وأضافت أن الاقتصاد اللبناني أضحى أسيرا للترقب خلال 2018، للتطورات، فيما يتعلق بتشكيل الحكومة بعد الانتخابات النيابية.

وأوضحت أن حالة الترقب انعكست سلبا على معظم مؤشرات الاقتصاد، حيث ارتفع التضخم إلى 7 بالمئة، ما خفض القدرة الشرائية للبنانيين، إضافة الى إقفال نحو 3 آلاف مؤسسة، صعد على إثرها معدل البطالة إلى 35 بالمئة.

وأشارت إلى ارتفاع نسبة الفقر لتبلغ 30 بالمائة، وتراجع نشاط القطاع العقاري بنسبة 17 بالمئة، ومساحات البناء المرخصة بنسبة 23 بالمئة، وانخفاض نسبة الإشغال الفندقي 66 بالمئة.

وفيما أكدت البلعة أن "لبنان يمرّ بوقت عصيب، نتيجة الأداء السياسي داخليا الذي يشهد تشنجات مرتبطة بالاضطراب في الإقليم المجاور"، لكن مقولة الإفلاس الوشيك "ليست في محلها".

وأكدت أنه "رغم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان إلا أنه ما زال بعيدا عن "الإفلاس" مع حرص الطبقة السياسية على إنقاذ الوضع".

وأضافت: "تبدأ الحلحلة من ولادة حكومة توافق وطني، تعمل جديا وفورا على تطبيق الإصلاحات التي أوصى بها (سيدر 1) ومن قبله مؤتمرات باريس الثلاثة، بغية معالجة الاختلالات الاقتصادية والمالية".

التعليقات (0)